تحقيقات وتقارير

صباح موسى: “بيت السودان” في حيّ السيدة زينب جوار محطة سعد زغلول أصبح من أهم الملتقيات الاجتماعية والثقافية بالقاهرة وللقادمين إليها

تمثل المحروسة مكانا ثانيا وبديلا حقيقيا للسودانيين، مصر قد تكون في الغالب هي مكان الخروج الأول لأي سوداني، حيث لا يحس بالغربة أو البعد، فالروابط كبيرة والتاريخ عميق وصلات النسب والدم تمتد إلى جذور الجذور، مهما كانت الخلافات السياسية على مستوى القمة، تظل القاعدة ثابتة بأن المصري سوداني والعكس رغم أي مهاترات سياسية، ولذلك هناك عدد كبير من السودانيين يعيشون على أرض مصر كأنهم مصريون، لا يعكر صفوهم أحد، وهؤلاء السودانيون الذين يعيشون في مصر أو يزورونها كل عام قد تتراوح أعدادهم ما بين مليون أو مليونين أو ثلاثة أو حتى خمسة ملايين في التصور الأقصى، يحتاجون إلى مناشط تجمعهم وتعمل على التواصل فيما بينهم.

كانت هناك عدد من الدور السودانية المختلفة في القاهرة يمارس السودانيون بها لكافة أنشطتهم، وأهم هذه الدور هي (دار السودان)، هذا المكان العريق في قلب العاصمة المصرية، والذي ظل يحتضن السودانيين وأنشطتهم من سنين طويلة، أما المكان الذي يمثل واجه حضارية حقيقية مشرفة للسودانيين بمصر فهو (بيت السودان)، ورغم حداثة إنشائه منذ عام ونصف تقريبا، إلا أنه أصبح أهم ملتقى اجتماعي وثقافي للسودانيين بالقاهرة وللقادمين إليها، بدأت فكرته بتبرع من علي عثمان محمد طه حين كان نائبا أول لرئيس الجمهورية منذ أربع سنوات تقريبا، بمليون دولار للجالية السودانية بمصر، وكان ذلك في عهد السفير عبد الرحمن سر الختم، حينها تعددت المقترحات حول الاستفادة من هذا المبلغ، وكانت هناك مقترحات بإنشاء مركز ثقافي إعلامي في مصر، وتوزيع جزء منه على فقراء الجالية، إلى أن تم الاتفاق على إنشاء بيت كبير لكل السودانيين، وكانت الفكرة للسفير كمال حسن علي، لتتحول إلى واقع تم افتتاحه في يناير من عام 2013، بحضور وزير الخارجية علي كرتي وممثلين مصريين برعاية البنك الأهلي المصري في القاهرة، ليصبح بعدها واقعا ملموسا.

في منطقة السيدة زينب جوار محطة مترو سعد زغلول وعلى مساحة 1250 متر يقع بيت لكل السودانيين مزود بأحدث التجهيزات يمثل صرحا كبيرا للسودانيين في قلب القاهرة يديره مجلس إدارة يتكون من 21 شخصا يمثلون كل التيارات في الجالية من طلاب ومرأة وإعلاميين، يرأسه د. حسين عثمان رئيس الجالية السودانية بمصر أيضا، ونائباه السر قدور الكاتب والشاعر الكبير، وعادل عبد اللطيف مدير المركز التجاري السوداني بالقاهرة، ومجد الدين عوض الدين أمينا عاما، وهناك أحزاب سودانية ممثلة في مجلس الإدارة منهم رقية عبد القادر مدير مكتب حزب الأمة بالقاهرة عضو مجلس إدارة، وكذلك ممثل آخر من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وممثلون من جبال النوبة ودارفور والطلاب والمبعوثين والسودانيين العاملين في المنظمات الدولية، إلا أن هذا التشكيل لم يعجب اتجاهات سودانية أخرى موجوده في مصر، متهمين مجلس الإدارة بأنه تابع للمؤتمر الوطني، وأن البيت مخصص لأنشطة الوطني فقط، ليرد عليهم مجد الدين عوض الدين الأمين العام للبيت بأن بيت السودان هو لوحة سودانية مكتملة، وقال مجد الدين لـ (اليوم التالي): الدليل على كلامي أن من شروط البيت عدم الحديث في السياسة والكرة منعا للتعصب، بالإضافة إلى تكريم الصادق المهدي بعد حصوله على جائزة قوشي الدولية للسلام، مضيفا: “نرد على المشككين بالعمل وليس بالكلام، فلدينا أنشطة للجميع ولا نفرق فيها بين أحد، فقط كلنا سودانيون”، موضحا أن البيت قام بـ 180 منشطا في عام واحد ما بين برنامج ثقافي وأكاديمي وفني وطلابي لكل الفئات العمرية، وعن تسيير أعمال البيت وتمويلها قال مجد الدين إن سفارة السودان في القاهرة تتكفل بسداد قيمة كهرباء البيت بالإضافة إلى مرتب حارس العقار، مشيرا إلى اشتراكات عدد من الأعضاء بمبلغ 1200 جنيه مصري في السنة لمن استطاع، وجمع التبرعات، مضيفا: “لدينا قاعات يتم تأجيرها للأنشطة الخاصة للسودانيين وللمصريين أيضا، وكذلك بوفيه يوفر عائدا”، لافتا إلى أن هذا لا يكفي لتسيير أمور البيت وأنها تسير بالحد الأدنى، وتابع: “مجلس الإدارة عمله تطوعي ولا يتقاضى مرتبات سوى المدير الإداري عيسى حمدين من الحزب القومي السوداني، وقعنا عددا من الاتفاقيات لتنظيم دورات تدريبية للمرأة والأسر المنتجة وتطوير الصناعات الصغيرة والتمويل الأصغر، واتفاقا آخر لقطاع الشباب”، وقال إن البيت يقوم بدور اجتماعي كبير بتقديم معلومات أساسية عن الخدمات العلاجية، وأضاف: “وقعنا اتفاقيات في هذا الصدد مع مراكز علاجية خيرية أو مراكز العلاج الاقتصادي أو أي جهات حكومية في مصر لها تعاون مع السفارة، وشعرنا بدورها الكبير في تخفيف أعباء كثيرة عن عدد كبير من السودانيين، لدينا أيضا برنامج رياضي مع الكابتن السوداني الشهير عمر النور بتدريب الشباب من 12-20 سنة، ونعد الآن لبرنامج رمضاني يتضمن إفطارا يوميا بالبيت لكل السودانيين، على أن يشمل برامج دعوية ترفيهية”، مؤكدا أن بيت السودان ليس خصما على أي جمعية سودانية في بالقاهرة، وقال إنه يمثل مركزا لعكس أنشطة كل السودانيين للمصريين وللسودانيين المقيمين فيها، بعمل معارض ومناشط وملتقيات للتعريف بثقافات السودان المختلفة، وأضاف: “البيت يعتبر مسرحا لكل السودانيين وهو قبلة للمبدعين الذين يأتون من السودان، وكان هناك تكريم لصلاح ابن البادية، وجاء إلينا عدد آخر من الفنانين، وكرمنا فيه يحيى الفخراني وأسرة مسلسل الخواجة عبد القادر، لما فعله هذا المسلسل من نقل الثقافة السودانية في عمل مصري”، لافتا إلى أن البيت يمثل أيضا وسيلة لتوثيق العرى في العلاقات المصرية السودانية، وقال: “يكفينا أننا استقبلنا حوالي 60 ألف زائر في البيت في عام ونصف فقط وهذا عدد كبير”.

ويبقى أن بيت السودان بالقاهرة والذي كلف إنشاؤه مليوناً و127 ألف دولار مكانا حضاريا ومشرفا لكل سوداني يقيم أو يزور مصر، ورغم الخلافات عليه إلا أنه يظل نبضا سودانيا دائما في قلب المحروسة.

القاهرة – صباح موسى- اليوم التالي

‫2 تعليقات

  1. البيت السوداني ……. للحق و للتاريخ ، اول من استنبط الفكرة و الاسم كان السيد خالد في سوريا التسعينيات ، و رغم ان القصة كانت تجارية بحتة الا انه الاسم كان فيه لمسة و زوق و كان مكتبه ملتقي ايضاً لكل اختلافات الطيف السياسي ، كلام جميل كونو يكون في ملتقيات خدمية زي دي في الغربة لانها بتعكس “نحن شنو” و نتمني تكون في كل مدينة في اي دولة و من دون حوجة لرعاية الدولة حتي لان القصة ما صعبة مادياً لو الناس طلعت القليل شهرياً حتي لو اعتبرتو في بند الزكاة ، لأنو نحن بره ما شوية كتااااار.
    اسف جداً علي العامية ان ضايق ذلك شخص ما

  2. لما كان ييت السودان نبضا سودانيا دائما فلماذا الخلاف اذن دعوها فانها منتنه او كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منتنه سواء كانت حزبيه او قبيله فانها تدعو الى التفرقه في المجتمع الواحد والمؤسف انها تكون في بلاد الاغتراب اكرر دعوها فانها منتنه فانها اهلكت من قبلكم .