عصام الحسين : جلكسي.. من غير (ألو)
ونحن كذلك إذ بالجلكسي يسيطر على المشهد، والجلكسي المقصود هنا ليس ذلك الهاتف الذكي الذي يحتل مكانه عن جدارة داخل جيب كل سوداني وسودانية فتلك قصة أُخرى، إنما الجلكسي المقصود هو من نوع فريد مكوناته (ثمار المانجو الأخضر ومزيج الليمون بالشطة الحارة)، وما أن يضع أحد الباعة سكينه البائسة في قلب عدد من ثمار المانجو غير المستوية مقطعاً إياها إرباً إربا، ثم يضعها في إناء ملؤه الليمون والشطة الخضراء ويهرف: الجلكسي، حتى يتحلق حوله رهط من طلاب الجامعات وبعض المارة من أصحاب الفضول والرمرمة رخيصة الثمن، ويتكالبون على الجلكسي تكالب الأكلة على قصعتهما بلا رحمة ولا هوادة.
يقول أحد رفقاء السفر، وهو شاهد عيان: أن هذا النوع من الطعام بات ينافس أشهى المأكولات في الطعم والكُلفة، وأصبح وجبة مشبعة للعديد من فئات الشعب ذوي الدخل المحدود وبخاصة طلبة الجامعات، ويقول آخر وكان يجلس بجوار السائق: إن ثمار المانجو النية ضررها أكبر من نفعها، كما أن الطريقة التي تقدم بها هذه الوجبة المسماة بالجلكسي مقززة ولا تليق بالإنسانية البتة.
الطريق إلى ود مدني طويل، والحديث عن وجبة الجلكسي يتطور إلى سمت ومناقب، ويقول أصحاب السمت: إن هذا النوع من الاتجار مربح وعديم المخاطر، إذ يجد فيه مزارعو المانجو ضالتهم فهم غير مضطرين لانتظار يطول ريثما تنضج الثمار ثم يتم ترحيلها إلى مخازن تراعي خصوصية الفاكهة المستوية والمعرضة للتلف، ويقول أصحاب المناقب: إن هذا الفعل يضر بالأكلة في البدء ثم يلحق الضرر بالإنسانية ككل كونه يعرض اقتصادها لفقدان سلعة كان من الممكن أن تسهم في دفع عجلة الصادر، فهي من المنتجات ذات العائد الكبير.
العربة تطوي المسافات بكل ثقة، وكل بداية لا بد لها من نهاية، وبنهاية الرحلة الشاقة والممتعة قالوا لي لا بد من وضع نهاية لظاهرة الجلكسي، من خلال طرح القضية للرأي العام وتوضيح الأثر بالغ الخطورة من هذه الظاهرة على البلاد والعباد، مع طرح بعض التدابير التي يمكن أن تحد من هذا الجنون بالتبصير أولاً، ثم بالمناهضة باتباع الصارم من القرارات للحد من الاتجار وفرض رسوم على النواقل حتى يرعوي كل من يبحث عن الكسب بأقصر طريق دون مراعاة لأثر أو تحسب لخطر.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش