لا الحضانة ولا الخادمة تقوم مقام ماما
دخلت النسوة في الشرق والغرب سوق العمل بقوة، أي بأعداد هائلة في السنوات الأخيرة، وتواجه النساء في الدول الغربية على وجه الخصوص، مشكلة التوفيق بين واجبات الواحدة منهن كأم أو كزوجة ومتطلبات الوظيفة ذات العائد المالي، ولأننا في عصر العولمة، حيث كل شيء قابل للبيع والشراء فقد انتشرت في أوربا وأمريكا الشمالية بنوك «البيض»، فالمرأة التي تخشى أن يعطل الإنجاب مسيرتها المهنية تذهب إلى أحد تلك البنوك وتودع فيه بويضة مخصبة لـ«ساعة عوزة»،.. من الذي قام بتخصيب البويضة؟ مش شغلك! وبعد أن تترقى وتحصل على وظيفة ذات شنة ورنة، في سن الأربعين، تذهب إلى البنك وتقول: لو سمحتم عندي وديعة رقم كذا عندكم أريد سحبها وقفل حسابي، وتحمل البويضة وتذهب إلى طبيب حددت معه موعدا سلفا وتقول له: هذا مشروع البيبي بتاعي، أرجو أن تحرص على زراعته جيدا لأن رصيدي في البنك صفر
وهناك نساء غربيات كثيرات ينجبن وهُنّ في أحسن فترات الخصوبة، وبعدها يصبح التوفيق بين العمل ورعاية الطفل مشكلة، فيلجأن إلى الحل المتاح وهو تسليم البيبي لحضانة، ويحرصن على أن تكون الحضانة ذات سمعة طيبة، وعموما فإنهم في الدول الغربية لا يمنحون رخص الحضانات ورياض الأطفال إلا لمن يحملون مؤهلات تثبت قدراتهم على التعامل الصحيح والسليم مع الصغار، وليس كما هو الحال عندنا: تتسبب المولات في بوار تجارة بقالتك فتجمع ما لديك من مال وتفتح روضة وحضانة تشرف عليها زوجتك التي تعاني من خشونة في الركبة وبنتك التي هجرت المدرسة بعد ان قرفت من المذاكرة والامتحانات
نشرت صحف بريطانيا في 14 يوليو الجاري تقريرا بحثيا أثبت أن الأطفال الذين يقضون العامين الأولين من أعمارهم في الحضانات، تتأثر قواهم العقلية والذهنية سلبا، لأن الحضانات في كل البلدان تترك أمر الأطفال الرضع لأقل أسرة الحضانة مؤهلات تربوية، أي غالبا لعاملات ينحصر دورهن في تقديم زجاجة الرضاعة وتغيير الحفاظات،.. يعني الطفل المسكين يبدأ مسيرة حياته مع أناس لا يقدمون له عواطف الحب والحنان، فينشأ ضعيف القدرة على التواصل الاجتماعي، وبالمقابل نستطيع أن نقول إن مجتمعاتنا بخير، لأن الجدة في معظم البيوت تتولى حضانة الصغار وتعطيهم الجرعات المطلوبة من الحب والحنان (بل جرعات زيادة عن اللزوم في معظم الأحيان.. ونقول في السودان عن الشخص الدلوع أنه تربية حبوبات، والحبوبة في العامية السودانية هي الجدة)، ولكن كثيرا من البيوت يترك رعاية الرٌّضع للخادمات الأجنبيات، حتى والأم غير عاملة، ولكن مشغولة باللقلقة في التلفون أو بالمسلسل التركي او بالزيارات، فلا غرابة في أحوال كهذه أن يكون تعلق الطفل بالخادمة أقوى من تعلقه بأمه.. وتخيل طفلا في الثانية اعتاد أن يسمع من الخادمة التي ترعاه كلاما من قبيل: يو وونت جوس.. ميلك… بنانا.. ويعرف أن جوس تعني عصير وميلك تعني لبن/حليب وبنانا تعني موز.. وتجالسه أمه فيبكي فتقول له: محمد تريد عصير؟ فيظل يبكي، فتأتي الخادمة وتقول له: مهمد يو وونت جوس، فيهز رأسه مبتسما، وتأتي الخادمة بالعصير فيشربه الطفل بنَهَمٍ فتستغرب الأم: إما هاذي الملعونة تتكلم مع ولدي لغة الـ«مجوس» ويفهمها.. وإما الولد راح يطلع عاق ما يسمع كلام أمه!! لا يا ستي.. بدون زعل.. أنت اللي عاقة أو معاقة عاطفيا
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]