خاطر كسيح!
لانني مسكينة.. أسكن في طرف الحي العشوائي.. انتظر القادمين الذين يدمنون مناولتنا بعض الأكياس بعد ان يمسحوا على رؤوسنا ويلتقطون لنا الصور التي توحي بأنهم نجدة لنا.. ونظل نرقب مقدمهم فلولا وجودنا ما أدمنوا مثل هذه النشاطات واستفادوا منها.. معظمهم حاديهم مصلحتهم ولكن بعضهم صادق.. خاصة اولئك الذين يأتونا بلا كاميرات!! يدخلون علينا في هدوء تام وبطريقة ناعمة ليمسحوا على جباهنا ويضعون بعض الأغراض ويمضون في هدوء كأنهم ما جاءوا.. ولاننا معنيون بالبحث عن قوت اليوم أن يوفر.. نظل ننتظر مقدمهم بصدقٍ وكذب لأننا في نهاية الامر نتسلم ما يجيئونا به.. لم نستغرب ان وجدنا أنفسنا (مشهورون فصورنا تختلط مع الكبار عندما يعلنون انهم دعمونا نحن الشرائح الضعيفة) يكتسبون من ضعفنا ليحسنوا صورهم ويحوز سندهم في عملهم أو مكتسباتهم الخاصة فهم بعد هذا المشهد يركبون فارهاتهم ويمخرون عباب الدنيا.. ويعودون الى شواهقهم وعمائرهم سالمينا.
ونظل (محلاً) يفضي إليه البعض.. ربما لأنهم هم اكثر حاجة منا لهذه النشاطات.. المهم اننا نفرح ونستلذ بذلك ولكن في لحظات ما ندرك اننا «مكسوري الخاطر».. ثم انني «بنية» تأتي الينا بعض النسوة ذات الوجوه المنتفخة والناضرة تحتفي ايديهن بالأساور والذهب وتتزين أجسادهن بافخم الملابس والثياب.. نساء من دنيا غير دنيانا الباهتة لهن ألسن متحدثة بطلاقة يقلن حديثاً لا نعرفه.. يحملن أقوالاً ليست مطروقة على مسامعنا لكن نستحث ان الموضوع مرتبط بنا.. وأن غداً لنا مستقبل أحسن وأفضل.. لينتهي الملم وتركب كل واحدة منهن الى دابتها الفخيمة.. وتبقى كل الوعود في هذا الذي تركوه.. نأكله في يوم أو يومين لا يهم ولكن الأهم اننا بتنا محفل يلتقي فيه القريب مع البعيد.. بالتأكيد لن نفتري ونقول اننا لم نستفيد من «مسكنتنا» فربما كانت الحالة في حد ذاتها مخرجاً من وعثاء الظروف.. إذن لنا قوة نستفيد منها.. وربما نحاول ان نلزم هذه الحالة فهي مدرة للتعاطف المادي.. ولا تسألونا عن المعنوي.. فربما لأن الحالة افضل من حالات آخرين لهم ظروف ظاهرية أفضل منا.. اذن حالتي محيرة لبعضكم وربما مدهشة فمن يظن انني «اتبله» وأمارس بعض الكذب.. لكنها حقيقتي..! أنا ابنة تلك المنطقة الطرفية العشوائية.. نبيت على خواء.. ولكننا نعيش على أمل ببعض المظهريات التي يتفضل علينا بها هؤلاء القادمون.. لا نريد ان نكسر المروة في صادقيهم ولا نريد ان نحرم انفسنا من بعض تفضلاتهم «الله أعلم بنواياهم».. اترككم فقد لمحت عربة لتلك الشركة التي تروج لمنتجاتها بتوزيع بعض الهدايا.. ربما كان لي فيها نصيب.. كم نحب الاعلانات.
آخر الكلام:بقدر ما نحتاج لأي شيء !! بقدر ما نكون اكثر قابلية للإعلانات بمشاعرنا البائسة وخواطرنا المكسورة.. فيا هؤلاءأسعدوا بحصولنا على بعض تفضلاتكم بقدر ما نستفيد منكم بقدر ما تستفيدون من عدمنا..
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]