قيادات المؤتمر الوطني .. الهبوط الآمن
المتابع لحديث الحاج آدم يجده مطابقاً لحديث سابق لرئيس الجمهورية الذي اشار فيه الى ان الدولة لن تسمح بان يتغول احد على حقوق اخر في الخدمة المدنية وقال (تاني ما عايزين زول يأكل خريف زول).
وفي خطاب اخر قال (ان الوكيل هو المسؤول الاول ادارياً ومالياً فى الوزارات انتهى عهد التمكين وتسيس الخدمة المدنية وتاني مافي اولاد مصارين بيض) فحديث الرئيس جاء لمعالجة اختلالات ادارية وتشوهات كثيرة وخطيرة واصبح اليافع المتمكن فى اى مؤسسة هو من يدير العمل خلف الكواليس. وهنا يبرز السؤال هل المنصب الدستورى والتنفيذى جاذب لدرجة التمسك به؟ فاذا كان العمل فى الدولة واجب وطنى يقضيه الموظف فى وقت محدد وبعد ذلك يغادر هذا ليس جاذباً، لانه من خلال الوظيفة لايمكنه تحقيق طموحاته لانها محدودة الدخل وهى اضيق ابواب الرزق ففي دول العالم الثالث بوجه عام والسودان بوجه خاص اصبحت الوظيفة العامة اوسع مصادر الرزق لمن يتولاها لان المال العام اصبح مستباحاً وأصبح توظيف سلطة الوظيفة العامة في استلاب أموال من القطاع الخاص والعام ومن المستثمريين واكد رئيس حزب العدالة امين بناني ان الضوابط التي تمنع الدستوري وموظفي الخدمة العامة من التعامل مع السوق سقطت وان تهديدات د. الحاج ادم لن تؤثر مبيناً ان الرجل تقلب فى المواقع التنفيذية فى العشرة أعوام الاولى للانقاذ وتولى منصب نائب رئيس الجمهورية ولكن المعادلات السياسية لم تسعفه في البقاء.
حديث بناني يتوافق مع تواتر المعلومات التى تشير الى ان القرارات الاخيرة التى أجراها الحزب الحاكم فيما يعرف بخطة الاصلاح والتي احدثت جدلاً انما هو عمل تكتيكي خاصة ان هنالك ولاة ظلوا فى مقاعدهم اكثر من دورتين وبالرغم من الانتقادات التى وجهت لهم فهم صامدون فى وقت يتجرد فيه سيف الاقالة او الاستقالة من كل حدب وصوب ففي ولاية شمال دارفور ظل الوالي محمد يوسف كبر على كرسيه رغم الاحداث التي شهدتها الولاية وفي مقدمتها واقعة سوق المواسير التي راح ضحيتها عشرات المواطنين المتضرريين من المضاربات المالية.
ومن هذا يتضح ان المنصب الدستوري والتنفيذي جاذب حيث تشير المعلومات ان الوالي احمد عباس عاد الى ولاية سنار وقال انه باقى في موقعه وان الشائعات التي تندد بذهابه إنما هي بعوضة في (اذن فيل) كما ان والي ولاية البحر الاحمر محمد طاهر ايلا حشد اتباعه في استاد المدينة وقام احدهم في الناس مخاطباً موجهاً حديثه للمركز محمد ايلا مرشحنا للانتخابات القادمة قائلاً ان رشحتموه فجزاكم الله خيراً وان لم ترشحوه فنحن من نرشحه للولاية القادمة.
إذن هل تلعب الموازنات الجهوية والقبلية دورا فى التعيين تصل درجة تجاوز الشروط الموضوعة؟ امين بناني قال هذه هى من خصائص نظام الانقاذ الذي يقوم على مبدأ المحاصصة الجهوية والقبلية او المحاصصة القائمة على شراكة السلاح فكل من يرفع سلاح يصبح شريكاً للحزب الحاكم مؤكداً ان الحوار الوطني يستهدف انهاء مثل هذه المعادلات والعمل على تأسيس حكم قائم على الكفاءة والنزاهة.
تطور العقل البشري وعلوم الحكم وادارة الدولة والشعوب اتفقت على دورات الحكم المحددة بدورة او دورتين لا يتم فيها التجديد لحاكم مهما بلغ عطاؤه وذكاؤه وحنكته ونبوغه فى ادارة امور الناس فالحكم الممتد المطلق هو الذى يدخل الحكومة القائمة فى تحديات مع بعض الولاة الذين بدأوا يظنون ان كرسي الولاية هو كرسي مغلق ومحصور لهم.
إذن المرحلة المقبلة ستشهد تنافساً حاداً بين من يودون ان يتولوا زمام مبادرة العمل العام وبين من يتم وداعهم ويهبطون هبوطاً آمناً، دون ان تتأثر احزابهم بمغادرتهم.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش