رأي ومقالات

حمدى شفيق: (( الخداع الاستراتيجى فى مسرحية انتخاب الانقلاب))

كنت قد كتبت فى مقال سابق أن موقف اعلام الانقلاب كان غريباً .. وقلت بالنص
: ((و لا شك أنها ليست مسألة عادية أبداً ،عندما ترى و تسمع
قنوات الفلول و هى تعترف (لأول مرّة) بعدم وجود ناخبين فى مُعظم اللجان.
و من المؤكد أن هذا لم يحدث بدون ضوء أخضر ،لأغراض خبيثة طبعا )).
و أحسب أن أحد هذه الأغراض كان هو تنفيذ عملية (خداع استراتيجى) للثوار ..اذ استبد الرعب بالانقلابيين من احتمال قيام أنصار الشرعية بشن هجمات واسعة النطاق على مقار اللجان أو على منشآت هامة و سيادية ،باستغلال انشغال الأمن بتأمين الانتخابات..و تواترت تقارير أخرى عن احتمال قيام الثوار باقتحام ميدان التحرير يومى الانتخاب ، فصدرت تعليمات لكل قنوات الفلول باقامة (مناحة) و (مندبة) على اللجان الخاوية،بما يوحى للكافة بأن السُلطة الانقلابية ستعترف بفشل الانتخابات ،
و ستتراجع عن تتويج الأمشير رئيساً..و فى هذا (تخدير للثوار) على أساس ان المقاطعة ستؤدى الى انهيار الانقلاب بدون حاجة الى استخدام العنف،و كذلك شغل الرأى العام بمتابعة و انتظار ما سيتم. و بعد الانتهاء من مسرحية التصويت، تجرى عمليات التزوير السافر -كما يحدث الآن-و صنع النسب و النتيجة التى يريدونها ، كما اعتادوا طوال عهد سيدهم مبارك ..فهم لا يهمهم رأى عام لا فى الداخل و لا فى الخارج .و لهذا سيُعلنون نتيجة مُزوّرة ،يسخر منها طوب الأرض و طير السماء ،بلا أى خجل أو حياء !!!! و قد كانت مُعظم اللجان خاوية فعلاً ، مثلما كان يحدث طوال عهد سيدهم المخلوع،لكن الاعلام الفاجر كان يتجاهلها ، و يقوم بالتركيز فقط على بضع لجان يتم الحشد فيها للتصوير فقط لا غير ، ثم تأتى النتائج بأرقام فلكية ..فما هو الجديد هذه المرّة حتى يعترفوا بالحقيقة ؟!!!! الجديد هو هذا الخداع الاستراتيجى، فضلاً عن اتباع أسلوب ( الصدمة) برفع سقف الأمنيات عالياً، ثم ضربه بعنف ،باعلان فوز الأمشير بأرقام عالية مُزوّرة ، لاحداث حالة من الاحباط لدى الثوار ..و هو تكتيك مخابراتى معروف ..لكنهم لم يحسبوا الاحتمال الآخر ، و هو أن تندلع بسبب هذا، موجة ثورية أعنف من سابقتها ، كما حذّر عدد من المُراقبين المحايدين.
و قد فات الأغبياء أولاً : أن الثورة كانت و مازالت سلمية ، و لم و لن يُفكّر مُعظم أنصار الشرعية فى استخدام السلاح..و لو كان الثوّار مسلّحين أو دمويين ،مثل الانقلابيين،
لتغيّرت أمور كثيرة،و لكانت مصر غارقة الآن فى مستنقع الحرب الأهلية.لكن الله سلّم..و لم تكن تقاريرهم الأمنية (المُفبركة) عن احتمالات شن هجمات، صحيحة،
و الدليل القاطع أن عملية الاقتراع استمرت 3 أيام و انتهت دون حوادث تُذكر ..
و فاتهم ثانياً أن الظروف قد تغيّرت بعد ثورة 25 يناير ، و أن نسبة الوعى بين الناس قد ارتفعت، و أن فضيحة انعدام شعبية الانقلاب قد رفعت الروح المعنوية للثوار الى عنان السماء ، و زادت من أعداد الرافضين للانقلاب بصورة رصدها الاعلام الدولى كله..
و ستكون لهذا نتائج هامة جداً و آثار ايجابية لصالح الثورة و ضد الانقلاب بلا شك.
و نؤكد أن حسم الصراع لن يتم بغير استمرار الصمود البطولى للثوار فى الشوارع.
دون اكتراث بما يقوله أو يفعله الانقلابيون..
(و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون) سورة يوسف:21

بقلم : حمدى شفيق

تعليق واحد

  1. حاجة غريبه ان ينحو كتبة الكيزان الى الانشغال الانصرافي بالتصويب على هزلية انتخابات مصر ودمغها بالانقلابية وعدم الجماهيرية، وكأن بلادنا هي واحة الديمقراطية. عار عليكم ان تعايروا الاخرين بما هو فيكم والكل يشهد بشكل انتخاباتنا التي قاطعتها كل القوى السياسية التي كانت ممثلة في آخر برلمان سوداني منتخب بشفافية لم يقدح فيها حتى من انقلبوا عليها في يونيو 1989م. ما الفرق بين البشير والسيسي وكليهما قد انقلبا على انظمة منتخبة ديمقراطيا؟ ولعله يحمد للسيسي انه طالب شعبه لتفويضه، فخرج الشعب بالملايين تأييدا له في يونيو 2013م. بينما بتاعنا قالها بالعربي الدارجي ليفهمها كل سوداني “انه لا انتخابات ولا يحزنون” وانه “جاء بالبندقية ومن اراد حكما فليعتمر بندقيته” في دعوة فاجرة للاحتراب وهو ما حدث فعلا بان اعطى المبرر لكل من رفع السلاح طلبا لرفع الظلم. لقد درج كتبة الانقاذ على تبرير كل فجور ترتكبه الانقاذ بانه يحدث في ارقي البلاد، كما حدث عندما بررت قتلها لشهداء سبتمبر 200 شهيد في سبتمبر. واليوم يتناولون ما يحدث في مصر وكأنهم يقولون لنا (ما فيش حد احس من حد) وكلنا انقلابيون بمنطق من تبرر غيها بفحش الاخريات .. خليكم معانا هنا في الفساد والتمكين والحصانات وقوات حميدتي .. فتلك هي أهم لدينا من قضايا مصر