تحقيقات وتقارير

عشاق (الوست) يحكون: بنات الديناري ولا بنات الناس

للرجال عشق خاص لا يضاهيه أى عشق للكوتشينة وينفقون لأجل عيون «بناتها» الساعات الطوال، دون أن يشعروا بمرور الوقت المهدور على جنبات طاولتها، وبين أوراقها المغرية، ويلعب الرجال في العادة الكوتشينة في أوقات فراغهم وإجازاتهم داخل البيوت وفي الأندية أو عند رصيف شارع النيل نهاية الإسبوع إلا أنه مؤخراً درج بعض العمال وأصحاب البقالات والعاملين في مهن داخل الأسواق على الاجتماع حول حلقة كوتشينة أو قعدة ضمنة (كاربة) بالقرب من محال أعمالهم يلوذون بها من الروتين والحبسة وضغط العمل وإغراءات الشارع كما قالوا .

ساعة للورق وساعة للعمل
بالقرب من مقار عملهم بالسوق العربى وتحت إحدى الفرندات اعتاد مجموعة من الشباب الذين يعملون حول المكان على التجمع بعد الثالثة ظهرا للعب الكوتشينة، الأخوان على وعبد الكريم الذين يمتلكان محل البقالة المجاور يمثلان أحد أبرز أفراد المجموعة ويتبادلان الدور في لعب الكوتشينة هرباً من حبسة الدكان وملل الروتين اليومى، عبد الكريم الأخ الأكبر قال لـ(حكايات): الكوتشينة بالنسبة لنا هي الحل المتاح وهي متنفس من الزهج وضغوط العمل لاسيما في ظروف عملنا التي تتطلب منا التواجد في مكان واحد منذ شروق الشمس وحتى وقت متأخر من الليل.. وأردف عبد الكريم: من وجهة نظرى الكوتشينة أفضل لنا من النميمة والإشتغال بالناس وبالأمور غير المفيدة.

عشرة حريق
من ناحيته اعتاد الخمسينى محمد ابراهيم الاستمتاع بلعب الكوتشينة مع زملاء مهنته بعد أن يترك مهمة تسيير العمل لابن أخته ويعترف محمد إبراهيم بأن الكوتشينة مسلية ويقول: في بعض الأحيان ينضم لنا عابرو السبيل الذين يغريهم المنظر مشجعين ولاعبين كما قال.

أما في حديقة المتحف المطلة على شارع النيل لم يختلف المشهد كثيراً فقد التف مجموعة من الشباب تحت ظلال إحدى الأشجار حول طاولة كوتشينة وهم يتجادلون بصخب واستمتاع بائن، عاطف صاحب طبلية لبيع السجائر والبسكويت والرصيد كان جوكر القعدة وصاحب الفكرة كما قال لـ»حكايات»: ظاهرة لعب الكوتشينة في الأسواق وعلى قارعة الطرق معظمنا يصل لمحل العمل منذ الصباح الباكر ويظل مصلوبا في مكان واحد لا يتحرك منه حتى مغيب الشمس لذلك نجتمع أنا وجيرانى الذين يعملون في نفس المكان أو حوله لنلعب الكوتشينة للترفيه عن أنفسنا بعد أن تخف الحركة قليلا ولأننا لا نستطيع ترك (أكل عيشنا) وعمل برامج أخرى للترفيه الكوتشينة هي الحل لمن في مثل ظروفنا.

زوغة من زنقة الشغل
من جهته إعترف محمد الترزى بأحد محلات خياطة الستائر بالسوق الشعبى الخرطوم بانخراطه في لعب الكوتشينة أثناء الدوام وأردف: غايتو أنا باخد لى زوغة كدا من زنقة الشغل ساعة ساعتين وبجى راجع تاني.. وعن سبب هذه الظاهرة أجاب: بالنسبة لى قعدة المكنة والتركيز من الصباح وحتى بداية الليل مرهقة ومملة والكثيرون مثلى أيضا خاصة الذين يعملون في الأسواق والتجارة والعمل غير المحدد بدوام ولأنه لا خيارات متاحة وفي المتناول سوى لمة الكوتشينة والضمنة نحاول من خلالها تجديد نشاطنا وتخفيف حدة الزهج من العمل وذلك بتناول كوب شاي ولعب (عشرة عشرتين)، أبو محمد أضاف: بصراحة مرات اللعبة بتكون حلوة والزمن بسرقنا مما يسبب لي بعض الإشكالات والمتاعب في تسليم الشغل في مواعيده لكنه عاد وقال الترويح مطلوب.

«نحن ناس ما عندنا إجازات وشغالين طول السنة حتى الجمع وبنمشى البيت ناس نوم ساكت…» بهذه العبارة ابتدر بابكر الزين (فنى تكييف) بشارع الحرية إجابته عن سبب لعبهم للكوتشينة في الشارع وأضاف: على الأقل فيها غض للبصر وكف للأذى وحماية من النميمة والاشتغال بالناس وأردف زمان الشارع دا البنات ما بقدروا يمشوا فيهو من المعاكسة والغزل هسة ما في زول شغال بيهن شغلة وأردف: بنات الدينارى ولا بنات الناس.

تقرير: فائقة يس- حكايات