خالد حسن كسلا : قضية أبيي في جوبا مؤخراً
وحينما كان التمرد يقوده في الخمسينيات والستينيات وبداية السبعينيات قبل اتفاقية أديس أبابا في مارس 1972م لم تكن أبيي في حسبانه ولم يقل جوزيف لاقو إن أبيي جزء من الاقليم الجنوبي. وبالفعل هي كذلك، فهي لا علاقة لها البتة بالجنوب، وما ربطها به هو بعض حفدة النازحين إليها بسبب الحروب الأهلية، فقد نزح دينكا نوك من بحيرة الزراف إليها. لكن القوى الأجنبية تبقى أمهر من يخدم القضايا الباطلة وتبقى أذكى من يهدم الحقائق التاريخية. فهي تلعب دائماً على وتر المناطق الحدودية، إما أن توزع القبائل الموجودة فيها الى أكثر من دولة كما فعلت مع الأكراد في آسيا والزغاوة في افريقيا، ومثلهم الأشولي المفترض انتماء أرضهم الى جغرافيا السودان أو يوغندا. وهذا ليس الذي حدث في حدود العام 1956م. بالنسبة لأبيي أو حلايب. فالمنطقتان سودانيتان لكن ما أتى بخميرة النزاع الغريب إليهما هو أن أبيي نزحت إليها مجموعة تنتمي الى القبائل الجنوبية في وقت ما. أما حلايب التي تقع جنوب الحدود السودانية الشمالية في فالمؤامرة حركت الطمع المصري نحوها باعتبار أنها تقع في منطقة استراتيجية. إن مصر الرسمية الشمولية تحاول الآن أن تقنع السودان والإعلام السوداني بأن فوائد سد النهضة العظيم ليست ذات قيمة رغم أنه ضمن هذه الفوائد توفير عشرين مليون دولار رصد سنوياً لإزالة الطمي الذي تنتج عنه مشكلة العطش في المشاريع الزراعية، ومشكلة توفير الطاقة الكهربائية بالشكل المطلوب. اضافة الى مشكلة الفيضانات التي تتسبب سنوياً في خسائر مادية وبشرية أحياناً. كل هذا تريد منا مصر أن نتنازل عنه، لذلك ليس غريباً عليها أن تطالبنا بالتنازل عن حلايب.
المهم في الأمر هو أن سلفاكير رئيس حكومة الجنوب بعد أن وصلت التطورات في بلاده درجة المصافحة بينه وبين خصمه المتجدد مشار أراد أن يرسل لقبيلة الدينكا التي ينتمي اليها وبالأخص دينكا نوك رسالة تقول بأن أبيي أرض دينكا ولذلك سيعترف بالاستفتاء أحادي الجانب حولها، وطبعاً هذا الاستفتاء العشوائي المخالف للاتفاقية المعروفة بين الخرطوم والحركة الشعبية يبقى مثل انتخابات الجنوب التي لا بد أن تفوز فيها الحركة الشعبية لأن جيش البلاد يتبع لها، ومثل الانتخابات المصرية الهزلية الحالية لا بد أن يفوز فيها قائد الانقلاب العسكري المموه بتجاوب القوى المصرية التي تعادي الحركة الإسلامية وتحسدها في انجازاتها السياسية منذ انتخابات مجلس الشعب أيام مبارك.
ويقول الخبر الذي كان انعكاسه هذه المقدمة الطويلة يقول بأن وفداً من عشائر قبيلة دينكا نوك في منطقة أبيي بحث مع رئيس دولة جنوب السودان في جوبا ملف أبيي. وسلفاكير لم ينتقد أمامهم الاستفتاء العشوائي أحادي الجانب، بل ان السلطان بلبك كوال قال إن هناك وعوداً من الرئيس سلفاكير تتعلق بما يخص أبيي من قضايا. ولم يقل له سلفاكير ان الاستفتاء الذي أجري متجاوزاً للمسيرية لم يكن عادلاً. لكن هل كان حافز الذين قاموا بهذا الاستفتاء هو تجاوز الاشارة الى اسم المسيرية في بروتكول أبيي الذي كان أصلاً مقترحاً قدمه دانفورث بعد انطلاقة عملية التفاوض؟!.
ونعود هنا للسؤال آنف الذكر: لماذا لم يهتم قادة التمرد الاستوائيين قبل مارس 1972م بتبعية أبيي؟!. ولماذا لم يهتم جون قرنق وسلفاكير وهما من قبيلة الدينكا بمسألة أبيي إلا بعد أن أثارها دانفورث؟!. طبعاً الاستوائيون يعرفون حدود العام 1956م وما يقع شمالها من مناطق سودانية ومنها أبيي. أما دانفورث فهو يمثل القوى الأجنبية المتآمرة التي لا تريد إطفاء النار لدرجة ألا تكون تحت رماد الاتفاقيات جمرة فتنة لتشكل شرارة حروب حين تهب عليها ريح المؤامرة.
صحيفة الإنتباهة
خالد حسن كسلا
ع.ش
[FONT=Arial][SIZE=7][B]
شكرا لمقالك بس تعرف والله ملين الكلام الفاضي في حلايب وابيي.. للحكومة كلمة لابد ان تقولها وكفى[/B][/SIZE][/FONT]