صلاح أحمد عبدالله : الخواف .. وتربية العيال ..!!
* خطرت لي فجأة هذه الخواطر.. وقررت كتابتها عملاً بمبدأ السلامة.. ويا روح ما بعدك روح.. والمشي جنب (الحيطة) أسلم.. وهي كانت كالآتي:
* فعلاً.. وكما تقول الحكومة المباركة.. جعلها الله ذخراً لعباده في بلاد ما بين النهرين.. أن شارع (الزلط) هو ذلك الشارع الطويل الأسود.. المعمول بمواصفات عالية الجودة بواسطة مهندسين أكفاء.. صرفت عليهم الدولة (دم قلبها) من الابتدائي الى الجامعة.. وهم.. وأنا أعرف ذلك.. لا علاقة لهم بأهل شارع المطار.. ولا بمعاينات وزارة الخارجية..!!
* وأن فريقي الهلال والمريخ.. هما من أقوى الفرق العربية.. والأفريقية.. والعالمية ولو لا الحصار الاقتصادي.. وسوء التغذية للناس.. وصعوبة المواصلات.. لكان لهما شأن في المحافل الدولية.. ولكن تبدو أن عائدات القطن المحور وراثياً.. كانت هي السبب المباشر الذي أعاق انطلاقهما.. مع عدم توفير (شوربة) الكوارع اللازمة لتوفير اللياقة.. وأن رئيسي الناديين.. هما من عباد الله (الفقراء) الذين يحتاجون لجمع التبرعات لهما من الخلاوي والمساجد والتكايا.. وديوان الزكاة.. وعابري السبيل.. حتى تعود للكرة السودانية أمجادها.. ولكن يبدو أن سيارة (الأمجاد) أصبحت غالية الثمن..؟!!
* قال أحدهم إن الخرطوم هذه.. لا أحد يستطيع أن (يشيلها) رجالة.. طبعاً هو كلام زي السكر والعسل والقشطة.. وكل الحاجات الحلوة.. الخرطوم (شيلة) تقيلة جداً.. تحتاج للياقة بدنية عالية.. لا تتوفر مع (البوش) وطعام (قدر ظروفك).. خاصة أنها أصبحت ذات امتدادالت منتشرة ومتسعة.. ومتكرشة.. يشيلوها كيف يعني..؟!.. حتى الإخوة (العتالة) هاجروا الى موانئ الخليج..؟!!
* يا سلام.. ما هذا الجمال والعظمة.. ما هذه النظافة التي تسر الناظرين.. حتى حدث كل هذا..؟!.. خرجت من المنزل فإذا بالشارع الذي أمامه مرصوف جيداً بعناية.. ونظيف كأنه غسل للتو.. تحف به الأشجار الباسقة.. ومن تحتها الزهور الطبيعية ذات الألوان المختلفة ينتشر عبقها بين السكان ويملؤهم بالانتعاش.. مما يرفع الروح المعنوية للسكان.. وأنا منهم.. ويساعد على الإنتاج.. والنظرة المستقبلية والمتفائلة للمستقبل المشرق..!!
* في الطريق الى موقف المواصلات.. الذي كان مرصوفاً بدوره للناس يدخلون الى الحافلات بانتظام.. وبالصف والكمساري يقابل الجميع بابتسامة نظيفة.. بدون (سفة).. أو آثار (ريالة).. الملفت للنظر أنه لا يوجد وعلى طول امتداد الشارع.. ولا كيس قمامة واحد.. واختفت تلك الرائحة التي كانت تخلفها الأكياس فجأة..!!
* الناس داخل الحافلة.. نظيفين.. وحلوين.. وأنيقين.. كسكان أي دولة عظمى.. لا أحد يتكلم عن الجبايات.. أو النفايات.. بل يتناقشون وباهتمام عن أسعار البورصات العالمية.. وأي البلدان يستحق المواطن وأسرته أن يقضوا الإجازة السنوية فيها.. كما يتناقشون باهتمام أكبر.. في كيفية الدراسة والبحث عن وسائل تجعل هذا البلد يتطور نحو الأحسن..!!
* كنت أنظر الى الجميع باهتمام واندهاش.. الناس دي جنت ولا شنو..؟!!
* فجأة (رن) هاتفي المحمول.. وأخبرني الابن الأصغر.. أن الجامعة قررت أن تسافر الكلية (كلها) إلى أمريكا في إجازة العام.. من أجل الدراسة في قاعدة أبحاث الفضاء في فلوريدا.. المسماة (كيب كنيدي).. وأن الجامعة تكفلت بكل نفقات الرحلة.. مع مصروف ألف دولار لكل طالب.. من عائدات البترول والذهب وفائض الميزانية للعام السابق..!!
* ابتسمت وهو يواصل حديثه.. تصدق يا حاج أن ولد (حسن باسطة) الصغير أصابته حمى يقولون إنها الملاريا.. وأنه أعلنت حالة الطوارئ في الحي.. من أجل القبض على هذه الباعوضة الدخيلة.. والعميلة.. والجاسوسة.. والتي لا تعلم أن (الخرطوم) عادت لعصرها الذهبي.. عصر الغسيل للشوارع بالماء والصابون.. ورش الحدائق بالكلونيا الفرنسية.. من أجل إنعاش الشعب..؟!
* ابتسمت.. وقفلت (الخط) في وجهه حتى لا أصاب بالمزيد من المفاجآت السارة التي لا يتحملها قلبي.. الذي تعود على ما تعود عليه طيلة ربع قرن..؟!
* الناس دي جنت.. ولا شنو..؟!
صحيفة الجريدة
ع.ش
دا شنو دا