ثلاثة آلاف حالة اعتداء جنسي على الأطفال في بلد محافظ كالسودان تعني أن الجرائم خارج منصات المحاكم أضعاف مضاعفة.. والآن حان وقت التفكر والتدبر
حسناً، في وقت سابق، كشفت الإدارة العامّة للأدلّة الجنائيّة، عن وقوع ثلاث جرائم اعتداء جنسي على الأطفال يومياً، ما جعل الإدارة تطالب في تصريحات صحفيّة بمراجعة قانون الطفل 2010، وسن مواد أكثر صرامة وأعلنت عن وجود أجهزة حديثة تمكن الشرطة من معرفة الجانّي عن طريق السائل المنوّي (دي أن إيه). لكن الطريقة لا تخلو من مشكلات عندما تقوم والدة الطفل المعتدى عليه بنظافته، وبذلك تقوم بإزالة الدليل الذي يمكّن من إلقاء القبض على الجاني، وتقوم الوالدة بذلك خوفا من الوصمة الاجتماعية.
وحدة حماية الأسرة والطفل ذكرت في ورشة عمل بالمجلس القومي للطفولة أن أكثر الفئات تعرضاً للاعتداء الجنسي هم الأطفال من الفئة العمريّة (6) إلى (12) عاماً، وأن (78%) من المتحرّشين بالأطفال معروفون لدى الأسرة.
وأرجعت رئيس قسم البحوث الاجتماعية بدائرة الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية التابعة لوزارة العلوم والاتصالات، د. هند يحيى أسباب ظاهرة الاعتداءات الجنسية للأطفال إلى الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، التي تتمثل في التفكك الأسري بسبب الطلاق، والتسرّب في التعليم لظروف اقتصادية، فأغلب الأطفال المعتدى عليهم يعملون بالأسواق وهم في أعمار صغيرة، وفي أمسّ الحاجة للحماية والرعاية، ووجودهم في بيئات لا تناسب أعمارهم، واحد من الأسباب التي تؤدي إلى الاعتداء عليهم جنسيا. وأضافت د. هند خلال حديثها لـ(اليوم التالي) أن أحد الأسباب هي ظاهرة الإعلام المفتوح؛ إنترنت، نوادي مشاهدة، تبث فيها مشاهد إباحية مما يتسبب في اتجاه الشباب لمتابعتها لأن قنواتنا السودانية غير جاذبة فيضطر الشاب إلى متابعة المشاهد الاباحية فيلجأ إلى أقرب شخص أمامه ويطبق ما رآه في المشهد، وعزت ذلك إلى الأهمال الكبير من قبل الأسر، وضعف الرقابة.
ارتفاع عدد البلاغات
د. هند كشفت أنه اتضح من خلال دراسة علمية أجرتها أن نوع السكن وذلك لسكن العديد من الأسر في مكان واحد والوضع المادي للأسرة، والأسرة البديلة، التي تتمثل في تربية (الحبوبة)، وغياب الدور الرقابي للأسر في ظل الظروف الاقتصادية السيئة وخروج الأم للعمل هي أهم عوامل تفشي الأمر، وأضافت أن البطالة والاستغلال السيئ للتكنولوجيا من أكبر أسباب الاعتداءات الجنسية، وفي منحى ذي صلة تقول هند إن المشكلة الأساسية واضحة ولكن المعاناة تكمن في كيفية علاج المشكلة، وأضافت أن ارتفاع الوعي المجتمعي أدى لزيادة عدد البلاغات في الشرطة.
التقاليد الاجتماعية في قفص الاتهام
بالنسبة للخبير القانوني الأستاذ نبيل أديب المحامي فإنّ قانون الطفل 2010 شدد في العقوبة على الاعتداء الجنسي على الأطفال، ولكن القانون به العديد من المشاكل والتي تتفاوت في درجة العقوبة لأن أغلب الاعتداءات أحيانا تكون اعتداءات داخل الأسرة وهذا ما يتطلب العلاج وتشديد العقوبة ولتلافي المشكلة يحتاج المجتمع لدراسات نفسية واجتماعية لمعرفة أسباب انتشار مثل هذه الجرائم. واكد أديب خلال حيدثه لـ(اليوم التالي) أن التقاليد الاجتماعية أحد الأسباب التي تساهم في تعقيد اكتشاف الاعتداء الجنسي على الطفل وأضاف أن التحرش الجنسي يكثر وسط الأطفال لأنهم لا يستطيعون معرفته بجانب عدم الإفصاح عنه وهل تمت عملية جنسية كاملة أم بحث عن اللذة؟ لذلك لابد من التدابير الاحترازية لأن الشخص العادي لا يميل إلى الأطفال وهذا يدل على وجود انحراف في نفسية الشخص المعتدي ولابد من علاجه وإبعاده عن دائرة الأطفال.
حقوق الطفل
أما الناشط في مجال حقوق الطفل وعضو جمعية كافا السودانية د. محمد عبد الله فرأى أن قانون الطفل 2010 شدد العقوبة على الاعتداء الجنسي بالسجن لمدة تتراوح ما بين (15 إلى 20) عاما كعقوبة مشددة وقال محمد لـ(اليوم التالي): بحسب قانون الطفل المادة (45) يعد مرتكبا جريمة كل من يختطف أو يغتصب أي طفل أو يتحرش جنسيا بأي طفل أو ينتج أو يوزع أو ينشر أو يصدر أو يبيع صورا إباحية متعلقة بالطفل أو يصور أي طفل يمارس ممارسة حقيقية أو محاكاة أنسجة جنسية صريحة أو يصور اعضاء جنسية وهذا يعد مخالفا للمادة (45) من قانون الطفل وأضاف أن المادة (46) جرمت كل من يستخدم الأطفال في تجارة الرقيق أو إخضاعهم أو إرغامهم على جميع أشكال العمل القسري أو يهرب أو يساعد في تهريب الأطفال عبر الحدود قد تصل العقوبة إلى السجن من 15 ـ 20 عاما وأحيانا تصل إلى الإعدام.
نوع اللمسة
محمد عبد الله قال إنه قام بتأليف حزمة ذهبية لحماية الأطفال لكنها لم تدخل حيز التنفيذ، وتحتوي على الكثير من النصائح للآباء والأمهات لتدريب الآباء على حماية أبنائهم من الاعتداءات الجنسية، وفي رأيه يجب تدريب الأطفال في تعاملهم مع الكبار على معرفة نوع اللمسة وعلى الطفل أن يفرق بين اللمسة الجيدة والمشكوك فيها واللمسة السيئة ويتم معرفة ذلك عبر التمثيل واللعب والحوار في المدارس والبيوت وتعتبر اللمسة أولى مراحل الاعتداء الجنسي، وعلى الطفل أن يبلغ أسرته حال شك الطفل في لمسة، وقال: لابدّ من تنمية القدرة في الطفل على مواجهة الشخص المعتدي، ويرى محمد أن المعتدين جبناء، وطالب الطفل برفض اللمسة السيئة وذلك بالقول مثلا (أرجوك أبعد يدك عني)، أو استخدام نقاط القوة عند الطفل مثلا بالصراخ لحمايته. وحدد د. محمد عدة حالات لابد للطفل أن يواجهها بـ(لا) وتتمثل في لمس الأجزاء الحساسة من الجسم لأنه يعتبر تحرشا، وعلى الطفل أن يرفض البقاء مع شخص أكبر منه سنا في مكان مغلق لوحدهما، وأوصى حسب الحزمة الذهبية بعدة وصايا تساعد في منع الاعتداء على الأطفال تتمثل في عدم الانفراد مع أي شخص في مكان منعزل، وايضا ترك مسافة تفصل بين الأشخاص؛ أقلها مسافة متر، ويجب تدريب الطفل على زعزعة الشخص المعتدي عليه وذلك عبر المهارات وزرع الثقة والشجاعة لدى الأطفال لحماية أنفسهم حماية ذاتية، وقال إن أغلب الاعتداءات على الأطفال تتم عبر استدراجهم بالإغراءات والهدايا لذلك على الأسرة تغطية احتياجات الأطفال لكي لا ينجرفوا.
* ضعف الوازع
في الأثناء ترى فاطمة عبد الله (موظفة بقسم البحوث في وزارة العلوم الاتصالات وأم لثلاثة أبناء) أن أهم الأسباب تتمثل في ضعف الوازع الديني والأخلاقي كما أن هنالك أسبابا مساعدة مثل دخول الأجانب للسودان، وأيضا النزوح بكل أشكاله ووجود العزابة في الأحياء والسكن العشوائي وسط الأحياء المخططة والذي يعتبر بؤرة للفساد ووكرا للجريمة، وشددت من خلال حديثها لـ(اليوم التالي) على رجوع القيم الجميلة التي تلاشت بمرور الزمن التي تتمثل في الاطمئنان والثقة في الجيران.
* تفعيل دور الشرطة المجتمعية
محمد يعود ويقول إن كل آليات الحماية لم تقلل من الاعتداءات والدليل على قوله بأن نسبة الاعتداءات في زيادة مطردة وأرجع ذلك إلى التفكك الأسري والمشاكل الأسرية وعلى الوالدين إظهار حبهم لأطفالهم، وكشف أن أكبر نسب للمعتدين من المراهقين وهناك نسب قليلة من متعاطي الخمور والمخدرات وذلك لضعف القدرة الجنسية لديهم، ولم تشمل الإحصائيات مختلي العقول، وشدد على ضرورة تفعيل دور الشرطة المجتمعية في حماية الطفل بجانب تدريب الأمهات على القيام بدور الشرطي وذلك بمراقبة المعتدين وطالب بإقامة وحدات لحماية الطفل في جميع المحليات لأن الوحدات ضعيفة وإذا توسعت فستساهم في حماية الأطفال.
صدمة نفسية عميقة
بالنسبة لاستشاري الطب النفسي والعصبي د. على بلدو فإن الاعتداء الجنسي على الأطفال يخلق صدمة نفسية عميقة قد يستغرق التعافي منها زمنا طويلا ويخلق دمامل نفسية وثقوبا اجتماعية واسعة المدى يصعب تلافيها والتعامل معها، وأضاف وهو يتحدث لـ(اليوم التالي) أن الطفل يتعامل مع التحرش أيا كان شكله بصورة تختلف عن الراشدين، حيث أن الممارسة الجنسية الكاملة والملامسة والاحتكاك والتعري وأي صورة أخرى ذات أثر نفسي واحد حتى ولو اختلفت في نتائجها القانونية والاجتماعية الأخرى، فالطفل المساء إليه يعاني من الصدمة والشعور بالذنب والرغبة في الانزواء والميل نحو الانطواء والانكفاء على الذات وعدم الخروج من المنزل والشعور بخوف حاد في وجود المعتدي أو الذهاب إلى مكان وقوع الاعتداء وهذا كله تصاحبه أعراض جسدية اذا تم الاعتداء بعنف مثل الاحمرار والتهاب البول ووجود أثار مثل الكدمات واحيانا قد يفقد الطفل حياته قتلا كما حدث مع الكثيرين، ومن جانب آخر فإن الطفل يتعرض للمشاكل في النوم والأحلام المزعجة والتمتمة والتأتأة وفرط الحركة واحيانا يصاب بحالة اكتئاب قد تؤدي إلى انتحاره، كما أن الطفل يتعرض للتوبيخ والتعنيف والشعور بالدونية مما يولد لديه رغبة في الانتقام أو يتقمص شخصية المعتدي نفسه ويتحول من ضحية إلى معتد أو يجر معه ضحايا آخرين سواء كان لطلب المعتدي أو للرغبة في الشعور بالتساوي مع الآخرين، ويرى بلدو أن الأطفال المعتدى عليهم يحتاجون لدعم ومساندة واكتشاف مبكر وعلاج نفسي وسلوكي، إضافة إلى محاولة حماية الآخرين بالرقابة ورفع الوعي الجنسي والثقافة الجنسية التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد “آكلي لحوم الأطفال” بتعبير بلدو، مما يساعد في تعزيز الثقة بالنفس وعدم الصمت والحماية الذاتية وسد الباب أمام المعتدين.
أخيرا، فإن ثلاثة آلاف حالة اعتداء جنسي على الأطفال في بلد يفترض فيه أن محافظ كالسودان ومجتمع مازال يتمسك بعادات اجتماعية نبيلة، تعني أن عدد الحالات التي لم تصل إلى المحاكم ستكون أضعافاً مضاعفة، والآن حان الوقت للتفكر والتدبر في تعامل المجتمع في قضية الاعتداءات الجنسية على الأطفال.
صحيفة اليوم التالي
أ.ع
فتشت عن عنوان المنظمتين المذكورات بخصوص حماية الطفل وما لقيت ليهم موقع الكتروني ولا عنوان ولا هاتف؟؟؟؟؟ البعرف بالله يمدني
مشكلتنا نحن بتاعين تنظير.يعني لوما الصحفي جرى خلف الموضوع ده ما كان عرفنا عنهم حاجة لانهم والله اعلم قاعدين في مكاتبهم
ناس الحكومة كان بهتموا لو كان هؤلاء المغتصبين يريدون اغتصاب الكرسي والدولة، لكن اغتصاب أطفال أبرياء ما مهم.
الحل الوحيد بعد الورش العملتوها دي تفتشوا عن متطوعين بي منشورات تحذيرية وتوزعوها بيت بيت..
قانون حماية الطفل والعقاب المذكور موجود في الورق وبس.