الطاهر ساتي

‫كيف يكون ..؟؟

/

‫كيف يكون ..؟؟
** كثيرة هي نعم الله على بلادنا، ومنها موقعها الجغرافي ..ولكن، لسوء حظ بلادنا، كما لم نحسن إستغلال أرضها وأنهارها ومعادنها وأنعامها لصالح شعبها، لم نحسن إستغلال موقعها الجغرافي أيضاً.. بلادنا، لذوي البصائر، بمثابة قناة السويس في هذه المنطقة ..موقع يصلح للعبور الإيجابي والمفيد للناس والحياة، إذ هو مدخل العرب وغيرهم نحو شعوب إفريقيا، وكذلك مدخل الأفارقة نحو العرب وغيرهم ، هذا لو أحسنا إستغلال هذا المدخل بالسلام والمناخ السياسي المعافى والإدارة الراشدة و(غير الفاسدة).. ويوم وافقت رئاسة الجمهورية لحكومة البحر الأحمر على إنشاء منطقة حرة بتلك الولاية، هاتفني صديق من ذوي الخبرة في عالم الإقتصاد من بلاد المهجر بعد أن ضاقت به وبخبرته البلاد سائلاً : لماذا فقط قطعة أرض بالبحر الأحمر هي المنطقة الحرة، رغم توفر عامل الموقع الجغرافي الذي يؤهل بلادنا بأن تكون – هي بكاملها – منطقة حرة ؟، موقع بلادنا ملتقى العرب والأفارقة، ويصلح بأن يكون جسراً لهم ولتجارتهم وسلعهم، فقط علينا أن نتقن إدارة هذا الجسر..!!

** تلك أحلام صديق، يقتلها الواقع بقسوة الساسة.. كيف يكون موقع بلادنا جسراً إيجابياً أو قناة خير بين الشعوب، ووالياً بسنار – على سبيل المثال – يحجز مائة عربة محملة بالبضائع منذ نصف عام بتهمة تهريب السلع إلى دولة جنوب السودان ؟..سلع قيمتها تتجاوز سبعين ملياراً، تجارها بعض أفراد شعبنا، وضعت سلطات أحمد عباس يدها عليها وحجزتها قبل نصف عام، ولاتزال، رغم مشروعية التجارة وجدواها للبلدين وللأهل هنا وهناك..لم يضبطهم في وضع التهريب، ولم يداهمهم بعد التهرب من منافذ الدولة الرسمية ورسومها، بل حجزهم وهم يمارسون تجارتهم في الهواء الطلق بمظان أن الحدود بين الدول محض فواصل بغرض التنظيم وليس المنع والحجز والمصادرة، وما كانوا يعلمون أن سلطات والي سنار لم تتقن من كل علوم الإدارة غير (المنع والحجز والمصادرة).. كم عائد تلك السلع المقدرة قيمتها بسبعين مليار جنيه؟، كم عائدها لخزينة السودان؟، وكم العائد لأصحابها وهم بعض أهل السودان؟..لو كانوا يسألون لما حجزوا، بل لطالبوا التجار بالمزيد .. أوكما تفعل السلطات (الراشدة والمسؤولة) ..!!

** ثم ، كيف يكون موقع بلادنا الجغرافي جسراً إيجابياً أو قناة خير بين الشعوب، وسلطات الجمارك بالبحر الأحمر تحرم شركة كورية من حق إيداع سياراتها بالمنطقة الحرة بغرض توزيعها وتسويقها للدول المجاورة؟..وهي حكاية محزنة، نصها : تقدمت إحدى الشركات الكورية، عبر وكيل بالسودان ، إلى السلطات بالسماح لها بإيداع عرباتها بالمنطقة الحرة، وذلك بغرض التوزيع والتسويق للجنوب وارتريا وغيرها من دول الجوار.. وافقت السلطات، والموافقة ليست منحة، بل حق معروف لكل شركات الدنيا والعالمين..فالمناطق الحرة – في كل دول العالم – بمثابة (مخازن مؤقتة)، لأن ايداع السلع في المنطقة الحرة لايعني إستيرادها ، بل تخزينها لحين التخليص وإكمال إجراءات الإستيراد وفق قوانين الدولة..المهم، وافقت السلطات لتلك الشركة بايداع سيارتها في المنطقة الحرة، ثم توزيعها لدول افريقيا .. وشرعت الشركة الكورية في إرسال شحناتها الى المنطقة الحرة ، ثم شرعت في توزيعها وتسويقها للدول الافريقية، شحنة تلو أخرى و بسلاسة ونشاط .. !!

** ولكن، تفاجأت الشركة بأمر شفاهي صادر من سلطات جمارك البحر الأحمر تأمرها بالتوقف عن إيداع سيارتها بالمنطقة الحرة ..(أمر شفاهي)، وبلا أسباب..منذ فبراير الفائت، والى يومنا هذا، تخاطب الشركة سلطات جمارك البحر الأحمر وتسأل عن أسباب القرار، ثم تطلب نص القرار مكتوباً، ولكن لاتجد من الردود غير رد مدير الجمارك هناك، والقائل بالنص ( التعليمات جاتني من فوق بالتلفون، وانا نقلتها ليك بالتلفون، وما بقدر اسلمك قرار مكتوب)..هكذا شكل العلاقة بين سلطات بلادنا والمستثمر الأجنبي العابر للقارات ودولها، فكيف يكون موقع بلادنا الجغرافي جسراً إيجابياً وقناة خير بين الشعوب؟..عندما يتساوى الأعداء والأبناء في تدمير الجسور والقنوات، يصبح الحال ( واقع بلادنا).. ولذلك، ليس في الأمر عجب أن موقع بلادنا، بأمر النهج الحاكم، لم يعد يصلح لغير (تهريب السلاح و تجارة البشر) ..!!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]