الدوحة….. قمة الفرصة الأخيرة
تراجعت الآمال في إمكانية تحقيق مصالحة عربية شاملة فى قمة الدوحة التي تنطلق اليوم عقب اعلان تخلف الرئيس المصرى حسنى مبارك وعدم تأكيد حضورعدد من الزعماء العرب الآخرين مما يعكس استمرار أجواء الخلافات العربية التي بلغت ذروتها اثناء الحرب الأخيرة في غزة ويسود تخوف من فشل القمة مما ينذر بنتائج وخيمة ومن ثم يصف البعض بأنها قمة الفرصةالأخيرة.
والصعوبات التي تواجه القمة العربية لا تقف عند ملف المصالحات وتوقيف الرئيس البشير بل تمتد الى وصول حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة بقيادة نيتانياهو مرشحة بالاقدام على مغامرات وتصرفات متهورة فضلا ان المنطقة تشهد بداية تغيير في موازين القوى الإقليمية في حالة إبرام الإدارة الأمريكية صفقة مع إيران فقد بعثت طهران رسائل إلي واشنطن خلال الأشهر الأخيرة مفادها أنها لاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه في ملفات المنطقة، تأمل قطر في تعزيز موقعها الدبلوماسي الاقليمي خلال القمة العربية في ظل علاقات عربية عربية متصدعة الا ان تحقيق هذا الهدف مشوب بالمصاعب. وفى ذات الوقت يسعى القادة العرب الى الظهور بموقف موحد بعد الخلافات المضنية التي عصفت بهم، وذلك من اجل تفعيل طرحهم لمبادرة السلام العربية في وجه صعود اليمين المتشدد في اسرائيل وفي ظل النفوذ المتنامي لايران وعشية انعقاد القمة قال مسئول قطرى رفيع انه يأمل ان تكون قمة الدوحة محطة لتنقية العلاقات العربية وللانطلاق نحو مرحلة عمل عربي مشترك لا تعتريه الشوائب وتبعدها عن الخلافات العميقة لكن المحلل السياسي القطري محمد المسفر يرى ان المتوقع من هذه القمة اكبر مما قد يحدث فيها على مستوى تحقيق المصالحة العربية.واضاف المسفر في حديثه مع وكالة «فرانس برس»، صحيح ان قطر اصبحت محط انظار الفرقاء العرب بعد احرازها اختراقات سلام في اليمن وفي لبنان، والآن هي على طريق سلام في دارفور، لكنني لا اظن انه سيتم السماح لقمة قطر بانجاز استراتيجي في الشأنين الفلسطيني والسوداني اللذين قال يشكلان عصب هذه القمة الصعبة وجراءغياب بعض الزعماء العرب توقع المسفر ترحيل ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية الى ما بعد قمة الدوحة والذى بدوره سيؤجل مصالحة عربية ـ عربية حقيقية .
على الرغم من تحسن العلاقات العربية العربية على أكثر من محور بما في ذلك بين دمشق من جهة والرياض والقاهرة من جهة أخرى إلا أن العلاقات القطرية المصرية ما تزال تبدو متوترة وخير دليل على ذلك مستوى التمثيل المتواضع للقاهرة فى القمة على الرغم من ان رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم قال فى مؤتمر صحفى له قبيل انعقاد القمة بانه لا يستطيع القول إن العلاقات بين الدوحة والقاهرة ممتازة لكن هناك جذورا لعلاقات أخوية واكد أن بلاده لن تدعو الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد وحركة حماس إلى القمة العربية، وأوضح «تبنا»، في إشارة إلى الجدل الذي أثارته دعوة إيران وحركة حماس إلى «قمة غزة بالدوحة» والتي عقدت بالعاصمة القطرية إبان الحرب في قطاع غزة. وفى الوقت الذى وصف فيه صاحب المبادرة الوفاقية الملك عبدالله بن عبدالعزيز القمة العربية المصغرة التي عقدت أخيرا في الرياض بانهم حفروا حفرة عميقة دفن فيها كل الخلافات إلى غير رجعة بيد ان الرئيس السوري بشار الأسد ابدى تحفظاً حيث قال عقب وصوله الدوحة امس الاول إن الخلافات القائمة لا يمكن التوصل إلى حلول لها بقمة واحدة أو اثنتين، لكنها بداية مشجعةواضاف (نحن في طائرة بها 22 طياراً، لست أنا الطيار الوحيد لأقول أين ستصل تماماً، لكن النيات أن ننتهي من الخلافات) ويعتقدالامين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن سفينة العرب ستغرق إذا ظل العرب يتعاركون فوقها دون أن يدروا أنها تنحرف داعيا الى استثمار القمة لحل الخلافات العربية ويرى موسى لأنه كلما مضى الوقت زادت واتسعت هوة الخلافات كما يرى مراقبون ان تأجيل جولات الحوار الفلسطيني في القاهرة الى ما بعد القمة قد يساهم في عودة اشتداد الخلافات العربية .
اذا كانت الخلافات العربية ادت الى هذه الحالة من النزيف فإن أجواء المصالحات تحتاج الى جهد كبير للحفاظ على مكتسباتها خشية العودة الى الشرذمة والتصدع من جديد، وإنّ إعادة بناء الثقة وازالة التوتر الذى زادته قمة الدوحة الطارئة خاصة بين السعودية ومصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية من جهة، وقطر وسورية وحركة حماس من جهة أخرى وازالة الريبة والشك التي تشوب العلاقات بين العراق وبعض الدول العربية مرورا بالانقسام بين حركتي فتح وحماس على قاعدة المصارحة يمكن أن تؤدي في حال نجاحها إلى إطلاق عملية واسعة لإعادة بناء العلاقات العربية – العربية برمتها خاصة وان الأغلبية العربية تعول على مصر والسعودية وسوريا لتعزيز التفاهم ودفع العمل العربي انطلاقا من أنها الأطراف العربية المؤهلة. ولتحقيق ذلك ترى صحيفة الشرق القطرية المقربة من دوائر اتخاذ القرارفى افتتاحيتها امس ان الامر يتطلب حراكا سياسيا جديدا ينبثق عن الإرادة السياسية للزعماء والقادة العرب يتم فيه تجاوز الحديث الذى وصفته بالسطحي اللاهي حول مستوى تمثيل هذه الدولة او تلك ولتعزيز جهود المصالحة العربية قدمت السعودية ستة إلتزامات يتعهد بها القادة العرب بينها الإبتعاد عن لغة الفتن ولغة التهجم والتوتر .
قصص المصالحة العربية التي أخذت تتكرر كثيرًا في الإعلام الرسمي العربي منذ قمة الكويت الإقتصادية ما تزال على المحك وقد نشطت الدبلوماسية العربية في الفترة الاخيرة بين عواصم مختلفة مثل الرياض والقاهرة ودمشق وعمان في محاولة لرأب الصدع العربي قبل القمة وشهد الدور القطري بروزاً لافتاً في المنطقة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، بدت معه الدوحة وكأنها لاعب إقليمي رئيسي واذا كان المأمول أن تشهد القمة تتويجا لجهود إنهاء الخلافات العربية وطي صفحة الماضي بمصالحات عربية، وتدشينا لمرحلة جديدة من العمل العربي وأن تكون قمة فارقة في مسيرة العمل العربي المشترك ويشارك فى القمة 14 من القادة العرب وغياب ثمانية ويتغيب عن حضور القمة الرئيس محمد حسني مبارك
والسلطان قابوس بن سعيد والعاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ولم يتحدد بعد مشاركة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة , وكذلك العاهل المغربي والرئيس العراقي , في حين وصل ورؤساء ليبيا والصومال وجزر القمر وجيبوتي ولبنان وتونس والبحرين وفلسطين وكان الرئيس السوري بشار الأسد رئيس القمة السابقة قد وصل للدوحة كأول رئيس عربي , وكان وزراء الخارجية العرب قد أقروا مشاريع القرارات التى تعرض علي القمة العربية , اليوم تضمنت 26 بندا الي جانب مشروع إعلان الدوحة الذي سيصدر في ختام الاجتماعات بعد ظهر غد الأربعاء المقبل قبيل انعقاد القمة العربية الثانية مع دول أمريكا الجنوبية في ذات التوقيت وانحصرت الاختلافات فى اجتماع زراء الخارجية العرب حول مبادرة السلام العربية والمطالبة بوضع حد زمني لعرضها نهاية العام الحالي , الي جانب استبعاد البند الخاص بنقل اللاجئين الفلسطينيين من الحدود العراقية الي الحدود السورية , وسد الفراغ العربي بالعراق بعد انسحاب القوات الأمريكية وبشأن السودان , رفع وزراء الخارجية مشروع قرار بشأن التضامن مع السودان في مواجهة قرار المحكمة الجنائية الدولية ويدعو مشروع القرار مجلس الأمن الي تحمل مسئولياته في إقرار السلام والاستقرار في السودان ومطالبة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن التحرك للتوصل الي موقف موحد لحماية السلام والاستقرار في السودان ودعا الي عدم تجاوب الدول العربية مع إجراءات المحكمة في حق الرئيس البشير واتاحة الفرصة أمام القضاء السوداني لتحقيق العدالة , وأكد ضرورة تنفيذ حزمة الحل التي طرحتها الجامعة العربية في يوليو الماضي .
أبوزيد صبى كلو :الصحافة