الطاهر ساتي

‫محن الحرب ..!!

/

‫محن الحرب ..!!
** على غير العادة، لي رغبة في رفع (قزاز الزاوية )، ثم طرح قضية اليوم بلغة (منابر المثقفاتية).. أي، العامة – ناس قريعتي راحت والبنات مرقنبو قرنبو- تمتنع..فالسودانوية وآثارها في تكوين الوجدان الفلسفي، هي (لغة اليوم)..وعذراً على (رفع القزاز)، فالمحاور على الطرف – وهو مسؤول مثقف – لم يكتف ب(رفع القزاز) فحسب، بل (كمان مظللو عديل)..ولذلك، يجب أن نرتقي – ونتفلسف – إلى حيث لغته وتفكيره لكي لايحشرنا المسؤول المثقف في زمرة الناس ( العامة ساكت)..ويلا، نبدأ..ونطرح قضية اليوم في شكل سؤال فلسفي و(كده)..ما هي الهوية ..؟؟

** سؤال عميق، و سرد إجابته بحاجة إلى بدلة وكرافتة ونظارة بيرسول ومايك ويريلس وكرسي دوار، ثم (شوية عامة قدامك)، لزوم التصفيق و (لو بلا فهم)، أي كما النواب الذين صفقوا لوزير المالية عندما رفع الدعم عن الوقود..المهم، راقني مصطلح الهوية الوارد ذكره في تصريح رئيس البرلمان الذي صدرت به صحف البارحة، والحمد لله الذي أكرمنا بمسؤولين يستخدمون مثل هذه المصطلحات التي تستفز العقول وتحثها على البحث والدراسة لمعرفة معناها، بحيث تكون (عقول مثقفة)..أي تحسنت لغتهم السياسية لحد السجال حول الهوية، ولم تعد هي لغة ( تحت الجزمة، ولحس الكوع وغيره)..!!

** فالهوية، ما لم يكن لرئيس البرلمان وصفاً آخر، هي حزمة سمات تميز الشخص عن الآخرين، أو الجماعة عن الأخريات..فالهوية الشخصية هي التي تعرف الشخص باسمه وشكله وعمره وجنسيته.. وبالمناسبة، غالباً ما تكون تلك السمات الخاصة مطبوعة في وريقة يحملها الشخص في جيبه ويعرف بها نفسه عندما تداهمه – على سبيل المثال – الشرطة بسؤال من شاكلة ( وين هويتك ؟).. تلك هي سمات وتعريف (الهوية الشخصية)..ولكن، رئيس البرلمان لم يقصد هذه الهوية في التصريح ..!!

** إذ يقول، واصفاً إعتداء المتمردين على بعض مدن وأرياف شمال وجنوب كردفان، بالنص : ( حربهم لاتستهدف إسقاط النظام، ولكن تستهدف إسقاط الهوية).. فالهوية المعنية في نص التصريح ليست هوية شخصية، بل هي ( هوية جماعة)، أي (الهوية الوطنية والقومية )..ولذلك،، يجب شرح سمات وتعريف (هوية الجماعة، أي الوطنية والقومية )، وخاصة هي المستهدفة بالإسقاط من قبل المتمردين، حسب تصريح رئيس البرلمان ..وعليه، ماهي الهوية الجمعية (الوطنية والقومية)، المستهدفة ؟.. نجاوب، وبالمناسبة، لزوم رفع القزاز : (الناس الوراء ديل سامعين؟، معليش أمبارح إتكلمت كتير في ندوة الحوار التمدني وأثره في إثراء الوعي الجمعي وما قادر اتكلم بصوت عالي، فمعذرة ) أو كما يقولون، ليشير مدير المنصة إلى أحد العامة باحضار السفن آب للمثقف، لزوم الإرتواء و(ضبط الصوت).. المهم، نسرد سمات وتعريف هوية الجماعة ( وطن وشعب)، بدون ( سفن آب) ..!!

** فالهوية الوطنية – وهي الجامعة لكل أهل الوطن – تتميز بسمات أساسية تشترك فيها جماعة من البشر، وهي المسماة ب (الشعب).. فالأفراد، يختلفون في الأعراق والعقائد والثقافات والألوان والأحجام وغيرها من عناصر مكونات (الهوية الشخصية)، ولكن دائما هناك وعاء يجمع كل تلك التبايانات، وهو المسمى بالوعاء الوطني..وعليه، تواجد كل تلك التباينات العقائدية والثقافية والعرقية في (وطن واحد)، بحيث يجمعها (تاريخ وأرض)، هو المعنى بالدولة الواحدة و ( المواطنة الواحدة )..وهذه المواطنة التي تجمع كل ألوان الطيف العقائدي والثقافي والعرقي هي المسماة نصاً وروحاً ب ( الهوية الوطنية)..!!

** وعليه، عندما يتحدث رئيس البرلمان – وكذلك سادة منبر السلام العادل – عن الهوية، فعليهم تحديد نوع الهوية التي هم يتحدثون عنها..ان كانت هويتهم الشخصية، فهذا شأن يغنيهم، ولايجب عليهم علائها على هويات الأخرين في المنابر العامة (إعلاماً كان أو برلماناً)..أما إن كان حديثهم عن هوية الجماعة، أي هوية شعب ووطن، فان عليهم إستدراك ( المعنى الصحيح للهوية الوطنية ).. ولو إستدركوا المعنى الصحيح للهوية الوطنية ، وفق سماتها وتعريفها، فلن يحولوا (الصراع السياسي) إلى ( صراع هويات)..فالجبهة الثورية متمردة على (النظام الحاكم) وليست على (الهوية الوطنية)، ورصاص قواتها يستهدف إسقاط النظام بشكل مباشر، ولايستهدف طمس أو إسقاط ( الهوية السودانية)..قاتلوا – وتكلموا – في دائرة السياسة وأحزابها وحركاتها..فالقضاء على أي تمرد في المحيط السياسي (مقدورعليه)، بالحرب أو بالحوار ..ولكن، نشر المزيد من آفة العنصرية قد تقضي على ما تبقى من ( الوطن) ..!!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]