جعفر عباس

رمضان للتطهر وليس التعهر

رمضان للتطهر وليس التعهر
[JUSTIFY] رمضان على الأبواب، وتجد سيرة الشهر الكريم على معظم الألسنة في البيوت، ومع اقتراب حلوله يصبح شهر «التطهر والعبادة»، مادة صحفية دسمة لا علاقة لها بالتطهر بل جوهرها «التعهر»، لأن زبدة تلك المادة صور فتيات حلوات معظمهن كاسيات عاريات، تظهر مفاتنهن عبر فتحات التهوية الكبيرة والكثيرة في ثيابهن «البليغة» وهي بليغة لكونها تعبِّر عن المكنونات وما ينبغي أن «يستخبى» بحِيَل مختلفة من بينها التورية والجناس الخناس، والاستعارة (من العري)، إلى جانب شبان لا تعرف أنهم ينتمون إلى جنس الذكور إلا من أسمائهم.. حتى أسماء هذا الصنف من الرجال فيهن «إن».. توتو.. بيبو.. وإليك عينة مما تجده في صحف هذه الأيام: قناة دبليو سي تشتري حقوق بث مسلسل «الحريم طريق الجحيم» بطولة النجمة المتألقة طيطي بزرميطي… فضائية شيش بيش تبث ثلاث مسلسلات تركية خلال شهر رمضان وكلها من بطولة مهند التركي (عند هذه النقطة توقفت عن الكتابة واستخدمت الإنترنت لمعرفة الاسم الحقيقي لهذا الممثل، وشعرت بالخجل، فما أن كتبت اسمه في محرك البحث غوغل ودخلت في أول موقع فيه جاءني حاملا اسمه، حتى اكتشفت ان الموقع -وهو عربي- مخصص بالكامل لـ«هنودي»، وبه عشرات الصور له بمختلف الأحجام ويظهر في بعضها بـ«هدوم زي قلِّتها».. ماذا سيقول عني أفراد أسرتي إذا قفشوني وكمشوني وأنا أتفرج على تلك الصفحة بمحتوياتها الملوثة؟ المهم اكتشفت ان اسمه كيفانج تاتيلوغ، وهو اسم يذكرني بولاية ماساشوستس الأمريكية التي أثبتت الاختبارات المتكررة أن 80% من الأمريكان يخطئون في كتابته.. المهم ان اسم مهند الحقيقي يسد النفس بل لو نطقه شخص وهو يكلمني لحسبته يشتمني لأنه يذكرني بما كنا نسميه في السودان «تسديرة» وهي الرد الذي لا يخلو من وقاحة او بذاءة على سؤال من شخص لم يسمع جيدا ما قلته ويسألك عنه: (قلت شنو؟).. ويا حليل أيام ليلى علوي وإلهام شاهين، اللتين نالتا الشهرة في عصر كان فيه جمال المرأة يقاس بالكيلو، ثم أراد الله لهما بئس الخاتمة فدافعتا عن نظام حسني شرم الشيخ «عديم البركة».
أكثر ما يؤلمني هو تعامل الناس مع شهر رمضان على أنه موسم النهم، ولهذا ما أن يبدأ هذا الشهر حتى تمتلئ صفحات الجرائد بحكايات عن الضرب والطلاق بسبب خلافات بين الأزواج حول «الأكل»، نعم نحن نسميه لوازم «مقاضي» حاجات رمضان، ولكن الأمر يتعلق في جوهره بالأكل، ومعظم الحكايات التي تتناولها الصحف في هذا الصدد تكون فيه الزوجة «من جنى على نفسه»، لأنه طالبت بلحم او مكسرات أو قمر الدين أو بطيخ، فينهال عليها الزوج ضربا أو ينتهي الأمر بالانفصال، ولكن تحضرني على الدوام حكاية الوافد العربي في مدينة الدمام السعودية، الذي دشدش عظام زوجته في شهر رمضان المنصرم لأنها وضعت على مائدة الإفطار دجاجة كاملة، لأن أختها وعدتها بالحضور إلى بيتها للإفطار معها وكان زوجها على سفر، ثم اعتذرت الأخت في آخر لحظة لأن زوجها عاد من السفر، فلم يكن بدٌّ من وضع الدجاجة كاملة على المائدة، فاستحقت العقاب الجسدي الذي انتهى بها إلى المستشفى وانتهى بالزوج إلى السجن، وكان الزوج قد أعطى زوجته أوامر واضحة بأن الإفطار الرمضاني له ولزوجته وعياله الأربعة يتألف يوميا من نصف دجاجة، ولهذا ما أن رأى دجاجة كاملة أمامه حتى انتابته نوبة غضب عارم بسبب التبذير الذي مارسته زوجته.
ونفاصل بعد الواصل.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]