تحقيقات وتقارير
«موضات الثياب السودانية .. من «توب الزراق» إلى «توب التحلل»
في البداية التقينا بالحاجة مريم حسين وهي عاصرت عهد الإنجليز، تحدثت لنا عن مسميات موضات الثياب وقالت لم يؤرخ لاول امرأة لبست الثوب في السودان ولكن ظهر من اجل الاحتشام لان المرأة قديماً كانت بدينة. وتطور الثوب من المسميات القديمة على سبيل المثال توب الزراق الى خط الاستواء)الذي ظهر إبان الحكم الثنائي)، وأكدت انه ثوب غالي الثمن وتدرج الثوب في مسمياته وفقاً للأحداث الجارية فكان «الاتحاد النسائي» و(مجلس السيادة) و(أزهري في المطار( و(أبو قجيجة) و(الرملة) بالاضافة الى مسميات مرتبطة بأحداث سياسية مثل(كرسي جابر) حرب الخليج)أبوجا ونيفاشا والسلك الدبلوماسي وكذلك في المسميات الاجتماعية للفنانين والمشاهير فجاءت(كامل الأوصاف) و(تحرمني منك) و(ماردونا) (تاتينك)، وأضافت الحاجة مريم حتى ماركات السيارات لا تخلو من مسميات موضات الثياب مثل «الهمر والمرسديس الشبح» ودخلت الثياب الجمال منها الدلع والمرايا.
وترى مصمة الأزياء معزة عادل ان الثوب السوداني قديم وهو بمثابة تبيان للحضارة وعنوان للثقافة السودانية والثوب كان في السابق عبارة عن قطعتين من قماش بلون واحد ثم اختصر الى قطعة واحدة وهو الثوب الحالي باللادو عند الشلك والساري عند الهنود، فهنالك ثياب المناسبات كثوب السهرة وثوب العمل وأيضاً ثوب الحداد الذي غالباً ما يكون من اللون الأبيض الخشن«دمورية أو دبلان» وخفف حديثاً لمجاراة الموضة بالكرب الأبيض. وقد تفردت النساء العاملات بلبس الثوب الأبيض الكرب السادة أو المورد، وأضافت ان المرأة السودانية تتمسك به بقناعة راسخة باعتباره قيمة حضارية وارثاً وتقليداً راسخاً وزياً محتشماً. وأضافت مصمة الأزياء ان الثوب تتجدد تصاميمه مع الموضة بمزج الألوان وخلطها وهنالك ثياب مع الموضة مثل ملكة جانسي وبدون عنوان والتايقر والألعاب الأولمبية وأسعار الثياب مرتبطة بارتفاع اسعار الدولار واحرص على تصاميم تتناسب مع كل المستويات وتبدأ الأسعار من (250) الى مليونين باختلاف الشكل والطباعة والتطريز وتتطور الموضات في كل شهر وكل سنة بألوان تتناسب مع الخريف والصيف والشتاء. وآخر صيحة للثوب هو توب التحلل.
الأستاذة سهام إبراهيم باحثة في مجال التراث والفلكور الشعبي تقول ان بعض النساء في قبائل السودان يحببن الوان معينة للثياب مثلاً في قبائل شرق السودان والبحر الأحمر يفضلن اللون الأحمر والبرتقالي وربما لقرب البحر منهن وحركة التجارة وارتباطهن بالعالم الخارجي مثل الهند والصين ودول الخليج أما في أواسط السودان يحبون الالوان النيلية كالازرق وغيرها أما في جبال النوبة يفضلونه اللون البني والبنبي. وتؤكد الباحثة ان الثياب في الماضي والحاضر رمز لأحداث سياسية واجتماعية واقتصادية مثل انابيب البترول. والثوب السوداني لا يختلف في حجمه من قبيلة الى اخرى بل يختلف في طريقة لبسه في بعض المناطق على سبيل المثال في شرق السودان أو عند بعض القبائل كالبجة والرشايدة ويوجد نوع من أنواع الفراد في شرق السودان تسمى فراد كسلا أو مسميات اخرى وتلبس بطريقة مختلفة قليلا عن الثوب.
من طرائف الثياب..
هنالك طرائف لمسميات الثياب منها توب الدخان وتوب البكاء وتوب الغطاء وتوب الجيران وكل توب بثمنه وقيمته وزمنو، ومع ذلك يختلف باختلاف الأذواق والأمزجة والسن والبيئة، ويختلف توب كبار السن في اللبس من توب الشباب.
أبيات شعر وأغاني نظمت في الثوب..
دخل الثوب السوداني في أدبيات الشعر والأغاني السودانية وغني له بعض الفنانين على سبيل المثال أبو العركي البخيت في أغنية الثوب الشهيرة«شفت التوب وما لاقاني أجمل منو هو دا التوب وسيد التوب يكون كيفنو..» وآخر قال: أنا التوب العشاري الباهي. وفي أغنية الموسيقار الراحل وردي في أغنية «القمر بوبا الزراق فوقا تقول حرير». للراحل المقيم أحمد المصطفى في أغنية«الوسيم القلبي رادو شفت كان في توب حدادو..» ما لو لو مرة افتكرني ومالو لو انجز ميعادو. وكذلك الفنان اللحو«شوف عيني الحبيب بي حشمه لابس التوب.. التوب زاد جمالك زينه» لابس الكرب السادة خلت قليبي وسادة»..
التلفزيون وموضات الثياب..
للتلفزيون دور في نشر موضات الثياب إضافة الى تعريف العالم والمجتمع الدولي بالثقافة المحلية حيث تظهر سيدات الأعمال البرلمانيات والممثلات والمذيعات بالثوب الذي يمثل رمز الأصالة ومن خلال المسلسلات السودانية والبرامج التي تم عرضها اخذ الثوب مساحة كبيرة حيث يوجد ثوب مساء الخير وثوب الدهباية وثوب ندى القلعة وهبة المهندس.
عائشة الزاكي:الانتباهة
ومن الأغاني التي قيلت في ثوب الزراق الجميل:ـ إزيرق توب النيله ** منشيلك شيله تقيله @ وهي نوع من الإغاني التي تقدم في الحفلات التي يصحبها الكــرير والحسيس ومنها أيضاً: طويرة الرهود ** علّي صديرك فووووق @@ حمامه جرّي التوب ** خلّ الجراري يرووووق@@ ومع آخر صوت من كلمة يروق من البنات , ينكب الشباب المعدّون للكرير برمي الأصوات التي يخرجونها من حناجرهم مع ضم الكفين مفتوحتين تجاه الفم وإخراج صوت ونغمة جماعية لها دوي ( وهو الكرير ) والتوب النسائي السوداني كان في الماضي مقصوداً به السترة ولذلك كان ثقيلاً لايشف ولا يكشف لأن المرأة عندما تأتي لتشتريه تضع طرفاً منه قبالة عينيها لترى إن كان خفيفاً رهيفاً يكشف عما وراءه كثوب الشاش ( لأن ثوب الشاش غير مرغوب ) أم أنه ساتر ثقيل فتشتريه , أما الآن فقد أصبحت الثياب كما قال الشاعر امرؤ القيس ( …… إلا لبسة المتفضل ) تترك لثخنها وتشترى لخفها وتمدح بأن الثوب يمكن أن يجمع في الكف , ويقال هذا ثوب سهرة وهذا الخرطوم بالليل وذاك (فولومي والعياذ بالله ), ولذلك يُخشى أن يندثر الثوب السوداني ويعوض عنه العباءة وهي أحسن في الستر وأخف في السعر ولا يشترط أن تكون سوداء بل تلبس منها بناتنا الألوان البنية والبيجية والزرقاء وهي تتناسب مع بيئة العمل الوظيفي والسير في الطريق, وينبغي أن تكون فضفاضة طويلة ذات أكمام, غير مخصّرة, تريح صاحبتها وهي طبعاً أفضل من البنطال والإسكيرت غير اللائق لا سيما مع القميص القصير واللاصق على الجسم … وعلى كل حال يخشى أن يكون الثوب والفركة ام صفيحة وتوب الكرب ومصر البيضاء قد لحقت بالرهط ( الرهاط بالهاء وليست بالحاء يا ناس البحر )والحزّامة والشملة والرسوة والحجول وأسورة الفضة والعاج والشنيف ( الزمام ) وامات طـــه !!