هاجر.. التي تحتضن في تقسميات وجهها حزن العالم علي دمار بلدها
هاجر… التي تركت خلفها زوجها، وابنها ذو السبع سنوات، صريعين ضمن قوافل شهداء الثورة السورية، الذين سقطوا على يد جزّار العصر. برميل متفجر واحد، كان كفيلاً بأن يحرمها من شريك حياتها الذي أحبته، ومن فلذة كبدها، إلى الأبد… إلى الأبد.
الألم الناتج عن فقدان أم فلذة كبدها، لا يعادله أي ألم أبداً، فهو عميق لا يزول، ولا يمكن تجاهله، ويتواصل حتى اللحظة الأخيرة من العمر، وهاجر، ليست إلا إحدى تلك الأمهات الثكالى، اللاتي تركن الأرض والوطن وأجساد فلذات أكبادهن، مبعثرة بين غوطة دمشق، وحلب، وإدلب، وسواها من الديار السورية.
كل هاجر منهن، تحمل في صدرها حكاية قهر مريرة، حكاية تسيطر على كيانها، وتغفو تحت أحجار حلب العتيقة… المهدّمة. تحت الياسمين الشامي المغتصب، والريحان الحمصي، الذي تفتت على وقع القنابل البرميلية المقيتة، كلها حكايا تدمي القلب، ويُحكم على أصحابها بأن تبقى أماً ثكلى إلى الأبد… إلى الأبد.
سوريا أو سورية، لا فرق… ما دام التراب هناك عجن بدموع الأمهات الثكالى، بدموع الألم، لا فرق… طالما أننا لن ننسى، بعد الآن، ذلك البلد طوال عمرنا، وسنروي ما جرى فيه لأبنائنا. ذلك البلد، الذي تحمل فيه صدور الأمهات حليباً ممزوجاً بالألم، مثلهن بذلك، مثل بقية الأمهات في العالم الإسلامي، ولا يسعنا إلا أن نقول بأننا أمة لا تقنط من رحمة الله، فالقنوط حرام في ديننا.
الاناضول
خ.ي