رأي ومقالات

خالد التجاني النور : استهتار “يوناميد” بدماء الدارفوريين

[JUSTIFY]”في كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، نؤكد من جديد التزامنا بالحرية الأساسية في تلقي المعلومات والأفكار ونقلها بأي وسيلة، دونما اعتبار للحدود، وهي الحرية التي تجسدها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
بيد أن كل يوم من أيام السنة يشهد اعتداءً على هذا الحق”.
هذه الكلمات جزء من الرسالة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بمناسبة “اليوم العالمي لحرية الصحافة”.
ودعا كي مون” بمناسبة هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، جميع الحكومات والمجتمعات والأفراد إلى الدفاع بنشاط عن هذا الحق الأساسي.
وحرية التعبير واستقلال وسائط الإعلام وإتاحة المعرفة للجميع كلها كفيلة بتعزيز الجهود التي نبذلها من أجل تحقيق نتائج دائمة الأثر لصالح الناس والكوكب”.
المفارقة المؤسفة أن الأولي بالإنصات لهذه العظات الأمين العام نفسه، وأن ينصح بها نفسه ويلزم بها منظمته قبل أن يطالب بها الآخرين.
ومناسبة هذا القول الذي يبدو غليظاً في حق الأمانة العام للأمم المتحدة، أنها تحولت للأسف لتمارس مثلها مثل الحكومات القمعية التعتيم الإعلامي والاستهتار بأرواح البشر، وتعمد تضليل الرأي العام، وهي كلمات لا ألقيها جزافاً، فقد اختبرتها بنفسي قبل بضعة أيام فقط.
فقد تعرضت الأمم المتحدة وبعثتها المشتركة لحفظ السلام في دارفور “يوناميد” لاتهامات خطيرة تشكك في نزاهتها وكفاءتها، وأكثر من ذلك التواطؤ بالتضليل المتعمد لتغطية فشلها الذريع في المهمة الأساسية التي تم تفويضها للقيام بها في إقليم دارفور المنكوب، وتلك هي مسألة حماية المدنيين الذي سجلت فيها ليس عجزاً بيناً فحسب بل ذهبت إلى حد التواطؤ مع أطراف الصراع المختلفة في إخفاء حقائق الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون تحت سمع وبصر قوات “يوناميد” الذين أرسلوا لحمايتهم، وهي لم تفشل فقط في التصدي لمهمة الحماية، بل عملت عمداً تضليل الرأي العام الدولي والمحلي بشأن المسؤولين عن ارتكاب تلك الانتهاكات من أطراف الصراع المختلفة.
هذه الاتهامات الخطيرة ليست مجرد تكهنات ولا تسريبات إعلامية عشوائية، بل حقائق مدعمة بالوثائق كشفتها الشهر الماضي الدكتورة عائشة البصري التي شغلت لأشهر قليلة مهمة الناطق الرسمي باسم بعثة يوناميد في دارفور، ورأت بأم عينها تلك التجاوزات الخطيرة التي تحدث دون أي محاولة جادة لتصحيحها من قبل المسؤولين سواء في رئاسة البعثة أو الأمانة العامة للأمم المتحدة، وهو ما اضطرها في نهاية الأمر إلى الاستقالة، ورفع شكوى بهذا الخصوص إلى الجهات المعنية في المنظمة الدولية ولم تذهب بها إلى وسائل الإعلام إلا بعد مرور عام كامل دون أن تجد أجوبة عليها.
وتأكدت تماماً أن ما ساقته عائشة البصري هو الحقيقة المرة حين رأيت الوجوم على وجه محمد بن شمباس رئيس بعثة “يوناميد” عندما سألته في المؤتمر الصحافي بالفاشر المشترك الذي عقده مع نائب رئيس الوزراء القطري أحمد بن عبد الله آل محمود الاثنين الماضي، عن رده على اتهامات الناطقة الرسمية باسم البعثة السابقة، اعتصم بالصمت حتى أنقذه مستشاره الإعلامي أشرف عيسي بتبرير مفضوح، أن هذا المؤتمر ليس مخصصاً للرد على هذا السؤال، غير أن ما فاجأني أكثر أن عضو دولة ذات شأن في ملف دارفور أقترب مني بعد المؤتمر الصحافي قائلاً: سوالك صحيح في محله”، وكان هذا التعليق أبلغ رد على الصمت المخزي لابن شمباس.
تدثر الأمانة العامة للأمم المتحدة ورئاسة بعثة يوناميد بالصمت غير النبيل لا يمكن تفسيره إلا بأنه دليل على الإمعان في استهتارهما بدماء مواطني أهل دارفور، وعدم احترام للرأي العام السوداني والدولي، وإصرار على مواصلة التآمر والتواطؤ مع أطراف الصراع ضد المدنيين العزل في دارفور، وليت الصحافة الوطنية تقود حملة مكثفة لكشف تلاعب “يوناميد” والأمم المتحدة بمصير الأبرياء في دارفور.

صحيفة التغيير
ع.ش[/JUSTIFY]