نص إفـادات بـاقـان امـوم للمحكمـة «1»
اقتحام المنزل بتاريخ 12/17 العام الماضي تم اقتحام منزلي بواسطة أفراد من كتيبة التايقر عددهم يتجاوز العشرين فرداً، فطلبوا مني و أسرتي أن نخرج من الغرف فخرجنا رأيت في وجوههم علامات الانزعاج الشديد وكانوا يسيئونني ويهددونني بالقتل مباشرة فسألت: من يقودهم وهو شاويش هل لديهم أي أمر قبض علي ؟ فقال لا.
ظننت بأن لهم نية سوداء لمحاولة قتلي وهذا جعلني أتحدث معهم بهدوء، وهم في حالة انفعال شديد نسبة لقدومهم من المعارك ، وتحدثت مع قائدهم في نهاية الأمر استطعتُ إقناعهم ثم خرجوا من المنزل وذهبت معهم وحدثتهم أن يغادروا إلى أماكن عملهم لأن البلد في حالة الاستعداد، عدتُ إلى داخل المنزل ودخلت الغرفة بعد قليل عادوا مرة أخرى إلى داخل المنزل وطلبت زوجتي مني بأن أذهب إليهم وأتحدث معهم مرة أخرى. فذهبت وتحدثتُ معهم فطلبوا مني أن أذهب معهم إلى خارج المنزل فقلت لهم لا يمكن ذلك ثم قالوا لي اجلس فقلت لهم سأجلس في هذا الكرسي فقالوا لا ، عليك أن تجلس تحت في الأرض «في الواطة» ثم وجهتهم بأن ينادوا قائدهم لكي نتحدث معه، فقال أحد «لماذا نتكلم كثيراً ما قلنا نضربوا بطلق و الأمر انتهى» . ثم حضر الشاويش فقال يا «بنج» لا يوجد لنا أوامر لقبضك لكن نحن في العمليات وقال يا «بنج» في هذا الوضع الافضل لك أن تذهب معنا فقلتُ له إلى أين؟ فقال إلى بيت بينج، فقلتُ ياتو بينج فقال :بينج سلفاكير فقلتُ و أولادي وزوجتي وأسرتي وأخواني وخالتي الاثنتين هل يذهبوا معنا أيضاً فقال: لا أنت لوحدك و حراسي وهم من نفس الكتيبة «تايقر» علماً بأنهم أخذوا السلاح منهم أي من حراسي بحكم رفاق العمل وخرجوا مرة أخرى إلى خارج المنزل ودار حوار بينهم حول الاسرة و العربة هل تذهب الاسرة معنا أم نذهب نحن لوحدنا وهل نذهب بعربتي أم معهم في عربتهم وفي اثناء ذلك النقاش وصل الى المنزل أفراد من جهاز الامن الوطني، على ما أعتقد هم ضباط، وأمروا افراد التايقر بتركي وأن يذهبوا الى مكان اخر فقالوا -أي افراد تايقر- بانني زولهم وعليهم اخذي معهم لكن في نهاية المطاف أقنعهم ضباط الامن و تركوني ثم ذهبوا الى خارج المنزل وغادروا المنزل.
جهاز الأمن
بعد ذهابهم قال لي افراد الجهاز سيادتك يجب عليك عن تذهب معنا الى الرئاسة «رئاسة جهاز الامن » .
ثم قلتٌ لهم : هل هذا اعتقال ام سجن ام ماذا فأجاب: حفاظاً على روحك. لان الذي حدث لم يكن موفقاً لك، الافضل أن تذهب معنا وأترك الاسرة. بعد ذلك الحديث ودعت الاسرة و زوجتي و الاطفال ثم ركبت عربتي متجهاً صوب رئاسة جهاز الامن . و تم ادخالي في مكتب العميد بور فليب ففضلني و استقبلني استقبالاً طيباً . وقال: لى بأنني الآن معتقل وطمأنني بأنني كنت ضابطاً في الجيش لذا عادي جداً تحمّل مثل هذه الظروف « ظروف الاعتقال» ولا يوجد اي مشكلة عليك بالجلوس هنا. واضاف قائلاً سنتعرف على الترتيبات لاحقاً بعدها، امر العسكري ان يحضر لي مياه فحضر العسكري الماء فطلبت منه بان أخبر زوجتي بأنني في حوزة جهاز الامن الوطني فوافق ، ثم حاولت الاتصال من هاتفي لكن وجدت خدمة الاتصال قطعت عنه فطلبت منه ان يعطني هاتفه فاعطاني وأخبرت زوجتي بانني معتقل لدى جهاز الامن الوطني وبخير و عافية ثم اغلقت الهاتف. شكرته -اي العميد بور- على ما قدمه لي من خدمة . يوجد في العربة برامج دينية ومكتبة وموسيقة أثناء جلوسنا في المكتب أعطيتهم الى العميد بور وسألني أن أي تلفون اخر فقلت: له أخذه افراد تايقر الذين حضروا الى المنزل ، شربت الماء و خرج العميد بور فليب وتركني مع العميد جون دانيال واثناء جلوسنا مع ذلك العميد سمعتُ أصواتاً لضباط و عساكر حول المكتب يتذمرون حول ما حدث، واستمر ذلك التذمر حتى الليل، تذمر واضح حول ذلك خاصة من قبل تايقر، وتحول لطابع قبلي وزاد ذلك قلقي حول مستقبل البلاد، بعدها بدل العميد دانيال بضابط اخر وهو عقيد قوم ماكور حوالي الساعة العاشرة ليلاً فقال لي : العقيد بأنه سيتم نقلي الى مكان اخر اثناء ذلك كان هناك تلفاز امامي شهادتُ زوجتي تتحدث وتقول: بإنني معتقل لدى جهاز الامن . فكيف للحكومة أن تتحدث بان مكاني غير معلوم لديها مع العلم أن في الاعلام الحكومي قد اذيع خبر في يوم 12/16 بانه ألقي القبض على قيادات للحركة الشعبية متهمين بالضلوع في الانقلاب وقت ذاك كنتٌ في منزلي. وقالوا بانني هارب ومكاني غير معلوم لديهم، وانا داخل منزلي . نشر خبر بأنني هارب وارسال قوة من تايقر الى منزلي يعني ذلك بان هناك خطة ما، ربما كانت محاولة اغتيالي لكن تم الاعلان من قبل زوجتي بانني معتقل لدى الجهاز هذا ما أربك نية من حاولوا الاغتيال. ثم تم نقلي الى منزل د. شرينو ايتانق ما بين العاشرة الى الحادية عشرة ليلاً بقيادة الضابط قيط وهو قائد الحراس. في منزل شرينو وجدت الرفاق اوياي دينق مجاك اقوت ازيكيل لول دينق الور جون لوك قير شوانق شول تونق كوستي مانيبي مدوت بيار بالاضافة الى شرينو ايتانق صاحب المنزل ثم رحبوا بي عرفنا باننا معتقلون بالاتهامات، و محاكم في الاعلام باننا حاولنا الانقلاب و عملنا انقلاباً فاشلاً. في صبيحة اليوم الثاني سألت الرفاق عن من القائم بالانقلاب وأين؟ لكن جميعنا لم نتمكن من معرفة الجهة القائمة بالانقلاب، سمعنا من لسان ممثلي الحكومة و نحن في السجن «منزل شرينو» في ذلك المكان جلسنا للتفاكر في وضعية البلاد، وقيمنا ذلك بأن البلاد في أزمة وطنية خطيرة.
العَلَم
سعادة القاضي في هذا المحكمة ممثل الاتهام قدم علماً بالوان مختلفة ويقول فيه ان لم يكن هناك انقلاب لماذا العلم ووجدوه في منزل رياك مشار .
سعادة القاضي علَمنا الحالي، واقصد علم الحركة الشعبية لتحرير السودان، انا احد الذين قدموا مقترحاً بان يكون علم جمهورية السودان، وهذا من المستحيل ان افكر في تغييره بالوانه الازرق و الاحمر و الاسود و الابيض و النجم الساطع.
هذا العَلم بالنسبة لي لم يكن مجرد قطعة قماش، بل رمز يحمل معاني عميقة، رمز كان يرفرف ونحن نناضل من تحته، هذا العلم رفعته في بقاع كثيرة بدءاً من جنوب السودان حتى شرق السودان، هذا العلم كان يرفرف ونحن في ميادين وطوابير المعارك، وفي ظل هذا العلم وجهت اوامر و تعليمات لكثير من الرفاق ومقاتلي الجيش الشعبي، ودفن رفاق في ظله، ايضاً اخواننا في السودان يشهدون على ذلك اثناء مراسم تشييع الراحل جون قرنق في شهري يوليو 2008 وقالوا السودان بما انه نائب رئيس الجمهورية يجب ان يدفن بعلم جمهورية السودان، ثم ذهبنا بجثمانه الى الهيكل وفي داخل الهيكل قلت لن يغطى جثمان الراحل بعلم السودان يجب ان يغطى بالعلم الذي من اجله ناضل ومات من اجل الحرية والسلام ومات في سبيله يجب ان يغطى بهذا العلم، بما انني كنت على قناعة بان جنوب السودان سينفصل ويصبح دولة حتى ولو مات قرنق . اثناء دفن الراحل نزلت الى المقبرة و رفعت علم السودان ثم غطيت الجثمان بعلم الحركة الشعبية، فعلت ذلك امام كل وسائل الاعلام المرئية و المسموعة وكانت بعض قيادات الحركة يرون بان لا داعي لذلك الجدل حول العلم في الدفن، شعب جنوب السودان خاصة حضر المراسم رأى ذلك بانني كفنت الراحل بعلم الحركة الشعبية، و بعد الدفن سلمت علم السودان الى اوياي ومنه الى الجنرال ملوال مجوك، فلا يمكن بان يكون هناك شخص داخل الحركة الشعبية او حتى داخل حكومة جنوب السودان، يتهمني بتغيير العلم لذا هذا العلم الذي أحضره ممثلو الاتهام لا علاقة لي به ولا علاقة لي به لا في الحاضر ولا في الماضي وحتى في المستقبل ذاتو لذلك اقول بان الاتهام يوجه لشخص آخر غير باقان اموم.
سعادة القاضي
ما يختص بالعَلم لدي معلومة مهمة جداً يجب معرفتها من قبل المحكمة حينما كنت عضواً في البرلمان الوطني عام 2005 تقدمت بمقترح لتبني هذا العلم علماً لجنوب السودان وثنت ذلك العضو تليو اودنقو وتناقشنا حتى تم تبني ذلك العلم لجنوب السودان، من داخل البرلمان كنت اصر على رفع ذلك العلم في كل بقاع السودان، بالتالي سعادة القاضي انا لست جزءاً ولا يمكن ان اكون جزءاً من اي مجموعة تريد السلطة بالقوة، تغيير العَلم لانني فخور بهذا العلم و بالنشيد الوطني الذي يوجد فيه مقطع العلم« شاركت في عملية اختيار النشيد الوطني في البرلمان و فيه اشارة الى العلم شاركت انا واطفالي و اسرتي حتى الجرايد في الخرطوم كتبت بان للمرة الاولى لي أذرف دموع، وكتب الطيب مصطفى بإجحاف في حقي وحق جنوب السودان وتجاهي شخصياً، لذلك أقول امام المحكمة اذا كانت الحكومة و الاتهام يتهمونني بهذا العلم لا أظن ان افعل ذلك عليهم أن يبحثوا في اسباب اخرى او في حاجات تانية.
سعادة القاضي
ممثل الاتهام طلب من المحكمة فرض حكم رادع وخطير جداً ضدنا و المواد الموجهة ضدنا تعتبر اخطر مواد في دستور جنوب السودان، أقول ذلك لان لجنة التحقيق اثناء تحقيقهم معنا سألوني فيما يختص ببيان قيادات الحركة الشعبية، الذي صغناه في دار الحركة الشعبية وقدمناه في المؤتمر الصحفي يوم 6/12.
وسألوني اسئلة محتواها لماذا تقولون بان الحكومة مكونة من قيادات المؤتمر الوطني وفي هذه المحكمة استمعنا الى التهم الموجهة من الاتهام وكان تركيزهم حول بيان المؤتمر الصحفي.
النقد و النقد الذاتي
المؤتمر الصحفي يعد أحد اشغال العمل السياسي، وفي دستور الحركة يعطي حقوقاً و واجبات لاعضاء الحركة، من حق اي عضو التعبير عن رأيه ولا يوجد اي عضو يعارض ذلك الرأي، دستور الحركة يعطي الحق وواجب العمل السياسي داخل الحزب يقوم على الحوار و النقد و النقد الذاتي وأي عضو في الحركة قسم على ذلك بانه سيعمل بكل جهوده لتحقيق اهداف الحركة، دون خوف وأثناء تلك الممارسة لا يوجد خوف ولا مهابة، دستور الحركة يعطي الواجب لكل الاعضاء المشاركة في الحوارات و المنابر العامة، حق تناول القضايا بالموضوعية وبالنقد الذاتي ونحن كاعضاء الحركة يحق لنا نقد البعض ونقد اي رفيق ونقد اداء الحركة الشعبية كلها.
فلسفة الحركة قائمة على النقد و النقد الذاتي، لاننا نؤمن بان في العمل و الممارسة السياسية يتم تطبيق الفكرة و النظرية، و في ذات الممارسة يوجد اخطاء السبيل الافضل لتقدم و تصحيح الاخطاء هو النقد الذاتي.
نحن في الحركة معتادون على ذلك منذه فترة الحرب، اثناء الحرب كنا ننتقد بعضنا حينما نخسر معركة وننتقد قائد المعركة المعنية، نقد البعض في المنابر وداخل الحزب، وهذا سر نجاح الحركة كتنظيم سياسي في جنوب السودان . الحركة لم تكن التنظيم الوحيد في جنوب السودان ونضالات شعب جنوب السودان لم تبدأ بالحركة الشعبية بل بأجدادنا منذه دخول الاستعمار، ثم حاربوا وقتل الكثير منهم وسجن آخرون وانيانيا «1» وقبلها مؤتمر جوبا، لكن الحركة هي التنظيم الوحيد الذي استطاع ان يحقق الحرية لشعب جنوب السودان، من اسرار ذلك النجاح هو النقد و النقد الذاتي داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان.
بننتقد بعض حتى الرئيس إن اخطأ يتم انتقاده، في تاريخ الحركة نجحنا لاننا ننقد بعضنا، عدم النقد كان نقطة تعثر الحركة و تأخيرها ونقطة عدم التقدم فيها.
في عام 1991 د.رياك مشار ود.لام اكوال خرجا وقالا: لماذا يجب رحيل قرنق وطلبت بعض القيادة معهم الاجتماع لمناقشة وحل تلك الازمة لكنهم رفضوا ذلك ثم قرروا الاستيلاء على قيادة الجيش الشعبي و الحركة الشعبية بقوة السلاح، نتيجة ذلك كانت ألم وخسائر كثيرة وسط الطرفين، والحركة الشعبية بصفة خاصة. لكن في النهاية الامر جلس الطرفان في طاولة الحوار قرنق و رياك ثم اتفقوا على الحوار و عادة المياه الى مجاريها اي توحدت الحركة مرة اخرى وفي العام 2004 سلفاكير نائب رئيس الحركة اعترض على سياسات قرنق وقال: بانه انفرد بالسلطة بل تم إهماله وتهميشه من قبل القيادة، و ارتكز في منطقة ياي، هذا الموقف كاد أن ينشب أزمة أخرى داخل القيادة، لولا حكمت قرنق وحنكته السياسية، سرعان ما استدعى كل قيادات الحركة في رومبيك لاجتماع عام لمناقشة ذلك الموقف وفي ذلك الاجتماع تم نقد كل من د. جون قرنق و سلفاكير لكن اخيراً اتفقنا ولقرنق حديث مشهور يقوله كل بعد اجتماع « نفتح صفحة جديدة مع الاخذ في الاعتبار كل اخطاء الماضي».
فالنقد الذاتي يعتبر أكبر مصدر قوة للحركة الشعبية، وعضوية الحركة معتادة على ذلك، حتى شعب جنوب السودان متعود على ذلك التعامل مع حكومة جنوب السودان و مع القيادة معاً.
مؤتمر صحفي
بتاريخ 6/12 عقدت مجموعة من قيادات الحركة الشعبية، اعضاء المكتب السياسي، ومجلس التحرير، ووزراء سابقين في الحكومة، مؤتمراً صحفياً وكانت هناك قضايا بسيطة تحتاج لنقاش ولحل من قبل القيادة، هدفهم كان واضحاً و مضمّناً داخل بيان المؤتمر ، وهو ان الحركة انحرفت عن مسارها، و يوجد تهديد لمجموعة من السياسات تحتاج لتغيير و تصحيح، سواء ان كانت سياسات تخص الحركة الشعبية كمنظومة سياسية، او سياسات الحركة في الحكومة وفي البيان وضحنا آلية تغيير تلك السياسات وقلنا، توجد أخطاء هنا و هناك وكيف يمكن تغييرها وقلناها عبر الحوار السياسي و النقد الذاتي.
سعادة القاضي
هذا المؤتمر كان في دار الحركة مصرح به من قبل الحكومة، حتى العمل السياسي للأحزاب مسموح به في دارها دون اذن، لا يوجد أي شيء في المؤتمر يدعو أو يعرض الجيش ضد الدولة، بالعكس عبرنا في المؤتمر عن مخاوفنا إزاء استمرار تلك السياسات، ربما يؤدي الى نفق مظلم ودخلنا في ذلك النفق الآن.« قد يقودنا إلى كارثة وقادنا إلى الكارثة الآن».
نواصل
صحيفة الإنتباهة