حوارات ولقاءات
د. أمين مكي مدني : من المفيد أن تلجأ الحكومة لتفعيل المادة (16) ولا بأس من قيام محاكم هجين والاستعانة بقضاة متقاعدين
من المفيد أن تلجأ الحكومة لتفعيل المادة (16)
لا بأس من قيام محاكم هجين والاستعانة بقضاة متقاعدين
تحسين الأوضاع على الأرض قد يؤدي لسحب القرار
بعد صدور قرار المحكمة الجنائية القاضي بتوقيف الرئيس تبادرت للاذهان الكثير من التساؤلات التي تتلمس في مغزاها كيفية الخروج من مأزق القرار وماهو السيناريو المتوقع وماهي امكانية احتواء القرار دبلوماسيا وقانونيا (السوداني) طرحت كل هذه التساؤلات على الخبير القانوني د.امين مكي مدني اضافة لموضوعات اخرى حيث اكد في حواره مع السوداني ضرورة تفعيل المادة (16) باعتبارها المخرج الوحيد من الازمة مشيرا إلى ان التأجيل يعطي فرصة لاثبات حسن النوايا للحكومة الامر الذي قد يضطر مجلس الامن لسحب القرار ودعا د.امين مكي مدني الحكومة انفاذ نصوص اتفاقية السلام وتوسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار لارساء دعائم الوفاق الوطني، التفاصيل عبر الحوار:-
* د.امين مكي مدني بعد ان اصدرت المحكمة الجنائية قرارها بتوقيف الرئيس البشير ماهي الخطوة التي ستلى ذلك؟
اعتقد ان المحكمة الجنائية لا تمتلك آليات تنفيذ لقرارها لكنها تسعى بكل الطرق لانفاذه فاذا لم تستطع ستقوم بكتابة اخطار لمجلس الامن بانها فشلت في تفعيل قرارها.
* في حالة فشل المحكمة ورفع الملف مرة أخرى لمجلس الامن ماهي التدابير التي يمكن ان يتخذها مجلس الامن؟
الحكومة لها حق الاستئناف والتأجيل بموجب المادة (16) ولا ادري لماذا لا تريد الحكومة ان تلجأ للمادة (16) فهي تعطي مجلس الامن حق التأجيل لمدة عام ثم يتجدد لعام آخر.. الخ.
* الحكومة ابدت رفضها القاطع للتعامل مع المحكمة الجنائية وتركت الباب مفتوحا للجامعة العربية والاتحاد الافريقي واصدقائها من اوروبا لاحتواء القرار إلى اي مدى يمكن أن تحقق هذه الجهود نتائج ايجابية؟
بالرغم من ان علاقة هذه الجهات المذكورة بالسودان علاقة حميمة وراسخة الا انها ستواجه باعتراض الدول الثلاثة دائمة العضوية في مجلس الامن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة على التأجيل علما بان مبدأ التأجيل كان مرفوضاً قبل اصدار القرار فالسؤال الذي يتبادر للاذهان هل هذه الدول في موقف قريب من حيثيات التأجيل اذ ان سلطة التأجيل لا يعطيها مجلس الامن كمنحة وانما تعطى للموازنة بين تحقيق العدالة والسلام فهنا نشأت مسألة جدلية فهنالك من يرى ان العدالة يجب ان تتحقق قبل السلام وآخرون يرون ان السلام يجب ان يكون اولا لكن في الحقيقة الاثنان وجهان لعملة واحدة ولكي يوافق مجلس الامن على التأجيل لابد من تفسير المعطيات الماثلة على الارض وتحقيق السلام في دارفور من خلال ترتيبات حقيقية لاعادة النازحين لقراهم التي تركوها بسبب سوء الاوضاع الامنية والمعيشية وتأهيل المدن والطرق وتعويض الاسر والافراد التي تضررت من الحرب وفقدت عائلها مع ضرورة ان تقوم الحكومة بتفعيل العدالة المحلية خاصة ان اللجنة الوطنية التي كونت من قبل لم تفِ بالشئ المطلوب ولم تتم اي محاكمات لمرتكبي جرائم الحرب في دارفور اذا مطلوب من الحكومة الان الجلوس مع كافة العناصر المسلحة والقبائل العربية ومكونات الاقليم الاخرى على ان يتم الخروج باتفاق مرضٍ لكل الاطراف وبعد ان تكتمل كل مقتضيات السلام تصبح الاجندة هي المصالحات الوطنية والتقسيم العادل للثروة والسلطة عن طريق العدالة الانتقالية التي طبقت في جنوب افريقيا وتورينتو والقيام باعادة تأهيل البنيات التحتية التي دمرتها الحرب الامر الآخر والاهم اجراء جلسات مواجهة علنية يتم من خلالها اعتراف الذين ارتكبوا جرائم حرب وانتهاكات في حق المواطنين واعتذارهم عن ذلك مقرونة بتعويض للضحايا الذين فقدوا ارواحهم واطرافهم وذويهم وممتلكاتهم اضافة لذلك فتح مؤسسات التعليم والصحة فاذا تمت كل هذه المطلوبات باتفاق الطرفين فان ذلك سيجعل اعضاء مجلس الامن حتى المتشددين يوافقون على التأجيل لان العدالة والسلام اصبحا يسيران في خط واحد وهنا ينتفي السبب الذي من اجله رفع مجلس الامن ملف دارفور للمحكمة باعتبار ان ما يجري في دارفور هو مهدد للامن والسلم الدوليين كالذي حدث في رواندا ويوغسلافيا حيث ساندت المانيا الكروات وروسيا الصرب والدول الاسلامية البوسنا وتم قياس الوضع في السودان بانه يهدد الامن والسلم الدوليين لوجود عناصر في الاقليم من ليبيا وتشاد.
* ذكرت ان العدالة والسلام يسيران في خط واحد هل بامكان القضاء السوداني محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والانتهاكات في حق المواطنين في دارفور اجراء محاكمات عادلة تكون نتائجها مقبولة للمجتمع الدولي الذي يعتبر انه فات الاوان على انشائها الامر الذي ادى لتدخل مجلس الامن؟
في تقديري ان القضاء السوداني قادر على تحقيق العدالة لو كان هناك قرار سياسي حقيقي ويمكن ان تثري المحاكم ببعض القضاة الاكفاء من المتقاعدين وكذلك انتداب بعض الكفاءات من الخارج وبالرغم من ما يقال بان القضاء السوداني غير مستغل ويعمل باشارات من السلطة التنفيذية الا انه مازالت هناك عناصر نزيهة وملتزمة بالقانون واسس العدالة.
* هناك مقترح بتكوين محاكم هجين إلى اي مدى يمكن ان تنجح في مهامها؟
هذا الطرح تقريبا تم من بعض الدول سيراليون وكمبوديا وتيمور الشرقية ويعمل بصورة جيدة.
* قلت ان تغيير الاوضاع على الارض قد يجبر مجلس الامن والدول الاعضاء المتشددة لقبول التأجيل لكن اذا لم يحدث ذلك فما هو السيناريو المتوقع من مجلس الأمن؟
المادة (13) تعطي مجلس الامن الحق في اتخاذ اجراءات عقابية سياسية واقتصادية تشمل منع الصادرات والواردات وعسكرية ودبلوماسية ومقاطعة ومن ثم تصبح البلاد في حالة حصار كامل وفي الآخر ربما يضطر مجلس الامن لاختيار الخيار العسكري وهو التدخل العسكري بموجب الفصل السابع وهذا الخيار تترتب عليه نتائج خطيرة ومدمرة وقد اثبت فشله في افغانستان والعراق.
* هناك جدل كثيف حول سفر الرئيس باعتبار (ربما) يتم القبض عليه في طائرته اثناء اي سفرية هل بالامكان ذلك؟
الدول المصادقة على ميثاق روما ملزمة بتطبيق قانون المحكمة وغير المصادقة اذا طلب منها مجلس الامن التعاون فهذا متروك للدولة اما ان تتعاون او ترفض فالتحدي الاساسي في سفر الرئيس للقمة العربية في الدوحة لكن قطر اصلا غير مصادقة ويمكن ان ترفض التعاون او تقبله وليست كل الدول تفي بالتزاماتها فاحيانا قد تغلب مصالحها الوطنية والاقليمية على قرار المحكمة.
* هل من الممكن الغاء القرار نهائيا خاصة ان الحكومة تصر بان المحكمة ليست ذات اختصاص وانها لم تصادق على الميثاق؟
لا يمكن الغاء القرار الا بواسطة الاستئناف او يذهب قضائيا للمحكمة الأعلى.
* ماهي الناتج المستفادة من وقوف الصين وروسيا مع السودان في ظل تشدد الدول الثلاثة دائمة العضوية ضد التأجيل؟
مع ان هذه الدول تمتلك حق الفيتو لكن لا يمكن الاستفادة من هذا الفيتو حاليا لأن هناك طلباً جديداً هو ارجاء القرار فعلى اصدقاء السودان ان يقنعوا دول الغرب الثلاثة بذلك ويمكن الاستفادة من فيتو الصين وروسيا عندما يقرر مجلس الامن فرض عقوبات.
* ماهي التأثيرات التي يمكن ان يحدثها قرار طرد المنظمات الاجنبية على مساعي احتواء القرار؟
قرار طرد المنظمات بنى على اساس انها عميلة وجاسوسة للدول التي اتت منها وفي تقديري ان هذا القرار سيبطئ من تفعيل المادة (16) ويعتبر عنصراً جديداً كان من الممكن لأوكامبو بناءً على المعلومات التي قدمها ان يكون عاملا في تقدير ما اذا كانت رؤية مجلس الامن للموقف على الأرض مستقراً أم مازال سيئاً.
* عموما كيف يمكن تجاوز أزمة القرار؟
المخرج هو السعي لتفعيل المادة (16) والتي تعطي من خلالها الحكومة فرصة سنة لاثبات حسن النوايا ولو حدث ذلك ربما يلقى القرار نهائيا فالمأزق الذي نعايشه الآن ليس مأزق الرئيس ولا الحكومة بل السودان كله فهنالك مقتضيات ضرورية لابد اخذها من جانب الحكومة في الاعتبار وهي انفاذ نصوص اتفاقية السلام الشامل والدستور الانتقالي فيما يخص مسألة التحول الديمقراطي واكتمال قيام بعض المفوضيات التي نصت عليها الاتفاقية وتهيئة الجو الديمقراطي لاجراء الانتخابات وتوسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار وبلورة موقف من الشروع الفعلي في اتخاذ القرارات بشأن قضية دارفور بمشاركة ابناء الاقليم والقوى الرئيسية.[/ALIGN]