حوارات ولقاءات

الشفيع خضر: نراهن على جيوب المواطنين لإقامة المؤتمر العام

ينتظر (الشيوعيون) المؤتمر العام السادس بفارغ الصبر, فالمستقبل ربما يحمل في طياته الكثير والمثير، فدعاوى التجديد باتت أقرب من حبل الوريد للحرس القديم، وتيار الحداثيون في الحزب أصبح صوته عالياً, كما أن هنالك الكثير من القضايا المتعلقة بالشأن الداخلي للحزب ستطرح أمام المؤتمرين وخاصة قضية الدماء الشابة التي يطالب بضخها الكثيرون في عضوية اللجنة المركزية إضافة الى قضايا الراهن السياسي التي يبدو موقف الحزب فيها ضبابياً بعض الشيء، ومصير تحالف قوى الإجماع الوطني بعد اتجاه أكبر أحزابه «الشعبي – الأمة» صوب الحوار مع الحكومة..
للإجابة على كل تلك التساؤلات (الوطن) جلست مع الشفيع خضر عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي السوداني، وأحد أبرز المرشحين لمنصب السكرتير العام للحزب.. بيد أن الرجل كان قاب قوسين من تبوء هذا المنصب الرفيع عندما اختارت اللجنة المركزية محمد مختار الخطيب ليكون خلفاً للراحل «نقد» حينها واجه الشفيع معارضة ضارية من قبل الحرس القديم رغم أنه يرتكز على الدماء الشبابية ودعاة التجديد، الآن الخارطة البرامجية ربما طرأت عليها بعض المستجدات التي قد تتدفق في «منبع» «الخضر»..!
٭الحزب لا يزال يتمسك برأيه الرافض للحوار.. نريد أن نعرف الأسباب والمسببات؟
– أولاً نحن لسنا ضد (الوطن) أو المواطن.. ولكن لنا رؤية واضحة ومطالب، وقبل ذلك أن قرار تلبية الدعوة أو رفضها قرار يمتلكه الحزب، نحن اجتمعنا وناقشنا المسألة من كل الجوانب إلاّ أننا رأينا أن هنالك عقبات لابد من إزالتها وحسمها كخطوة استباقية للمشاركة في الحوار خاصة أن الدعوة جاءت في وقت لا تزال فيه القوانين المقيدة للحريات موجودة بجانب أن هنالك من يقبعون في المعتقلات والسجون..
٭ ألاّ توافقني الرأي أن تقارب الشعبي والوطني كان سبباً في ترك معقد الحزب شاغراً بالمائدة المستديرة؟
– الاستقطاب والاصطفاف في الظروف الحالية خصماً على الوطن ويضر بوحدته، نحن في ظروف تتطلب البحث عن قواسم مشتركة لمختلف المدارس السياسية إذ أن البلاد تعاني من أزمة مفصلية يمكنها أن تقود الى حرب أهلية خاصة أن الأسباب المتعلقة بتقاسم السلطة والثروة موجودة, حيث لا تزال هنالك شكاوى في الهامش من أن هنالك حزب واحد مسيطر على السلطة والثروة ما يقارب عن ربع قرن دون أن يساهم مساهمة حقيقية في تقديم منفعة وخدمات للمواطنين..
٭ كثيراً ما يلجأ حزبكم لإقامة تحالفات الآن أنتم ضمن منظومة تحالف قوى الاجماع؟
– أيّ حزب أو منظومة لها سياساتها وتكتيكاتها.. لكن هنالك من يتحدث بأن تحالفاتنا ناتجة عن ضعف، هذا فهم خاطيء ونرى أن المشكلة السودانية تتطلب تشكيل أكبر جبهة للتصدي للأزمة, فالحزب الشيوعي أقام العديد من التحالفات، فمثلاً في الستينيات تحالف الحزب ضمن كتلة تجمع المعارضة مع الإمام الراحل الصديق المهدي..
٭ البعض يتهم الحزب بأنه يعادي الأديان؟
– هذا كلام غير صحيح وربما هنالك من ظلّ يعادي الحزب ويلفق اليه مثل هذه التهم، فهنالك انتهازيون يستغلون ويترصدون لخلق رأي عام سالب تجاهنا.. ولكن الشعب السوداني الذي نراهن عليه يدرس الصالح من الطالح..
٭ هل يمكن أن يكون هنالك تزاوج بين الإسلام السياسي والنظرية الماركسية؟
– أنا افتكر أن الأصل في قضايا الشعوب هو سيادة العدالة وحكم القانون والديمقراطية واحترام الرأي الآخر، فهذه القضايا قد تسفر عن صراع.. ولكن هذا الصراع هو في الغالب صراع اجتماعي على الأرض وليس صراعاً بين الأرض والسماء، وقد تكون هنالك قواسم مشتركة بين القواعد.. ولكن من الصعب التعامل مع مجموعات ظلت تخون قواعدها، وأن يكون كل همهم السلطة وزيادة الكسب هذا عطفاً على تباعد المفاهيم..
٭ هل هذا التباعد كان كافياً حسب رأيك برفض الحوار؟
– سبق وأن أجبت على هذا السؤال، ويمكن أن أقول نحن عندما قدمت إلينا الدعوة لم نرفضها أو نقبلها بل احتكمنا الى قرار الحزب الذي أعلن موقفه بهذا الشأن بعد اجتماعات استمرت لساعات وليالي..
٭ هنالك حديث حول مخالفات مالية بالحزب؟
– أموال شنو، كل تلك الأقاويل والأحاديث هي هطرقات لا أساس ولا وجود لها في أرض الواقع، والمعلوم لكل الناس أن حزبنا ليست لديه أموال، وهذه مفهومة لدى عامة الناس فتأريخياً لم يرتبط في أذهان الناس أن الحزب الشيوعي يمتلك أموال أو شركات أو عمارات فأصحاب هذه الأشياء معلومون لدى الشعب السوداني..
٭ وماذا بشأن مبلغ الـ 200 مليون الخاصة بإحدى جمعيات الحزب الخيرية؟
– نحن نعرف من أطلق تلك الفرية وسربها الى الإعلام.. ولكن الشعب أذكى من أن يصدق مثل تلك المخططات التي لن تقتل ذبابة ناهيك عن اغتيال حزب بحجم الشيوعي..
٭ ولكن الحزب ارتبط في أذهان الشعب الذي تتحدث عنه بالالحاد؟
– كل حر في رأيه وأيضاً لكل شخص اعتقاده ولكن الذي نعرفه هو أن الشعب السوداني لديه ذاكرة جيدة ويحفظ المواقف ولديه بصيرة لتمييز ما هو صالح وماهو طالح..
٭ ولكن الحزب لا يزال يمارس سرية العمل مما يجعل أفكاره محصورة في أعضائه فقط؟
– الأصل في العمل السياسي هو الإعلان والعلن.. ولكن هنالك ضرورة تحتم على الحزب أن يمارس العمل السياسي تحت باطن الأرض وهذا ربما تقتضيه ظروف القمع والقهر وأن الذي لا يعلمه البعض أن حزبنا لا يمكن لأيّة جهة أن تحد من نشاطه ولا نضاله ونحن اكتسبنا خبرات تراكمية في مجال العمل السياسي..
٭ الحزب يعاني من مشكلات وصراعات داخلية عديدة ربما هذه الصراعات تقعد الحزب من بلوغ مراميه؟
– أيّة منظومة لو ما فيها خلاف حول قضية محددة فلن تتطور هذه المنظومة وربما يكون هنالك خلاف حول بعض القضايا، وهذا قد يكون بسبب اختلاف الأساليب والمناهج والمهم في الأمر هو تقبل الرأي الآخر، وأن لا يفسد الود.. تحفظ المواقف واعتقد أن حزبنا لديه مواقف يحفظها جيداً، والحديث عن كفر والحاد الحزب هنالك أيضاً من يسعى الى استخدامه لأغراض سياسية معروفة..
٭ لكن ذات الذاكرة الشعبية تحتفظ بحديث الإفك الذي كان سبباً في طرد نواب الحزب من البرلمان؟
– أنت تتحدث عن حادثة حصلت في ستينيات القرن الماضي، ولعل وقتها ابدى الحزب رأيه والآن ذلك التصرف قد رجع على أصحابه، والشعب الآن لا يتحدث عن كفرنا حسب اعتقاد البعض وإن الذين تآمروا بطرد الحزب هم الآن تقدموا إلينا بما يشبه الإعتذار عن ذلك التصرف..
٭ لكن أنت وبعض الرفاق تطالبون بضرورة التجديد وإزالة الكثير من المفاهيم التي لا تتماشى مع المواكبة؟
– أنا مع التجديد.. لكن شريطة أن أقنع الآخرين بما أطرحه من أفكار وشخصياً لديّ أطروحات كاملة ربما ستتم مناقشتها في المؤتمر العام القادم..
٭ رغم انهيار المعسكر الاشتراكي إلا أن الحزب لا يزال متمسكاً بالاشتراكية؟
– تأثير الحزب بانهيار المعسكر الاشتراكي كان في إطار ضيق ونحن أجرينا مراجعات واسعة حول الأفكار والخطط البرامجية بعد الانهيار لتفادي سلبيات ما حدث في المعسكر الاشتراكي..
٭ وفقدتم بالتالي الدعم اللوجستي والمادي؟
– لم نفقد شيئاً غير أننا كنا نرسل بعثات من الطلاب السودانيين للدراسة على نفقة تلك الدول.. ولكننا لم نتلقَ دعماً مباشراً ..
٭ الحزب مقبل على قيام المؤتمر العام كم من المليارات بداخل خزينة الحزب؟
– ليست لدينا خزنة حتى تكون لدينا مبالغ مالية، كل ما في الأمر سوف نسعى الى جمع أموال التسيير من جيوب الشعب السوداني الذي نراهن عليه..
٭ 41 عاماً ولم ينجح الحزب في عقد مؤتمره العام، هل هناك تقصير أم أن الأمر متعلق بالحريات؟
– نعترف أن هناك بعض القصور.. ولكن السبب المباشر هو أن سياسة القمع والقهر كانت سبباً مباشراً في تأخير انعقاد المؤتمر..
٭ كيف تجري الترتيبات لعقد المؤتمر السادس؟
– تمّ تشكيل لجنة تحضيرية للإشراف على لجان أخرى تعمل في إعداد التعديلات على دستور الحزب، وهذه أنهت عملها وهناك لجان خاصة بكتابة التقرير السياسي والذي حول القضايا التنظيمية وهي قاب قوسين من الانتهاء من عملها، بجانب أنه تمّ تشكيل لجان مناط بها تنظيم ندوات ومهرجانات ثقافية وأخيراً تمّ تشكيل لجنة تبرعات ستطوف على كل الشعب السوداني لأخذ التبرعات..
٭ تعددت الروايات حول ليلة القبض على نقد في تلك الزيارة التي قام بها اللواء صلاح قوش، أين الحقيقة؟
– الحقيقة هي أن الحزب قد اتخذ قراراً بخروج نقد من مخبئه، وحدد سقفاً أمنياً ونقد بدأ يتحرك وقتها في مساحات واسعة، وليس نقد وحده من كان بعيداً عن انظار النظام، فهناك سليمان حامد وآخرين، ونحن لم نتفاجأ بتلك الواقعة لأن نقد قد خرج من مخبئه فعلاً وكان مغادراً الى منزله وقبل الذهاب هناك ترتيبات خاصة به لا يمكن أن يحد أحداً من حريته..
٭ إعدام عدد من قيادات الحزب في فترة الرئيس نميري أضعفت الحزب وأفقدته التوازن الى الآن.. تعليقك؟
– تمّ إعدام القادة الثلاثة عبدالخالق محجوب، والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق، وهنالك آخرون ماتوا لاحقاً متأثرين بالسجون مثل قاسم أمين وعباس علي.. ولكن الذي قد لا يعلمه الكثيرون هو أن الحزب عقد اجتماعاً بعد شهر وانتخب قيادات جديدة ولا يزال يمارس دوره بل كان له أثر كبير في انتفاضة مارس/ ابريل..
٭ البعض يرى أن وفاة نقد تركت أيتاماً؟
– نقد ترك تراثاً وبموجبه يمكن أن يعوض فقدانه الذي هو فقد للشعب والوطن، ولعلّ الظروف الآن أكثر ملاءمة من فترة السبعينيات..!

حوار: عبدالرحمن حنين–الوطن

‫2 تعليقات

  1. جيوب المواطنين مقدود شوفو جيبوبكم ولا اقول ليكم حاجه ماف داعي اصلا للمؤتمر العام لان الشيوعيه خلاص في روسيا بقا ماضي

  2. أهم جند يجب أن يتناوله اجتماع الحزب القادم هو تغيير الإسم الشاذ الوافد والغريب (الشيوعي) الذي يبغضه الشعب السوداني والثقافة الإسلامية والقيّم الدينية لا سيما بعد ذهاب الوثن الجنوبي من البلاد؛ كذلك يجب أن يطرح الحزب برنامجا يخاطب الثقافة الرأسمالية المنتشرة والحروب العرقية بالبلاد ويقنع الآخرين بجديته لا سيما بعد تجربة الحزب الشيوعي الصيني لرأسمالية الدولة التي ركّعت أمريكا إقتصادياً وتهدد بتلاشي الرأسمالية التقليدية؛ كذلك يجب أن يعلن الحزب موقفه من مسألة الدين والإيمان بالله والشريعة المطبقة في البلاد وأن يتخلى عن مقولة ” الدين أفيون الشعوب” ومقولة “لا إله والحياة مادة” التي عفا عليها لزمن وأثبت الواقع والعلم الحديث خطلها وسذاجتها؛ واسألو “بوتين”..