فدوى موسى

اندهش يا زول!

اندهش يا زول!
[JUSTIFY] أقصى منانا أن نحس الدهشة بشيء من الفرح والابتهاج، لأنها باتت عصية جداً.. صار كل شيء مستحيلاً وممكناً وراداً وشارداً لا يستطيع كائناً منا في ظل هذا المدى الواسع بين الثنائيات المحال والجائز، أن يندهش بعمق.. فالحساسات العميقة صارت على مرمى الإيجاب والسلب بمسافات متقاربة مع الاختلاف في الاتجاه.. هل هي حالة يأس أم تسليم ورضاء.. في الغالب الأعم هي حالة بؤس وتداعٍ مع المقولة الرائجة «زي ودار جمل نسيبتو إن لقاهو غنى وإن ما لقاهو غنى».. وهي حالة ضعف يتسم بها الكثير منا، وخطورة الحالة أنها تبدي كل الأشياء في معيار الاستواء «ما فارقة».. إذن هو إذعان نفسي بغيض، وإفراغ لجوف الإحساس في لا متناهيات من توالي العبث بدوره ينعكس على كل إيقاع الحياة.. لأن الآخرين المندهشون غالباً ما يتجاوبون مع الحياة بانفعالية تحدث التجاوب والتناغم..«أنا اندهش.. أنا إذن موجود».. لذلك يجب أن نندهش لحالنا، نتكلم عن كل شيء وتمامه.. صحتنا تمام والأطفال المصابون بالسرطانات تزداد معدلاتهم، ويحاول أهلهم- خاصة البؤساء- أن يجدوا الجرعة من بعد الجرعة أليست هي حالة اندهاش في ظل أموال طائلة تذهب إلى غير مواضعها ومحال مصارفها.. نتحدث عن التعليم المحوسب والكثير من أبناء المدارس يبحثون عن الإجلاس والطبشورة والسبورة، ويربطون بطونهم بالصبر.. نتحدث عن القيم والأخلاق ونحن نقدم أسوأ أنواع الأنانيات وحب الذات، ومحاولات الاستحواذ على كل من يمتد أمامنا.. أليست هي الدهشة.. إذن لماذا لا نندهش.. لماذا هذا البرود الذي يقولون عليه انجليزي.

سألت صديقتي عن سر عدم الاندهاش فردت عليّ بكل تلقائية «يا ستي.. تقوم تندهش قدام الناس يقومو يستصغروك.. لازم تكون مفتح وواعي لا تظهر اي إحساس تجاه مواقفهم والدنيا والحياة.. الناس بقت حقارة والبيلقى فيك فرصة يستغلها، عشان كدا لازم تكون ما مندهش أصلاً».. لم أجادلها في هذا المنطق، لأنني كثيراً ما أبلع الدهشة وأهامس نفسي «معقولة بس».. لم يكن الموقف أمامي فرصة للاستغراب إن رأيته يحادث خطيبته منكراً عليها جمودها وعقلانيتها وواقعيتها المفرطة، وهي تعلن عليه الجدية لتجهيز عش الزوجية.. فيطالبها قائلاً «ادهشيني يا زولة.. كل يوم أظهري لي إنك إنسانة مختلفة» ترد عليه «يا زول خلي العوارة والهبل البتعمل فوقو دا قول لي جبت القسط وللا لا».. «معقولة بس».. وليس ببعيد عن هذه الثنائية المستقبلية أن تقف امرأة وكلماتها تغالب حرارة الطقس وهي تتقيأ كلاماً بغيضاً تجاه الأخرى، وتخرج عليها كل نفايات القول والعبارة، والناس يدعون الاندهاش من حولنا ويلتفون لفك الارتباط ما بين الصديقتين الحميمتين، والموقف للمرة الأولى التي تكتشف فيها الصديقة إنها صديقتها العزيزة تزوجت زوجها سراً، وإنها تنكر عليها كل هذا الانفعال.. «ليه هي زعلانة.. كدا كدا اصلو كان حيعرس عليها.. تفرط تخسر.. أحسن وأولى أنا من غيري على الأقل اسمى صاحبة مرتو الأولى».. فهل هذا سبب للدهشة «يا لك من امرأة مسكينة المدهش شنو.. تغمضي عينك ينشلوا زوجك..»

٭ آخر الكلام:-

أقول ليكم قولة.. أحسن تندهشوا.. عشان ترتفع عندكم كل معدلات النبض والحياة وتجربوا كسر الجمود والرتابة.. يعني شنو تبقوا واقعيين أكثر من اللازم.. وعاملين فيها مفتحين.. قال ليهو «إنتوا كان قايلين نفسكم واقعين من السماء.. نحنا يا هو الدفرناكم.. يللا ادفروا لقدام ورا مأمن».

[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]