جعفر عباس

كيفية النضال ضد الدلال

كيفية النضال ضد الدلال
[JUSTIFY] حدث أكثر من مرة ان كنت أزور صديقا أو قريبا وفوجئت بأن أحد أطفاله يتكلم معه بوقاحة، أو يصرخ ويبكي لسبب تافه.. مثل تلك المواقف تجعلني أحس بالحرج لأنني أكون شاهدا على موقف عائلي أظهر ضعف شخصية الأب او مدى دلع ودلال ووقاحة الابنة/ الابن.. وقرأت مؤخرا عرضا لكتاب عالمة النفس الكندية ماغي مامن وعنوانه «متلازمة الطفل المدلل Syndrome the pamperd child» وفيه حكاية فتاة في الثالثة عشرة تقيم سلفا علاقات جنسية مع «عدد» من الشبان (بالجملة) وتتعاطى المخدرات وتغيب عن البيت لعدة أيام.. وعندما عاتبها والداها على سلوكها، حاولت الانتحار، وما لفت نظر الدكتور ماغي مامن في أمر هذه الفتاة الكندية أنها تنتمي إلى أسرة ميسورة الحال ووالداها يحملان درجات علمية رفيعة، ولكنهما أفسدا البنت بالتدليل المفرط، بجعل جميع طلباتها مستجابة، وعدم زجرها عند تجاوز الخطوط الحمراء التي يعرفها حتى الأميون من الآباء والأمهات.. والطفل المدلل «الدلوع» يعتقد ان له من الحقوق مثل ما للكبار، وأنه ليس من حق أي شخص آخر ان يأمره بفعل او عدم فعل شيء، حتى لو كان ذلك الشخص هو أحد الوالدين أو شقيقة/ شقيق أكبر.
وتنصح الدكتورة مامي الآباء والأمهات بالتحلي بدرجة من الحزم في التعامل مع الصغار حتى يدركوا ان الوالدين هما «الإدارة» وأنهم -أي الصغار- مجرد «متدربين»، وتبعا لهذا لا بد من التمييز الواضح بين النصائح والأوامر: عندما أطلب منك إغلاق التلفزيون وأداء الواجبات المدرسية فهذا أمر وليس رجاءً.. مفهوم؟ هس ولا كلمة.. ولكن عندما تقول لبنتك او ابنك: لا تخرج من الحمام قبل ان تنشف جسمك جيدا، فهذه نصيحة.. ولكن ماذا إذا كنت سلفا قد دللت طفلك وصار عنيدا يركب رأسه ويقلب الدنيا فوق تحت كلما رفضت له طلبا او عارضته في أمر؟ هنا تأتي مرحلة الأفعال وليس الأقوال.. واكتشفت بعد قراءة أفكار الطبيبة الكندية، ان أمي كانت تنتهج الأساليب التي توصي بها، رغم أنها أمية مع سبق الإصرار، فعندما كنت أعبر عن غضبي برفض تناول وجبة ما (وهذا سلاح يستخدمه الأطفال في كل العصور)، كانت أمي تتجاهلني تماما ثم تتخلص مما تبقى من طعام بتقديمه لدجاجاتها البائسات أو إرساله إلى الجيران، وكان هدفها من ذلك إفهامي أنه لا سبيل أمامي لتغيير موقفي: رفضت الأكل في موعد الأكل وبالتالي ستحرم من الوجبة نهائيا وعليك انتظار الوجبة التالية! خذ في الاعتبار أنه لم تكن هناك ثلاجات وبالتالي لم يكن ممكنا التسلل من وراء ظهر الأم لسرقة الأكل مع التظاهر بالإضراب عن الطعام! طبعا تعلمت الدرس وعرفت ان الإضراب عن الطعام لا يجدي كسلاح للضغط على أمي.. وهذا ما أسمته الدكتورة الكندية «السلوك غير الكلامي»: رفض الطفل أوامر الوالدين بالنوم وظل جالسا أمام التلفزيون.. في هذه الحالة عليك أنت أن تـ«هس»، أي لا تنطق بكلمة، بل أغلق التلفزيون واسحب وصلاته لعدة أيام.. يعني دعك من تخاريف بعض التربويين الذين يدعون إلى أخذ موافقة الأطفال على كل شيء! لا.. فللكبار حقوق لا ينبغي ان تكون متاحة للصغار والعكس صحيح.. المهم ان يعرف الطفل حدوده من دون حاجة منك إلى استخدام طرق ساكني البيت الأبيض في واشنطن مع من يخالفونهم الرأي، وأن يتعلم احترام جميع أفراد العائلة ومن ثم المجتمع… وأن يدرك أن «لا» يعني «لا»، كلمة تتألف من حرفين ولكنها «جملة مفيدة».

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]