مانحون لم يمنحوا
قال: يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟
قال: طلب الحق.
قال: الذي تطلبه تركته ببسطام.
فتنبه أبا يزيد, ورجع إلى بسطام, ولزم الخدمة حتى فتح له.
تابعت مؤتمر المانحين الخاص بدارفور والذي عقد في الدوحة في الأسبوع المنصرم من وسائط الإعلام وباهتمام زائد لأنه قد بدا لي وكأنه مباراة رياضية تتوقف نتيجتها على صفارة الحكم النهائية. فالدكتور التيجاني السيسي الذي طاف العالم وحشد له كل الدنيا وبالمقابل تحرك ياسر عرمان في غرب الدنيا لكي يحوش الناس عن المؤتمر. ولكل من الرجلين دواعيه السياسية . لقد ائتمر الناس والدول والمؤسسات ولكن الواضح أن المخرجات كانت متواضعة عليه يمكن حساب النتيجة بالنقاط وليس بالضربة القاضية.
التيجاني السيسي يقول إن المؤتمر نجح بنسبة 150 %. والتيجاني رجل اقتصاد وقد كان من اوائل دفعته في كلية الاقتصاد / جامعة الخرطوم/ 1979 لذلك استبقى في الجامعة كمساعد تدريس وبعث للخارج وعاد أستاذاً لعلم الاقتصاد فعندما يصدر تلك النتيجة ينبغي أن لا نشك في تقييمه لكنه فاجأنا بالقول أن كل المؤتمرين أيدوا وثيقة الدوحة واعتبروها الحل الناجز والوحيد لقضية دارفور ويبدو أن الدكتور اعتبر هذا الدرجة الكاملة وأعطى الدعم المالي 50 % لكن يادكتور لقد اسميتم المؤتمر باسم المانحين والمنح هنا يشير للدعم المادي المباشر ولو كان المؤتمر مؤتمراً سياسياً لقلنا إن كلامك (صح ياسيسي صح) بضم الصاد.
أن يكون السودان هو أكبر الداعمين في مؤتمر الدوحة (70 %) تقريباً أمر يحتاج لدرس عصر لفهمه فالسودان لا يمنح ولا يهب لمواطنيه بل يصرف عليهم من الخزينة العامة وفق ضوابطه المالية المعمول بها من حق دار فور على السودان الكبير أن تميز تمييزاً إيجابياً نسبة لما لحق بها ويمكن أن يوضع هذا في الميزانية التي يجيزها البرلمان فتصبح تشريعاً ملزماً للحكومة فالأمر لا يحتاج إلى سفر إلى الدوحة ولا لوضع في إطار المنح والهبات ويبقى ثمة سؤال قد لا يكون بريئاً وهو إذا تكونت آلية للتصرف في اموال المانحين هل سيوضع تحت تصرفها ما سيقدمه السودان؟. تشكر قطر التي لم يتوقف دعمها السياسي والمادي لدارفور فقد كانت ثاني الداعمين 500 مليون دولار وبنك تنمية برأسمال كبير وقطر هي الأخرى فعلت الكثير دون مؤتمر داعمين وكان يمكنها أن تواصل جمائلها دون مؤتمر مانحين أما الآخرون الذين (شبوبشوا) بالقليل وهم يملكون الكثير فقد كان لهم رأى سالب في مجمل الشغلانة واستغلوا فرصة المؤتمر لكي بنفثوا عن صدورهم ذلك الهواء الساخن.
لا أدري إن كانت وزارة الخارجية السودانية قد استشيرت في أمر المؤتمر أم لا؟ فالخارجية تعلم أن طرد المنظمات الطوعية سيكون له مردود سالب على هكذا خطوة والخارجية تعلم موقف الكثير من الدول قبل أن ترسل وفودها للمؤتمر فمنها من (يكجن) حكومة السودان ومنها من يكجن الدور القطري في المنطقة عامة ومنها المشغول بهمه الخاص والفيه مكفيه . يبدو لي والله أعلم لو أن الخارجية لو استشيرت في الامر لتحفظت.
عودة إلى عتبة العمود أن حل مشكلة دار فور موجود في السودان لا بل موجود في دارفور (بسطام) ذات نفسيها المطلوب من أبي يزيد السوداني أن يرجع إليها ويتلمس الحل هناك بدلاً من إهدار الوقت والجهد والمال والأهم تقليب المواجع كما حدث في داخل قاعة المؤتمر وزيادة حدة التوتر رداً على المؤتمر كما حدث في مهاجرية ولبدو.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]