منى سلمان

خوف النسوان من الفيران !!

‫ خوف النسوان من الفيران !!
[JUSTIFY] طالعت في بعض المواقع الالكترونية خبر طريف لاقى هوى في نفسي، ويحكي الخبر عن رهن زوجة أم درمانية استمرار حياتها مع زوجها، بمقدرته على القضاء نهائياً على الفئران (الجقور) الموجودة بكثافة في عش الزوجية..
نصب الزوج كمية من الشِراك الكبيرة، واستعان بعدد آخر من المصائد اللاصقة، فنجح في القبض على بعضها، في حين لاذ الباقي بالفرار، وقد أقام الزوج وليمة بمناسبة عودة زوجته بعد أن حقق رغبتها في سحق وهزيمة الجقور
تلك الزوجة عذرها معاها فيما ذهب إليه من حردان للبيت لحين اجلاء فلول الفورة المارقين من ساحته، فهناك مقولة عن أن الفار هو أكثر المخلوقات مهابة في العالم، فلو فرضنا (مجرد فرض) أن أعظم الشخصيات بطشا عبر التاريخ منذ أيام هولاكو ومرورا بهتلر وموسوليني وحتى زمن شارون كانوا جمييعا يخافون من نسائهم، وبالضرورة أن كل النساء يخفن من الفأر إذن (الحاجة الما دايرة ليها درس عصر هي إنو الفار) هو أكثر المخلوقات إرعابا وتخويفا في العالم.
فكما أن في أعماق كل رجل درجة من درجات الخوف الخفي أو الظاهر من زوجته، قد يقل أو يزيد ولكنه لا ينعدم أبدا، فكذلك خوف النساء من الفيران حقيقة مطلقة رغم أنه يتفاوت ما بين الخشية البسيطة وحتى درجة الرعب المرضي أو الفوبيا، رغما عن وجود بعض الشواذ في هذا المضمار، شخصيا، فقد تابعت حالة فريدة من نوعها عندما كانت تعمل معي مساعدة كانت تطارد الفأر الشقي الذي يغلط ويفكر في اللجوء لمطبخنا، وتمسك به بيدها مباشرة ثم تقوم بالضغط عليه بين أصابعها حتى يلفظ أنفاسه و( يبتبت ) وإن كنت أعتبرها حالة نادرة وشاذة من النسوان الما بخافوا من الفيران.
– نشأت الزوجة الشابة (منال) كغيرها من بنات جنسها تحمل في كروموزوماتها جينات الخوف من الفيران، ولكن حالتها تفاقمت مع مرور السنوات حتى تحولت إلى رعب حقيقي، فكان قلبها يهتز وتتسارع نبضاته في جنون ويرتفع مستوى الآدرينالين في دمها لمستويات الخطر، وكانت فرائصها ترتعد من كل ما يصدره الفار من حركات .. حركة شواربه، تجعيده العابث لأنفه، ترقيصه لأذنيه، بل وحتى تحريك ذيله في تيه غير آبه بما تبعثه تلك الحركة لرجفة في الأوصال تسري حتى نخاع العظام منها.
كانت تتعايش مع مرضها الفار فوبيا على طريقة (أبعد من الفار وغنيلو) إلى أن قرر إثنان من (الجقور) من ذوات الحجم العائلي أن يقتحما حرمة بيتها ويطيحان بالأمن والطمأنينة فيه، فقد تسللا خلسة ليحولاه لملعب يتقافزون ويتطاردون فيه دون أدنى خوف أو (اختشاء).
أعلنت (منال) بعد هذا الإقتحام حالة الطوارئ وحظر التجوال بعد أن استقر بهم المقام وطاب لهم في المطبخ، صارت امكانية متابعاتها لمسئوليتها كربة منزل مشكوك فيها بعد أن أصرت علي الإمتناع عن دخول المطبخ بعد مغيب الشمس إلا مع الحراسة المشددة من أبو العيال الذي لم ينفك عن تقريعها ولومها كي لا تساوي عقلها بعقل الفار الصغير ولكن دون جدوى، ولذلك عندما يعضه الجوع نتيجة امتناعها عن صنع العشاء، كان يطلب من أبنائه أن يقوموا بحراسة أمهم من الفار قائلا:
أمشوا يا أولاد أحرسوا أمكم عشان تسوي لينا لعشاء!!
وكانت هي تطلب منهم في وجل:
أفتحوا النور أول وبعدين كركبوا شديد.. عشان يخافوا ويندسوا منكم !!
كل ذلك بزعم أن الفأرين كانا ذكرين بالغين ولذلك لا يحق لها أن تنكشف عليهم .
وذات يوم وبينما كانت تحاول سحب بشكير من شماعة الملابس، ويبدو أن أحد الفأرين قد لجأ إليه في ساعة قيلولة، ولذلك ما إن شدت إليها البشكير حتى قفز الفأر مذعورا فسقط بين طيات ملابسها .. أطلقت صرخة فزع داوية وحاولت أن تنفضه بعيدا عن ملابسها، فتضاربت حركاتها الهستيرية مع محاولة الفار اليائسة لتخليص نفسه، فسقطت مغشيا عليها دون حراك ..
أسرعوا بها لغرفة الطوارئ بالمستشفى حيث قاموا بإنعاشها وحقنها بالمهدئات ثم قام الأطباء بحجزها بالمستشفى بقية اليوم حتى تشفى من الإنهيار العصبي الذي أصابها، ولكن عندما همّ زوجها باخذها للبيت (حرنت) من الركوب في سيارته، وغادرت المستشفى برفقة أسرتها بعد أن اطلقت لزوجها انزارها الأخير:
اتوكل .. دربك أخضر يا أخوي لمن تلقى ليك حل لفيرانك ديل .. تعال سوقني من بيت أبوي !‬

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email][/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. قمة الروعة في السرد رغم ان الموضوع شبه عادي لكن ملكة الاستاذة الرائعة حولتها الي قصة ممتعة