جعفر عباس

غيّر وبدل ما أمكنك ذلك (1)

غيّر وبدل ما أمكنك ذلك (1)
[JUSTIFY] عندما تقضي مدة زمنية معينة في مجال مهني ما يفترض الآخرون انك صاحب خبرة فيه ويلجأ البعض اليك طالبين النصيحة والمشورة، في هذا الشأن المتعلق بمسيرتهم المهنية والوظيفية او ذاك، وعندي نصيحة شبه ثابتة لكل شاب قضى أكثر من خمس سنوات في وظيفة معينة في مؤسسة معينة.. اخلع.. ابحث لنفسك عن وظيفة أخرى في موقع آخر ولو بنفس شروط الخدمة.. هذه النصيحة لا تنفع مع الجميع، فهناك مهنيون من مصلحتهم البقاء في نفس الوظيفة مع نفس الجهة لأن طبيعة عملهم تخصصية أو لأن باب الترقي والتطوير المهني متاح أمامهم، أو لأن جهودهم تلقى التقدير المعنوي والمادي، أو من باب ان «الجن» الذي تعرفه خير من الجن الغريب عليك.. ولكن وبصفة عامة فإن تغيير موقع وجهة العمل يعطيك دفعة معنوية قوية لأن للجديد بريقه، فكلما نلت وظيفة جديدة كلما كنت اكثر حرصا على إثبات وجودك وقدراتك، وعموما فلكل ما هو جديد طعم طيب خاص في غالب الأحوال.. ولكن ما هو أهم من ذلك هو أن التنقل من وظيفة إلى أخرى على فترات متباعدة يجعل سيرتك الذاتية منوعة وأكثر ثراء.. لاحظ إنني قلت على فترات متباعدة!! لأنه إذا تقدمت لجهة ما طالبا وظيفة، وثبت من سيرتك الذاتية انك عملت هنا سبعة أشهر وهناك سنة واحدة وفي جهة ثالثة 13 شهرا فإنك تعطي الانطباع بأنك «لعبنجي» أو مشاغب، أو غير جاد أو تفتقر للكفاءة.. وبداهة فإن العمل لدى أكثر من جهة خلال عدة أعوام يعطيك تجربة أكبر وخبرة أكثر تنوعا.. وبالتالي فإن التنقل من وظيفة إلى أخرى داخل نفس المؤسسة أيضا أمر مستحب، فإذا عملت ? مثلا ? في قسم المخازن لخمس سنوات ووجدت فرصة العمل في قسم التسويق لثلاث سنوات ثم في قسم المشتريات لبضع سنوات فإنك تصبح «عُملة صعبة» في سوق العمل بل وتستطيع ان تتدلع وتتدلل على أصحاب العمل لتحسين وضعك الوظيفي إذا كنت قد أثبت جدارتك في تلك المواقع.
وما من شاب راغب في العمل الإعلامي لجأ إلي طالبا النصح عن «كيف يبدأ مسيرته»، إلا ونصحته بأن يبدأ بالصحافة المكتوبة، فهي وحدها التي تعطيك كل المهارات المطلوبة في كل مجالات العمل الإعلامي، فمن يعمل في جريدة يتعلم معظم المهارات المطلوبة في الصحافة المسموعة (الإذاعة) والمرئية (التلفزيون) والعكس ليس صحيحا.. أما من لديه خبرة طيبة في الصحافة المكتوبة فإنني أنصحه بالانتقال إلى التلفزيون، ولن يجد صعوبة كبيرة في اكتساب مهارات تحرير الأخبار تلفزيونيا فالتدريب لأسبوع واحد يكفي مع البعض لاكتساب المهارات الأساسية لإعداد التقارير التلفزيونية ثم تلعب الممارسة دورها في صقل المهارات وتعزيزها.. أما لماذا التلفزيون؟ فلأنه الأداة الإعلامية الأكثر رواجا ونموا، وفي كل عام تستثمر المليارات لإقامة محطات تلفزة جديدة.. بعدين التلفزيون «يدفع أكثر»، لأنه لا يدار على أساس خيري بل يعيش على الإعلانات و«الرعايات» لبرامجه، ومن ثم فإنه يكون سخيا مع موظفيه كلما كانت إيراداته عالية.. وفوق هذا فإن التلفزيون يوصلك إلى آلاف مؤلفة بل الملايين من الناس ويصبح اسمك متداولا.. والصحفي مثل الأديب والرسام يحتاج إلى دفعات معنوية ويسعده ان يستوقفه شخص ما في السوق ويقول له «مقالك كان جميلا».. او «اختلف معك في تناولك للموضوع».. «برنامجك كان روعة».. ولكن مقتل الموهبة يكمن في الغرور: إذا حسبت انك «وصلت» وصرت نجما، وصرت تتصرف كنجم فإنك سترتد إلى الأمية المهنية.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]