الطاهر ساتي

الانتظار… (طويلاً)

‫ ‫ الانتظار… (طويلاً)
** مصر، في عهد الرئيس مرسي، كأرملة تقضي فترة عدتها حبساً ولا يرجى منها واجباً – منزلياً كان أو على مستوى الحي غير (السكون والتسبيح).. تبخرت عالمياً وتقزمت عربياً وبهتت إفريقياً، بل حتى على خارطة دول حوض النيل لم تعد (مصر مرسي) إلا محض دولة تكمل النصاب حين تجتمع تلك الدول.. وعندما تحتفي حكومة الخرطوم بزيارة الرئيس مرسي لحد وقوف الرئيس البشير في مقدمة الحشد المستقبل بالمطار ثم التجوال به ما بين المساجد والمنابر ليخطب ويخاطب الشعبين والعالم على الهواء وكما يشاء، فإن حكومة الخرطوم لم تفعل ذلك إلا امتثالاً للأخلاق السودانية التي تأمر أهلها بأن يكونوا كراماً في حضرة الضيف، ثم يسرف في الكرم حين يأتي الضيف ممثلاً لشعب شقيق ودولة جارة.. ولم يحدث في تاريخ السودان – منذ استقلاله وحتى ضحى زيارة الرئيس مرسي – أن زاره رئيس ولم يجد تحت شمس الاستقبال رئيساً مثله، وليس المسؤول الثاني أو الثالث كما فعلت (حكومة مرسي) قبل أشهر.. المهم، لقد أحسنت (حكومة السودان) عملاً بهذا الاحتفاء الذي لم تحظى به (حكومة مصر) في الدول التي زارتها.. وفلتكتب مستشارية حكومة مرسي وسكرتاريتها في تقرير الزيارة بأن الترفع عن الصغائر في السودان – حين يطرق الضيف باب دارهم – ليس (مراسم حكومة)، بل هو (ثقافة شعب)..!!
** والمهم.. هي زيارة تبحث من خلالها حكومة مصر عن طوق نجاة ينجيها من أزماتها السياسية والاقتصادية، وكذلك يعيدها إلى العالم العربي والإفريقي.. والخرطوم لم تنتظر هذه الزيارة طويلاً أو كما يجتهد كتاب صحيفة الحرية والعدالة – لسان حال الحزب الحاكم هناك – في تضليل الرأي العام المصري.. نعم، انتظر السودان مصر طويلاً لتلعب دوراً إيجابياً في تحقيق السلام والاستقرار والوحدة، ولكن ليس في عهد الرئيس مرسي، بل في عهود كانت خلالها حكومات مصر ذات تأثر ونفوذ في دوائر ومحافل صناعة القرار الإقليمي والعالمي.. انتظرت الخرطوم القاهرة منذ الاستقلال لتنعم بالسلام والوحدة، وكانت حكومات الخرطوم – فعلاً – تنتظر زيارات رؤساء مصر (طويلاً).. ولكن تغير الحال، وصارت حكومة مصر هي التي تنتظر حكومة السودان لتحل أزماتها الاقتصادية والسياسية، أو هكذا الحقيقة التي يتهرب منها كتاب الحزب الحاكم هناك لكي لا تشمت فيهم – وفي حزبهم – قوى المعارضة وكتاب الصحف المستقلة!!..
** مصر، في عهد الرئيس مرسي، لم يعد لديها أصدقاء في العالم العربي، وصحف الخليج تعكس ذلك بكل وضوح.. وصالت حكومة مصر العواصم الخليجية وجالت طوال الأشهر الفائتة لإخراج اقتصادها من (غرفة الإنعاش)، بحيث يقترب سعر الدولار لأول مرة في تاريخ الجنيه المصري إلى (8 جنيهات)، ولم تسفر الرحلات غير المزيد من (الحصار الخليجي).. وبالداخل تعتصم الشرطة وثلاث محافظات تحت سلطة الجيش والملايين التي اقترعت لصالح الرئيس مرسي هي ذات الملايين التي توقع على توكيلات تفوض الجيش باستلام السلطة، حسب مطالب النخب المصرية التي لم يشملها مشروع (أخونة الدولة).. وهنا أيضاً أدارت دول حوض النيل ظهرها لحكومة مرسي وتمضي قدماً – بقيادة إثيوبيا – نحو تعديل (اتفاقية مياه النيل).. و.. و..!!
** كثيرة هي الفواجع السياسية والاقتصادية التي جلبتها حكومة مرسي – قبل أن تكمل عامها الأول – لشعب مصر، وهي ذات المرحلة التي مرت بها حكومة السودان في أزمنة ما قبل المفاصلة والانفتاح العربي والإفريقي.. وأمام هذا الوضع، لن تجد حكومة مرسي غير الخرطوم طريقاً إلى (الدوحة وشقيقاتها) حين تقصد إنعاش حالها الاقتصادي، وكذلك لن تجد غير الخرطوم طريقاً إلى (أديس وأخواتها) حين تقصد اتفاقية مياه النيل.. وعليه، رحمة بشعب مصر، فلتجتهد الخرطوم في إنقاذ حكومة مرسي عاجلاً، ربما تنجح.. المهم عاجلاً.. أي عليها ألا تنتظر نتائج هذه الزيارة (طويلاً)، أو كما يصف تضليل صحفهم هناك (حال الخرطوم)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]