حوارات ولقاءات

عبد الباسط سبدرات: مولانا عبد الله ما زول صغير عشان يغُشّو سبدرات

[JUSTIFY]”فجأة أبصر حكيم المعرة وانكسر قيد العمى وحبس العزلة فخرج لباحة السوق يأكل الطعام بين العامة مخالطاً مستأنسا بحديث الغوغاء، وحين يعلو الصوت، صوتهم، يجدر بأهل العقل والنهى أن يصبروا على الظمأ حتى يصدر الرعاء”.. هكذا بادرني (سبدرات) بعد التحية الغامضة، ولكنني أدركت بعض ما يريد قوله، فاصل من الصمت، وقد دار حوار قصير بيننا، قلت له: أنت عقدة الحبل في هذه القضية وكل النيران مصوبة نحوك، فهل ستجيب على كل الأسئلة؟ أومأ برأسه وانطلقت شفتاه بكلمات صغيرة (طبعا طبعا)، كانت الأجواء النهارية ساخنة كالعادة والأسئلة عاصفة، والشارع ملتهب، ابتسم سبدرات كأن شيئاً لا يعنيه، ومضى يحدث بلسان مبين: فهو لم يتكلم حتى يسقي موسى لبنت شعيب، وبنات شعيب في هذا الزمان الصحافة، وحتى لا نظلم كل البنات – يستدرك الشاعر المحامي الفذ- فيقول: الصحف المتحدثة بالألفاظ ذات الأظافر والمخالب والأنياب. هو عبد الباسط سبدرات وكفى، محام شاطر وشاعر مطبوع ووزير سابق ورجل مثير للاهتمام، ولكنه يشعر بالمؤامرة تحيط به من كل جانب هذه المرة. بعد محاولات مستميتة وإلحاح قرر أن يتحدث لـ(اليوم التالي) في قضية التحكيم الشهيرة، قضية الساعة، لماذا ترافع فيها وما هي ملابسات القضية والأتعاب المهولة، وحقيقة الشبهات، ولماذا تم اختيار رئيس المحكمة الدستورية لرئاسة اللجنة رغم حساسية منصبه، وإلى ماذا ستنتهي الأمور بعد الإعفاءات المستمرة؟ فإلى تفاصيل الحوار.

* دعني أسألك هنا: هل أنت الذي رشحت مولانا عبد الله لرئاسة الجنة؟

– نعم نعم.

* كيف يقبل مولانا عبد الله رئاسة الجنة وهو رئيس المحكمة الدستورية؟

– وما الذي يمنع؟

* حساسية منصبه؟

– شوف يا شيخنا، مولانا عبد الله من أجل القضاة مكانة وخبرة وقد كان رئيسا لأكبر جهاز قضائي ولائي وهو قاضي المحكمة الدستورية لأكثر من ثمانية عشر عاماً ومشهود له بالكفاءة والحيدة والنزاهة.

* الأمر صوّر كأنه فعل فيه ما يشين؟

– لو كنت اعلم أن هذا التحكيم حرام وجريمة لما دخلت فيه ولا اقترحت مولانا ولا كان هو سيوافق.

* كيف رشحته؟

– رئاسة هيئة التحكيم دوماً مثار خلاف بين طرفي التحكيم ولا يتم الاتفاق على العضو الثالث بسلاسة، لذا رشحته لزمراوي بعد أن حصلت على موافقته، وبالفعل وافقت الأقطان عليه وكذا زمراوي دون إبداء تحفظ ودون تردد ولو أبدوا أي تحفظ، ولو اعترضوا عليه لما تم اختياره.

* إذن ما المشكلة؟

– المشكلة أنهم يعلمون وينكرون ويصرون، والرجل قدم استقالته وصمت، وأرجو أن لا نضطره ليقول..

* هل هي استقالة أم اقالة؟

– هي استقالة.

* مولانا سبدرات قلت إن هنالك حملة موجهة أسميتها حملة الدفتردار فمن يقف وراءها؟

– إنني من كثافة الدخان لا أكاد أتبين الوجوه ولكنني أرى..

* كيف ذلك؟

– لازلت أبحث وأدقق في الأسماء ومن يقف وراءها، وسأعرف وأدرك لكنني أقول لهم حتى ذلك اليوم أنا جزء من مشروع الإنقاذ وأتحمل مسؤوليتي فيها.

* لماذا تدافع عن القضايا التي تدور حولها شكوك (دعنا لا نقول قضايا الفساد)؟

– أنا أختار القضايا التي أدافع عنها بإرادتي الحرة وبإيمان كامل.

* ولكنك دافعت من قبل عن سدنة مايو؟

– نعم دافعت عن سدنة مايو وأفخر بالدفاع عنهم، ودافعت عن د. أزهري التجاني لأن ادانته كانت ستكون إدانة للمشروع الحضاري..

* أي مشروع حضاري؟

– مشروع الإنقاذ، ولا زلت أرى أنه الخلاص رغم خفوت التكبير والتهليل في زمان التفكيك والكيد المتين.

* الغبار الذي يثار حول أتعاب التحكيم المهولة صور الأمر وكأنه رشوة؟

– (مرة أخرى يعتدل في جلسته ويلوح ببعض الأوراق ومن ثم يجيب): دعني أوضح لك:

* بصراحة أرجوك؟

– المادة (19) من قانون التحكيم تحدد أتعاب هيئة التحكيم وكيفية سدادها في اتفاق التحكيم كما تحدد هيئة التحكيم أي مصروفات ضرورية لإكمال إجراء التحكيم يتم سدادها مناصفة بواسطة طرفي النزاع.

* عفوا يا مولانا، ولكنها مواد حمالة أوجه؟

– لا.. النص واضح جداً.

* ماذا تريد أن تقول؟

– أريد أن أقول إن الأمر ليس سراً وإنما يقتضي القانون توضيح ذلك في مشارطة التحكيم وقد أوضحنا ذلك في المشارطة.

* بالنسبة لكيفية السداد هل هي مبينة؟

– نعم وقد أوضحناها في محضر التحكيم ولولا ذلك لما عرفوا به أو تعرفوا عليه.

* لكن لماذا الأتعاب والمال مال الشعب؟

– هذا ما يكفله القانون، وبعدين هل تريدون من هيئة التحكيم أن لا تأخذ أتعابا لأن هذا المال مال “منظمة حسن الخاتمة” أو “مال المايقوما”؟.. ألم يقولوا إن “متكوت” شيطان رجيم؟، لماذا هم رفقاء وخائفون على ضياع مالها؟ “ويل لنا من كيد ساحر كبير”

* لكن اللجنة يمكن أن توصي بإصدار تعويض ضخم لأنها تحصل على نسبة من قيمة التعويض وهذا يثير شكوكا مضاعفة؟

– (تتبدل ملامح وجهه ويشير إلى مصحف فوق المنضدة)، دا موش كتاب، أنا والله لا أقول إلا الحق، القانون يوضح كيف تؤخذ الأتعاب، بقول المحكمين بقدروا أتعابهم وبتفقوا على طريقة دفعها، أي تحكيم في الدنيا بياخد من نسبة الدعوى المرفوعة، الدعوى المرفوعة من متكوت ضد شركة الأقطان (121) مليونا، يعني مليار، وثلاثين مليون دولار بإضافة الرقم الأول، يعني حوالي ثلاثمائة مليون، والتحكيم بياخد فيها نسبة، أقل نسبة (5%)، لكن النسبة التي أخذناها نحن سبعة من ألف في المائة، ولو أخدنا نسبة (5%) يعني ممكن أتعابنا تكون عشرة مليارات، نحن أخدنا ثلاثة مليارات، ثلاثة فقط..

* ما هي الفترة التي استغرقها التحكيم نظير هذا المبلغ الخرافي؟

– التحكيم استمر من يوم (13- 6) حتى (23) مارس، كنا نعقد جلستين في الأسبوع، كل جلسة تأخد أربع ساعات، يعني نحن اشتغلنا بالضبط خلال ستة أشهر (170) ساعة، فحصنا (73) مستندا، عقودات باللغة الإنجليزية، العقد الواحد فيه ثلاثون صفحة، وفي الدعوة المقدمة دي مفترض تعابنا تكون عشرة ملايين، الأتعاب كتبناها في المشارطة وأي قروش دفعت كتبناها، ولو كانت حاجة سرية ما كانت بتظهر.

* طيب .. كيف بالبساطة دي يتحول المتهمون إلى دائنين؟

– شركة متكوت شركة عملتها الأقطان، بناء على توجيه من الراحل مجذوب الخليفة وهو كان في ذلك الوقت وزير الزراعة، لأن شركة الأقطان كان شغلها فقط بيع القطن، مجذوب قال لا إنتوا تبيعوا القطن والمزارعين يشتروا المبيدات والمخصبات، إنتوا تعملوا شركة تجيب المبيدات والمخصبات والآليات، وهنا كونوا شركة (متكوت)، الأقطان عندها (40%) وتاني شخص ومحيي الدين بياخدوا (60%)، وعندما بدا الاتهام فتحوه ضد عابدين وضد محيي الدين، في المراحل الأولى من التحقيق جوني ناس الحركة الإسلامية وقالوا لي دافع عن أخونا عابدين.

* هل تقصد الحركة الإسلامية الحاكمة؟

– نعم نعم.

* وبعدين حصل شنو؟

– مشيت ومعاي خمسة محامين وقلنا لناس اللجنة إنتوا فاتحين الدعوى ضد عابدين ليه؟، مفترض تفتحوها ضد شركة الأقطان وضد متكوت، قالوا لا ديل اشتغلوا شغل خارج الشركات، مشينا إلى وزير العدل وقلنا ليه يا مولانا إنت زول متخصص في الشركات عابدين أي تصرف تصرفه هو مدير لشركة الأقطان، وهم طبعا بالخبث لو كانوا عملوا القضية ضد الأقطان عابدين ما كان بكون في السجن، كان بكون مفكوك بضمانة الشركة، القضية دي مشت الأمن وحصل فيها شغل وكلام وبقت قضية شيطانية..

* المتهمون في القضية.. كم عددهم بالضبط؟

– عشرة متهمين، أشخاص، وليسوا أشخاصا معنويين، ناس لجنة التحقيق قالوا يا جماعة صفوا الحسابات بين متكوت والأقطان مشو واجتمعوا بمستشار مجلس الأقطان، قال ليهم صفوا الحسابات، ووصلوا إلى قرار التحكيم وباركته جهات اعتبارية، شركة الأقطان رشحت زمراوي وتمت الموافقة عليه وميتكوت رشحتني أنا ووفقوا علي.

* حتى يوم أمس كان وزير العدل يشير إلى رئيس المحكمة الدستورية بما يوحي….؟

– المسألة دي واضحة فالقانون يقول ما يعمل عمل يمس عمله القضائي ومولانا عبد الله عمل أكتر من تحكيم..

* بمعنى شنو؟

– أولا التحكيم هو الحاجة الوحيدة البتكون في المحكمة الابتدائية، الترابي مثلاً كان رئيس لجنة تحكيم قضية ناس الشيخ مصطفى الأمين الشهيرة، إذا ناس مصطفى الشيخ الأمين رضوا بالترابي يمشوا للمحكمة الجزيئة، قرار المحكمة الجزئية نافذ ونهائي، تاني مافي استئناف، فإذا المحكمة قالت التحكيم صاح للأبد يكون ساري.

* ما الداعي إذن إلى استقالة رئيس المحكمة الدستورية؟

– الجماعة شيطنوا القضية، وهذا الرجل شغال ليه (19) سنة في المحكمة الدستورية، ولو كان هذا التحكيم يمس عمله ما وافق، يعني مولانا ما زول صغير عشان يغشّو سبدرات، وبعدين الناس ديل بتكلموا كأن التحكيم حل محل المحكمة وهنا عايز أقول إن المحكمة مستمرة واليوم (أمس الأول) شغالة وفيها عشرة أشخاص.

* ليه بتفتكر إن مندوب الأقطان تخلف في النهاية؟

– أداه وزير العدل تعليمات، قال ليه ما تمشي، عشان كده هو بغطي في شغله دا، الجماعة ديل عايزين يغطوا سوءتهم بورقة تسمى سبدرات.

* وزير العدل أثار قضية شركة الأقطان في البرلمان وقال إن دخول سبدرات في التحكيم غير قانوني؟

– كمان دي مصيبة تانية، لأول مرة وزير عدل يقوم بالسابقة دي.

* أي سابقة؟

– أن يضلل العامة باسم القانون وأن يقول كلاما مرسلاً لا يشهد بمادة ولا يستند إلى قانون، فيحسبه الناس حقا لأنه صادر من وزير العدل..

* وما المشكلة في حديثه عن القضية في البرلمان؟

– المشكلة أنه حول البرلمان لمحكمة هو قاضيها وممثل الاتهام فيها وكل وكالات النيابة لتصدر أحكاماً غيابية وبحزم، يقابلها تصفيق وهتاف، والمشكلة الثانية هو أن يكشف أمام البرلمان يومية التحري بكل تفصيلها ويودعها كأنها مشروع قانون، وهي محرمة على دفاع المتهمين ولا يجوز أن يطلع عليها أحد، وهو يقوم بتقديم خطبة الاتهام بإيراد الإفادات والمستندات والاتهامات الظنية، وبذلك يحاول التأثير على سير العدالة، ويدين المتهمين باعتبارهم مفسدين في الأرض لكنه تأدباً ربما لم يصدر العقوبة.

* ولكن رئيس المجلس الوطني قال إن العقوبة لابد أن تشدد وتصدر قوانين تقطع دابر المفدسين، فماذا يرمي من وراء ذلك؟

– مسكين رئيس البرلمان، فهو بالرغم من الدكتوراة التي يحملها، لا يعرف أن المتهمين يواجهون عقوبة الإعدام حتى بهذا القانون الساري، المهم أنا سوف أرد على وزير العدل بمذكرة أبين فيها كل الحقائق والملاحظات.

صحيفة اليوم التالي
أ.ع[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. 1 ـ المشكلة أنه حول البرلمان لمحكمة هو قاضيها وممثل الاتهام فيها وكل وكالات النيابة لتصدر أحكاماً غيابية وبحزم، يقابلها تصفيق وهتاف، والمشكلة الثانية هو أن يكشف أمام البرلمان يومية التحري بكل تفصيلها ويودعها كأنها مشروع قانون، وهي محرمة على دفاع المتهمين ولا يجوز أن يطلع عليها أحد، وهو يقوم بتقديم خطبة الاتهام بإيراد الإفادات والمستندات والاتهامات الظنية، وبذلك يحاول التأثير على سير العدالة، ويدين المتهمين باعتبارهم مفسدين في الأرض لكنه تأدباً ربما لم يصدر العقوبة.
    انت يا سبدرات قايل وزير العدل قاري بيطرة ولا شنو ،،،،،، الزول دا شغال في القانون من المعادلة لحدي ما حصل مستشار قانوني وبقي المسجل التجاري ثم مسجل الاحزاب ثم وزير عدل .
    ,,,,,,,,,,,
    2 ـ وعندما بدا الاتهام فتحوه ضد عابدين وضد محيي الدين، في المراحل الأولى من التحقيق جوني ناس الحركة الإسلامية وقالوا لي دافع عن أخونا عابدين.
    اذا اختلف اللصان ظهر المسروق (من هم الفتحو الاتهام ، ما يكونو ناس الجبهة الثورية اعداء المشروع الحضاري )
    ،،،،،،،،،،
    3 ـ من حقك تمارس المحاماة لكن كفاية عليك الله بعد من الحاجات المتعلقة بالحكومة (ياخي انت ما خليت ثقافة ، رئاسة جمهورية ، تربية وتعليم ، اعلام ، عدل كفاية خلاص كفاية )