عقار صيدلاني لتدمير الصحة
[JUSTIFY]
منذ سنوات والحكومة البريطانية تدق نواقيس الخطر بسبب ظاهرة الإفراط في تعاطي الكحول، بدرجة ان رئيس الحكومة ديفيد كميرون وصف الظاهرة بأنها مَرَضية (من المرض وليس من الرضا)، خاصة وان العام الماضي وحده شهد ضياع 21 مليون ساعة عمل في بريطانيا بسبب معاناة العاملين من آثار العدوان الكحولي.. وكان آخر رئيس للاتحاد السوفيتي، وهو الرجل ذو الرأس الأجرد من جوه ومن بره، ميخائيل جورباتشوف، قد أعلن إثر دخوله الكرملين ان أكبر خطر يهدد مستقبل البلاد هو ان معظم البالغين السوفيت يشربون الفودكا كل ليلة وكأنها «آخر زادهم».. المهم ان شرب الخمر صار وباء في المجتمعات الغربية، بل ان جمهورية التشيك، وبمجرد دخولها الاتحاد الاوروبي تصدرت قائمة الدول المستهلكة للبيرة، بعد ان كان فرسان هذا الميدان هم البريطانيون!! ولأن هناك علما لا ينفع، فإن هناك فئة من العلماء يبتكرون العديد من البلاوي التي تفاقم المشكلات التي تعاني منها مختلف المجتمعات، وآخر ابتكارات هذه الفئة من العلماء – وبالتحديد باحثون صيدلانيون في مجال الأدوية – هي أقراص «آر. يو 21»، والاسم تلاعب بالتساؤل: هل بلغت الـ 21؟ ولتعرف مزايا هذه الأقراص عليك بتناول واحدة منها قبل تجرع نصف زجاجة ويسكي، وستة كؤوس من الفودكا، وربع زجاجة من البراندي، وثلاث كؤوس من الجن (ثقافتي الكحولية لا بأس بها!!)،.. ستسكر طينة، ولن تعرف كوعك من بوعك، وقد تقضي ليلتك نائما على الرصيف أو مقلب قمامة، ولكنك ستصحو في اليوم التالي من دون أن تعاني من «الهانق أوفر»،rev0 gnah الذي هو خليط من الصداع والحموضة والإحساس بالقرف والعطش وفقدان القدرة على التركيز!! بعبارة أخرى فإن علماء الأدوية يقولون للناس: ولا يهمكم.. أشربوا زي ما بِدّكم، وأقراص آر يو 21 ستقوم بالواجب، فـ«الهانق أوفر» يحدث عن تراكم مادة سامة اسمها أسيتالديهايد في الدم وتقوم الأقراص بالتخلص من تلك المادة!! بعبارة أخرى فإن أقراص مقاومة أعراض السكر، هي في حد ذاتها سم زعاف لأنها تشجعك على شرب أكبر كمية ممكنة من الخمر من دون ان تشيل هم تأثيرها عليك في اليوم التالي! ولكن مكمن الخطر الحقيقي في توافر هذا النوع من الأقراص هو أنه كما ان الخمر تعطيك إحساسا كاذبا بالفرفشة والنعنشة، فإن الأقراص توهمك بأنك في أمان من عواقب الخمر، فتزيد الجرعة والعيار، والنتيجة؟ قد لا تكتشف الأضرار الحقيقية للخمر إلا بعد ان تصاب بتليف أو تحجر الكبد!! بعبارة ثالثة فإن هذا العقار من أسلحة الدمار الجسماني الشامل، (وأنا لا استخدم هذا التعبير بصيغة مجازية)، فقد قامت بتطويره أصلا المخابرات السوفيتية كيه جي بي، وكانت تعطيه لعملائها وجواسيسها كي يستخدموها وهم في جلسات شراب مع مسؤولين غربيين، فيجعلون اولئك المسؤولين سكارى على الآخِر لتنطلق ألسنتهم بالأسرار، بينما هم (العملاء والجواسيس) أقل معاناة من تأثير الكحول،.. ومنذ عام 1999 صارت أسرار أجهزة المخابرات السوفيتية مطروحة في السوق وعلمت شركة أمريكية بأمر ذلك العقار فأنتجته تجاريا وباعت منه خلال أشهر قليلة أربعين مليون قرص. وكي تعرف مدى لا أخلاقية صناعة الأدوية في الغرب: تلك الأقراص تباع تحت مسمى «بديل غذائي/ دايتري سَبليمنت» وليس كعقار طبي!! (ولو رأيت شخصا يسأل عن أقراص آر يو 21، اسأله: آر يو كريزي؟ مخبول أنت؟).
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]