تجليات: تماسيح الميناء والكسب الغير مشروع … إلى متى؟
أرسلت قبل عامين كونتينر لمدارس ورياض أطفال بأمدرمان. جمعتُ الأغراض التي يحتويها بدأب وسعي لا يوصف ومعي أصدقاء وحفنة من الناشطين الاجتماعيين وطلاب المدارس وأستاذتها وعوام الناس. بعثنا فيه طرابيز للفصول، مكتبة علمية قيمة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني. وأرسلنا أيضا – على سبيل المثال لا الحصر – مئات من كتب الأطفال المصورة، مئات الألعاب التعليمية بكل الأشكال والألوان، بيمر، وأوفرهيد بروجكتر أدوات ومعدات رياضة، ملابس رياضية، وتجهيزات كاملة للمطبخ ونشاط التدبير المنزلي، ألوان لمادة الرسم، ٨ كراتين أقلام حبر بأربعة ألوان، أدوات لورشة المدرسة من ماكينة لحام ودربكينات وأدوات كهربائية، غسالة للملابس وتجهيزات كاملة من ملابس وأحذية جديدة لأبناء الأسر الفقيرة وحتى للأسر نفسها. جمعت كل هذه الأشياء في جملون كبير وأعانتني مدارس كثيرة في ألمانيا لجمع التبرعات لمدارس السودان وكنت أدير هذا الجملون لمدة سنة ونصف حتى صار كالكابوس يتبعني كظلي من كثيرة الأشياء والتنظيم والترتيب الخ. في فصل الربيع أرسلت الكونتنير بمبلغ ثلاثة آلاف يرو من مدينتي إلى هامبورج ومنها إلى بورتسودان. حدث كل ذلك في شهر مارس من عام ٢٠١٢. ظل الكونتير بالميناء طيلة هذه المدة وسعينا بأيدينا وأرجلنا بين وزارت البلد المختلفة وفي مصالحها المتباينة والمترامية حتى سوبا لكن دون جدوى أو أمل. في نهاية النفق تبدي لي بصيص من نور إذ تكرم السيد وزير التعليم الولائي السابق مكوار بكتابة خطاب بغرض الإعفاء الجمركي بما أن الأغراض مرسلة لمؤسسة تعليمية. وكما علمت في خضم المراسلات العقيمة والبطيئة بين المصالح الحكومية الكثيرة أنه ينبغي (شوفو جمال البيروقراطية كيف) أن يخاطب السيد وزير التعليم الولائي مكور أولا وزير الاقتصاد نظيره بالولاية الذي سيقوم بدوره بإرسال خطاب لوزير الاقتصاد الاتحادي وهذا الأخير يقوم بإرسال خطاب لمدير الجمارك. ظللنا نسك الخطاب المرسل من السيد مكوار من وزارة إلى أخرى وبعد مدة تقارب الأربعة أشهر رجع الخطاب ثانية إلى نقطة الانطلاق الأولى، ألا وهي السيد مكور، وكأنك يا زيد لا جيت ولا مشيت.
وبعد أن ضاقت بي السبل وجدت صديق هنا له علاقة بمسؤول هام بالميناء وأنه كان يرسل إليه سيارات كثيرة وتخرج بدون مشكلة والموضوع ها هنا واضح، مش كده؟! على كل قمت بالاتصال بهذا الشخص، المسؤول الثاني بالميناء الشرقي أو الغربي (نائب مدير الميناء) لا أعلم شخص باسم بابكر ،الذي أبدى استعداده ووعدني بالمساعدة ولكن حتى بابكر لم يف بوعوده الكثيرة ولم يجد كلامه المعسول. كان بابكر ذكيا عندما قال لي: “خلِّص الكونتنر من الأرضيات أولا وبعدين نعرضه نحن في المزاد العلني ويمكنك أن تشتريه ثانية … بشوف ليك تجار بنتعامل معاهم في الدلالات العلنية وبكلمك بالموعد”. اتبعت وصاياه بكل حذافيرها ودفعت أرضيات الكونتينر وصار الكونتينر حينئذ بحوزته، يمكنه أن يفعل به ما يشاء! دفعت في كل هذه المدة مصاريف باهظة لعدد من المخلصين الذين وعدوا بتخليص الكونتينر لكن دون جدوى فعصابات الميناء كانت لهم بالمرصاد. ساعدني أخ عزيز مخلص بالميناء ولكنه ذكر لي أن هؤلاء التماسيح خطرين وربما يحاربوا الواحد منا ويقطعوا لقمة عيشه إن انبرينا بمعاكستهم. على كل علمت بعد سنة ونيف أن الكونتينر عرض للمزاد العلني بقرية سلوم بمبلغ قدره ٥٥ مليون ودون أن نعلم من ذلك شيئا وكان كل ذلك بمحض الصدفة!! لكن شاء الله أن الكونتينر لم يجد الشاري. وظل هناك لدلالة قادمة.
التقى أحد أشقائي وزير الاقتصاد السابق بواشنطن ووعده بتكفل كل النثريات لأن الموضوع يتعلق بإعانة للبلد. وهنا بدأت جولة أخرى مع المعمعة والجهجهة والتسكع المتواصل بوزارة الاقتصاد. وتسمع كل يوم “بكرة” “بعد بكرة”، “الاسبوع الجاي”، “الوزير لسه ما وقّع”، “مدير المكتب المسؤول ما مضى على الجواب”، أو “الجواب عند السكرتيرة في الطباعة”، “المسؤول في العمرة” أو “المسؤول في إجازة مرضية” أو “الراجل ده عندهم وفاة”، إلخ إلى أن عُزل الوزير من منصبه ولم نصل بعد كل هذه المهازل ومسح الشنب والاكراميات إلى شيء أو نتقدم سنتمتر واحد في القضية. على كل قبل أسبوعين اتصل على بعض من التجار من مدينة بورتسودان وأعلموني أنهم أشتروا الكونتينر الذي يخصني- فقلت في نفسي: أه جميل … بختكم! أعلموني تلفونيا أنه يجب علينا أن نلتقي لكي نتفق سويا على مبلغ ما لكي يبيعوا لي مِلكي هل فهمتم – حق تعبت فيه وأرسلته بمالي ومال الجمعية التطوعية هنا! لقد تبدّى أحدهم شهما وقال لي مكتبة الكتب القيّمة دي يمكننا أن نردها إليك! قلت في نفسي: أه … سمح! على كل أتصلت بأخويّ في السودان وأعطيتهم رقم الرجل للاتصال عليه، لكن للأسف لا يرد على جواله البتة وظلت نغمة: هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه حاليا” هي الواقع المرّ. فالكونتينر الذي جمعناه خلال سنة ونصف وصرفنا عليه مبلغ يقارب الخمسة ألف يورو وتعبنا فيه، وفي النهاية باعه مسؤولو الميناء ببورتسودان دون الرجوع إلينا أو إعلامنا ضاع. سمعت نفس القصة في نفس سياق تماسيح الميناء من أخت نمساوية مغبونة – تعمل في العمل التطوعي بالسودان ( أقول في نفسي: هي مالها ومال المشاكل والهم بالله!). السيدة لها علاقات واسعة بالسودان ومع أهله لأنها تحبه وتقدرهم قالت لي أنها أرسلت كونتينر بأدوات طبية قيمة سيما للمعوقين كراسي متحركة الخ – فلم يخرج حتى وبعد سل روح، وأجبرها تماسيح الميناء أن تعيده إلى النمسا مرغمة. وما كان منها إلا أن تنصاع لأوامرهم. على كل حال دفعت السيدة مبلغ ثمانية آلاف يورو للأرضيات وتكاليف الإرجاع وووو. لكن لدهشتها عندما وصل الكونتينر إلى ميناء النمسا أنها وجدته شبه فارغ، أخذوا كل الأشياء القيمة وتركوا لها بعض السفاسف. نعم، نهبوه عن بكرة أبيه. وربما قالوا: كانت أشياء تالفة أو مستعملة تم حرقها من قبل مصلحة الجودة بالجمارك. وهذا هو منطقهم دائما إن لم يجدوا عذرا آخر.
عندما أخبرني السيد التاجر مع صديقه أنهما أشتروا كونتينر المدرسة في المزاد العلني في جولة ثانية أو ثالثة فالعلم عند الله – ذكروا لي أن السلطات سحبت الكمبيوترات وبعض الأدوات الكهربائية حسب القائمة – لأنها فاقدة للصلاحية وتالفة فأحرقوها. والجدير بالذكر أن هذه الأشياء، منها كمبيوترات قيمة كانت من ماركة “أبل” وكلها من الطراز الممتاز وكانت إهداء من شركة أنترنت دزاين للمدارس. يعني تالفة كيف بس؟
من هذا المنبر أناشد السيد مدير الجمارك أن يتحرى موضوع كونتينر مدارس نهال بامدرمان وأن يتحرى كونتينر السيدة “أيديت كاسلاتر” النمساوية كأمثلة من بين آلاف الحالات أو قل ملايين الحالات التي تنضح برائحة كريهة. وأن يعاقبوا المرتشين والحرامية بهذه القطاعات لأنهم صاروا من ورائها همباتة وجلابة أثرياء لا يشق لهم غبار. ولا نريد لهذا البلد إلا أن يتقدم في محنته الحالية. والصحافة هي السلطة التشريعية الرابعة كما يقول الأوربيون لأنها تفضح وتعري وتعكس الضوء على هذه الدناءات التي لا تمت لشيم أهل السودان بصلة. والله وكيل على ما أقول.
بقلم: د.محمد بدوي مصطفى
[email]mohamed@badawi.de[/email]
(صحيفة الخرطوم)
اظن ان هنالك قصة مماثلة لمعدات غسيل كلى .. لم تصل الى وجهتها الصحيحة بحجة (( غير مطابقة للمواصفات )) طيب بس ممكن نعرف المواصفات اللازمة للتبرع ماهى حتى نساعد المرضى الذين ضاقت بهم السبل من تصرفات الجهات المعنية بالامر …
[FONT=Simplified Arabic][SIZE=6]اسواء مؤسسة يمكنك ان تمر من خلالها بعد وزارة المالية وولاية الخرطوم والمرور هي الجمارك السودانية…..فساد يضرب من الاعماق مسنود بجبروت الشرطة والويل ثم الويل ان اعترضت…يتم فتح بلاغ فيك وجهجهتك حتي تقول حقي بي رقبتي, اما التماسيح والحرامية من مستفيدي الدلالات فحدث ولا حرج, امبراطورية فساد وشبكة علاقات تم بنائها من زمان اللواء صلاح وللاسف المدير الحالي لم يستطع ان يهدم هذا النبت الفاسد وتغاضي عنه عملا بمبداء (كل زول بي جازو)[/SIZE][/FONT]
يا اخى الكريم انا لدى مشكلة ايضا مع الجمارك وبسيطة وقصتك دى بسيطة دى دوله ما عندها نظم ولا رافه لا بعرفوا مصلحة الوطن ولا المواطن هم ضد المواطن عاوزين فلوس فقط؟ وعبارة عن دويلات وطرق ملويه والى الاخر عشان كده بنادى باعفاء كل الرتب الكبار بالجمارك واعادة هيكلة الجمارك بصورة علميه واسس واضحة وخدميه للقطاع التجارى والمغتربيين والمواطنيين باسس شفافه وتعاليم ومسودات تعلق فى كل مكان ليعرف المواطن ما له وما عليه وبرسوم واضحة المعالم وشفافيه وغير ملزمة ومعقدة وفورية الاجراءات من شباك واحد فى خلال فترة محددة بدون واسطات وسماسرة واشباه المتغوليين والى متى ونحن نعيش الاستغلال والله فضايح وكل يوم بنهمس فى اذن المسئوليين ورئيس الدوله والخ من القائمه ؟ لاصلاح الفساد الفساد ولاسف لا حياة لمن تنادى وخوفى من الفيضان على الكل وحتى الاحزاب صاحبت الكلام الكثير بدون انجاز الخ خوفا من الشباب المتطلع لامن وشفافيه ووضوح وجز الفساد والله المستعان
اخي انت غلطان اولا كان تنسق مع العساكر الفي الابواب فقط ولو عندك قنبلة ذرية كان دخلت البلاد بدون جمارك .
[SIZE=6]للوضع الشايفنوا وعايشنوا دا من تردي اخلاق وفساد وبيع ذمم
ياريت لو الانجليز لي هسي قاعدين كان السودان دا اصلح
[/SIZE]
خمسين في المائة من مشاكل ولاية البحر الأحمر تم حلها والسيطرة عليها بقيادة الوالي الهمام محمد طاهر ايلا .
ولكن الخمسين في المائة الباقية ومنها أو لنقل أولها : ميناء بورتسودان وميناء سواكن ، هاتين المينائين تعج بالتماسيح الكبيرة الفاسدة التي تنشر الفساد في كل شيىء وأذكر قصة (العربة البرادو الخاصة بالدكتور المغترب التي تم تخليصها في يوم أو يومين من وراء صاحبها الذي كان يخلص أوراقها في الخرطوم ثم العودة الى بورتسودان لإستلام السيارة البرادو خاصته ،عند مثوله أمامهم لإستلام سيارته قالوا له أن السيارة البرادو الآن تمشي الهوينا في شوارع الخرطوم بإسم أحد المسئولين الكبار وقيل وقتها أنه على عثمان محمد طه – وبدأوا في مساومته ومنعوا ظهور الخبر في الصحف .
ربما الوالي الهمام يضع في أولوياته تحسين الأوضاع في الميناء خطوة خطوة ولكن يبدوا أن الوالي لم يبدأ بعد !!
نريد من الوالي الهمام الذي عودنا بحسم كل التفلتات وبتر الفساد ، أن يشمر عن أكمامه ويتجه صوب المينائين (ميناء جمارك بورتسودان – مينا جمارك سواكن) لتكتمل الصورة الجميلة النظيفة لولاية البحر الأحر ودمتم سالمين .
لأنه إذا تـٌـرك جزء مهم من الجسد ينخر فيه السوس فإن نهاية الجسد الموت .
خمسين في المائة من مشاكل ولاية البحر الأحمر تم حلها والسيطرة عليها بقيادة الوالي الهمام محمد طاهر ايلا .
ولكن الخمسين في المائة الباقية ومنها أو لنقل أولها : ميناء بورتسودان وميناء سواكن ، هاتين المينائين تعج بالتماسيح الكبيرة الفاسدة التي تنشر الفساد في كل شيىء وأذكر قصة (العربة البرادو الخاصة بالدكتور المغترب التي تم تخليصها في يوم أو يومين من وراء صاحبها الذي كان يخلص أوراقها في الخرطوم ثم العودة الى بورتسودان لإستلام السيارة البرادو خاصته ،عند مثوله أمامهم لإستلام سيارته قالوا له أن السيارة البرادو الآن تمشي الهوينا في شوارع الخرطوم بإسم أحد المسئولين الكبار وقيل وقتها أنه على عثمان محمد طه – وبدأوا في مساومته ومنعوا ظهور الخبر في الصحف .
ربما الوالي الهمام يضع في أولوياته تحسين الأوضاع في الميناء خطوة خطوة ولكن يبدوا أن الوالي لم يبدأ بعد !!
نريد من الوالي الهمام الذي عودنا بحسم كل التفلتات وبتر الفساد ، أن يشمر عن أكمامه ويتجه صوب المينائين (ميناء جمارك بورتسودان – مينا جمارك سواكن) لتكتمل الصورة الجميلة النظيفة لولاية البحر الأحر ودمتم سالمين .
لأنه إذا تـٌـرك جزء مهم من الجسد ينخر فيه السوس فإن نهاية الجسد الموت .