بوتفليقة.. الرئاسة والحكم بكرسي متحرك لـ«5» سنوات
أما الأسباب التي أدت لفوز عبدالعزيز بوتفليقة بالرئاسة الرابعة، ربما كانت أن الجزائريين فضّلوا الاستمرارية على التغيير داخل النظام القائم، لتأثرهم بإستراتيجية التخويف من المجهول التي تبنّاها أنصار بوتفليقة في مواجهة منافسيهم من المترشحين الآخرين ، ويمكن اعتبار فوز الرئيس بوتفليقة بالرئاسة الرابعة، من خلال تهيئة الأرضية المناسبة لبروز الوجوه التي خاضت الدور الأول من الانتخابات، إذ لا يوجد بينها أي من الأسماء المحسوبة على المعارضة التمثيلية، وهو ما وضع الناخب أمام حتمية الاختيار بين وجوه متعددة لعملة واحدة.
ويرد الخبير الجزائري في علم الاجتماع السياسي الدكتور ناصر جابي، بشأن مشهد ظهور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وهو ينتخب فوق كرسي متحرك والتداعيات التي أفرزتها الصورة على المستويين الداخلي والخارجي، وهل لعبت الصورة دوراً وحوّلت مشاعر النقمة والسخط لمشاعر رأفة وشفقة بالرئيس المترشح ،ويقول الخبير الجزائري إن الرئيس أظهر نفسه كرئيس عاجز ، وتساءل جابي بأنه كيف لـ«بوتفليقة» أن يواصل سنوات الرئاسة الخمس القادمة.
من جهة أخرى حتى أبرز المنافسين لـ«بوتفليقة» وهو علي بن فليس، كان واحداً من أطراف النظام القائم، وماضيه شاهد حيث شغل منصب وزير العدل، وترأس الحكومة وديوان رئاسة الجمهورية، وشغل أمين الحزب الحاكم، وهي مناصب لا يمكن أن تسند لشخصية تحظى بدعم النواة الصلبة للنظام، أما بقية المترشحين وإن لم يكونوا يتوفرون على الثقل الذي يمكنه تهديد حظوظ المرشح الأول للنظام، ممثلاً في الرئيس المعاد انتخابه، إلا أن هندسة توزيعهم الجغرافي والإيديولوجي والسياسي، كانت كلها تصب في مصلحة الرئاسة الرابعة ، وهو ما يكون قد رسّخ قناعة لدى أغلبية الناخبين، بأن مجرد تغيير الوجوه داخل النظام الواحد، لا يمكن أن يأتي بثماره المرجوة.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن نتائج انتخابات الجزائر ، جاءت لتؤكد أن الجزائريين تنازلوا عن الكثير من الأوراق لأجل إعادة انتخاب مرشح أنهكه المرض، بالرغم من أن خصومه كانوا على قدر كبير من السلامة الجسدية ، مرسخين بذلك قناعة مفادها أن التغيير من أجل التغيير لا جدوى من ورائه.
بفوز الرئيس بوتفليقة، في واحد من أغرب الانتخابات الرئاسية في العالم ، يكون قد نجح في إضافة خمس سنوات جديدة لعمر نظامه ، والاستعداد لاحتمالات الصدام مع خلال الصف الداخلي ، خاصة أن الجزائريين تخطّوا هذه العتبة وعينهم إلى من يخلف بوتفليقة في الانتخابات المقبلة؟ ، وربما كان هذا محور اهتمامهم خلال الفترة القادمة.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش
نظام معاق ذلك الذي ينتخب رئيس معاق بصورة متكررة وكأن كل رجال الجزائر قد استشهدوا مع المليون شهيد ولم يتبق غير هذا المعاق بدنا وذهنا.