قمنا على اللكلكة؟
(1)
لقد كثرت المفاوضات بين السودانَين الاثنين (الليلة وين؟)، وكثرت الاتفاقيات، وكثرت الفشلات جمع فشل ـ إذا جاز التعبير ـ وكثرت المهاترات وكثرت النزاعات وكثرت الدوشمانات بينهما الاثنين (الليلة وين؟)؛ فلم يستطع المؤتمر الوطني اقتلاع الحركة الشعبية من جوبا، ولم تستطع الحركة الشعبية اقتلاع المؤتمر من الخرطوم فحدث الإرهاق، لذلك يكون من الطبيعي أن يتفقا على إنهاء حالة حَرَاق الروح بينهما. ولكن التحدي الماثل الآن كيف يمكن أن تتحول هذه الاتفاقيات من اتفاقيات حزبية إلى اتفاقيات شعبية؛ أي من اتفاقيات بين حزبين إلى اتفاقيات بين بلدين؟ إذا أصَرَّ الطرفان على جعل الاتفاقيات حزبية فليَبْشِر حراق الروح بطول سلامة!.
(2)
النفط، مع قلةِ مقداره مقارنةً بأيةِ دولة بترولية، إلا أنه، بالنسبة لبؤس وفقر السودان المالي، كان كبيراً (ضَرْب الكوراك كَتير على راعي البقر) كما يقول المثل، لذلك أحدث هذا الفَنطُوط أثراً كبيراً في السياسة السودانية؛ فهو الذي أدَّى إلى استعار الحرب الأهلية، وهو الذي تسبب في اتفاقية نيفاشا التي تقوم أساساً على اقتسام الثروة والسلطة؛ والثروة ليس فيها إلا النفط، واقتسام السلطة بدون ثروة لا ينفع سَلطة (بفتح السين)، وتَسَبَّب فنطوط النفط في الانفصال، لأن الجنوبيين يريدون (الفتفتي) الثانية! ثم تسبب ذات النفط في اشتداد الصراع بين البلدين، لا بل أشعلها حرباً بالوكالة، وحرباً مباشرة بينهما، وها هو النفط يعود في اتفاقيات التعاون كَرَاس حربة؛ فحاجتهما الاثنين (الليلة وين؟) للدولار الأخضر هي التي عَجَّلت بالاتفاق بينهما. فالسؤال هنا هل بدأ النفط رحلة عكسية؟ هل أراد التكفير عن ذنوبه التي ارتكبها في حقّ السودان ثم السودانين الاثنين (الليلة وين؟).
(3)
جاء في أخبار مساء الثلاثاء أن الرئيسين، البشير وكير، قد تخابرا هاتفياً، وقدما التهنئة لبعض، وأكَّدا عزمهما على المضي قدماً في تنفيذ ما تم التوقيع عليه من اتفاقيات، ولحدِّي هنا نحن كويسين، ولكن بقية الخبر تقول إن كير قَدَّم الدعوة للبشير فقبلها على أن يحدد الموعد فيما بعد، فالسؤال هنا الزيارة دي لزومها شنو؟. يبدو أننا قمنا على اللكلكة تاني؟ غداً سوف يخرج علينا من يحذر البشير من زيارة جوبا؟ سوف يخرج من جوبا من ينادي بعدم استقبال البشير، وينصرف الناس عن العلاقة بين البلدين إلى العلاقة بين الرئيسين. المطلوب من الرئيسين السهر على تنفيذ ما اتفق عليه بحكم أنهما رئيسي الجهازين التنفيذيين، وليس المطلوب منهما تبادل الابتسامات. الذي تجدر ملاحظته، ومنذ استقلال جنوب السودان، وإن شئت قل انفصال؛ ما أن يلتقي الرئيسين إلا وتحدث (كُبّة) في ذلك اللقاء، ليس لأن هناك عداوة متأصلة بينهما، بل لأن الذين يريدون استمرار التوتر بين البلدين الاثنين (الليلة وين؟) يستغلان تلك اللقاءات؛ فالحكم في البلدين الاثنين (الليلة وين؟) ليس حكم مؤسسات، فمن فضلكم رَكّزوا على التنفيذ واتركوا الهيافات.
(4)
كان عمنا الطيب منوماً في مستشفى الخرطوم في إحدى عنابر الباطنية، وكان رجلاً شجاعاً ذو طرفة، فكلما احتضر أحد المنومين معه في العنبر يقول (قمنا على اللكلكة تاني؟).
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]