رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : اتفاق «أبو عيسى ـ عقار» وقصة الشيك

يا جماعة لنقرأ أولاً ما اتفق عليه أبو عيسى وعقار، أبو عيسى رئيس هيئة تحالف المعارضة التي رفضت فيها قوى اليسار الاستجابة للحوار مع الدولة. وعقار طبعاً معروف قائد تمرد قطاع الشمال في الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة سلفا كير الرجلان اللذان يمثلان القوى اليسارية والتمرد اتفقا على ضرورة الحل السلمي الشامل وتهيئة المناخ السياسي ووقف الحرب والغاء القوانين المقيدة للحريات والانتقال من الشمولية إلى الديمقراطية.. لكن وقف الحرب هل سيلتزم به التمرد؟ لنقل إن اتفاق أبو عيسى ـ عقار هو إعادة إنتاج لاتفاق ميشاكوس مثلاً.. وإذا كانت القوى اليسارية التي يمثلها أبو عيسى بصورة أو بأخرى تعتبر أن خطاب الحكومة بخصوص الحوار وقرارات الحكومة بشأن الحريات بأنها عبارة عن «شيك بدون رصيد»، فهل توقيع عقار مع أبو عيسى على اتفاق يتحدث عن وقف الحرب يعتبر «شيك بدون رصيد»؟ أم أن عقار اتفق مع الحكومة على ذلك قبل أن يتفق مع القوى اليسارية في تحالف المعارضة الرافضة للحوار؟

أما الانتقال من الشمولية إلى الديمقراطية، فلا أفهم كيف يكون هذا ضمن اتفاق بين طرفين لا يمثل أحد منهما الحكومة.. مثل هذه الفقرة يمكن أن تكون في اتفاق توقعه جهة معارضة مع الحكومة باعتبار أن عملية التحول السياسي تبقى بين الحكومة ويمكن أن تكون في إطار قرارات حوار المائدة المستديرة. ثم ما علاقة أبو عيسى وعقار بالانتقال من الشمولية إلى الديمقراطية؟ إن هذه الفقرة في الاتفاق لم تأتِ إلا لتجميله واستكمال صورته للجماهير لكنها لا تعدو أن تكون إلا خلفية للصورة المراد التقاطها. ولو كان هذا الاتفاق ذا قيمة وطنية وليس فقط مجرد رد الفعل لتجاوب معظم الأحزاب المعارضة للحكومة للحوار الوطني أو سمِّه الحوار الحكومي إذا حلا لك، فلتعلن الحركة الشعبية قطاع الشمال ذلك وتبدأ في التنفيذ، فهي تعلم تماماً أن حكومة الخرطوم تلهث لهثاً وراء إيقاف الحرب. فالحرب في مصلحة التمرد وليس الحكومة. أبو عيسى معروف بشيوعيته وإذا كان يتحدث عن شيوعية على الطريقة السودانية باعتبار أن تلك الأجنبية البائدة كانت تعتمد في نهجها السياسي ديكتاتورية البروليتاريا حتى صارت دكتاتوريا على البروليتاريا فإن الطريقة السودانية رأيناها في تأييد انقلاب مايو والمشاركة فيه ورأينا أسوأ منها في انقلاب 91 يوليو ومجزرة بيت الضيافة. فالحزب الشيوعي في المعارضة هو ديمقراطي كتاكتيك سياسي لكنه في الحكم يكفر بالديمقراطية كما يكفر بغيرها.

مالك عقار كيف يتحدث عن الانتقال من الشمولية إلى الديمقراطية وهو الوالي المنتخب لولاية النيل الأزرق وهو الذي كان يسعى لموازاة الرئيس البشير دستورياً وعسكرياً في الولاية. هل كان مكسوفاً من منحه منصباً غير مستحق من ناحية ديمقراطية لذلك اعتراه الخجل فستأنف التمرد؟ أي ديمقراطية يبحث عنها عقار أكثر من التي فارقها؟ إنه بالفعل يذكر بقصة ياسر عرمان الذي ذهب إلى صفوف التمرد في سبتمبر 1986م وكان حينها الصادق المهدي رئيس الوزراء المنتخب لم تزد ولايته على الثلاثة أشهر. وقال انه تمرد من اجل النضال. ترى هل هو نضال ضد الديمقراطية؟ نضال بتاع مين؟.. لكن قوى اليسار تضع التمرد كرصيد سياسي تلجأ إليه كلما اقتربت الأحزاب الكبرى التي تعطي تحالف المعارضة القيمة العليا من التفاهم مع الحكومة.
قراءة شيوعية غريبة

قال الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي يوسف حسين إن الأحزاب المشاركة يضعها المؤتمر الوطني في جيبه. إذا انفرد الحزب الحاكم بالسلطة ولم يفتح باب الحوار والمشاركة قالوا ديكتاتوري.. وإذا ما دعا للحوار قال الشيوعيون يضع من يشارك في جيبه. لكن بوضوح أن المؤتمر الوطني عند الإسلاميين هو المنبر السياسي الذي يخاطبون من خلاله البقية مثل الجبهة الديمقراطية عند الشيوعيين. كل شيء واضح، ولا داعي لتصريحات لا داع لها أصلاً في هذا الوقت.. وجمعة مباركة.

صحيفة الإنتباهة