فدوى موسى

مضى نصف الزمن !

مضى نصف الزمن !
[JUSTIFY]لم يتبق إلا نصف الزمن .. فقد مضى النصف الأول منه.. انتباه.. فعلوا الذاكرة وأعلوا من درجاتها حتى تستعيدوها في التوقيت المناسب.. كثيرون تمضي نصف أعمارهم وهم يستجدون الذاكرة أن تسعفهم في الوقت المناسب لاتخاذ القرار المناسب، باعتبار أن القرار وليد تراكمات الخبرة والتجارب، الشيء الذي يتعارض مع النسيان.. ذلك المعنى لفقدان الذاكرة، أو عدم القدرة على استدعائها في الوقت الذي تطلب فيه، بسبب كثير من المشاكل، ولأن الكثيرين وهبهم الله قدرة خارقة على الالتقاط والحفظ والاستدعاء يوازنون… ولأن العصر تتزاحم فيه المدخلات على العقول يصعب أحياناً الاستخراج أو التنادي مع طلب المخزون… كانت (صديقتي) تكثر الضحك عليّ عندما تسألني سؤالاً فأقول لها «بكرة الرد إن شاء الله.. هسه ما بقدر أتذكر ليك الموضوع».. أو كم تفر مني ضحكة عندما أذكر أستاذي بالكلية «الذي دائماً ما أرد عليه.. نهاية اليوم يا أستاذ»، ومازالت هناك محطات في ذاكرتي تحتاج لوقت أكبر وأرحب لاستدعائها، حتى أنها مازالت تدهشني تفاصيلها وخباياها… وكثيراً ما احتار عندما أذكر أناساً كانوا عابرين جداً في حياتي، مقابل آخرين استحوذوا على مكانة ووقت أعظم بداخلي.. لا أكاد أصدق أنني نسيت بعضهم إلا عندما امتحن حقيقة بمحاولات معرفتهم أو استدعاء أسمائهم في اللحظات الأولى للقائهم.. «أمسكوا الخشب بينما أتذكر أناساً تغيرت ملامحهم واتجاهاتهم، وقد أكون لقيتهم في حالة عبور..» وإيماناً من أدبيات توارثتها من بعض الصديقات اللائي كن يقلن دائماً لا تتعمقوا مع الناس في تفاصيلهم ما دمتم لن تلتقوا معهم كثيراً.. اشتغلوا معاهم بنظرية «تتش أند موف».. المهم أن نسبة النسيان تزايدت بشكل مزعج جداً.. حيناً تنغلق الذاكرة على نفسها وتمارس العصيان الفارط.. وتصبح محاولات التذكر كمحاولات استعادة الحياة لمن يصاب بالموت السريري.. الاكلينكي… لا أكذب عليكم إن قلت إنه قد تتداخل البرامج في فكرة النسيان.. ليصبح محل التذكر الشيء العابر، بينما يعاني الأمر المفترض أنه عميق حالة من تسطيح الذهن وخفته ..

إبرة الراعي : .. مازال أمر النسيان والتذكر يزاورني.. أمسك فأرة الحاسوب وأدلف إلى «شيخ قوقل» فتجيئني النصيحة على النحو التالي… يقول العلماء إن الذاكرة مثل العضلة، كلما كثر استعمالها ضعفت.. أي أنها لا تظل مع الزمن بذات الحدة… وهو ترجيح لعامل الزمن المتقدم.. ثم أن «شيخ قوقل» يعرض علاجاً لتنشيط الذاكرة بالعطور لما يعرف بنبات طيار يعطي عطراً يسمى «نبات إبرة الراعي».. صدقوني أصبح هذا النبات في ذاكرتي محلاً للبحث والتتبع، باعتبار أنني وكثيرون مثلي في حاجة لهذه الإبرة، حتى «نثقب أوزون النسيان ونحرر غلافه من أوله لآخره.. قولوا خير».. إن شاء خير»… قالوا إن أسباب النسيان كثيرة منها ما له علائق بنظام التغذية، أو الذهن وحضوره والقدرة على الربط والاستنتاجات من عدمها، الأوضاع النفسية، الوراثة.. عدم التنظيم والمشغوليات وغيرها من أسباب… لكن تبقي هنا ميزات وخصائص موهوبة من الله للبعض، تجعلهم قدر الأمر والسرعة في التذكر…. ودائماً ما أذكر القصة التي حكاها أستاذنا عندما يصف زميله الذي كان يتميز بقدرة خارقة على الحفظ في ذلك الامتحان، عندما لم يأت السؤال بصورة مباشرة ليطالبه باسعافه باعتبار أنه بالمقابل قد فهم السؤال قائلاً «أديني رأس الخيط يا مضوي».. وحتى لا نفقد هذا الخيط علينا بتنشيط الذاكرة بالخير والجمال والله والقيم .

آخر الكلام : .. ليس خيالاً ولا فبركة حينما قال أحدهم إنه ذهب للسوق مصطحباً ابنه.. ترك ابنه في العربة ودلف ليشتري المتطلبات.. وعندما قام بالمهمة ركب المركبة العامة ونسي ابنه والعربة.. إلا في منتصف الطريق.. بعد أن مضى نصف الزمن ..
[/JUSTIFY]
مع محبتي للجميع

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]