رأي ومقالات

د. خالد حسين محمد : هل يستطيع السودان أن يعيد مياه الخليج إلى مجاريها

في حركة درامية غير مسبوقة وغير مألوفة في المسرح السياسي الخليجي، حيث أُزيحت الستارة بطريقة لا تتناسب ولا تشبه الإخراج المسرحي السياسي الخليجي، حيث قامت السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من دولة قطر ببيان مشترك موضحاً الأسباب التي دعت إلى ذلك.

السعودية هي الدولة الأولى والعظمى في الخليج، وحولها تدور بقية الإمارات والسلطنات، وكان الوقار وحكمة (شيوخ العرب) السعوديين هي التي تسم التصرفات والعلاقات بين المكونات الخليجية.
هذا الوقار والحكمة هو الذي يبقي كل الخلافات التي تنشأ بين المكونات الإماراتية والملوكية داخل البيت الخريجي والأسرة الخليجية بعيداً عن الإعلام والغير.
ولكن الذي حدث كان خروجاً عن المألوف، حيث كانت تتم معالجة الأزمات بالحلول التوفيقية بعيداً عن العقوبات، وبعيداً عن المفردات الدبلوماسية التي تستخدم بين الدول غير الخليجية، كعبارات (سحب السفراء، واستدعاء السفراء)، وغيرها.
الأمر بالنسبة لي وبالنسبة إلى الذين يحملون هم الأمة العربية والإسلامية كان صادماً، حيث كانت تمثل منطقة الخليج الأمل الذي بقي في لملمة الصف العربي والإسلامي بعدما تداعت الأمم على الأطراف كتداعي الأكلة على قصعتها، وتم إشعال الحريق في كافة مكونات الدول العربية في مصر، تونس، ليبيا، المغرب، الجزائر، اليمن، سوريا، السودان، موريتانيا ولم يبق إلا الخليج الأمل.

نحن في السودان يهمنا كل الخليج، تهمنا السعودية، وتهمنا قطر، وتهمنا الإمارات، والبحرين وسلطنة عمان والكويت. لذلك تناولنا للموضوع يكون طابعه الحرص على وحدة الخليج الأمل، وليس كتناول الآخرين الذين يصبُّون الزيت على النار لزيادة الحريق، وليس فيه انحيازاً لأحد، لذلك سوف يكون تناولنا موضوعياً رغبةً في الإصلاح ومساهمةً في عدم زيادة الفتق المؤلم الذي حدث، وإذا لم يتم تداركه سوف تكون نتيجته كارثية تقضي على الرمز الذي بقي في وحدة الأمة.

وإذا كان الذي حدث هو انعكاسات لثورة الربيع العربي فقد واجهت دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية تهديداً ربما يكون أشد وأقوى من الذي حدث، ولكن صمدت دول الخليج وتمت معالجة الأمر بالطريقة (السعودية)، أي بعيداً عن الإعلام. فقد كان التهديد على أشده واستهدف الخليج والسعودية بصورة خاصة في فترة الستينات من القرن العشرين، أثناء فترة المد الثوري العربي بقيادة جمال عبد الناصر، الذي ربما وصل للتدافع بالسلاح، ولكن كان على غير الأرض السعودية والمصرية، حيث كانت المواجهة على أرض اليمن.

وعلى الرغم من ذلك كان التصالح على أيدي الخرطوم عندما استطاعت أن تجمع بين الملك فيصل والرئيس عبد الناصر في مؤتمر قمة اللاءات الثلاثة في الخرطوم، وتم التصالح بينهما. ثم تعرض الخليج والسعودية لهجمة مماثلة بعد قيام الثورة الإيرانية 1979م ومحاولة إيران تصدير الثورة، وتمت المواجهة بين الإيرانيين والسعوديين في الحج، وعلى الرغم من تجاوز كثير من خلافات مع إيران، إلا أنه بقي منها الكثير.

ونلاحظ هنا أن التهديد كان من خارج الخليج، كما نلاحظ أن الخارج قد مارس أفعالاً بهدف زعزعة الحكم في الخليج، كحرب عبد الناصر في اليمن وحركة الحجاج الإيرانيين أثناء موسم الحج، مع ملاحظة أن ثورات الربيع العربي هي ثورات شعوب ليست لها قيادة، لذلك لم يكن الاتهام لدولة أو زعامة بأنها تهدف إلى زعزعة الحكم في الخليج.

ولكن ربما تأتي بعض من الإجابة هنا، ويأتي المبرر على الأقل لدول الخليج بقيادة السعودية بسحب سفرائها من الدوحة، وذلك لاتهام السعودية لقطر لارتباطها بحركات الربيع العربي. ويكون الجديد في الأمر أن التهديد هذه المرة يأتي من الداخل بواسطة عضو من أعضاء الخليج هو قطر.

ولكن الخلافات مع قطر لم تكن وليدة اليوم، وهي ترجع للعام 1977م عندما أصبح الشيخ حمد ولياً للعهد في قطر ووزيراً للدفاع، والذي كانت لديه نزعة استقلالية عن الطوع السعودي، وقد تطلع لأن تلعب قطر دوراً قيادياً على المستوى الإقليمي والدولي.

وكانت حرب الخليج الأولى في العام 1990م بداية الخروج القطري الواضح من السلطان السعودي، حيث أقامت قطر تحالفاً مع أمريكا وأنشأت بموجب ذلك اتفاقية حماية أمريكية لقطر تم بموجبها إنشاء قواعد عسكرية أمريكية في قطر.
وبذلك استغنت قطر عن حماية درع الجزيرة الذي تتكون غالبيته من الجيش السعودي. وفي العام 1992م قُتِل أثنان من حرس الحدود القطريين في اشتباك على الحدود مع القوات السعودية.

وبعد انقلاب الشيخ حمد على والده في العام 1995م كانت السعودية تستقبل الشيخ الكبير في السعودية استقبال أمير وتفرش له البسط الحمراء. واتهمت قطر السعودية بدعمها للانقلاب في العام 1996م لإعادة الوالد للحكم في قطر.
كما أقامت قطر شبكة من الحلفاء معظمهم على خلاف مع السعودية، مثل إيران وسوريا وحماس وحزب الله وليبيا، هذا إضافةً لقناة الجزيرة التي أفسحت المجال لعدد كبير من المعارضين للنظام الملكي في السعودية.

هذا إضافةً لانتهاج قطر سياسة نشطة على المستوى الإقليمي والدولي في مساحات تعتبرها السعودية خاصة بها في الخليج، حيث أقامت قطر علاقات متميزة مع أمريكا وإسرائيل، ولعبت دور الوسيط الناجح في عدد من الدول كالسودان واليمن ولبنان وإثيوبيا وفلسطين والصحراء الغربية.

كل ذلك كان موجوداً وأكثر منه، ولكن التعامل معه كان من الجانب السعودي بالوقار السياسي والحكمة السعودية المعهودة، ومن جانب قطر كان يتم التعامل وفق الطريقة القطرية التي استطاعت أن تجمع بين الأضداد، وأن تلعب دور البيضة والحجر، فكانت الزيارة التي قام بها الأمير القطري الشيح حمد قبل الربيع العربي بسنوات قليلة حلحلت كثيراً من القضايا وتحسنت العلاقات بين الدولتين حتى قبل قيام الربيع العربي.

صحيفة الصيحة

‫2 تعليقات

  1. ياخي سودان شنو العايزو يرجع الشنو ما عارف..
    عليك الله خلينا في سجمنا ده..

  2. السودان قادر يحل مشاكله لما يحل مشاكل الخليج؟؟؟؟ سبحان الله اين حلايب واين ابيى ودارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان كل مشكلة اكبر من التانية ومشكلة المواطن المسكين لوحدها كوب كبير جدا ياجماعة