رأي ومقالات
أبو البنات: أعتذار للباشمهندس البيقاوي
أخي الباشمهندس البيقاوي
لك التحية والإجلال،
انتظرتك في النيلين لأكتب لك هذا الاعتذار، وكنت أود أن يراه القراء الذين ساجلوا في الموضوع، وأن يكون اعتذاري علنياً كما كان تهجُّمي علنياً، ولما طال غيابك بحثت عن طريق لنشر الاعتذار، وها هو بحمد الله ينشر.
لقد والله أسرتني بجميل ردِّك الذي أراني قبح ما كتبتُ، وهأنذا أبذل عذري، وأسألك الإعذار، ومن بعد المسامحة، فاقرأ وجُدْ بهما يا أبا الفضل، سدد الله خطاك، ومنحك العون والثبات.
والله ما كتبت ما كتبته، إلا وأنا مستعجل غافل عن فظاظة اللغة، وما تحمله من علامات سوء الطوية التي أنا براء منها بإذن ربي. وما لي غير هذا من عذر، فإن جدت بالإعذار فالفضل فيك مأمول، وأنت أهله ومظنَّته، وإن أبيت فهو حقك نطأطئ رؤوسنا لتأخذه من هاماتنا.
ولقد نظرت إلى نفسي فرأيت كيف أني جعلت منها شرطيَّ مرور على بوابة الشعر، يحرر المخالفات، ولا يقبل الرشوة، وما أنا لذلك بأهل ولا قريب.
ولعلي أحاول أن أعيد قول ما أردت قوله على وجهه الصحيح. لم يكن لي خلاف في أسِّ الموضوع، وإنما أردت أن أقول إن معالجته نثراً أوفق من معالجته شعراً؛ إذ إنه من الموضوعات التي يُحتاج فيها إلى الحجاج للاعتراض على قرارات المحليات، ويَحتاج الحجاج إلى إعمال المنطق، والبرهنة، وبذل الحجج، ومعلوم أن هذه الأمور مما لا يستطيعه الشعر الذي فيه تجاوز المنطق, واختراق جدران الوعي, وانزياح المفردات عن معانيها المعجمية، وانفتاح مجمل بنيته على آفاق التأويل بقراءات مختلفة.
ولعلي أقول عن تجربة شخصية، يظل الحكم المستخلص منها وقفاً عليها وأنا ممن يكتبون الشعر نادراً، والنثر قليلاً أن كتابة النثر الجميل أعسر مطلباً، وأصعب إنشاءً، وأعزُّ منالاً من كتابة الشعر.
وبعد فأنا أعتذر لكتّاب التعليقات في النيلين وقرّائها، وأعدهم بأن أكتب بإذن الله وأنا واعٍ ومدركٌ خطر الكلمة، ومغبَّة حصائد الألسنة المنفلتة. ولله الحمد والمنة.
وأنا أكتب لك هنا؛ إذ إني وجدت صفحة الموضوع قد راحت، لكن حاجتي إلى بيان عذري، واستجداء المسامحة من أبي الفضل الباشمهندس، جعلاني اقتحم المكان اقتحاماً، فسدَّ حاجتي يا أبا المعروف، سدَّ الله حاجاتك. غفر الله لنا ولكم، وأصلح نيّاتنا وذرِّيّاتنا.
أبو البنات
مع احترامنا الشديد لشخصيكم الكريمين وتوفر حسن النية .. لكن القارئ عندما يفتح أي خبر يتوقع معلومة مفيدة أو خبر جديد أو طرفة مسلية، اعتقد، والكمال لله، أن ما يعيبنا (كلنا) هو الانغماس في نرجسية بنفسجية داكنة .. تبادلوا العناوين وليقل كل في الآخر ما لم يقل أبا الطيب في سيف الدولة، هدانا الله واياكم .. واستغفر الله
الاخ ابو البنات اولا نشكر لك الرجوع والاعتذار عن الخطا وهذا من نعم الله على العباد . ثانيا المهندس البيقاوى رجل طيب القلب عفيف اللسان ومسامح ولا اظن انه يحمل عليك شيئا وهو رجل مهذب جدا وحسب معرفتى به البسيطة فانه رجل والرجال قليل وقد التقيته فى حياتى مرتين واعلم انه لا يذكر ذلك رغم صداقتنا الاسفيرية المرة الاولى التقيته فى ادارة شركة زين وكان معى ابن عمتى الذى تربطه به صداقة كذلك وعرفنى عليه وراح كل منا على حال سبيله والمرة الثانية زارنا فى بيتنا وكان لنا عظيم الشرف وعرفته عن قرب فاعتذارك له علنا اثلج صدورنا
[SIZE=5]الأخ أبو البنيات ….تحياتي لك
جميل إعتذارك …مبدعة لغتك وأسلوبك !
هل نقول جيد أنه حدث ما حدث حتى نمتع بهذه المقالة ؟
أما أخونا ” البيقاوي ” فجدير بأن يعتذر له ….فقد عرفناه ذا أدب جم وخلق رفيع ومستوى من التعامل الراقي ….فلله دره!
بالفعل طال غيابك يا باشمهندس لعله خير
[/SIZE]
ما اجمل اللغة التي كتبت بها اعتذارك
انك بحق نلت من الادبين ما لم ينله غالبنا ممن يسودون صفحات على الانترنت.
ان ما خطته يداك من كلمات رائعة وبليغة يضعها في صف الشعر والادب وتضعك في قائمة الادباء، فنحن يا سيدي عطشى من قلة سماع الكلام الموزون والرصين.
ونفتقد كثيرا ادب الاعتذار الذي يطيب الخواطر فنحن السودانيين بقدر ما نحن طيبون وبسيطون لكننا لا نتواضع كثيرا امام الذنوب والاخطاء بالاعتذار فتفوتنا هذه الفضيلة والتي ربما ان اجادها الناس لحلت الكثير من مشاكلنا الخاصة والعامة وربما وضعت بعض الحروب اوزارها.
ان ادب الباشمهندس الجم والذي لمسناه مما يكتب سوف لن يدعه الا وان يتقبل اعتذاركم وربما يقوي الاواصر بينكم.
متعكم الله بالحكمة والادب
بسم الله الرحمن الرحيم
أستاذنا الحبيب – أبو البنات – جزاك الله عني كل خير – عذرك مقبول – والله صافية لبن.
أستاذي الجليل: لقد تجاوزت مساهمتك الادبية الرائعة شخصي الضعيف لتلقي بظلالها الوارفة في أنحاء واسعة من مشهد العلاقات الإنسانية. وهي محاضرة كبري بعنوان (فن الإعتذار) الذي يغيب عن كثير من الاحباب بقصد أو بغير قصد في حياتنا اليومية.
فمن حيث التأصيل الديني لهذا الامر – معلوم أن التوبة لا تكتمل شروطها إلا بإعفاء حق الناس علي الإنسان (رد الحقوق لأهليها علي عجل – حتي ولو انها كانت مساويكا (البرعي الكردفاني)). والإعتذار يدخل مباشرة في باب إصلاح ذات البين الوارد في سورة الانفال (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين). ولا بد للمعتذر له من إعذار أخيه – انظر في سورة يوسف لموقف سيدنا يوسف من إخوته الذين رموه في غيابة الجب وانتهوا إليه في مصر يطلبون يد العون الإقتصادي ومازالوا ماكرين (إن يسرق, فقد سرق أخ له من قبل) – سامح يوسف إخوته بسمو وترفع متناهي الجمال والسمو: [ القول في تأويل قوله تعالى : ( قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ( 92 ) ) قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال يوسف لإخوته : ( لا تثريب ) يقول : لا تعيير عليكم ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحق الأخوة ، ولكن لكم عندي الصفح والعفو . وقوله : ( يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) ، وهذا دعاء من يوسف لإخوته بأن يغفر الله لهم ذنبهم فيما أتوا إليه وركبوا منه من الظلم ، يقول : عفا الله لكم عن ذنبكم وظلمكم ، فستره عليكم ( وهو أرحم الراحمين ) ، يقول : والله أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه ، وأناب إلى طاعته بالتوبة من معصيته.
وفي السنة: يقول سيدنا النبي محمد صلي الله عليه وسلم ما معناه: أنا أصل من قطعني – وأعطي من منعني – وأعفو عمن ظلمني. فإذا سمعت أحدا يتغني بقول الشاعر 🙁 ما بنمشي لناس ما بيجونا – في القلعة رجعو يعزبونا) فذلك إرتداد عن طريق العفو والمسامحة والمسامح كريم.
وفي الشعر:
وعلي سبيل الدعابة الشعرية (بالعامية السودانية) فقط: بسامحك لحبي ما لاجلك – وللمعاني الكنت انظم فيها حولك – أصلي بعدك ما هويت – ولا حتي قبلك. وأيضاً: أغلطوا إنتو يا أحباب – نجيكم نحنا بالأعذار – عشان خايفين تفوتونا – عشان خايفين نعيش في ودار – حزين قلبا غشاهو الحب – ياريتو لو ما زار. وكذلك: ما أحلي التصافي – من بعد التجافي – دا الكان بينا حاصل – أسباب ليهو مافي.
ملاحظة صغيرة حول شهر مارس:
يوم 8 مارس تقريبا مرت ذكري حجة الوداع التي تلي فيها سيدنا النبي الآيات الكريمات (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وأوصي الرجال بأن يستوصوا بالنساء خيراً. وفي ذات الشهر مرت ذكري عيد الأم واعتقد مرت ذكري يوم المرأة كذلك. وهذه الكنية (أبو البنات) تشير إلي تقدير النساء. وانا عندما كتبت تلك القصيدة – كتبتها متضامنا مع فئة من النساء تعاني الامرين وتقوم بتربية النشء الواقع تحت مسئوليتها انثي كانت او ذكرا ولا تعرف نظام الفصل العنصري في موضوع التربية هذا.
مسألة اللغة العربية وقوانينها:
أولا أعترف بوصفي مهندسا بعدم الحصول علي العلم المتعمق المتخصص باللغة العربية رغم أني كتبت بالفطرة عددا من القصائد (بالفصحي والعامية) التي وجدت استحسانا من بعض المتلقين. وقد حباني الله بالجلوس بالقرب من البروفيسور العالم المرحوم عبدالله الطيب في قسم الثقافة بالإذاعة السودانية في يوم من الايام وكنت اتعاون وقتها مع الاخ العزيز الكتور/ عبدالدائم عمر الحسن والأستاذ/ عبدالمطلب الفحل – الإذاعيين المرموقين. وأذكر أني سألته عن الترجمة الصحيحة للكلمة الإنجليزية (Telecommunications) فاستحن كلمة المواصلات علي الإتصالات ولكن مجمع اللغة العربية في بلد عربي ما اعتمد كلمة إتصالات فسارت بها الركبان ففي كل حدب وصوب.
وعلي ذكر البروف عبدالله الطيب – رحمة الله عليه:
قيل أن أحد المذيعين قد استضافه في أحد البرامج الثقافيه – وسأله عن الادب الجاهلي – وطلب منه تقديم بعض النماذج الشعرية – فجاء البروف علي ذكر تلكم الأبيات المشهورة التي قيل أنها للشاعر الجاهلي أسد بن فأر الأسدي وقال بعضهم انها للشاعر الجاهلي الليث بن فأر الغضنفري:
ومدعشر بالقعطلين تحشرمت *** شرافتاه فخر كالحربصل.
فقيل أن المذيع سأل البروف عبدالله الطيب عن معني كلمة (حربعصل)؟ فرد عليه البروف بقوله: الحربعصل هو أصفر الجلعبط والمعني واضح. فلم يتمكن المذيع من تقديم سؤال اضافي حول معني كلمة (جلعبط) التي وردت في الشرح. وهنا كانت تكمن الطرفة.
أخيرا جدا:
مع ان التكرار ممل لكني وجدت في أحد المواقع ما أورده احد المواقع عن هذه القصيدة (ويحتاج للتحقيق من اهل اللغة العربية المتخصصين) فيما يتعلق بسلامة النص وصحة معاني الكلمات:
الكاتب يقول: ومع سهولة معاني القصيدة إلا أنني أخشى أن بعض متوسطي الفهم قد يجهلون بعض معانيها القيمة لذلك أرفقت معاني الكلمات .
يقول الشاعر:
تدفق في البـطـحـاء بعد تبهطلِ وقعقع في البيداء غير مزركلِ
وســار بأركان العقيش مقرنصاً وهام بكل القارطات بشنكــلِ
يقول وما بال البـحاط مـقرطماً ويسعى دواماً بين هك وهنكـلِ
إذا أقـبـل البعـراط طاح بهمةٍ وإن أقرط المحطوش ناء بكلكلِ
يكاد على فرط الحطيـف يبقبـق ويضرب ما بين الهماط وكندلِ
فيا أيها البغقوش لسـت بقاعـدٍ ولا أنت في كل البحيص بطنبل
معاني الكلمات
تبهطل: أي تكرنف في المشاحط
الهماط: هي عكوط تظهر ليلاً وتختفي نهاراً
المزركل: هو كل بعبيط أصابته فطاطة
يبقبق: أي يهرتج بشدة
العقيش: هو البقس المزركب
المحطوش: هو المتقارش بغير مهباج
مقرنصاً: أي كثير التمقمق ليلاً
أقرط: أي قرطف يده من شدة البرد
البحطاط: أي الفكاش المكتئب
مقرطماً: أي مزنفلاً
هك: الهك هو البقيص الصغير
البعراط: هو واحد البعاريط وهو العكوش المضيئة
الكندل: هو العنجف المتمارط
البغقوش: هو المعطاط المكتنف
البحيص: هو وادٍ بشمال المريخ
الطنبل: هو البعاق المتفرطش ساعة الغروب
مدعشر بالقعطلين تحشرمت شرافتاه فخر كالبعبلي
نعم هذه هى قصيدة الشاعر (( الليث بن فار الغضنفرى ))
ويكمل بعد هذه الابيات قائلا ::
ومدعشر بالقحطلين تحشرمت …………. شرافتاه فخر كالحرباصلى
والهيكذوب الهيكذوب تهيهع …………. وخر كالعنكبوت المنفل
وتشحفط الفشحاط فى شحط الحفا ………وتبعبر البعبار فى البعبعبرى
الله يرحم بقى ……..ايام زماااااااااااااااان
أعده: المهندس/ إبراهيم عيسي البيقاوي