وهم اسمه الاحتراف العربي
من المستحيل أن أحضر أنا أو أي شخص آخر مؤتمر دبي السابع للاحتراف ولا يكتب عنه وعن الدروس التي خرجنا بها منه، وأولها أن الاحتراف الكروي في عالمنا العربي ما زال بعيدا سنوات ضوئية عن الاحتراف الحقيقي الذي يعرفه العالم، وبالتحديد أوروبا.
وبعيدا عن (أسطوانات الخصوصية العربية) التي نسمعها في كل بلد لا يريد تطبيق الاحتراف كما هو متعارف عليه، وليس كما نريده نحن، وسبق وسمعت كلاما واضحا لا لبس فيه من رئيس الاتحاد الآسيوي السابق محمد بن همام، ومن نائبه يوسف السركال الذي أعلن ترشحه للحلول مكانه أن الاحتراف الخليجي في بعضه الكثير (وليس في كل الأماكن) حبر على ورق أو مجرد ورق… مع اختلاف كميات الحبر وكميات الورق، ومع اختلاف أسلوب التعبير.
وفي مؤتمر دبي السابع حضر معظم خبرات الكرة الأرضية، وكانت الدعوة عامة لكل من يحب أن يأتي ويستفيد، ولكنني «فجعت» كالعادة بأن عدد الراغبين بالاستفادة «من خارج الإمارات» يمكن أن يصلوا إلى أصابع اليدين، رغم أن احترافنا العربي من المحيط إلى الخليج يحتاج لصقل هنا وتحديث هناك، و«ربيع احترافي» في بعض الأماكن، وبما أننا كثيرون، ودولنا تصل لما فوق العشرين، لهذا إن حضر من كل دولة عشرة أو عشرون من أصحاب القرار والمساهمين بصياغة القرارات، لوجدنا أروقة المؤتمر تغص بهم، ولكنهم للأسف غابوا «كالعادة»، وأنا لا أتحدث عن الذين تمت دعوتهم، بل عن الذين يتحدثون عن «قصور الاحتراف العربي» وهم جالسون في بيوتهم أو مكاتبهم، ويظهرون علينا ليل نهار عبر الشاشات ينظرون إلينا.. وأين هم رؤساء الأندية الذين تعبت الفضائيات من حضورهم؟
علما بأن البعض رأى أنه لا حاجة لحضورهم هكذا مؤتمرات، وهو ما أراه مناقضا ومنافيا لأساسيات عمل أي رئيس ناد، والدليل وجود رؤساء أندية أوروبية كبيرة وعملاقة في معظم مؤتمرات الاحتراف، وأين هم مديرو الأندية ومديرو الكرة (وهو اللقب الحصري على الكرة السعودية)؟
وأين المدربون وأمناء سر الاتحادات ولجان الطبابة ووكلاء أعمال اللاعبين والمهتمون بالتسويق وحقوق الرعاية والتذاكر الإلكترونية وحتى المحامين؟ (لم نسمع يوما أن لدينا مكاتب محاماة رياضية أو محامين مختصين بالقضايا الرياضية).
كل هذه القضايا تتحدث عنها مؤتمرات الاحتراف، ومنها مؤتمر دبي، وكلمة حق بحق رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأخ أحمد عيد، فهو من المواظبين على الحضور بشكل دوري، وقبل أن يتسلم سدة الرئاسة، وهو من أكثر الحاضرين تسجيلا للملاحظات، ومعه الصديق الدكتور حافظ المدلج، ومحمد النويصر الذي افتقدناه هذه السنة، إضافة لبعض الزملاء الإعلاميين الذين لن أذكرهم بالاسم ممن جاءوا للتغطية والمعرفة والخبرة، ولكنهم ليسوا أصحاب قرار في الملفات الكروية في بلدانهم.
بدل أن نسافر لأوروبا لحضور مؤتمرات الآخرين ها هي المؤتمرات تأتي إلينا بين إخواننا ممن يتكلمون لغتنا، وظروفهم تتشابه مع ظروفنا، ومع هذا نرفض الحضور… أليس وقتها من حقنا أن نتساءل عن سر هذا الغياب؟
[/JUSTIFY]