تحقيقات وتقارير

أحزاب ومبادرات سياسية جيدة .. ولكن !!

[JUSTIFY]انتقلت العديد من القوى السياسية في السودان في الآونة الأخيرة نحو بناء تصوراتها الخاصة بكيفية إدارة الحوار الوطني وما ستشتمل عليه أجنداته المقترحة، وهو أمر بالغ الأهمية في هذه المرحلة الحرجة من مراحل الممارسة السياسية في هذا البلد.

حزب الأمة القومي، وهو أكثر الأحزاب السودانية حراكاً وسط قواعد ومكاتبه القيادية، وتظهر على صفحات الصحف بشكل يومي نتائج التداول المستمر داخل داخل مؤسساتهم الحزبية حول الحوار ومجمل القضايا التي هي مثار اهتمام قومي.
وكذلك نجد كوادر الحزب الاتحادي الديمقراطي في حالة عمل مستمر يكسب الساحة السياسية حيوية وقدراً كبيراً من الانفتاح السياسي الذي يقود بدوره إلى حدوث تفاهمات وتقارب بين القوى السياسية المختلفة بإيجاد ((منطلقات)) الحوار السياسي “البناء”.

وهذه النماذج التي ذكرناها لا تلفي غياب هذه الأنشطة في الأحزاب ألآخري، وإنما هي الأكثر بروزا هذه الأيام على سطح الأحداث، وأيضاً تتحرك المكاتب القيادية بالمؤتمر الشعبي بكثافة وضغط في برامجهم التنظيمية اليومية.
وينظر رجل الشارع، ونحن معه، لهذه المبادرات والمقترحات التي تتقدم بها هذه الأحزاب بتفاؤل، ونتطلع لأن (نري نتائج على الأرض) تتيح الفرصة لخيارات التداول السلمي للسلطة وتقفل باب الحلول الأمنية والعسكرية في هذا البلد.

الا أن هنالك نقصاً حاداً فيما يتم نشره حول هذه المبادرات السياسية من حيث الأفكار والمقدمات المنطقية التي تنعكس فيها رؤي هذه الأحزاب، بما يسمح بالتعرف على النقاط (الجديدة والمتغيرة) في برامجها وأيدلوجياتها الخاصة.
لان العمل الحزبي طوال المراحل السابقة في وسط هذه المعارضة أو الأحزاب الأخرى المنضوية تحت حكومة الوحدة الوطنية، كان يتم ضمن (أطر جماعية) لا يستطيع المراقب أو المواطن تمييز مواقف هذه الأحزاب (منفصلة) فيها.

وتكون الجماعية في العمل السياسي نقيضاً لمفهوم صناعة القرار السياسي بشكل (جماعي)، الا في حالة أن تكون هذه (القوى السياسية) في وضع لا يسمح لها بالعمل (منفردة) في إطار النشر السياسي والثقافي في المجتمعات المحلية.
وهذا التناقض أظهرته تجربة حزب ((المؤتمر الشعبي)) ذي الخلفيات السياسية المتشابكة ما بين المدارس والمرجعيات الفكرية المختلفة، في انه هو الحزب الوحيد.

على الأقل. الذي تعارضت رؤيته للحل السياسي مع هذه (المعارضة).
بحكم أن موقفه من التغيير السياسي للحكومة يمر عبر تمرحلات القرار السياسي الحزبي. بالدراسة المتأنية. لمآلات التغيير العنيف استناداً على خلفيات ما يجري في بلدان الربيع العربي (الآن) من انسلاخات وتنح مرفوض خارجياً.
وليس بعيداً عن حزب الأمة القومي ذي الوزن السياسي المعياري الكبير، انه ينظر لمستقبل الممارسة السياسية في هذا البلد من زاوية أن هالك (واجبات سياسية تقع على عاتق هذه الأحزاب) في حق المجتمع السوداني قبل النزول لمواجهة النظام.
وهي أفكار سياسية تتقدم فيها (صورة الدولة الكبيرة) على الصورة المختزلة (للدولة في الحزب)، باعتبار أن العداء المستمر والمستدام لنظام حكم محدد، لا يخدم على ألمدي الطويل مجهودات الحفاظ على الأمن القومي أو السيادة الوطنية.
باعتبار أن (الأصوات التي تنادي برفض الحوار بالإسقاط كشرط أساسي لتحقيق التغيير السياسي في هذا البلد، وقطعاً هو رأي سياسي له ما يدعمه ما أفكار سياسية أيضاً لديهم.

وهذا يوحي، بأن هنالك (خلخلة نوعاً ما) بدأت تمس عصب (المفاهيم القديمة للتعارض السياسي) وكيفيات إدارته في هذا البلد، وأمكن التعرف على أن هنالك (روحاً وطنية ايجابية) تختبئ حتى في أحلك الظروف داخل هذه (المعارضة).
كما أن (اقتناع الحكومة) بالوقوف على مسافة واحدة من هذه القوى السياسية، في ان تمنح الجميع حق أن يعبروا عن هذه الرؤى السياسية في إطار (الوطن الواحد) يكون مدخلاً مواتياً لانجاز مهمة الحوار الوطني في جو صحي ومعافي.
لان الأحزاب لا تستطيع أن (تستطيع أن (تتصرف بطبيعتها الاجتماعية المرنة) الا في مساحات مريحة من حرية التعبير والقدرة على تبادل الآراء والتداول حولها دون حجر أو خوف، وهذا ما عكسته حوارات الرئيس مع بعض الأحزاب.

ويمكن أن نلاحظ، ان في جلوس بعض اليساريين الناصريين) مع الحكومة في هذا الوقت بالذات، ما يدفع بالمزيد من الأفكار السياسية التي كانت (تقال همساً) لكي تظهر في العلن وهي محمولة داخل سياقات منطقية ومتوازنة.
لتكون الدولة السودانية التاريخية، بإنسانها ومواردها وكل ارثها الحضاري، هي الموضع الرئيس وليست كراسي الحكم والسلطة، كما يتصور البعض أن في إسقاط النظام أو تغييره بأي كيفية كانت يمكن الحل السياسي (المنتظر).

ووصفه (احترام الآخرين) والإقرار العفوي بحقوقهم في الوطن والحياة الكريمة في داخله، يضمن التواصل بين الحكومة والمعارضة ويخفف من آثار الاحتقان والتعارض السلبي في أن يعمل الجميع لأجل رفعته وسلامة أراضيه مستقبلاً.

صحيفة الصحافة
محمد المجمر
ع.ش[/JUSTIFY]