رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد في حديث الساعة : تشاد ستظل (شوكة حوت) في حلق دارفور إن لم تحل قضيتهما معا
اخر لحظة – حوار: محجوب عثمان تصوير: سفيان البشرى
[ALIGN=JUSTIFY]يجب استغلال ازدهار العلاقات المصرية السودانية الحالي لحل قضية حلايب حذرياً
مشكلة أبيي حول البترول وعلى الشريكين أن يستغلاه في دعم المنطقة
قضية دارفور يجب أن تحل داخليا عبر مؤتمر حوار محلي
تتلاحق القضايا وتتسارع على المسرح السياسي الأمر الذي يجعل كل القوى السياسية تحت خطاها لملاحقتها بالشكل الذي يجعلها داخل دائرة الأحداث، وتعمل بقدر المستطاع على معالجتها وفق رؤية تمكن البلاد والمواطن من تجاوزها بأقصر الطرق وأفضلها، خاصة أن البلاد موعودة بقضايا ساخنة حتى العام 2011م على أقل تقدير إذ تحفل الفترة المقبلة بانتخابات على مستوى الرئاسة والبرلمان، تجعل كل القوى السياسية تبحث عن تحالفات عريضة لخوضها بما يحقق لها المكاسب التي تمكنها من تنفيذ برامجها. ويظل حزب الأمة الإصلاح والتجديد (القيادة الجماعية) أحد هذه الأحزاب خاصة وأنه يمتلك آلية تقديم المبادرات من خلال وجوده ضمن الفعاليات التنفيذية للحكومة منذ وقت طويل، ظل فيه مشاركاً في السلطة عبر حكومة البرنامج الوطني وحكومة الوحدة الوطنية، وكذلك من خلال المناصب التي تقلدها رئيس الحزب د.الصادق الهادي في الجهاز التنفيذي والتي بلغت أن يكون نائب والي الخرطوم.. «آخر لحظة» سعت إلى د. الصادق وناقشت معه مستجدات الساحة السياسية في ضوء الوفاق الوطني الذي تمر به البلاد حالياً، وخطة حزبه للانتخابات المقبلة وخرجت منه بهذا الحوار:-
{ كنتم قد صرحتم حول قضية حلايب للصحف المحلية وهي القضية التي ظلت مثار خلاف بين مصر والسودان منذ منتصف القرن الماضي.. فما هي رؤيتكم لحلها؟؟
تعلم ويعلم الجميع أن قضية حلايب تعتبر قضية مزمنة بدأت منذ العام 1957م وظلت تمثل ثيرمومتر العلاقة بين السودان ومصر، فكلما اشتدت الأزمات يكون هناك توتر في أي قضية بين البلدين وتظهر قضية حلايب على السطح.. وفي الآونة الأخيرة برزت القضية عندما منع مسؤولو التعداد السكاني من دخول مثلث حلايب وأثار ذلك القضية مجدداً. وأنا الآن أرى أن العلاقة بين مصر والسودان في أفضل حالاتها وإن كانت هناك مشكلة في حلايب يجب أن تحل في هذا الوضع المستقر بين البلدين، وانطلاقا من هذه الرؤية طرحت تصوراً على رئاسة الجمهورية لحل المشكلة ووجد قبولاً كبيراً لدى رئيس الجمهورية.
{ هل لك أن تفصح لنا عنه؟؟
انطلق التصور من أن منطقة حلايب يمكن أن تكون منطقة للسلام والتكامل بين البلدين، وأهدافه تتركز علي إخماد جذوة الخلاف السياسي بين البلدين حول المنطقة إلى الأبد، وذلك بأن تكون المنطقة أنموذجاً عالمياً للسلام والتكامل بأن تكون عاصمة للسياحة المشتركة بين البلدين واستغلال كافة مقوماتها الحضارية ومواردها الطبيعية.
{ وكيف يتحقق ذلك وكلٌّ يرى أن المنطقة تابعة له؟؟
نحن وضعنا تصوراً لآلية إنفاذ المشروع وأهم مقترح فيه هو تكوين هيئة رئاسية مشتركة تناوبية بين البلدين لرعاية وتنفيذ المشروع، وتكوين جسم إداري وتنمية وتطوير المنطقة بصورة تجعلها جاذبة سياحياً، بل واقترحنا تبديل الاسم نفسه إلى حبايب بدلاً عن حلايب لتكون رمزاً للسلام.
{ عفواً ألا ترى أن في ذلك إقراراً ضمنياً بأن حلايب غير سودانية؟؟
نحن نؤكد ونقر بأن حلايب سودانية بالكامل وهذه حقيقة ثابتة ولكن ربما تكون هناك مشاكل في الهوية التي ستشكل عائقاً، ونحن نرى أن الهوية يمكن أن تكون مزدوجة وأن يحمل سكان المنطقة الجنسية السودانية والمصرية فلا شيء يمنع أن يكون سكان حلايب كذلك، إضافة لأن يكون الدخول للمنطقة متاحاً للسودانيين والمصريين دون استثناء أما سكان حلايب فيكون لهم الحق في التحرك شمالاً نحو مصر أو جنوباً نحو السودان دون قيود أو ضوابط، وكذلك من المقترحات أن تكون المنطقة كلها سوقاً حراً للتبادل التجاري.
وعموماً طرحنا أفكاراً متكاملة في مشروع متكامل حتى في المجال التعليمي اقترحنا أن تكون هناك جامعة مشتركة لتكون رمزاً للتكامل الحقيقي بين البلدين، وهذا المقترح لدى رئاسة الجمهورية لم تبت فيه حتى الآن وإن كانت قد رحبت به ابتداءً.
{ مشكلة حلايب يمكن أن تتكرر بنفس السيناريو في أبيي لو حدث انفصال للجنوب فهل يمكن لهذا التصور حينها أن يحل القضية؟؟
بالفعل نحن ومن خلال المستشارية قدمنا تصوراً لحل قضية أبيي يرتكز على أن يعمل المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على جعلها منطقة جاذبة للوحدة كما كانت من قبل، خاصة وأن المنطقة ظلت طوال عمرها منطقة تعايش بين المسيرية والدينكا… ولكن الجديد في أبيي البترول وما جاءت به اتفاقية نيفاشا وإدخالها لطرف ثالث في القضية، وهذا الطرف انحاز لجهة مما دفع الجهة الأخرى لرفض انحيازه.
رؤيتنا أن تعود أبيي منطقة تعايش سلمي على أن يستغل البترول المستخرج منها في تنمية المنطقة وتأسيسها بصورة كبيرة تجعل منها نموذجاً للوحدة بعيداً عن الاستقطاب السياسي للشريكين، وأن تتبع المنطقة مباشرة لرئاسة الجمهورية وتشكل لها وحدة إدارية وبرلماناً خاصاً.
{ إذن أنت ترى أن هذه الرؤية يمكن أن تجعل المنطقة تعيش في سلام رغم ما بها من استقطاب حالي جعل المواطن فيها وقوداً للحرب؟؟
هذه الرؤية تمكن الشريكين أولاً من وضع مصلحة إنسان المنطقة أمامها ثم تولد الثقة لدى كل منهما بأن الآخر لا يطمع في موارد المنطقة، فإن قصدنا خيراتها عائد البترول المنتج فيها على التنمية في المنطقة نفسها فإن المواطن سينعم بحياة كريمة.. ولكن قبل ذلك لابد أن يصل الشريكان إلى حل مرضٍ حول موقع أبيي وأعتقد أن الاجتماعات المتواصلة في هذا الصدد حالياً بدأت تلوح في أفقها بوادر للحل، وكلي ثقة في أن حكمة الشريكين ستجعلهما يتجاوزان الخلاف حول أبيي بما يصب في صالح مواطن المنطقة وصالح اتفاقية السلام وصالح الوطن كله إذ أن الجميع يضع السودان نصب أعينه.
{ الهجوم على أمدرمان يعتبر نقطة تحول في صراع دارفور، فمن وجهة نظركم كيف يمكن لدارفور أن تصل لبر الأمان؟؟
– سبق أن قدمت مقترحاً لحل قضية دارفور نفسها يرتكز على عدة محاور أهمها المحور الدارفوري الدارفوري كحل داخلي للقضية، يعمل على وضع كل المكون القبلي للإقليم في مؤتمر جامع يترك أمر إدارته للإدارة الأهلية ويدار الحوار فيه دون تدخل حكومي، ليصل أهل دارفور إلى نقطة التقاء تحدد مطالبهم واحتياجاتهم. ثم محور إقليمي يتعلق بتشاد والتداخل القبلي الكبير بينها والسودان ومعالجة أمر الحدود التي وضعها المستعمر في العام 1919م، وقسمت المنطقة إلى سودان إنجليزي وسودان فرنسي دون أن تراعي التداخل القبلي والأثني في المنطقة، ولهذا إن أردنا حل قضية دارفور بصورة جذرية لابد من استصحاب قضية تشاد التي تنعكس سلباً على دارفور في وجود الحدود المفتوحة وتبادل السلاح والمعارضة بين البلدين.. وإذا لم نستصحب قضية تشاد عند بحث الحلول لقضية دارفور نكون واهمين. أما قضية المركز ودارفور فليست دارفور وحدها التي تعاني شح التنمية فهناك العديد من الأقاليم في السودان تواجه ذات الإشكاليات وربما بصورة أسوأ من دارفور.. ولكن لدارفور الآن خصوصية خاصة بعد التركيز الإعلامي الدولي الكبير على الإقليم والتدخلات الإقليمية عليها، ولهذا يجب أن يكون لدارفور الأولوية في التنمية.. والمركز لابد أن يخصص قدراً من المشاريع التنموية لهذا الإقليم. أما محور السلطة فأنا أرى أن أبناء دارفور يمثلون بمقدار جيد فيها ولا أرى أي مشكلة في ذلك.
{ أنت تنادي بالتنمية والحكومة تقول إنها بذلت جهوداً جبارة في ذلك ما قولكم؟
ـ بالطبع هناك تنمية مقدرة فإذا ما قارنا الوضع قبلاً فإن دارفور على سبيل المثال كانت مدارسها الثانوية أقل من 20 والآن أكثر من 150 مدرسة، إضافة لتوسع كبير في تعليم الأساس والتعليم الجامعي.. وكذلك في مجال المياه هناك مئات الآبار التي تم حفرها وكذلك الطرق والجسور والاتصالات.. ولكن رغم ذلك دارفور تحتاج للمزيد من التنمية وتحتاج لعمل كبير خاصة وأنها أصبحت محط أنظار العالم، إذ أن من المهم معالجة النظرة الخاطئة لقضية دارفور لدى بعض الدول ولدى أمريكا بالذات لأن السياسة الدولية أثبتت أن هناك العديد من الجهات، تميل أينما تميل أمريكا لما لها من تأثير كبير عليها، ولهذا لابد للسودان أن يقطع الطريق أمام هذه اللوبيات.
{ ولكن ربما هذه النظرة لها ما وراءها ولن تغيرها زيادة التنمية ألا ترى ذلك؟؟
ـ بالطبع هذه النظرة لها ما بعدها فأمريكا تريد أن تغير النمط السياسي في السودان الذي يسيطر الآن إلى نمط آخر يتبع لها، ويتماشى مع سياساتها في المنطقة بصفة عامة من غير استصحاب إراده الشعوب وهنا تكمن المشكلة، إذ تضع أمريكا قنبلة موقوتة في المنطقة تفجرها متى شاءت لإحكام سيطرتها الكاملة على الإقليم ويضيع المواطن في دارفور ويدعى عدم التنمية والتهميش لانفاذ هذه الاجندة عبرهم، ولهذا فإن المزيد من التنمية يهزم تلك الدعاوي.
{ هناك حديث عن أموال خصصت لتنمية دارفور عقب توقيع أبوجا ولكن لم تسخر لما خصصت له واستأثرت بها بعض الجهات فما رأيك في ذلك؟؟
التقيت الأخ مني أراكو مناوي تحديداً وأكون مباشر معاك في النقطة دي – فيما يتعلق بإنفاذ أبوجا وما تم فيه، ومناوي يرى أن هناك قصوراً كبيراً يلازم تنفيذ الاتفاقية ولكنه في ذات الوقت يدرك تماماً أن الحل الوحيد هو إنفاذ أبوجا، وأعتقد أن القائمين على أمر الدولة ورئاسة الجمهورية يدركون تماماً أهمية انفاذ ابوجا وتنزيلها على ارض الواقع بأسرع فرصة ممكنة، قد تكون هناك عقبات مالية وبعض الارتباطات للدولة نتاج بعض الظروف ولكن الصدق في ذلك الاتفاق متوفر لدى الطرفين وهنا تصبح الآليات لتنفيذه هي الأهم، وأنا أعتقد أن الظروف الاقتصادية للسودان في تحسن وهذا يصب في صالح إنفاذ اتفاقية أبوجا.
{ أبوجا نفسها هناك من يرى أنها ماتت ولم تثبت جدواها لعدم تحقيقها السلام على أرض الواقع؟؟
لا لا.. أبوجا حققت سلاماً جزئياً وهناك عدد من فصائل التمرد الآن داخل الحكومة وتسعى عبر الحوار وعبر الخطط ا لمدروسة لإنفاذ التنمية المطلوبة، ولكن المشكلة في كيفية الإنفاذ وإيجاد الدعم الاقتصادي، فالنوايا صادقة لإحلال السلام ويشهد على ذلك ما تم حتى الآن من إنفاذ للسلطة واشراك الفصائل الموقعة في السلطة التنفيذية على مستوى المركز والولايات ولهذا فإني أرى أن أبوجا اتفاق مجزٍ ومجدٍ وهناك حركات كثيرة كانت تحمل السلاح الآن جنحت للسلام، ولكن لابد وأن يكون السلام شاملاً وكاملاً إذ أن شخصاً واحداً يمكن أن يفجر مصفاه بترول مثلاً وفي الذهن الهجوم الأخير على أمدرمان، لهذا لابد من الوصول إلى سلام شامل في دارفور وحل جذري لمشاكل الإقليم كله.. وأعود لأقول إن من الأهمية بمكان معالجة أوضاع دول الجوار لأن العدل والمساواة الآن انطلقت من تشاد وكلنا نعلم ذلك، فإن لم نستصحب تشاد ستظل شوكة حوت في حلق إقليم دارفور.[/ALIGN]