السعودية والإخوان.. محطات الوصل والفصل
بيان الداخلية السعودية الأخير جاء استجابة للأمر الملكي الصادر قبل نحو شهر بشأن تجريم الانتماء للتيارات الدينية والسياسية المخلة بالاستقرار والأمن السعودي، والمعادية لمصالح البلد.
الأمر الملكي نص على وجوب إنشاء لجنة تعنى بتصنيف هذه التيارات والجماعات وتحديدها، ووضع الضوابط الموضحة لمعايير التصنيف، وإعداد قائمة محدثة دوريا، على أن تكون هذه اللجنة مكونة من الجهات التالية: وزارات الداخلية والخارجية والعدل والشؤون الإسلامية، وأيضا: هيئة التحقيق والادعاء العام، وديوان المظالم.
اللجنة، من خلال بيان الداخلية هذا، اجتمعت وبحثت سبل تجسيد الأمر الملكي، وكتبت 11 مقترحا حول هذا، جرى اعتمادها وقبولها من مقام الملك، كما نصت اللجنة، في أولى قوائمها على ثلة من هذه الجماعات، منها طبعا جماعات السلاح والتكفير ممثلة بـ«القاعدة»، بكل فروعها، وتمثلاتها، في اليمن والعراق وغيرهما، كما تمثلت في «جبهة النصرة» وجماعة «داعش» بسوريا، وهي المنطقة الأكثر سخونة وخطورة. مع الإشارة لحزب الله في السعودية وجماعة الحوثيين.
المثير والجديد والمهم هو وضع جماعة الإخوان المسلمين، لأول مرة، ضمن دائرة الاستهداف ونزع الشرعية عنها، وهو إجراء سبق لمصر اتخاذه، في تجديد لإجراء قديم منذ أزيد من نصف قرن في العهد الملكي، كما أن دولة الإمارات أيضا تلاحق الجماعة وتجرمها قانونيا، وأيضا هذه الأيام قامت دولة موريتانيا بحظر جمعية «المستقبل للدعوة والتربية والثقافة» التي يرأسها الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشيخ المتعاطف مع جماعة الإخوان.
الإخوان لا يوجد لهم في السعودية حضور علني صريح، من خلال أحزاب وجمعيات مثلما هو الحال في مصر أو الأردن أو الكويت، لكنهم هم الحاضر الغائب في كثير من المجالات، ولديهم تأثير عميق على جملة من المناشط الدعوية بل والأعمال الخيرية وحتى «البيزنس» والتجارة، ناهيك عن الصحافة والتعليم وبعض المسؤوليات العامة، بكلمة التأثير على «الفضاء العام».
من هنا كان لأمر الملك المشروح ببيان اللجنة المشكلة هذه، ثم اعتماد الملك لهذا الشرح، أهميته الخاصة في تاريخ العلاقة بهذه الجماعة.
يعود تاريخ الاتصال بين السعوديين والإخوان إلى عهد مؤسس الجماعة حسن البنا، ومؤسس الدولة الملك عبد العزيز، صحيح أن روايات الإخوان بالغت في تقدير دور حسن البنا، وكلماته التي كان يلقيها في مواسم الحج، منذ أول حج له 1936، لكن يبقى أن للرجل، كغيره من مثقفي ودعاة وعلماء المسلمين حينها تقديرا ما لدى الملك عبد العزيز، بوصفه أهم ملوك المسلمين، وخادم الحرمين الشريفين، وبالنظر إلى ظروف ذلك العصر الذي كان يشهد نزوع الشعوب العربية والمسلمة للتحرر من الاستعمار الأوروبي. في هذا السياق كان يأتي الدعم السعودي العام لكل القوى في المجتمعات الإسلامية التي تعمل على حماية الدول الإسلامية. لكن في اللحظة التي تبينت فيها مطامح ذلك الرجل، حسن البنا، السياسية وطمعه بالسلطة، وإثارته للفتنة، خصوصا في الانقلاب الذي وقف خلفه الإخوان على الإمام يحيى في اليمن وقتله، حذر الملك عبد العزيز من مآرب هذه الجماعة واستراب بحسن البنا وإخوانه، كما ذكر هو نفسه في أحاديثه التي دونها مؤرخو الإخوان مثل عبد الحليم محمود ومرشدها الثالث عمر التلمساني. وكانت كلمة الملك عبد العزيز الشهيرة لحسن البنا حين طلب إنشاء فرع لجماعته في السعودية فقال له: لا يوجد داع لذلك، فكلنا إخوان وكلنا مسلمون، في جواب ينم عن استشعار مبكر للنوايا السياسية المبطنة للإخوان.
ظلت العلاقة قائمة على الإيواء والاستفادة من قدرات الإخوان التعبوية والإدارية، كما في مثال إنشاء رابطة العالم الإسلامي 1962 وكان ومن أبرز أعضاء المجلس التأسيسي سعيد رمضان، صهر حسن البنا، ورائد المراكز الإخوانية في أوروبا.
كان ذلك في عهد الملك سعود، وتعززت العلاقة في عهد الملك فيصل، وكانت السعودية سباقة في الشفاعة للإخوان عند سلطات مصر، منذ حسن الهضيبي إلى سيد قطب.
في حرب الخليج الثانية، وحينما غزا صدام الكويت، كان أول شرخ في علاقة السعودية بجماعة الإخوان، أولا بسبب انحياز بعض فروع الجماعة بشكل علني لطرف صدام حسين ضد السعودية والكويت، وثانيا بسبب استغلال تلاميذ مدرسة وثقافة الإخوان بالسعودية للظرف بتثوير المجتمع وانتهاز الفرصة للحصول على مكاسب سياسية واجتماعية، كما تجلى ذلك في محاضرات سفر النحو وعوض القرني وسلمان العودة.
بعد ذلك بسنوات قليلة عبر وزير الداخلية السعودي، وولي العهد الراحل، الأمير نايف بن عبد العزيز، في حديث صريح عن خيبة أمل السعودية بعدم وفاء الإخوان مع من أحسن إليهم.
ففي مقابلة للأمير نايف مع جريدة «السياسة» الكويتية، نشرت نصها وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2002، قال الأمير نايف: «أقولها من دون تردد إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها، وسمها كما شئت، جاءت من الإخوان المسلمين. وأقول بحكم مسؤوليتي إن الإخوان المسلمين لما اشتدت عليهم الأمور وعلقت لهم المشانق في دولهم لجأوا إلى المملكة وتحملتهم وصانتهم وحفظت حياتهم بعد الله وحفظت كرامتهم ومحارمهم وجعلتهم آمنين. إخواننا في الدول العربية الأخرى قبلوا بالوضع وقالوا إنه لا يجب أن يتحركوا من المملكة. استضفناهم وهذا واجب وحسنة. بعد بقائهم لسنوات بين ظهرانينا وجدنا أنهم يطلبون العمل فأوجدنا لهم السبل. ففيهم مدرسون وعمداء فتحنا أمامهم أبواب المدارس وفتحنا لهم الجامعات ولكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة فأخذوا يجندون الناس وينشؤون التيارات وأصبحوا ضد المملكة والله يقول (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)».
ثم يضيف المسؤول السعودي الكبير في حديثه ذاك: «أذكر أن أحد الإخوان البارزين تجنس بالجنسية السعودية وعاش في المملكة 40 سنة لما سئل من مثله الأعلى؟ قال مثلي الأعلى حسن البنا. كنت أنتظر منه أن يقول مثلي الأعلى محمد عليه الصلاة والسلام أو أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو أحد أصحاب رسول الله. ما معنى اختياره لحسن البنا؟ معناه أن الرجل ما زال ملتزما بأفكار حزب الإخوان المسلمين الذي دمر العالم العربي».
ثم ختم الأمير نايف حديثه عن جماعة الإخوان: «أقول لك بصراحة إن الإخوان المسلمين أساءوا للمملكة كثيرا وسببوا لها مشاكل كثيرة. خذ عندك حسن الترابي. لقد عاش في المملكة ودرس في جامعة الملك عبد العزيز وأنا شخصيا أعتبره صديقي وكان يمر علي دائما وخصوصا عندما عمل في الإمارات لا يأتي إلى المملكة إلا ويزورني وما إن وصل إلى السلطة حتى انقلب على المملكة وخصوصيتها. وذات مرة أنشأت المملكة مطارا في السودان بعد تسلم الترابي للسلطة، حضر وفد سعودي لتسليمه إياه لم يقل شكرا للمملكة على ما فعلت».
تنامت دعايات الإخوان في الخليج مع بداية ما سمي بموسم الربيع العربي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2010، واستغلال جماعات الإخوان في تونس ومصر وليبيا واليمن لحالة الفوضى الأمنية والسياسية للصعود للحكم، ثم فشل جماعة الإخوان في الاستمرار باستثمار هذا الوضع في مصر، وثورة الشعب عليهم.
تنامت الدعاية الإخوانية في الخليج والسعودية في محاولة لنقل المشهد السياسي المصري والتونسي واليمني المضطرب، ومن ثم الاستفادة من هذه الفوضى سياسيا، إلى دول الخليج، معتمدين على ما يقال إنه رهان أميركي «أوبامي» على جماعات الإسلام السياسي، وعلى دعم تركي قطري مزدوج.
بعد إخفاق الإخوان في مصر، وتراجع النهضة بتونس، وأزمات إردوغان بتركيا، تراجعت هذه الموجة الإخوانية «الربيعية» فجاء وقت الحساب، على تسبب هذه الجماعة في بث الفوضى والدعايات الانتهازية المهيجة باسم الحرية أو النزاهة أو الديمقراطية.
حاليا، قطر، داعمة الإخوان في الخليج، في حالة عزلة خليجية بعد قرار الإمارات والسعودية والبحرين سحب السفراء منها.
الإخوان، وأنصارهم في السعودية الآن، يواجهون موقفا تشريعيا وسياسيا صلبا، وغير مسبوق، وربما كانوا يراهنون على «إحناء الرأس للعاصفة» للأمر الملكي قبل شهر، باعتبار أن هذه التوجهات السعودية الجديدة لن تصمد، ويمكن القفز عليها والمراهنة على الوقت. لكن بعد صدور بيان اللجنة المشتركة، الذي عبرت عنه الداخلية السعودية، ستختلف حسابات الجماعة وأنصارها في السعودية.
السعودية بقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز تبدو عازمة على فتح صفحة جديدة، تحمي الدين من المغامرات السياسية، وتصون الاستقرار وحياة الناس من الاستغلال والتهييج.
دنيا الوطنم.ت[/JUSTIFY]
الاخوان يريدون اسقاط الملوك لاقامة الخلافة الراشده الزعومه ذهب الملك فاروق وجاءمن بعده جمال عبد الناصر الذي اقام لهم المشانق , ذهب ملك العراق وجاء صدام حسين , ذهب ملك اليمن وجاء علي عبد الله صالح وذهب ملك ليبيا وجاء القزافي وهكذا هم مفتونون ولا يهتدون .