استقالة رئيس مجلس إدارة الغابات.. صراع الهيئة والوزارة
الحيثيات التي ذكرت في متن الاستقالة تؤكد أن حدة الصراعات بين مجلس إدارة الهيئة ووزارة البيئة والتنمية العمرانية تستعر نيرانها بصورة قد تعمل على تشويش التنسيق بين الوزارة كجهة مشرفة وبين الهيئة كجهة تنفيذية تقوم على خدمة مورد مهم كالغابات التي تعمل على تحقيق أهداف بيئية واقتصادية مختلفة، علاوة على الاهتمام العالمي بالغابات ضمن معالجات الظواهر البيئية الخطيرة، مثل ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيير المناخي التي باتت تهدد العالم في غذائه وبيئته، وتنذر بكوارث بيئية خطيرة، وعلى الرغم من كل ذلك فإن الخلافات بين الجهتين يعطي ملمحاً إلى البعد الحزبي الذي يختفي ما بين السطور.
ثمة ما يشير إلى أن هنالك أزمة مكتومة بين الهيئة ووزارة البيئة والغابات والتنمية العمرانية، ويتضح ذلك في أن الاستقالة التي دفع بها عبدالنور تجيء على خلفية خلافات بين وزير البيئة والتنمية العمرانية حسن هلال المحسوب على الحزب الاتحادي الأصل والهيئة ممثلة في رئيس مجلس إدارتها ووفقاً لمتابعة (اليوم التالي) فإن الاستقالة التي لم يبت فيها رئيس الجمهورية حتى الآن بالقبول أو الرفض تحمل في طيّاتها عدداً من الأسباب، أبرزها ما أوصى به وزير البيئة بإبطال حجز مساحة 68880 فداناً، وتخصيصها لشركة الرديس عبدالنور في متن استقالته يرى أن الوزير هلال يسعى لتدمير الغابات معنوياً وحسياً من خلال السخرية والاستهزاء بمفهوم حجز الغابات.. عبدالنور لم يكتفِ بهذا، وإنما يتهم هلال بالتصديق بحرق 95 ألف جوال فحم تعادل 63 ضعف الكمية التي تنتهجها الهيئة وفقاً لخططها الفنية، علاوة على التصديق بقطع 125 ألف متر مكعب حطب حريق، تعادل في مجملها ضعف الإنتاج السنوي المتاح دون العمل على طرحها في منافسة عامة، الأمر الذي درجت عليه سلطات الغابات خلال السنوات السابقة.
قانون الغابات والموارد الطبيعية المتجددة لسنة 2002 يحدد العلاقة بين الهيئة ووزارة البيئة والتنمية العمرانية في فصله الأول بأن تنشأ الهيئة مستقلة باسم “الهيئة القومية للغابات والموارد الطبيعية المتجددة” وتكون لها شـخصية اعتبارية وخاتم عام، والحق في التقاضي باسمها وأن يكون المركز الرئيسي للهيئة بالخرطوم، ويجوز لها بموافقة وزير البيئة والتنمية العمرانية أن تنشئ فروعاً في أي مكان داخل السودان أو خارجه على أن تكون الهيئة مسؤولة مباشرة لدى الوزير المختص، ويجوز له أن يصدر للمجلس توجيهات عامة في أي أمر يتعلق بالهيئة يرى بأنه يمس الصالح العام، وعلى المجلس أن يعمل وفق تلك التوجيهات ويعطي القانون الهيئة حق التملك بموافقة وزير البيئة وشراء وبيع الأراضي والعقارات والقيام بتشييد المباني عليها وصيانتها وإقامة كافة المنشآت لتحقيق أغراضها.
وبالرغم من ما أعطي لوزير البيئة والتنمية العمرانية من صلاحيات بصفته الوزير المختص إلاّ أن الخلافات تصاعدت وتيرتها بينه وبين رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للغابات خاصة بعد التصعيد الإعلامي الأخير حيث كشف عبدالنور في حيثيات استقالته المسببة أن واحداً من دواعي الاستقالة يرجع لوقوف هلال خلف حملات إعلامية جائرة -على حد تعبيره- ضد الهيئة في صحيفة معروفة بانتماءاتها الحزبية، ومدّها بتقارير من المراجع العام، بالإضافة إلى تغييب الهيئة وعزلها عن نشاطات تنفيذية من اختصاصاتها تمثلت في إسناد دور الهيئة كنقطة للارتكاز للسياج الأفريقي الأخضر وإسناده لشخص، بدلاً عن الهيئة، خلافاً للمنهج الذي تنتهجه الدول الأعضاء في السياج بجانب التصرف بالتخصيص والتبرع بأصول الهيئة لأفراد وشركات، منها ما استصدره من مجلس الوزراء كقرار بتخصيص جزء من مباني رئاسة الهيئة لشركات، في الوقت الذي تعاني فيه الهيئة من مقابلة بعض التزامات الدولة بتوفير مكاتب لمشاريع دعم أجنبي، كان على الهيئة إنجاز إرجاعها لدعم التنمية في السودان بعد توقفها سنوات عدة، من أهمها البنك الدولي والحكومة الفرنسية، بالإضافة إلى قيام الوزير بتقديم عدد من الشكاوي الكيدية ضد الهيئة في مجلس الوزراء، في الوقت الذي كان لمجلس الإدارة أن يحقق فيها لمعرفة الحيثيات. عبدالنور أكد في استقالته سعيه لتوصيل الأسباب التي ذكرها لرئاسة الجمهورية مقراً في الوقت ذاته بفشله في ذلك لتدارك الأمر
نازك شمام: صحيفة اليوم اليوم
[/JUSTIFY]