تحقيقات وتقارير

صمت السياسي.. إطلاق العنان للفكري

[JUSTIFY]لا .. لم تفلح لجنة أحمد إبراهيم الطاهر في فك الارتباط الوجداني لقيادة الإسلاميين التاريخية مع قواعدهم التي ما تزال تحفظ كل جميل التعلم ونصاعة الانتماء، إنه شيء تعجز الفرمانات الصغيرة في تجاوزه، فغازي صلاح الدين الذي كتبت نهاية انتمائه للحزب الحاكم وفق لجنة محاسبة سخرت من حكمها أمس لقاءات الطلاب الوطنيين (طلاب المؤتمر الوطني) وهم يتحلقون حوله حتّى وهو مغادر لقاعة مفاكرتهم التي تمت في ساعتين..

إنصات الطلاب شاع في القاعة التي احتضنت منتدى رواد الفكر في بادئته الأولى بعنوان “التجديد في الفكر الإسلامي” التي تملكها القيادي المنشق وأدب المفاكرة وأفواه فاغرة بعلم غازي الغزير ومدارسته الممتعة والمدهشة..

الذي يدرك عمق جاذبية غازي يمكنه أن يستدل باعتذار رئيس الاتحاد العام للطلاب السودانيين النيل الفاضل الذي قدمته المنصة لشكر الجميع في كلمة أخيرة، إلا أن القيادي الإسلامي الشاب اعتذر بلطف وقال “أنا لن أتحدث بعد غازي لأن هذا لا يجوز”، قمة الإعجابات التي يمكن أن تقرأ في صياغ تلبية المفكر الإسلامي لدعوة الاتحاد العام للطلاب السودانيين فهو بلا غرو عميق الصلة بالحزب الحاكم إن لم يكن واحدا من أجهزته المعضدة والحيوية لجسده وروحه، ورغم جراحات السياسة العميقة التي أبعدت غازي من حزب يعتبر أحد بناته إلا أنه ولإيمانه العميق بالفكرة قدر الحضور حتى لا تنفصل كاريزما الرجل من مكونات ماضوية في الواقع السياسي له..

غازي قدم ملخصا تحليليا لتخلقات الفكر التجديدي عامة ومن ثم الفكر الإسلامي، ورأى أن الراهن أحوج إلى تقديم صيغ تجديدية تواكب التطور وتستخدم آلياته لنشرها عبر المبادئ والنصوص الثابتة، ورأى أن التجديد موضوع حاضر خاصة هذه الأيام في الساحة ومطروح حتي خارج دائرة الإسلام، وقال إن ابرز المجددين الذين قدمتهم تجربة الإخوان المسلمين هما راشد الغنوشي وحسن الترابي مشيرا لتعرضهما لهجوم في قضية تجديد الفقه وإدخال أدوات جديدة في الاستنباط الفقهي، غازي رأى أن الفكر الإسلامي شامل ويمكن توضيح موقف الإسلام في القضايا المعاصرة مثل الديمقراطية والدولة القطرية ونوه إلى أن الفكر الإسلامي به إشارات واضحة لقضايا العناية بالبيئة والنظام العالمي، بيد أنه عاد وقال إن المسلمين لم يستطيعوا أن يجددوا وهم متخلفون عن ركب الحضارة ولم يقتنصوا الفرص التاريخية التي تهيأت لهم وأن يعودوا كما كانوا رائدين، ووصفها بالفجوة التي لا يمكن تجسيرها إلا بالتجديد، وقال إن البشرية تمضي الي نهايات سيئة نتيجة النزعة الاستهلاكية ولابد من دور من المسلمين ليكونوا طوق نجاة.

غازي رأى أنهم كمفكرين إسلاميين غير راضين عن أدائهم وقال إن غالب إنتاجهم كان عبارة عن محاكاة ودعا لتقديم نماذج وطرائق جديدة تنافس الغرب الذي يطرح الآن افكارا.. وحول تجارب الحكم الإسلامية رأى غازي أنه لا توجد أشكال جامدة بل هنالك مبادئ، كما أشار لعدم وجود شكل معين للنظام الإسلامي لأن الخلفاء الراشدين توصلوا للحكم بطرق مختلفة، ودعا لقيام الدولة التعاقدية لأن الإسلام يؤسس للحقوق وقال: ليست هناك دولة إسلامية، بل ملامح لنظام الدولة وأوضح أن الفكر الإسلامي لم يستخدم كلمة دولة إسلامية بل جاءت نتاج مخاض عسير للتجريب والخطأ والصواب، ورأى غازي أن تكوين الأحزاب السياسية الإسلامية أفضل منه تكوين قوى ضغط تتبنى مواقف اخلاقية.. وحول رفض المجتمعات العربية للتجارب الإسلامية رأى أن جسور الثقة ماتزال في الإسلاميين وتغيب في تيارات أخرى.

حسن محمد علي:صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]