تحقيقات وتقارير
خطاب الرئيس..تغيير اتجاهات الوضع السياسي الراهن ..
المؤتمر الشعبي قدم تنازلات عديدة فيما يبدو حول مطالبته بإسقاط النظام ، ويتضح ذلك من خلال التصريحات الإيجابية التي خرجت على لسان محمد الأمين خليفة الذي تحدث في منتدى سياسي حول الوثيقة الإصلاحية بالخرطوم يوم الخميس، حيث قال: إن ما جاء في وثيقة الإصلاح السياسي الشامل التي طرحها المؤتمر الوطني في خطاب الرئيس عمر البشير، تحوي عدة مؤشرات إيجابية، تتمثل في خمسة محاور أساسية تصلح مرتكزات للانطلاق منها لإصلاح شامل، وأضاف خليفة الذي أطنب في مدح الخطاب حين أشار إلى أن خطاب الرئيس الذي حوى الوثيقة الإصلاحية، تحدث عن الحرية عبر الدستور بجدية وكلمات صادقات، وربط بين النهضة الاقتصادية والحرية والسلام وتحدث عن القسمة العادلة للموارد المتاحة، وكل هذه إيجابيات مطلوبة، وذهب محمد الأمين خليفة إلى أبعد من ذلك عندما دعا ممثلي أحزاب وخبراء، الوطني إلى ضرورة إزالة الانطباع السائد بعدم الجدية والالتزام تجاه مبادراته التي ظل يطرحها من حين إلى آخر، وتهيئة المناخ لقيادة حوار بنّاء مع الأحزاب للخروج من الأزمات، هذا الإطراء من الشعبي أثار حفيظة بعض قيادات التحالف التي شكلت غيابا متعمدا من الجلسة التي استضافتها قاعة الصداقة والتي شهدت حضورا لافتا للفرقاء الذين لبوا نداء البشير ، حيث شرعت تلك القيادات في تقريع المؤتمر الشعبي الذي شكل قائده حضورا لم تضعه تلك القيادات في حسبانها لجهة أنها تعرف أن الشيخ الترابي وحزبه يجلسان محل نقيض والوطني، وهذه الخطوة من الترابي وحزبه قد فتحت عليهم أبوابا من التقريع دون غيرهم من الأحزاب للأسباب سالفة الذكر ، والناظر لقادة التحالف أنهم لم يوجهوا ذات الانتقادات لحزب الأمة القومي رغم مشاركة الإمام الصادق المهدي، ويرى المراقبون أن تلبية الصادق للدعوة كانت متوقعة لجهة أن رئيس الحزب الصادق المهدي ظل على اتصال وعلاقة أشبه بالحميمية مع الحزب الحاكم منذ أوبته من الخارج ، هذا فضلا عن موقفة الرافض لإسقاط النظام بالعنف كما ظلت تنادى قيادات التحالف ومن يتمعن في حديث فاروق أبو عيسى رئيس الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني يلحظ أن أبو عيسى قد استبق الأحداث عندما كشف خلال المؤتمر الصحف حزمة من الشروط والقرارات التي طالب بإنزالها إلى أرض الواقع خطوة ربما يرى أبو عيسى أن من شأنها أن تعيد الثقة بينهم والحزب الحاكم ، نعود ونقول إن التقارب بين الوطني وبعض قيادات المعارضة ربما زاد من درجة التباعد بين التحالف والشعبي وهذا التباعد قد يرفع من وتيرة الخلافات بين أحزاب المعارضة ، بيد أن الشعبي الذي كان ينظر إلى المؤتمر الوطني من زاوية ضيقة، كان من أكثر الأحزاب ترحيبا بمبادرة الرئيس وما يعضد ذلك هي الخطوات المتسارعة التي قطعها الحزب نحو الوطني والتي ربما فسرها البعض بأن الشعبي يريد أن يكون أول من وصل الميس لاعتبارات عديدة أدركها شيخ الترابي الآن ، وهذا قد يجعل حزب الأمة القومي أن يسارع أيضا إلى ميس الوطني، خاصة أن حزب الأمة قد خطط لهذا السباق منذ فترة ليست بالقصيرة ، بل هناك من يعتقد جازما أن الصادق المهدي وراء هذة التطورات التي طرأت على الوضع السياسي الراهن .
قيادات الوطني التي خرجت لتوها من (جلباب الوطني) وأسست حزبا جديدا ربما تكون حلقة الوصل بين قيادات المعارضة والحكومة، الزيارات التي وضعها حركة (الإصلاح الآن) للتواصل مع المعارضة الداخلية قد تكون تمثل خلخلة الرتاج إلى الدخول في اللقاء الجامع … اللقاء الذي ظلت تنادي به أحزاب الثقل الجماهيري والقاعدة العريضة .!!!!.
الحكومة التي رمت بحجر في بركة الأحزاب الراكدة لم تكتف بالدعوة وحسب ، بل شرعت في تشكيل العديد من اللجان العلنية منها والسرية لتنفيذ توجيهات رئيس الحزب ورئيس الجمهورية ، حيث رحب حزب المؤتمر الوطني بردود الفعل الأولية التي صدرت من القوى السياسية تجاه خطاب الرئيس عمر البشير الإثنين الماضي، والتي انصبت في معظمها على إضافة أجندة جديدة ومقترحات لآليات الحوار الوطني، حيث كشف رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني الدريري محمد أحمد، أن هناك لقاءً وشيكاً بين البشير وقادة القوى السياسية لبحث أمهات القضايا الوطنية التي طرحها المؤتمر الوطني والتشاور حولها ومن ثم بلورة آلية متفق عليها والدريري الذي يبدو أنه لحظ أن الخطاب كانت لغته صفوية، أقرّ بأن الرئيس طرح الأجندات الأربعة بصورة معممة حتى لا يقدم التفاصيل الطويلة في خطابه وترك ذلك الأمر بعد اللقاء مع قادة القوى السياسية، وأوضح الدرديري أن الوطني سيطرح 11 وثيقة تحمل رؤية إصلاحية على المجتمع السياسي ومن حق القوى السياسية كافة أن تطرح رؤيتها.
مؤكدا أن حزب المؤتمر الوطني في هذه المرحلة الحالية يبشر بفكرة الحوار غير المشروط وبلا قيود، مضيفاً أن الاستجابة للحوار من كافة ألوان الطيف السياسي حتى الآن كافية ومطمئنة.
خطاب الرئيس الذي أعا د الثقة بين الحزب المؤتمر الوطني الحاكم وكل أحزاب المعارضة ، يرى البعض أنه أصبح يمثل طوق نجاة السودان ، ويرى البعض أن الحكومة قدمت السبت منذ أن أبعدت الصقور من الواجهة السياسية للحزب الحاكم ويبقى على الأحزاب أن تقدم الأحد الذي يرى المراقبون أنها قدمته فعلا لا قولا مما يبشر بلقاء وطني جامع يتوقع له أن يضع حدا للأزمات التي ظلت تحيط بالبلاد إحاطة السوار بالمعصم ، وعلى الأحزاب أن لا ترفض دعوة الوطني فيصبح حالها كحال ابن نوح الذي لم يعصمة الجبل من الطوفان ….!
تقرير: عبدالرحمن حنين: صحيفة الوطن
[/JUSTIFY]