تحقيقات وتقارير

موقف أمريكي مريب ومحير !

[JUSTIFY]من الغريب أن مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي السيد سوزان رايس والتي ظلت تعتبر دولة جنوب السودان واحداً من أهم انجازات إدارتها لم تستطع رغم كونها معنية بالأمن القومي أن تتحرك أي تحرك ايجابي لوقف الصراع الدموي العنيف فى دولة جنوب السودان.

كان الاعتقاد الراسخ الذي ظل سائداً لوقت طويل وربما الى عهد قريب أن رايس وحالما تود إنفاذ أمر من الأمور فى الجنوب فإنها لا تفعل أكثر من أن ترفع سماعة الهاتف لتملي أوامرها، ثم تضع السماعة حتى قبل أن تتلقى إجابة من الطرف الآخر.

والأكثر غرابة فى هذا الصدد انه وقبل حوالي عامين وحين قرر الرئيس كير إقصاء الأمين العام للحركة الشعبية أموم، وكانت رايس وقتها مندوبة واشنطن فى مجلس الأمن فإن رايس -بكلمتين فقط على الهاتف الساخن- أعادت أموم الى موقعه كأمين عام للحركة، وشاع وقتها -وربما لا يزال يشاع- أن رايس لديها (رجال مخلصون) داخل الحكومة الجنوبية، وربما شعر أموم أنه ذا أهمية خاصة فى نيويورك على الأقل!

ولهذا فإن من الطبيعي الآن وقد دار الصراع لما يجاوز الشهر وحصد ما حصد من الأرواح وكادت ألسنة اللهب أن تلامس فوهات آبار النفط أن يثير الموقف الأمريكي مما يجري التساؤل المريب.

صحيح أن جزء من طرائق واشنطن الإستراتيجية المعروفة فى حل الأزمات تحويلها الى أزمة ساخنة وطهيّ الطرفين على نار هادئة ولاهبة حتى ينضج الحل، فعلت ذلك ولا تزال تفعله فى النزاع العربي الإسرائيلي، وفعلت ولا تزال فى الصراع الداخلي السوري.
صحيح أيضاً أن واشنطن ربما كانت تخطط لمرحلة أخرى مقبلة مختلفة تماماً شخوصاً وأدوات من شخوص وأدوات المرحلة الحالية جرياً على أنشودة الفوضى الخلاقة التى غالباً ما تلجأ إليها الدولة العظمى إذا كانت تريد الحصول على أنقاض تزيلها ثم تنشئ بعد إزالتها المبنى الأثير عندها.

كل هذا صحيح ولكن الأمر الأكثر مدعاة للحيرة هنا، أن الصراع الجاري يبدو من سياقه العام انه صراع أفقي ورأسي بحيث يمكن أن تلتهم نيرانه النسيج القبلي المعقد فى الدولة الجنوبية وما جاورها من دول للقبائل الجنوبية فيها إمتدادات معروفة؛ كما يمكن أن يقضي على القادة الجنوبيين أنفسهم إما بإحالتهم لاحقاً -أو من تبقى منهم- لمحكمة الجنايات الدولية تحت تهم ارتكاب فظائع، أو أن يصبحوا كنتيجة للصراع ضعفاء خائرين لا يرجى منهم.

وقد يقول قائل إن جزء من المهمة الصعبة تم تكليف كمبالا لها، ولهذا سارعت الأخيرة بالتدخل ولكن حتى تدخل كمبالا نفسه لم يعد مجدياً، إذ كما قلنا من قبل فقد يدخل في الصراع -بفعل تدخل كمبالا- طرف آخر من دول الجوار فالحرائق عادة لا أحد يتنبأ بالاتجاه التى تسير فيه.

وعلى أية حال تبقى برود السيدة رايس ولا مبالاتها وتغاضي إدارة الرئيس أوباما عن معالجة الموقف مع مقدرتها على ذلك لغزاً محيراً من الأفضل تركه للأيام والسنوات لتفصح عن سره الدفين!

سودان سفاري[/JUSTIFY]