ثورة مهرجين!
الداخلون والخارجون من المكان يحملون أنفاس العشم أن القادم بأي حال هو الأفضل.. أكواب الشاي وفناجين القهوة تكسو المكان بعبق الكيف والمزاج.. لم تكن لمتهم لمة اعتيادية فقد عزموا على أن لا تشبه ليلتهم البارحة.. وأن لا يقف قطار أمنياتهم عند هذه المحطة طويلة الانتظار.. إذن كل شيء قابل للانكسار فلا ثوابت أمام الموجة العاتية حيث ينهار كل قائم ويتداعى كل قوي ضعفاً.. لململوا بعض شتاتهم واطلقوا صراح الحناجر ولكنهم نهاية الأمر اكتشفوا أنهم أدوا الأدوار المرسومة لهم بعناية فائقة.. فقد كان مطلوب منهم هذا الدور الثائر.. يا للهول.. اكتشفوا انهم مجرد «مهرجين.. أرجوزات» لم يكن الظرف يسمح لهم بالاستفراغ والتقيء مما شربوا وظنوه كيفاً.. لأنه حتى الكيف كان مخططاً له الخروج بهذه الطريقة.. وضاعت عليهم الفرحة فقد عرفوا أنهم «قادة لثورة التهريج».
٭ إستياء بلا حل
بدأوا يجمعون أوراقهم ويعدونها بالترتيب اللازم الذي يتناسب مع سيناريو قضيتهم، التي بدأت منذ أن عرفوا أن «حقهم برقبة تلك الجهة المعتبرة» ولظنهم البريء أن لا يظلم طالب حق في هذه الدنيا.. جاءوا إلى ذات الجهة يطلبون منها الإحقاق للحق وما دروا أن فكرتهم مثالية أكثر مما يجب وعرفوا «مسلسل عنوانه الجرجرة.. واخراجه تعالى بكرة.. وابطاله مجموعة الخبثاء».. وهم يرتبون أوراقهم جادت قريحة أحدهم بأن الأمر يحتاج لمنبر يطلقون منه المظلمة، ومن ثم يفلحون في حل القضية.. وها هم يعتزمون الخوض في إطلاع الرأي العام.. فقد أيقنوا أن الحل يكن في نقل استيائهم إلى الرأي الذي إن لم يستطع حلها فإنه يكون قد أخضع الآخرين في دهاليز محاكم الرأي العام.. «لذا تحمل وسائل الاعلام الكثير من القضايا والمشاكل التي كان يمكن حلها في هدوء».
٭ اضطرار لازم
هم يقولون إن المضطر يركب الصِّعاب.. والصعاب التي تفرض أدواتها كثيرة.. بدءاً من انعدام الحلول والبدائل الأصيلة انتهاءًا إلى حالات الاحتقان والغضب للداخلي.. ففي أحايين كثيرة تحتاج أن تنقل اشاراتك إلى مداها لتعرف حدود المرونة ولحظة الاضطرار هذه.. وقد تتجرع المرارات إن عرفت أنك مضطر ان تجافي خاصتك من أهل وأقارب لاعتقادات تظنها لازمة.. مع الأيام تكتشف أن لا جدوى من مثل تلك الأفكار القاصرة.. ولكن الاضطرار الأكبر تدرك معناه وان تدافع الصفوف لتعتمد خروجك من أرض تربيت فيها واناس عجنوك وخبزوك واكملوا وجدانك لهذه اللحظة الفارقة في تاريخ حياتك.
٭ وهمة ناس
يظنون أن المال يصنع الرجال ويربطون في أفكارهم أن ذلك القادم إليهم من حوى البناية العالية، والفناء الكبير يحمل المثير الكثير، وما دروا أنه رجل مهزوم حد الثمالة والضآلة فهو لا يعني معنى «أن يكون الرجل صاحب أصل في المباديء».. نعم هو كامل الهندام.. وسيم لكنه أجوف الدواخل.. فقير المشاعر الموجبة.. يبدو بمظهر الاكتمال لكنه يخفي خلف ذلك قصة فصولها انه رجل ماجن.. فاجر لا يعرف حدود الأدب والحلال والحرام، ولكنه يعرف أن الناس في هذا الزمان يكفيهم المظهر ولا يعنيهم المخبر والجوهر.. ولأنها مثلهم تربت على المظاهر وأسباب الغني ارتأت أنه الانسب للاقتران به.. فهو الغني الذي لا يغلبه شيئاً إلا شاده وهي موعودة بالإنتقال معه من قصر أبيها إلى قصره.. أو هكذا بدت كل المعالم.. والآن هي تتعامى أن ترى تلك الصورة التي تعرفها خلاف مظهره وتعيش «حالة وهمة كبيرة» كما أنه عليها أن تنقل الحالة لجميع أهلها ومعارفها ليتأكد للكل أن الناس في هذا الزمان يعيشون في حالة «وهمة كبيرة».
٭ آخر الكلام
في معظم الأحايين يكون الناس مجرورين بحكم واقعهم وتداعياته إلى تصديق بعض ما يتوهمون.. ربما يثورون ثم يهدأون أو يتغافلون «يعملوا رايحين».. ولكن كل ذلك يجب أن لا يغيب عن عيونهم حقيقةً ما يعيشون من تفاصيل وخبايا قصتهم الكبرى.
[LEFT]مع محبتي للجميع..[/LEFT] [/JUSTIFY]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]