تحقيقات وتقارير

د. أحمد حموده حامد : مظاهر انهيار الدولة السودانية البائن ومغزى اصرار الحكومة على عدم التصالح مع الشعب

[JUSTIFY]ان تنظيم الأخوان المسلمين هو صنيعة غربية القصد منه إضعاف المسلمين من الداخل ووقف عجلة التقدم والنمو في دول المنطقة بعيد قيام الدولة الوطنية الحديثة , خاصة في مصر والعراق. حيث خرجت الثورة المصرية عن طوق الاستعمار بتأميم قناة السويس التي كانت مملوكة تماماً لدول الوصاية خاصة بريطانيا وفرنسا . استشعرت الامبريالية العالمية الخطر من فقدان مصالحها في المنطقة : في هذه الظروف احتضنت القوى الامبريالية جماعة الاخوان المسلمين وعهدت الى أجهزة استخباراتها بدعمها ورعايتها وتدريبها على وسائل الشغب الأثارة والاغتيالات حتى تكون جاهزة لنسف الاستقرار وإفشال مشروع الدولة الوطنية ووأده في المهد . ينطبق هذا الكلام على كل دول المنطقة بما فيها السودان بتصدير فكر الجماعة وتنظيمها لخلق الفوضى المطلوبة وعدم الاستقرار لوأد المشروع الوطني . في حالة السودان كان الهدف من تصدير فكر الجماعة هو الحيلولة دون استغلال موارد السودان المادية والطبيعية والبشرية الهائلة حتى لا ينهض ويضيف ثقلاً نوعياً للقضايا الاسلامية وتجسير العلاقات العربية-الافريقية , كما عبر عن ذلك صراحة رئيس الكيان الصهيوني في إحدى المناسبات .

توثيق الاستاذ فتحي الضو:

في مقال له بصحيفة حريات , وثق الاستاذ فتحي الضو للماسونية في السودان . أشار الى ان من القليلين الذين كتبوا عنها هو محمد الشريف الفاضل التقلاوي وهو أول رئيس لجماعة أنصار السنة في العام 1936 . كان قد اصدر كتاباً بعنوان (الماسونية أخطر جمعية سرية في العالم) قال فيه : أدخل الإنجليز الماسونية وكان أول رئيس للمحفل الماسوني هو الحاكم العام نفسه، وقد عيّن للمحفل كبار السادة وعلية القوم ووجهاءهم من قادة الأحزاب والرأسماليين وقيادات من الجيش . وقد زاد العدد بعد ذلك ودخل عدد كبير من الأقباط والسودانيين والشوام واليونانيين وبعض الهنود وكذا آخرين من الإدارة الأهلية (للاطلاع على القائمة الكاملة , راجع مقال الاستاذ فتحي الضو : صحيفة حريات الالكترونية بعنوان: “الماسوية في عقر دارك ياجحا” بتاريخ 6 ديسمبر 2010).

كتب صادق عبد الله عبد الماجد سلسلة مقالات في صحيفة (أخبار اليوم 6/7/8/2006) عن الماسونية وقال: إنه قد تعاقب علي محافل الخرطوم بعد كتشنر وونجت باشا منذ عام 1938 وحتي عام 1979 أربعة عشر رئيس محفل وكلهم سودانيون، وخمسة وعشرون من الأجانب وبعضهم حصل على الجنسية السودانية. ويُعتقد أن البعض كان يتخذها كواجهة اجتماعية، أو بظن إنها سلوك حضاري يكفل الوصول لأغراض محددة. ومن باب الذكريات فقد كان هناك مركز للماسونية في الخرطوم وإلى وقت قريب بالقرب من وزارة الإعلام الحالية، ونقش في واجهته شعارها (الاستاذ فتحي الضو : المصدر السابق).

في مصر كان هناك باحث شاب أحصى في رسالة ماجستير “الماسونية والماسون في مصر” أسماء مشاهير أبرزهم جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، محمد فريد، إبراهيم ناصيف الورداني، سعد زغلول، عبد الله النديم، الخديوي توفيق، الأمير عمر طوسون، سيد قطب، أحمد ماهر باشا، محمود فهمي النقراشي، عبد الخالق ثروت، فؤاد أباظة، خليل مطران، إلخ . منعت الماسونية في مصر عام 1964 , وفي عام 1979 أصدرت الجامعة العربية قراراً باعتبارها حركة صهيونية . وفي عام 1984 أصدر الأزهر فتوى قال إنها تنتهي (بصاحبها إلى الإرتداد التام عن دين الله) ثمّ اعقبه في التحريم رابطة العالم الإسلامي!

وشهد شاهد من أهل أخوان السودان برباط اللحمة الماسونية:

الشهادة التالية هي لمولانا عوض سيد أحمد من الرعيل الأول للاسلاميين السودانيين . مولانا سيد أحمد يوجه رسالته هذه الى اخوانه من منتسبي الحركة الاسلامية , منبهاً إياهم من الفتنة التي المت بالجماعة وعاتباً عليهم التزامهم الصمت والكتمان بعدما تبين لهم جلياً ان قائدهم قد انحرف عن جادة الطريق وأخذ يبشر بما أسماه “المدرسة الجديدة” التي تجافي صريح الكتاب والسنة كما عرفها عامة المسلمين والإئمة عليهم رضوان الله . نقتبس من هذه الرسالة الطويلة العميقة بعض الدلالات الهامة.
رسالة مفتوحة من مولانا عوض سيد احمد تشير للماسونية داخل الاسلاميين بالسودان
January 24, 2013
(حريات)

الموضوع : الى شيوخنا أصحاب الفضيلة مؤسسى فرع الاخوان المسلمون بالسودان

أحييكم بتحية الاسلام , السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ,

بصفتى مواطن سودانى مسلم , آرى أن هناك أمورا خطيرة قد استجدت خلال العقدين المنصرمين من حكم الانقاذ انعكس أثرها السلبى على البلاد والعباد , اسمحوا لى بمناقشتها معكم . وفيما يلى عرض موجز لها:

كما تعلمون ان استلام السلطة قهرا وبقوة السلاح , أمر يتعارض تماما مع المبادىء و الأسس التى وضعها مؤسس الجماعة الشهيد حسن البنا , ومع ذلك فان الامة خضعت لها لأنها خدعتنا بالاسلام

ولكن كما تعلمون , ما أن تمكنت , ووضعت يدها على مقاليد السلطة , حتى أسفرت عن وجهها الحقيقى وثبت للناس أنها لا تعدو كونها امتداد حقيقى لكل الشموليات السابقة لها المؤسسة على الظلم والجور والقهر , وتقويض كامل لكل قيم العدالة وحكم القانون سماوى أو أرضى .

كيف يحدث هذا فى دولة ترفع رأية الاسلام وتتكلم باسم الرسالة الخاتمة التى جاءت أصلا لانقاذ البشرية

ثانيا : الوقوف على الحقيقة بصورة مبكرة ولكن !!! ”
لم تكن أخبار المواجهة التى تمت فى اجتماع العيلفون (ديسمبر 1969) معلومة للناس لأنها كانت سرية وقد علمت بها بعد صدور الرسالة تحت عنوان : الماسونية العالمية واطلاع بعضكم عليها , أنتم وقفتم على الحقيقة منذ ذلك التاريخ المبكر , (أى بعد اعتلائه عرش تنظيمكم بخمس أعوام فقط) تم بعد ذلك تتركوه !!!!! وأنتم تدركون تماما وتعلمون حقيقة هولاء الذين أشرتم اليهم : ماذا يريدون , وما هى مراميهم وأبعاد خطتهم التى رسموها ويراد لها أن تحقق ؟؟؟؟؟

الاخوة الاعزاء , تعلمون أنهم بعينهم الذين أخبرنا الوحى المنزل على سيد البشرية انهم الامة المنحرفة , الذين نكلوا عن العهد وحمل الأمانة , ونقضوا المواثيق , وأنهم هم قتلة الأنبياء والمزيفون لما أكرمهم الله به من وحى (التوراة) , عملوا على تزييفه وتحريفه وتأويله لخدمة أغراضهم الدنيئة ومن هنا وقع عليهم غضب من الله ومن الناس أجمعين , فكان أن وصموا : بالأمة الغضبية .

تعلمون أيضا ان ذلك قد ملأ نفوسهم وأحالهم الى كتلة من الكراهية والحقد الدفين على الجنس البشرى بأكمله وكان نتيجة ذلك أن وضعوا استراتيجية بعيدة المدى , تنطوى على بنود محددة يراد تحقيقها على مراحل زمنية طويلة بغرض الوصول للهدف البعيد وهو حسب تصورهم : حكم العالم كله بملك واحد من صلب داوود” . وظلت هذه الخطة تتوارث جيلا عن جيل , وبتكتم وسرية تامين . وقفنا على حقيقة ما يجرى ويدبر للبشرية كلها فى الخفاء .

البند المتعلق بالأديان السماوية والذى ينص على : مسح الأديان من على ظهر الأرض أو جعلها غير فاعلة وقد تنبأ حسب موجهات الخطة , أن الخطوة التالية فيما يتعلق بالدين (المسيحى) هو روسيا , وتنبأ بقيام ثورة لتحقيق ذلك , وقامت فعلا فى عام 1917 لينين, ثم حدد مسار الخطة بعد ذلك , وقال انها متجهة الى : القسطنطينية أي (الخلافة الاسلامية) وكان انقلاب أتاتورك وتنحية خليفة المسلمين عام 1923 , كل ذلك تم ونفذ عن طريق تجنيد زعامات مزيفة , كما تعلمون , أمثال : لينين وأتاتورك .

اذن فليس غريبا أن يعمدوا علي تجنيد واحدا من بنى جلدتنا لمواصلة المشوار , والقيام بمهمة تعبيد الأرض وتمهيدها للأفعى الصهيونية لتعمل عملها الموكول لها فى أرضنا الحبيبة , ويتحقق لهم بالتالى شعارهم المنحوت فى صدورهم , والمزين به جدران كنيسهم : من النيل الى الفرات.

كان أن قيض الله لكم هذا الكشف فى وقت مبكر , وتقفون على الحقيقة كاملة , وترون بام أعينكم العمل المضنى , والسعى الجاد فى تحقيق وتنفيذ ما هو مخطط ومرسوم سلفا , ومع ذلك تقفوا مكتوفى الأيدى , مكسورى الجناح , لماذا ؟؟؟؟
تابعتم ما كان يبث فى الغرف المقفلة : تعاليم وموجهات المدرسة الجديدة لشباب تنظيمكم العريق من نهج جديد , مخالف , ومغائر تماما لنهج الدعوة والتربية الاسلامية السليمة , بل علمتم أن فيه هدم وتقويض للاسس المستندة عليها تعاليم ديننا الحنيف والرسالة الخاتمة .

ويواكب ذلك انحراف كامل عن الصراط المستقيم . اذن ماذا يفهم من تعاليم توحى لهم وتغرس فى أذهانهم , وهم فى هذه السن المبكرة : ان الصحابة غير عدول , وأن لا عصمة لرسول البشرية صلى الله عليه وسلم , وأنه يجب اعادة النظر فى الأحاديث واخضاع قبولها أوعدمه للعقل , الخ. ألا يفهم من ذلك أن هناك أتجاه لغرس دين بديل ؟؟؟؟؟؟

البيان الذى قام باصداره : المرحوم الدكتور / محمود برات ( فى أكتوبر 1982 ) . وخطورة البيان تكمن فى أنه كشف فيه أن الأب الروحى للجماعة(مؤسس المدرسة الجديدة) اعترف له أنه : لايؤمن بالبعث.

هل تأييد من يجهل الحقيقة كمن يعلمها ؟؟؟

حوارات صحفي مع مفكرين سودانيين كان من ضمنهم فضيلة مولانا البروف/ جعفر شيخ ادريس , وفى اجابته على سؤال فيما معناه : هل تؤيد الانقاذ وما السبب ؟؟؟ كانت الاجابة : نعم , أأيّدها لأنها رفعت رأية الاسلام !!!!!! ما هذا يا أصحاب الفضيلة ؟؟؟ هذا الكلام لو صدر عن أحد عامة الناس, قد يكون لا غضاضة فيه . ولكن كونه يصدر من عالم كبير يقف على الحقيقة كاملة , وله مواقف فى ذلك منذ مواجهة العيلفون عام 1969 أى قبل عقدين كاملين من قيام الانقاذ, ألا يحق لنا أن نسأل سؤالا مباشرا :

ألم تكن تعرف أهداف ومرامى هذه المدرسة الجديدة , وعلى علم تام بما كانت تبثه لهولاء الشباب الغض من تعاليم وموجهات كى ينشأوا عليها , وتتشرب بها عقولهم , لكى تصبح فى النهاية عقيدة راسخة لا تتزعزع , وتعرف أن الهدف من ذلك كله هو اعدادهم ليكونوا قادة ومسئولى الدولة المنشودة , وتعلم أن ذلك قد تم فعلا وجرت عملية احالة لكبار القادة فى الحزب (الجبهة الاسلامية القومية) للمعاش المبكر , ولم تتح لهم فرصة المشاركة فى ادارة الدولة الناشئة (الانقاذ) .

عملية التعذيب فى بيوت الأشباح : ما تم فى بيوت الشباح دون أى جريمة يرتكبها أو ذنب , وبدون أي تهمة صغيرة أوكبيرة الى أقبية سرية تحت الأرض , وبعيدا تماما عن السجون الرسمية للدولة , ثم يمارسون معهم أعمالا يعف اللسان عن ذكرها , بواسطة من ؟؟؟؟؟ بواسطة خريجى هذه المدرسة , وبموجب تعاليمها وموجهاتها .
وتعلمون أن الهدف الرئيسى والأساسى وراء ذلك كله هو : الحط من قيمة الانسان الذى كرمه الله , وتحويله لحالة أحط وأدنى من الحيوان” .

يمكن اجمال السبب الرئيسى لارتكاب مثل هذه الممارسات الاّانسانية فى الآتى :

عملية التشريد : من المبادى الهدامة التى اعتمدتها موجهات المدرسة الجديدة هو : مبدأ التمكين والذى يعنى فيما يعنى : تحويل مقدرة الأمة من مال وممتلكات الى الحزب الحاكم وكوادره , بحيث تصبح الدولة كلها كأنّها ضيعة تابعة للحزب يتصرف فى أموالها وممتلكاتها دون أى حسيب أو رقيب .

تعلمون أن دولة السودان كانت دولة نظامية , تحكمها قوانين وتشريعات صارمة , وتحتكم الى قضاء مستقل , وتتمتع بجهاز خدمة عامة عالى الكفاءة والخبرة , فهذه كلها كانت عقبة كأداء , وكان لا بدّ من ازاحتها كى يصبح مبدأ التمكين فى حيّز التطبيق , وتم لهم ذلك .

* بيوت الأشباح :

تعلمون أن عملية التعذيب تعد بالنسبة لهذه الشموليات ضرورة من ضروريات تمكين السلطة وهى تطبيق لمبدأ آخر مقرر عندهم هو مبدأ : الارهاب لأجل الارهاب لذا لجئوا لمثل هذه البيوت سيئة السمعة ريثما تتاح لهم الفرصة بالسيطرة الكاملة على سلطة هذه السجون , وتم لهم ذلك .

نعم تم لهم ذلك حيث وصلوا بذلك للهدف النهائى والغاية المبتغاة من تطبيق هذين المبدأين وهو : عملية تلاشى سلطان الدولة القائمة ( دولة الوطن ) لتحل محلها قوة تنفيذية جديدة تفعل ما تشاء وتحكم بما تريد , ولا سلطان عليها من أحد وهذا هو المطلوب !!!!!!!!!! .

تعلمون أن دراسات جادة لحكم وممارسات الشموليات السابقة ( لينين / أتاتورك) خلصت الى أن تطبيق هذين المبدأيين يعد بمثابة (الشر كله) . فهما من الفعاليات المفضية لغايات الخطة بعيدة المدى” أعلاه

تبدأ أولا باستخدام كل والوسائل المفضية الىافقار الأمة وجعلها فى حالة معاناة وضيق هائل بهدف تحليل النسيج الاجتماعى, ومن ثم تجريدها تماما من كل موروثاتها من الأخلاق والقيم الانسانية الفاضلة ليتحول الفرد فيها في النهاية الى انسان فاقد لأعز ما خصه الله سبحانه وتعالى به , وهو الكرامة.

وهنا تكمن حقيقة البعد النهائى للخطة حسب تصورهم , فهم لا يريدون أن يتعايشوا فى دولتهم المنشودة مع انسان حقيقى , بل مع صورة انسان خلقه الله لخدمتهم فقط أو لخدمة (أبناء الله) , وذلك حسب تصورهم واعتقادهم الضال المضل , بعد تحريفهم للتلمود .

أقل ما يقال عنها انّها ترجع بالبشرية الى عهود ما قبل الاسلام , الى الجاهلية الجهلاء , ماذا يعنى هذا , ألا يعنى أننا بهذا العمل , ودون أن ندرى , نقدم أكبر اساءة للاسلام بعرضه بهذه الصورة المغائرة والمجافية تماما لحقيقته , ومن ثم نقدم أعظم وأجل خدمة لأعداء الحق والدين .

بالرغم من الخلافات التى حدثت بينكم وبين الأب الروحى للانقاذ والمسميات المختلفة التى واكبت مسيرتها , فانّها حسب المفهوم العام تمثل فصيل من فصائل تنظيمكم (التنظيم العالمى لجماعة الاخوان المسلمون). هذا أمر لا يختلف فيه اثنان.

الحل الجذرى والنهائى للمشكلة الوطنية هو اتفاقية (الميرغنى / قرنق) ففجأة تقوم الانقاذ وتحولها الى : حرب دينية ويتضح أن الغرض الأساسى والهدف النهائى من هذا التوجه هو عملية تدويلها أولا , ثم خلق المناخ لاستدعاء التدخل الأجنبى وتحقق الهدف . ورأيتم التداعيات التى تلت ذلك والمنتهية بأخطرها وهو تدفق القوات الأجنية وانتشارها فى كل مكان , ومن ثم تحولنا بمقتضاه من دولة كاملة الاستقلال الى دولة : تحت الوصاية ولكن ما تلى ذلك كان أبشع انها مصيبة أهلنا فى دارفور الحبيبة والطريقة التى تعاملت بها الانقاذ أيضا مع التمرد وهى نقل حرفى وتكرار واعادة لما تم فى تمرد الجنوب .

وهم الآن قابعون يجوبون البلاد طولها وعرضها , ولهم مطارهم الخاص بهم , لا شك أنكم تدركون تماما ماهى الغاية والنتيجة الحتمية وراء هذا العمل كله ؟؟؟؟ وما هى أهداف ومرامى الخطة بعيدة المدى ؟؟؟؟؟

هل هناك شك فى أنها تهدف فى النهاية الى تفتيت السودان القارة وتحويله الى دويلات تتصارع مع بعضها الصراع الأبدى. هذا ما يرمى اليه أعداء الحق والدين . والآن نرى وبصورة واضحة أن بوادر هذا التفتيت قد تحققت , وأن جزء عزيز قد انسلخ من وطننا الحبيب .

أن كل هذه الممارسات الممعنة فى سوءها وقبحها لا يشعرون عند ممارستهم لها أن هناك ذنبا أو مخالفة لشرع الله قد ارتكبت , بل أن كل هذه الممارسات تعد فى نظرهم عبادة يتقرب بها الى الله.
يحدثنا فى ذلك الدكتور / الطيب زين العابدين يقول : وكان أن سمعنا العجب العجاب كان هناك من (يتعبد الله) لله سبحانه وتعالى بالتجسس على الناس واعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم وفصلهم من أعمالهم وعملية تزوير الانتخابات ونهب المال العام لمصلحة التنظيم الإسلامي.

فماذا نستشف من ذلك ؟؟؟ الا ترون اننا أمام دين بديل ؟؟ أمام عقائد الفرق الضالة بعينها التى تعتقد أنها وحدها هى مبعوثة العناية الالهة ولها مطلق الحق فى أن تهدر دم أى مخالف لها , وهى بعينها التى أخبرنا ألحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنهم: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؟

اذن وضحت تماما معالم تعاليم وموجهات (المدرسة الجديدة) انها تنهل من ذات النبع القديم لهذه الفرق. وهذه الموجهات تعتمد بالاضافة الى ما ذكر كل الموبقات المحرمة فى الاسلام والتى تعتبر من أكبر الكبائر مثل الكذب ونقض العهود , والفتنة والوقيعة بين الناس . ويمتد ذلك الى كل الممارسات المفضية الى الحط من قيمة وكرامة الانسان : بسلبه وتجريده ومصادرة أمواله وممتلكاته , ويصل الى حدّ قتل النفس التى حرمها الله الاّ بالحق الى آخر الموبقات .

الحدث الأول : عملية المفاصلة وقد اتضح كما تعلمون أنها كانت مجرد صراع على السلطة لا غير , بل شكك البعض بأنّها لا تعدوكونها تمثيلية الغرض منها افساح المجال لهذه التعاليم كى تشق طريقها وتحقق أهدافها المرسومة لها .
الحدث الثانى : اعلان السيد رئيس الجمهورية / عمر البشير للعالم كله وفى لقاء جماهيرى , متهما الأب الروحى له , وقائد هذه المدرسة بأنّه ماسونى. فهل يوجد على ظهر هذه البسيطة من لا يدرك خطورة هذا الاتهام ومع ذلك لم يتغير أي شىء .!!!!!!!

(بتصرف :من رسالة مولانا عوض سيد أحمد : صحيفة حريات الالكترونية : 24 يناير 2013).

نستخلص من رسالة مولانا عوض سيد احمد الدلالات الهامة التالية :

أن قادة الجبهة الاسلامية السودانية المخضرمين يعلمون بحقيقة الانتماء للمحافل الماسونية وذلك منذ مواجهة العيلفون في العام 1969م , لكنهم آثروا التكتم على الحقيقة واحتفظوا بالسر عند كهنة المعبد لا يدركه العامة .

شب جيل الاسلاميين الحالي في السودان وتشرب بأخلاق المدرسة الجديدة وما “تبثه لهولاء الشباب الغض من تعاليم وموجهات كى ينشأوا عليها , وتتشرب بها عقولهم , لكى تصبح فى النهاية عقيدة راسخة لا تتزعزع , وتعرف أن الهدف من ذلك كله هو اعدادهم ليكونوا قادة ومسئولى الدولة المنشودة” حسب كلمات سيد أحمد.

ما يعني ان هذا الجيل من الاخوان المسلمسن الذين يقودون دولة السودان اليوم بعد تربيتهم وتدريبهم , وهم الآن في الاربعينات والخمسينات من العمر – لم يولدوا بعد حين اتضحت حقيقة الانتماء الماسوني للجماعة في عام 1969 , , لا يعلمون حقيقة ما يقومون به وما يفعلونه , فقد غيبت عنهم حقيقة تنظيمهم وانتماءاته الماسونية , وانهم قد تم إعدادهم خصيصاً لهدم السودان تحقيقاً للأهاف بعيدة المدى للماسونية والصهيونية العالمية في حرمان السودان من النهوض وعدم الاستفادة من موارده الثرة حتى لا يضيف ثقلاً نوعياً للقضايا العربية والاسلامية وقضايا التحرر في افريقيا وآسيا.

ان كل الممارسات التي كانت ولا تزال تتم حتى اليوم من انتهاكات صريحة واستهتار بالقيم السماوية والقوانين الموضوعة والحروب وسفك الدماء وبيوت الاشباح وسياسة التمكين واستشراء الفساد وتقويض مؤسسات الدولة والظلم والجور ونقض العهود كلها تتم مع سبق النية وبحسابات معلومة النتائج تصب في نهاية المطاف في تحقيق الهدف النهائي وهو هدم الدين والدولة وامتهان كرامة الانسان حتى يكون أقرب الى الحيوان حسب المنظور الصهيوني بان امة اليهود هم وحدهم البشر “ابناء الله” وان سائر الأمم ما هم إلا بهائم خلقهم الله على هيئة بشر لخدمتهم اكراماً لبني اسرائيل. ولذلك يعاملون معاملة السوام وهي المعاملة التي تتعامل بها حكومة الاسلاميون في الخرطوم مع المواطنين حسب تربيتهم وتنفيذاً لما هو مرسوم.

ثمة بعد آخر لمجئ الأخوان المسلمين للحكم في السودان , ألا وهو المشروع الصهيوني القديم بتفتيت السودان أولاً ثم بقية دول المنطقة الى دويلات أو كانتونات صغيرة على اسس قبلية أو طائفية أو عشائرية ايضاً تصب في استراتيجية وأد مشروع الدولة الوطنية . تم ذلك في السودان بخبث ودهاء حيث تم أولاً توريط رأس الدولة في جرائم حرب تدخل بمقتضاها مجلس الأمن الدولي الذي أحال الأمر برمته لمحكمة الجنايات الدولية التي أصدرت بدورها مذكرة اعتقال بحق رئيس النظام ومجموعة من النافذين في الدولة بتهم الابادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية يحظرها القانون الدولي . وعلى إثر هذا التوريط دخلت القيادة الاخوانية في السودان في مساومات مع القوى الامبريالية : بين تنفيذ الاستراتيجية المرسومة لتفتيت السودان لدويلات على أسس قبلية , أو المضي قدماً في إنفاذ مذكرة الاعتقال ومواجهة العدالة الدولية . ظل أمر مذكرة الاعتقال سيفاً مسلطاً على القيادة الاخوانية في السودان للابتزاز وانفاذ خطة التقسيم والتفتيت . ساومت الجماعة – التي ينطبق عليها القول: (أسد عليُ وفي الحروب نعامة) ساومت على بقاء أرواحها على حساب وحدة السودان , فتم فصل جنوب البلاد في هذه الصفقة على أمل أن ينتهي الأمر عند هذا الحد . تجب الاشارة هنا الي الدور البارز الذي لعبيه الولايات المتحدة والدول الغربية في دعم موقف الرئيس البشير في الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2010 قبيل الوقت المضروب للاستفتاء على تقرير المصير لجنوب السودان في مطلع 2011 . إذ صرح جيمي كارتر – الرئيس الامريكي الأسبق ومؤسس مركز كارتر – صرح بأن الانتخابات لم تلب المعايير الدولية , إلا “انهم” رغم ذلك يعترفون بنتائجها : ما يعني إضفاء شرعية زائفة ودعم واضح لبرنامج الرئس البشير الماضي في فصل الجنوب أولاً ثم تفتيت ما تبقى : دار فور وجبال النوبة والشرق لاحقاً .

الحروب المشتعلة في كل أرجاء البلاد , ومظاهر انهيار الاقتصاد وتوجيه اللمم مما تبقى منه الى آلة الحرب والخراب , وتوقف الانتاج جراء الحروب , والغلاء الطاحن وانعدام الخدمات الاساسية من صحة وتعليم وهجرة الكوادر واستشراء الفساد الذي صار مؤسسة يحميها النظام , والعزلة التامة اقليمياً ودولياً , ثم بعد كل ذلك الانهيار البائن يكابر قادة النظام الاخواني من الاعتراف بالفشل والجلوس من بقية مكونات المجتمع السوداني لوقف النزيف وإجراء مصالحات عامة . ما ذا يمكن أن تسمي هذه الحالة : حكومة في حالة إفلاس تام وفشل كامل الأركان في كل مناحي إدارة شؤون الدولة , لا تعترف بالفشل ولا ترغب في التصالح مع الشعب؟؟ ألا يعني ذلك أن الحكومة الاخوانية تمضي غير عابئة بكل ذلك لأن هدف وجودها أصلاً هو خلق الفوضى الضاربة لتوفير الذرائع والتدخلات الدولية المطلوبة لتحقيق الأهداف المرسومة لها بواسطة الجهات التي صنعتها ومكنتها من الحكم ؟؟ إن رفض النظام الاخواني لإجراء مصالحات وإصراره على مواصلة الحروب مع مجموعات الهامش العريض لفرض إراته بالقوة حتى يدفعها للمطالبة بحق تقرير المصير كما كان مع الجنوب , لهو أبلغ دليل على المضي قدماً في مشروع تفتيت السودان , ما يؤكد الدور التخريبي الهدام للجماعة في السودان بوجه خاص والمنطقة عموماً , دور يتسق مع مخططات القوى التي لا تريد لهذه البلدان خيراَ حتى تنهض , أتت بالجماعة لتنفيذ الدور حسبما هو مرسوم .

شعب السودان في مواجهة التنظيم العالمي للأخوان المسلمين صنيعة الاستخبارات الغربية: .
ما يعانيه شعب السودان هو حالة استثنائية فرض عليه مناهضة حكومة في عداوة سافرة مع الشعب مفروضة عليه من قبل التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي هو بدوره صنيعة الاستخبارات الغربية , صنعته ودربته وهيأت له أمر الحكم لتنفيذ مخططاتها المشؤمة في هذه السودان بإفشال المشروع الوطني ووقف عجلة التقدم حتى لا ينهض ولا تقوم له قائمة . ظل شعب السودان يقاوم النظام الأخواني على مدى ربع قرن من الزمان في عشرات الثورات والانتفاضات والهبات , قابلتها الحكومة ومن ورائها تنظيم الجماعة بكل وحشية وقسوة في أساليب هي دخيلة على أعراف وتقاليد السودانيين السياسية المعروفة بالتسامح مع الاختلاف , في قولهم المأثورب “أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية” .

الأجهزة الأمنية والمليشيات المؤدلجة التي قمعت المحتجين الثائرين هي مليشيات تنظيمات الجماعة التي قال عنها الرئيس البشير انهم نفذوا الخطة “ج” في قمع الثورة الاخيرة في سبتمبر المنصرم , ويعني بذلك فك عقال المليشيات المؤدلجة (السرية المعدة للاغتيالات) التابعة للتنظيم العالمي لسحق أبناء وبنات الشعب السوداني . هي مليشيات لا تتبع لأي من المؤسسات العسكرية النظامية ,بل تتبع مباشرة لقادة النظام بتوجيهات من التنظيم العالمي للجماعة . فالتنظيم هو الذي يدرب الكوادر الأمنية باشراف من الحرس الجمهوري الايراني وبقايا مخابرات عراق صدام حسين , وهو الذي يعد الخطط لضرب ثورة السودان , ويقتل الشباب , وينتهك الحريات , ويقوم بالتعذيب في السجون والإذلال لكسر شوكة ثوار السودان .

يقوم التنظيم العالمي بكل ذلك تنفيذاً لمخططات الامبريالية العالمية في وقف عجلة التنمية وإفشال مشروع الدولة السودانية الواعد من النهوض بدوره المأمول والمستحق في أن يصير قوة اقليمية ودولية فاعلة لما حباه الله به من امكانات مادية وطبيعية وبشرية هائلة . كان من المأمول أن يكون السودان أحد سلال الغذاء الأربع الهامة في العالم مع كندا والولايات المتحدة واستراليا , وسلة الغذا الأهم في العالم العربي . أجهض هذا المشروع الواعد , بل ان السودان ظل يعاني من حدوث المجاعات المتكررة , وأحد أكبر متلقي الإعانات الدولية , ناهيك أن يكون سلة غذاء للآخرين . كان من المأمول أن يكون السودان قناة لتجسير العلاقات بين افريقيا والعالمين العربي ولاسلامي , فجاء الأخوان المسلمون معصوبون بالهوس الديني الذي حجب عنهم رؤية واقع السودان وتنوعه الواسع في الديانات المعتقدات والثقافات والأعراق واللهجات فأججوا الحرب الجهادية في الجنوب اتخذت منها القوى الامبريالية الذريعة المواتية لفصله عن الوطن الأم , محققين بذلك حلماً طالما راود هذه القوى المتربصة دون أن يكلفها مؤونة السفر . ترتب على فصل الجنوب انكفاء السودان الشمالي نحو هوية عربية-اسلامية ناقصة ومختلف حولها وانتفاء دوره الهام كجسر بين أفريقيا والعالم العربي . كانت مصر أكبر المتضررين من هذا التحول .

التغييرات الأخيرة في أجهزة حكم الدولة الاخوانية في السودان : الانحناء للعاصفة:
التغييرات التي أجراها الرئيس البشير مؤخراً في قيادات أجهزة الحكم لا تنم عن تغيير حقيقي في نهج حكم الجبهة الاسلامية , بل الأرجح أنه تكتيك مرحلي القصد منه انحناءة للعاصفة التي تمر بالمنطقة في الرفض الجماهيري الواسع لحركة الاسلام السياسي عموماً , والأخوان المسلمين خصوصاً . ما حدث في مصر وملاحقة الجماعة , ثم اعلانها تنظيماً إرهابياً من قبل الحكومة المصرية , يضع نظام الخرطوم الاخواني في موقف لا يحسد عليه . أضف الى ذلك الموقف الصلب الرافض للجماعة في الخليج , خاصة الامارات والمملكة العربية السعودية , يضع نظام الخرطوم في عزلة تامة عن محيطه الجغرافي السياسي , مما لا يترك لنظام الخرطوم الا أن يلعب على الحبال بإجراء مسرحية إقصاء قادة الاسلاميين من سدة الحكم في إشارة لتملق هذه القوى الاقليمية الفاعلة ب “ان دور الاخوان المسلمين في السودان قد انتهى”. الا أن هذه الحيلة لا تنطلي على هذه القوى الاقليمية العارفة بما يدور في السودان . فقادة الاسلاميين الذين تم ابعادهم عن الواجهة : الاستاذ علي عثمان طه , ود. نافع علي نافع وعوض الجاز ايضاً بإيحاء وتنسيق مع التنظيم العالمي يقبعون الآن في مقاعدهم الوثيرة في قاعة البرلمان السوداني الذي يسير وفق إشارة بنان الرئيس البشير يقبعون هنالك متفرغين للتخطيط والتدبير لطبخ عملية الانتخابات القادمة وضمان فوز الجماعة بكل أساليب الغش والتدليس التي حذقوها على مدى تاريخهم الحافل بالتجاوزات والخروج على القانون والأعراف والشرائع السماوية والموضوعة .

محنة السودانيين المركبة في مواجهة نظام الاستبداد المدعوم من الخارج والداخل:
تجدر الاشارة الى ان محنة السودانيين هي محنة مركبة كونها تقف في مواجهة نظام مستبد قائم منذ ربع قرن من الزمان يقف من ورائه التنظيم العالمي للأخوان المسلمين . الطامة الكبرى أن قيادات كبرى الاحزاب السودانية التي كان يعول عليها في قيادة جماهير الشعب لاسقاط النظام واقامة البديل الشرعي المقبول للجميع , هي جزء أصيل من التنظيم العالمي للجماعة , و هي جزء من حركة الاسلام السياسي التي تتخذ من الاسلام راية ترفعها للكسب السياسي والتكسب الدنيوي . ولذلك , فلا غرو ان وقفت هذه القيادات في خندق الحكومة المعادي لإرادة الشعب, مما جعل معركة الشعب السوداني معقدة , تتواطأ فيها قوى عديدة لقهر ارادته : تتكامل أدوار حكم الدولة الباطشة , مع قوة التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي ترعاه المصالح الامبريالية لتحقيق مصالحها . وحين يهب الشعب السودني لاستراد حريته وأخذ حقوقه السليبة , نجد من بين الذين بفترض أن يقودوا المعركة هم أكبر المخذلين لها المجهضين لارادتها .

تتجلى صور هذا التخذيل المستمر على مدى استمرار نهوض السودانين الطويل لإزاحة هذا النظام في مواقف ومنعطفات كثيرة تربو على الحصر كان آخرها فرية ان اسقاط النظام سوف يقود الى فوضى وحرب أهلية شاملة وانفراط عقد الدولة . هذا قول ضعيف لا يقوى على الثبات : للأسباب التالية:

أولاً: يعلم النظام قبل غيره أنه في أضعف حالاته على الاطلاق منذ انقلابه على الشرعية الدستورية التي كانت قائمة , بعد ان هجره حتى الأقربون , وصار كمنسأة نبي الله سليمان تاكلها دابة الأرض .

ثانياً : ان الرعب الكامن في طبيعة النظام بسبب فقدانه الشرعية وخوفه من وحدة مكونات المعارضة لاطاحته , كان هذا الرعب وحده كفيلاً بان يرغم النظام على التنازل والجلوس مع الآخرين لو تبين له جدية السعي لتوحيد الصف بانخراط الاحزاب الكبيرة في المنظومة الوطنية الساعية لبلوغ هدف اطاحته .

ثالياً : لعلم النظام التام بحال ضعفه هذا وهوانه , عمل جاهداً على شق صف الوحدة بين فئات الشعب , فاستمال من استمال من القيادات ذات القابلية العالية للأغواء بالترهيب والترغيب والأساليب المعروفة التي يجيدها بعد ان وثق من عدم خلوص النوايا وضعف النفوس المتكالبة على الغنائم فأجزل لها في العطاء وأمد لها من الغنائم.

رابعاَ : ما كان من الممكن أن يصمد النظام امام ثورات وانتفاضات الشباب المتصلة وهو في هذه الحال من الضعف والتهالك لو كان قام السودانيون بكل اطيافهم قومة رجل واحد لأزالته , لكن الحقيقة أن طوائف هامة ومؤثرة آثرت أن تكون مع الخوالف تعمل تخذيلاً وتثبيطاً .

خامساً : التفسير لهذا الموقف من قيادات الأحزاب الكبيرة , هو أنها لا اختلاف بينها وبين نظام الحكم القائم اليوم اذ انها تشترك في ذات المرجعيات الاسلام-سياسية التي تتخذ من الاسلام شعاراً للكسب السياسي الحزبي والتكسب الدنيوي ذات ارتباطات بقوى أخرى اقليمية ودولية تدعم هذه التوجهات لتحقيق مصالحها .

سادسا : القواسم المشتركة بين النظام وقيادات الأحزاب الكبيرة وتشابك مصالحهما تجعل من مصلحة هذه القيادات أن تعمل جاهدة على الابقاء على موازين القوى الحالي في الدولة السودانيةthe status quo . لا غرو إذن – أن رأت هذه القيادات أن التغيير الجذري في هياكل وبنى الدولة الذي تطالب به قوى الهامش سوف يكون خصماً على مصالحها ونفوذها . ترى قوى الهامش العريض أن الهياكل والبنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية قامت ولا تزال تقوم على أسس مختلة وهو سبب كل الأزمات والحروب التي لازمت السودان منذ استقلاله وأقعدته حتى اليوم . ولكي تنطلق البلاد نحو التقدم واستنهاض الطاقات , لا بد من معالجة هذه الاختلالات الهيكلية معالجة جذرية تخاطب اس المشكلة . وهذا ما تخشاه القيادات التقليدية حيث ترى في ذلك خطراً على نفوذها بدخول لاعبين جدد في ساحة الفعل السياسي والمجتمعي.

سابعا : التخويف الذي تطلقه هذه القيادات بتفكك الدولة وانفراط عقدها حال اسقاط النظام بالقوة هو في حقيقته لا يعدو أن يكون نوعاً من التهويش للدفاع عن البيضة والتي هي ذات البيضة التي تحضنها الحكومة : فتطابقت المصالح وتمترست في خندق واحد لابعاد الخطر المحدق على بيضة الحكم السودانية في الخرطوم.

ثامناً : ان القول بخطورة اسقاط النظام بالقوة على كينونة الدولة السودانية ووحدتها هو قول يقلب الحقائق رأساً على عقب , ويجعل الضحية هو الجاني. فالحقيقة هي انه إذا كان ثمة خطر على كينونة الدولة السودانية فهذا الخطر لا يأتي من “الضحايا” المستضعفين المهمشين الذين سدت امامهم كل السبل المشروعة لنيل حقوقهم فلم يجدوا بداً من حمل السلاح . انما الخطر كل الخطر على بقاء الدولة لسودانية يأتي من “الجناة” المهيمنين المتنفذين في الخرطوم الذين يرفضون الاعتراف بحقوق الآخرين مستخدمين كامل أجهزة الدولة وامكاناتها الاقتصادية والعسكرية في حرب لا نهاية لها ضد “الآخرين” لاستدامة هيمنتهم وفرض ارادتهم ونفوذهم بالقوة .

تاسعا :ً كما سلفت الاشارة في صدر هذا المقال , فان دور حركات الاسلام السياسي عامة , والأخوان المسلمين خاصة هو دور مرسوم من قوى خارجية طامعة لافشال مشروع الدولة الوطنية , ليس فقط في السودان , بل في كل المنطقة . وانه لمن حسن طالع بعض دول المنطقة انها نجت باعجوبة من الطاعون , وأخرى برأت منه سريعاً قبل أن يستفحل كما الحال في مصر الآن.

عاشراً : لكن من سوء حظ السودان أن الطاعون – وعلى مدى ربع قرن من الزمان – قد استفحل واستشرى في الأوصال حتى أصاب مشروع الدولة الوطنية السودانية في مقتل . فلقد تم فصل الجنوب , ولا زالت الحروب تدور رحاها دون هوادة على طول البلاد وعرضها , وان موارد السودان الطبيعية والبشرية الهائلة تم تحويلها على مدى نصف قرن من الزمان وحتى اليوم في دفع فاتورة آلة الحرب بدلاً من أن تذهب للتنمية وتلبية حوائج الناس وضرورات معاشهم , وبناء مؤسسات دولة تحترم مواطنيها وسيادتها .

منتهى القول ان نظام الحكم الاخواني القائم اليوم في السودان , وامتداداته في قيادات الاسلام السياسي التقليدية التي تدعمه والقوى العالمية التي تقف وراءهما قد أدوا دورهم بنجاح منقطع النظير في إفشال مشروع الدولة الوطنية في السودان واجهاض دور الوطنيين الأحرار في الثورات الكثيرة التي نهضوا فيها لانتشال الوطن من براثن مختطفيه , كان آخرها ثورة سبتمبر .

فيسبوك – أعمدة الصحف اليومية[/JUSTIFY]