تحقيقات وتقارير

فك الاختناقات .. طرد الكارو من السوق

[JUSTIFY]يكاد سوق القضارف ينفجر جراء ضيق رقعته واحتشاده بمرتاديه ومحلاته، لا متنفس الكل محشو ومحشور بعضه فوق بعض حتى تكاد (تضيع) بين تضاعيفه وأزقته، فلا ترى نفسك دعك عن الآخرين، محلات بعضها فوق الآخر، دكاكين، طبالي بوتيكات صغيرة، وحتى المتاجر ضاقت ببضائعها فقذفتها خارجها إلى الرصيف لتصنع زحاما آخر وضيقاً لا نظير لهما، حتي الفرندات التي بحسب العرف والقانون هُندست لراحة المواطن وتسهيل حركته سرقت منه.

الذي يدور ويحدث في سوق القضارف يؤكد عجز السلطات المحلية عن إدارة المدينة، وإيجاد الحلول المناسبة لإحداث انفراجات في السوق الذي بات زحامه يشكل خطراً على مرتاديه والعاملين به من أصحاب المهن المختلفة، حتى الأماكن التجارية التي تدفع رسوما وجبايات ضخمة لا تتناسب مع ما تقدمه لها البلدية من خدمات تضررت كثيراً، هذا علاوة على افتقار السوق لدورات المياه والنظافة والرقابة الصحية.
كوارو وهموم سلطات محلية القضارف كانت قد أصدرت قبل فترة قراراً يمنع عبور عربات (الكارو) وسط المدينة (السوق العمومي)، بجانب عدد من الأماكن الأخرى، حيث شيدت سياجاً حديدياً حول سوق (الخضار) المبني بالزنك، لكن هذا القرار أحدث ربكة كبيرة، حيث أن عمليات نقل البضائع داخل السوق وخارجه تعتمد اعتماداً كلياً على (عربات الكارو)، كما أن تجار الجملة وأصحاب المغالق يتخذونها دون غيرها وغيرها لا توجد وسيلة نقل ناجعة في حقيقة الأمر – لنقل وتسويق بضاعتهم إلى متاجر التجزئة (القطاعي) داخل الأحياء أو إلى المستهلكين مباشرة، صحيح هنالك القليل من وسائل النقل الأخرى التي تستطيع الحركة داخل رقعة السوق الضيقة والمزدحمة لكنها أجرتها عالية، بينما تتميز (الكوارو) بجانب صغر حجمها بأنها تتمتع بانسابية تؤهلها للوصول إلى معظم أرجاء السوق مهما بلغ ازدحامها – بسهولة ويسر، القرار أيضا برأي أصحاب (الكوارو) مجحفاً في حقهم باعتبارها وسيلة رزقهم الوحيدة، الأمر الذي أدى إلى رفضهم تنفيذه، واتقف معهم في ذلك الكثير من رواد السوق، إذ قالوا إن منع هذه الوسيلة من العمل داخل السوق ليس الحل الأمثل لفك اختناقاته، لكنهم شددوا أيضاً على أن عملها بهذه الصورة يفقد السوق التنظيم المطلوب، واقترحوا لسلطات البلدية تنظيم سير الكوارو عبر ممرات، وقال عدد من المواطنين إن على البلدية إنشاء تجمعات محددة للكوارو.
أفق للتطور الملاحظ أن سلطات بلدية القضارف لا تملك خططاً مدروسة لإيجاد حلول بديلة حال إبعاد (الكارو) عن مشهد النقل في سوقها، إذ أنها لا زالت عاجزة عن تمليك أصحاب تلك الوسيلة التقليدية وسائل نقل حديثة عبر مشروعات التمويل البنكية حتى تساهم في سرعة إنجاز الأعمال مثل عربات النقل الصغيرة، وربما اتخاذ مثل هكذا قرار دون أن تسبقه تدابير لإحلال وسائل نقل أخرى أكثر كفاءة وانسيابية جعل كثيرون يصفونه بالعشوائي والتعسفي، فكيف للسلطات أن تمنع الناس من أرزاقهم دون إيجاد بدائل، وكيف لها أن تترك السوق دون وسيلة نقل بينما تطارد (الكارو) وتقصيها، وهذا ما أكد عليه معظم من طلبنا إفاداتهم بل وزادوا أن ليس أمام السلطات الآن سوى خيارين لا ثالث لهما، فإنما أن تعود عن قرارها وبالتالي تعود فوضى النقل إلى السوق مرة أخرى، أو تمضي قدماً في تنفيذه فتشل حركة النقل ويتضرر الجميع.

صحيفة اليوم التالي
حسن محمد علي
ع.ش[/JUSTIFY]