تحقيقات وتقارير
ود إبراهيم: قرار فصلي من عطبرة الحكومية ماثل فصلي من الجيش
دار الزمان دورته واستدار ليجد الرجل نفسه بعد عقود في ذات الموقف؛ مبعداً من القوات المسلحة.. أهي المأثورة القائلة بأنّ “التاريخ يعيد نفسه”؟ يومها إبّان دراساته الثانويّة كان عمره يناهز السابعة عشر. بين
الحدثين كان الرجل يتخيّر الأرض مقاماً بديلاً، بوصفه مزارعاً وابن مزارع.. في الابعاد الأوّل عاد أدراجه لمقاعد الدرس ويجلس للشهادة السودانيّة من مدارس كسلا، قبل أن يدخل مصنع الرجال وعرين الأبطال؛ الكلية الحربية. اليوم يزجي الرجل أوقاته وتتناوشه الصحافة من مقام الخبير الاستراتيجي، والمحلل السياسي والحربي، لما تتوسمه فيه من دربة ودراية بمهارات وفنون وتكتيكات الحروب. كسب الرجل لا يغادر مقامات أخرى في دروب الحركة الإسلامية وتعقيدات المشهد السياسي العام، فيما يلي قضايا التغيير والموار في داخل الكتلة الحاكمة، وحركة الشارع، ومسائل الإقتصاد، والقضايا الاجتماعية، وغيرها.. حسناً؛ لسنا في مقام التفصيل، لكنها محض إشارات لما ألقينا به على طاولته؛ كيف يقضي ود إبراهيم يومه الآن؟ هل لديه أعمال خاصة يديرها بعد خروجه من الجيش؟ ما هي رؤيته إزاء عمليات الإصلاح الحزبي؟ وتحليله لمسارات الأوضاع في الجنوب؟ هذه التساؤلات وغيرها تجدون رؤاه حولها طيّ هذه المقابلة..
* كيف يقضي ود إبراهيم يومه الآن؟
– كعادة السودانيين أصلي الصبح ثم أطلع على الصحف، وألتقي الزوار وبعض مصالح الدنيا.
* هل لديك أعمال تديرها خاصة بعد خروجك من الجيش؟
– ليس عندي أعمال، أنا مثل عامة الشعب السوداني.
* كيف تعيش إذا والحياة لها متطلبات كثيرة، وأنت مسؤول عن أسرة صغيرة وممتدة؟
– أنا ابن مزارع، والحمد لله ما ننتجه من الزراعة يكفينا، فأنا أمارس الزراعة من آن لآخر مع أهلي في العبيدية.
* حدثنا عن الطفل ود إبراهيم؟
– نشأت في قرية متواضعة على نهر النيل في العبيدية، وكنت فيها ثائرا منذ صغري.. وأذكر وأنا في رابعة ابتدائي، سألني الأستاذ: ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ وكنا في زمن نميري وقلت له: أريد أن أكون كجعفر نميري.. بهذا الاندفاع ذهبت إلى الثانوي العام.
* كم عدد إخوانك؟
– نحن أربعة أشقاء وأربع شقيقات وترتيبي الخامس، والأب كان يعمل بالزراعة رحمه الله، والوالدة أمد الله في عمرها ربتنا ونحن صغار، وهي ربة منزل، وهكذا نشأنا في هذه الأسرة البسيطة.
* هل كنت مميزا بين إخوانك؟
– لا أستطيع أن أقول كذلك، ولكنني منذ الصغر كان لي اهتمام بالسياسة، ربما هذا ما جعلني مختلفا.
* كنت طفلا مشاغبا؟
– في السنين الأولى لم أكن مشاغبا، وفي الحادية عشرة لم أقل أريد أن أكون طبيبا مثلا، قلت أريد أن أكون مثل جعفر نميري، ولعله الاطلاع المبكر، فكنا نسمع للمذياع، وإلى التفسير من الدكتور عبد الله الطيب، في بيئة ليس بها مياه ولا كهرباء، ماؤنا من البحر ونورنا من السماء.
* متى انضممت للحركة الإسلامية؟
– في المرحلة الثانوية، وكنا أنا وأخي وابن عمي إدريس عبد الرحيم من أوائل الطلاب الذين دخلوا للحركة الإسلامية، وجندنا الأخ عبد الله خلف الله، وواصلنا الثانوي العام، وجئنا الثانوي العالي، وكان هذا تغيرا كبيرا في شخصيتي، وفي مدرسة عطبرة الحكومية التي كانت إحدى مدارس السودان الكبرى في وقتها، كان النشاط السياسي على قمته، وجدنا أركان النقاش للإخوان والجمهوريين والشيوعيين وغيرهم، وانضممت إلى ركن النقاش الإسلامي، وكنت أشرف على الحلقات بالمسجد، وانضممت إلى شعبة مايو وقتها، فلم يكن هناك اتحاد للطلاب، وحولناها لاتحاد.. وفي مظاهرات 81 وعندها فصلت من المدرسة لمدة عام، وللمصادفة أيضا حرّر خطاب من إدارة المدرسة وقتها، جاء فيه؛ السيد ولي أمر الطالب محمد إبراهيم عبد الجليل: بما أنّ ابنكم كان القائد الأول للاضرابات التي وقعت، عليه قررت إدارة المدرسة إبعاده وإرساله لكم، فكان إبعادا. وهكذا جاء قرار إبعادنا من القوات المسلحة، ويعيد التاريخ نفسه، وكان عمري 17 سنة وصرت مزارعا لعام كامل، ثم ذهبت لمدرسة كسلا الثانوية امتحنت، ومن هناك دخلت الكلية الحربية.
* كيف دخلت الكلية الحربية وأنت لديك تاريخ بالفصل لأعمال سياسية كيف تم ذلك؟
– لم يكن لهم أن يسمحوا لي أن أدخل الكلية الحربية لولا أنني أستند إلى القادريّة، فهم أقربائي من جهة الوالدة، وعندما دخلت الكلية الحربية لم أكن لأدخل إلا هكذا، فالأمن يعلم النشاط السياسي لي تماما، ذهبت إلى الشيخ حاج حمد رحمة الله عليه، وكان وقتها عمر محمد الطيب مدير جهاز الأمن ونائب رئيس الجمهورية، يتبع الشيخ حاج حمد، وقال: أكتب لك خطابا لجهاز الأمن، فقلت له: لا أريد جهاز الأمن فلدي مشاكل معهم، فكتب إلى اللواء صديق البنا وكان مدير أكاديمية نميري العسكرية، وعلاقته قوية بالرئيس نميري، وعمر محمد الطيب، وهو وعمر كانا أولاد هذه الطريقة، وهكذا تجاوزت هذه العقبة، لولاهما ما كان لي أن أدخل الكلية الحربية.
* أهم ذكرياتك بالكلية؟
– هذا حديث طويل، ولكن الكلية الحربية كانت فترة تدريب لتحويل الشخص من مدني لعسكري، وكنا في عهد نميري ولم يكن هناك أي نشاط سياسي، وتعرفين القبضة الأمنية حتى تخرجنا، ولكن كان بداخلنا انتماؤنا للحركة الإسلامية ولنا تواصلنا معها.
* وبعد التخرج؟
– ذهبت إلى مناطق العمليات مباشرة في جنوب النيل الأزرق ومناطق الجنوب وبالتأكيد كان لها تأثيرها في علاقاتي مع قياداتي ومع من أقودهم، وخلقت لي رصيداً ضخماً جداً بعد ذلك، وأنا لم أشاورهم عندما أردت أن أغير حتى لا أظلم الآخرين، أو تثار الشكوك حول أي أحد.
* “مقاطعة”: كيف ذلك هل كنت تريد أن تغير بمفردك؟
– تشاورت مع مجموعة بسيطة وهي التي عملت معنا واعتقلت معنا، وما زالت العلاقات بيننا.. قد نختلف في طريقة التغيير، ولكن مازالت علاقتي بهم جيدة.
* يظل السؤال قائما: ما هي أسباب فشل انقلابكم؟
– لا تعليق.
* ما هو أصعب قرار اتخذته وأنت في مناطق العمليات؟
– قرار صعب اتخذته في 2002، عندما انسحبت القوات المسلحة من معركة غرب النوير، وقررت ألا أنسحب وأن أقاتل لآخر طلقة، وهذا قرار اتخذته بمعزل عن أي شخص، وتجمع من حولي وظلوا يقاتلون معي بعدد لا يتجاوز 34 شخصا، وقاتلنا بعزيمة، وقد تكون معجزة أننا حققنا النصر ضد قوة عددها 3000 مقاتل، وهذا ما جعل الرئيس يأخذ قرار بتكريمنا جميعا.
* وهجليج قالوا إنك لم تكن محررها؟
– لا يهم من حرر هجليج.. المهم أنّها عادت إلى حضن الوطن.
* كم يوما حررتم فيها هجليج؟
– في 10 أيام من الحشد والقتال.
* هل لديك ذكريات بها؟
– لا أريد أن أتحدث عن هجليج كثيرا وأتركها للآخرين.
* هل تحن لأيام الجيش؟
– أنا دخلت العسكرية بفكر محدد ورؤية محددة وتوجيه محدد، ثم أخرجت منها وأنا راض تماما، وأديت دوري وأنا راض عنه لعل الله يكتب لنا دورا جديدا في الحياة العامة.
* ثمّة صراع محتدم في الجنوب الآن.. كيف ترى هذا الصراع؟
– هذا الواقع بدأ سياسياً، ولكنّه يتجه الآن لمنحى قبلي، وهو صراع بين النوير والدينكا، الكلّ يصارع من أجل البقاء، والحرب مستمرة بينهما، وإلى الآن لم تتضح الصورة جيداً، لكن سلفاكير كرئيس ومدعوم من دول الإيقاد في وضع أفضل، فله إمدادات عسكرية مفتوحة.
* ومن له القوة على الأرض؟
– رياك مشار لديه قوة عدديّة كبيرة، ولكن قد تنقصها الآليات والاحتياجات العسكريّة الضروريّة للقتال، بتقادم الزمن، سوف تضعفه، ما لم يكن له أنصار من دول أخرى، أو يُحلّ الأمر سلمياً، لكن الصراع لا أظنّه ينتهي بين يوم وليلة.. سيأخذ وقتاً.
* هل تستطيع الخرطوم أن تساهم في الحل؟
– آمل أنّها تقف موقفاً سياسياً في هذا الصراع، لأنّ الحدود طويلة جدا مع جنوب السودان، وتقطنها قبيلة النوير، وأيّ وقوف مع جانب على حساب آخر سيفقد الحكومة تعاطف هذه القبائل، خاصة وأنّ هناك تداخلا رعويا واقتصاديا، ويمكن أن يصبحوا مصدر قلق للسودان، ما نأمله أن تلعب الحكومة دور وسيط.
* “مقاطعة”: ألا ترى أنها تلعب هذا الدور الآن؟
– ما يبدو للناظر إنّها تميل أكثر للحكم القائم بالجنوب، ولكن لابدّ من فتح خطوط مع مشار، حتى لو أخطرت سلفاكير نفسه، فلابدّ من فتح قنوات مع الطرفين.. لو اتخذت هذا المنحى، على الأقل تكسب رضا الجميع، وتؤمن نفسها من عدم وجود عداوات مستقبلية.
* هناك حديث أنك تؤيد رياك مشار في ما ذهب إليه؟
– هذا حديث غير صحيح، عندي أصدقاء كثر في الجنوب بحكم أنني عملت معهم، فعندما اندلعت المعارك اتصلوا علينا للعلم فقط بأن هناك حربا، فأنا لست مؤسسة حتى أدعمهم.
* هل حدث اتصال بينك وبين مشار بعد هذه الأزمة؟
– لم أتصل، فأنا لا تربطني علاقات برياك مشار ولم ألتقه.
* إذا لماذا ترويج مثل هذا الحديث؟
– هذا حديث تتداوله جهات ذات أغراض.
* ما هي هذه الأغراض؟
– تريد أن تروّج أني أعمل ضد سياسة الدولة، وللأسف هذا غباء، لأنّ هذا معناه تثبيت أنّ الدولة تقف مع اتجاه معين.. لم ألتق بمشار ولم أتّصل عليه، والناس يعلمون العداء بيني وبين تعبان دينق، حتى عندما كنت في هجليج كان يسعى لاغتيالي، وكان هذا معروفاً للناس أيام هجليج.. صحيح هناك قادة بالجنوب كانوا يقاتلون معي بعدما انشقوا من الجيش الشعبي، وانضمّوا إلى مسيرة السلام، وكانوا معنا يقاتلون الحركة الشعبية في ذلك الزمان، وبحكم هذه العلاقات، اتصلوا عليّ بعد خروجي من المعتقل، وحتّى عندما بدأت أزمتهم هم الذين بادروا بالاتصال بي، وأذكر أن 12 قائداً منهم ذهبوا معي إلى مسقط رأسي بالعبيدية في عام 2003، ولأوّل مرة قادة جنوبيون لا يتحدثون العربية ذهبوا إلى أقصى الشمال، فعلاقتنا قوية مع هؤلاء القادة، ومن الطبيعي أن تكون بيننا علاقات، ويتّصلوا علينا بعد أزمتهم يطلعونا بالمعارك ومن قتل ومن أصيب.
* من يتصل بك.. تابعون لسلفاكير أم لمشار؟
من الطرفين يتصلون بي.
* من منظور عسكري إلى أين يذهب هذا الصراع؟
– الحرب لا يمكن أن تحسم بالقوة.. سيطول الأمد، وإلا كان السودان قد حسم حروبه مع التمرد، وما قاتل 50 عاما، وبالتالي هذا سيحقق مكاسب على الأرض، والآخر أيضا سيحقق، لكن في النهاية لابد من اتفاق سياسي، وأرى أنه من الممكن أن يتم، والميدان أيضا له مفاجآته، والمفاجآت دائما غير متوقعة، وضد السلطة، فربما تحدث مفاجآت في هذا الميدان، وحتى لو حدثت هذه المفاجآت لابد من حل سياسي، لأن تطور الحرب إلى حرب قبلية مسألة خطيرة جدا، والآن تطورت إلى حرب قبلية.
* أثر ذلك على السودان؟
– أثرها هذا النزوح الذي ترونه يوميا والانفلات الأمني في الحدود.. صحيح انشغلت دولة الجنوب الداعم الرئيسي لحركات التمرد، فقد يكون سلبياً على الحركات المسلحة، وقد يكون إيجابيا أيضا، في مشاركتها كما حدث مع قوات مشار في الهجوم على بانتيو، وهذا أيضا قد يتيح لها الاستيلاء على معدات عسكرية واستخدامها ضد الشمال، من جانب آخر يمكن أن يكون سلفاكير وسيطا مع الحركات، وبالتالي لا نقول يسهل القضاء عليها، ولكن يسهل التفاوض معها.
* السودان يقول إن أي لاجئ جنوبي يعامل كأنّه سوداني. ألا ترى أن هذا يمكن أن يحدث مشاكل، لأن اللاجئ سيأتي بمشاكله من الجنوب ويمكن أن ينقل الصراع إلى داخل السودان؟
– لا أعتقد أنهم سيحتربون داخل السودان، لأن اللاجئين غير مسلحين، وكان يمكن أن يكونوا في معسكرات الإيواء وتتحمل التكلفة الأمم المتحدة، والآن نتحمل على الضيق الاقتصادي تبعات الحرب بالجنوب، فلابد من حصرهم في المعسكرات حتى تساعد الأمم المتحدة لتخفيف الضغط عن الشعب، ولكنهم لا يشكلون خطرا أمنيا[/JUSTIFY] صباح موسى: صحيفة اليوم التالي [/SIZE][/JUSTIFY]
فلابد من حصرهم في المعسكرات
ود ابراهيم يقصد الفارين من القتل في الجنوب
والتجار الشماليين الفارين من الجنوب برضوا معاهم ولا كيف ياود ابراهيم؟
والله بكري حسن صالح طلع راجل كارب وضكر لما أمر بأستجارة الأخوة من الجنوب
وخلاهم على راحتهم ، صحيح الزعامة والقيادة عايزة حكمة ،الله يديك منها ياودابراهيم والشوفونية ما بتجيب كرسي