أحمد يوسف التاي : ممارسات مكررة لـ «صغار» لصوص المال العام..تقرير المراجع العام .. السكوت عن جرائم استغلال النفوذ
لم أندهش لكل الفظائع التي أوردها تقرير المراجع العام، ولم يرتفع عندي حاجب الدهشة، وأنا أستمع إلى التقرير الذي يشير إلى أن جملة الأموال العامة المعتدى عليها والتي بلغت ما يقارب الـ «50» مليارًا ــ بالقديم ــ ولم أستغرب إزاء الفقرة التي تقول: «إن جملة المال المجنب بواسطة عشرة مؤسسات حكومية على المستوى القومي والولائي بلغت «284,4» مليار جنيه و«12,1» مليون دولار و«134,4» ألف يورو… لم نندهش!!، لم نستغرب..!! لماذا؟!
إذا عُرف السبب
هناك جملة من المعطيات والمؤشرات التي تعزز الاتهام المتكرر والذي يشير إلى أن الحكومة القائمة لا ترغب بشكل جاد في محاربة هذا النوع من الفساد وإلا لوضعت له حدًا… هناك عدة مؤشرات تعكس بصورة أو بأخرى تشجيع مؤسسات الحكومة على استمرار هذه الأوضاع ونشير منها على سبيل المثال لا الحصر إلى هذه النقاط:
أولاً: القائمون بأمر الإدارة الاقتصادية، وحراسة المال العام وحمايته متساهلون مع الفساد فهم لا يرون في تجنيب المال العام بواسطة الوزارات والمؤسسات الحكومية حتى مجرد شبهة فساد، كما أكد ذلك وزير الدولة بالمالية أمام البرلمان الشهر الماضي.. وكان واضحًا أن الوزير أراد تبرير عمليات التجنيب وذلك بقوله إن الأمر ــ يعني التجنيب ــ يتم لمشروعات رأت تلك الوزارات أنها الأولى بتنفيذها من وزارة المالية وأشار في نفس الوقت إلى أن «التجنيب» ليس فسادًا.
ثانيًا: الدولة تسن بعض القوانين والتشريعات التي تحمي وتشجع على مثل هذا النوع من الفساد وتعمل على إضعاف ولاية وزارة المالية على المال العام كالقوانين الخاصة والقوانين التي تقر تجنيب الأموال العامة وهي قوانين شُرِّعت رسميًا، داخل البرلمان وأقرّ بذلك أحد النواب.
ثالثًا: ومما يشير إلى التناقض والتساهل بشكل أكثر وضوحًا أن وزارة المالية أعلنت أنها قد اتخذت إجراءات جديدة من شأنها محاربة التجنيب، وقال وزير الدولة بوزارة المالية د. محمد يوسف إن وزارته وضعت آليات لمنع التجنيب من بينها إغلاق جميع حسابات المؤسسات في البنوك التجارية وفتحها في بنك السودان، مبيناً أن ذلك يضمن ولاية المالية على المال العام، وقلنا وقتها إنه من ناحية نظرية تبدو هذه الخطوة مطمئنة لكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الاقتصادي، لكن للأسف عاد الوزير ونسف كل ما قدمه من تطمينات وذلك من واقع دفاعه عن «التجنيب» وتبرئته من الصلة بالفساد، بعد أن أقر بوجوده في البعض الوزارات، كما سبقت الإشارة لذلك..
رابعًا: لا خلاف بين جميع الخبراء الاقتصاديين في أن التجنيب يعمل على تدمير الاقتصاد القومي وذلك بإضعاف ولاية وزارة المالية على المال العام، والصرف خارج الموازنة، وبإجماع كثير من الخبراء أن مثل هذا الإجراء يعتبر فسادًا لأنه يعيق دور وزارة المالية ويعطل مهمتها الأساسية وهي الولاية على المال العام وحمايته من النهب والاعتداء.
خامسًا: وتأسيسًا على النقطة أعلاه، أن كل المراقبين كانوا يدركون تمامًا أن نسبة التجنيب سترتفع وستنتشر الظاهرة العام المقبل بعد التصريحات التي اعتبر فيها وزير الدولة بالمالية التجنيب عملاً «إصلاحيًا» وليس فسادًا كما يقول خبراء الاقتصاد!!
سادسًا: ومن المؤشرات القوية التي تكشف كثيرًا من أوجه الغموض وتفسر هذه الأوضاع «المايلة» هو عدم استقامة وزارة المالية المعنية بالولاية على المال العام وحمايته، ولعلنا نعزز اتهامنا هذا بما أشار إليه تقرير المراجع العام الذي اتهم الوزارة بعدم الشفافية في تسوية مبلغ «310» ملايين جنيه عبارة عن إيرادات المؤسسة السودانية للنفط بجانب عدم تسوية مبلغ «16,4» تمثل التزامات على الوزارة وكذلك وجود «15» وحدة حكومية عائداتها صفرية رغم وجود ربط لها في الموازنة مما يخالف القانون، وانتقد فرض رسوم تفتيش وترخيص للتخلص من الفائض لصالح وزارة المالية دون مسوغ قانوني… فماذا بقي إذن إذا كان ذلك هو حال وزارة المالية التي وصف وضعها هذا أحد الخبراء الاقتصاديين بالمثل: «حاميها حراميها».. كما جاء بالزميلة الجريدة غداة ظهور التقرير حيث اعتبر عددٌ من الخبراء الاقتصاديين تقرير المراجع العام للعام «2012م» دليل إدانة للنظام وشنوا هجوماً عنيفاً على الحكومة ووزارة المالية واتهموهما بحماية المفسدين وقالوا «حاميها حراميها» وانتقدوا عدم تطبيق اللوائح المالية والمحاسبية على المخالفين..
عدم جدية الحكومة
يرى أكثر من مراقب سياسي أن هناك تساهلاً «مريبًا» مع نهب المال العام، يبدأ بما ظل يكرره المراجع العام في كل مرة وهو ضعف الرقابة على المال العام وينتهي بما يؤكد أن اللوائح المالية والمحاسبية تصل أقصى عقوبة لها إلى «10» سنوات و أن التجاوزات التي وردت هي اتهامات مكتملة الأركان ولكن مع ذلك لم نسمع بعقوبة صارمة وصلت في حدها الأقصى، ولكننا بالطبع سمعنا عقوبات إعدام في الصين واليابان لمسؤولين اعتدوا على المال العام.
تجاوز القانون
وما يدل على أن الحكومة غير راغبة أو غير متحمسة وغير جادة في محاربة هذا النوع من الفساد أن القوانين الخاصة لا تزال تلوي ذراع وزارة المالية وتأخذ منها مال الشعب وباسم القانون زورًا وبهتانًا وتضعه في جيوب عناصر لا تستحقه حيث إن بعض الوحدات والمفوضيات تجنب مبالغ وتفرض رسومًا دون «سند قانوني» وتفتح حسابات في بنوك تجارية من غير علم وزارة المالية أو تقديمها للمراجع وتصرف حوافز ضخمة لبعض العاملين لا تتناسب مع حجم العمل الذي يؤدونه وأن مظاهر الاحتيال على أموال الشعب بهذه الصورة لا تزال مستمرة مع عدم وجود ضوابط، ولعل هذا ما أشار إليه تقرير المراجع العام بشكل لا غموض ولا لبس فيه والذي انتقد أيضًا سلطات الضرائب في تحصيل رسم جديد باسم «ضريبة المخلص» يتم توريدها كأمانات متنوعة باسم الديوان بلغت قيمتها «4,9» مليون جنيه تم إخفاؤها من المراجع… والسؤال الكبير هنا لماذا تم إخفاؤها من المراجع العام؟ هل لأجل تمهيد الطريق لها لتذهب إلى جيوب؟!! إنه مجرد سؤال ليس بريئًا بالطبع… ولعل أخطر ما أورده التقرير وتضمن اتهامات مبطنة وألقى الضوء بشكل واضح على النحو التالي: «بينما بلغ الفاقد الضريبي «655,2» مليون جنيه وكانت نسبة الإعسار «8,6» مليون جنيه، وأقر المراجع بضعف الرقابة الداخلية والمحاسبة الإدارية في إدارتي الضرائب والجمارك وعزا ارتفاع الفاقد الضريبي للاجتهاد الشخصي في تقدير الضريبة مما شجع الممارسات المنحرفة ولفت إلى وجود مبلغ «3,6» مليون جنيه غرامة موديل سيارات تم توريدها في حسابات الجمارك لم يتم الإفصاح عن التصرف فيها»..
صغار اللصوص
هناك مؤشرات كثيرة تعكس الخلل الكبير في الأجهزة الحكومية المنوط بها الرقابة على المال العام وحمايته من لصوص المال العام سواء أكانوا كبارًا أم صغارًا، ومن هذه المؤشرات التي كشف عنها التقرير: وجود تعاقدات مع أشخاص لم «يُجدد» لهم في بعض الوحدات الحكومية وما زالت أجورهم «مستمرة» وكشف عن تحويل حسابات بالبنوك لـ «مبتعثين» بالخارج انتهت فترة انتدابهم ولم يجدد لهم بجانب استمرار «سريان» أجور بعض العاملين المفصولين من الخدمة أو في إجازات بدون أجر، وأبان عن وجود «اختلاف» في الأسماء بين كشف الأجور والسجل الاسمي .!!!مثل هذه الممارسات تكشف بلا شك وجود خلل كبير في أجهزة الرقابة على المال العام وطالما أنها تتكرر كل عام فهذا دليل آخر على أن الحكومة لا تريد سد هذه الثغرات !!
مآخذ على التقرير
ثمة ملاحظة مهمة وهي أن التقرير لم يكشف لنا عن مسؤولين كبار استغلوا نفوذهم، ولم يتحدث عن صفقات تمت بين وزراء أو دستوريين مع شركات فيها شبهة استغلال النفوذ، أو حدوث «عامولات» كان قد أشار إليها بعض نواب البرلمان في وقت سابق خاصة في مجال الاستثمار، ولا أي من الأساليب الفاسدة المعروفة عالميًا مثل دخول بعض المسؤولين الكبار في عمليات استثمارية من خلال شركات تتبع لهم سواء أكانت تعمل في مجال الذهب، كما أشير لذلك في وقت سابق، أم في مجالات الاستثمارات الأخرى، ولا ندري هل لعدم فاعلية أجهزة المراجعة؟ أم أنه لا توجد أساليب فاسدة، واستغلال نفوذ في السودان أصلاً؟، علمًا بأن استغلال النفوذ يُعد من أخطر أنواع الفساد وأفدحها على الإطلاق!!
صحيفة الإنتباهة
ع.ش
الكاتب ينفخ فى قربة مقدودة ، هده سياسة حزب و دولة السرقة و النهب
حلاااااال بالنسبة لهم .. تحطيم اقتصاد البلد و جعل المواطن يموت من الجوع
و يطحن بالغلاء هدف استراتيجى للحزب ، كل النافدين و المتمسحين بالمؤتمر الوطنى
ينالهم من كيكة السرقة نصيب ولا تتم محاسبهم .. فهل يعقل ان يحاكم اللص
لص أخر و الجريمة واحده ؟ على الحكومة ان تبرز وجهها الحقيقى فشبعنا كدبا
و نفاقا بأسم الدين و الشريعة الأسلامية فى خطبهم،عليهم ان يقولوا نحن
لسنا بى اسلاميين ولكن مجموعة من اللصوص سرقنا بلد و كنا ادكى ممن سرقوا
القطار و بعناكم الوهم و الكدب و الخداع ، و عدرا الشعب كان أغبى مما
يتخيله العقل 25 سنة و المجموعة تردد نفس الكلام سوف نطبق الشريعة !! أين
الشريعة .. الشريعة فى عرف هؤلاء شريعة القتل و النهب و الدمار ، والأن
حال السودان يغنى عن السؤال …. جناااااازة الكل يبعد عن رائحتها النتنه
التى تزكم الأنوف …