رأي ومقالات

السيد الصادق المهدي ما بين الدكتور عمر القراي و الأستاذ ثروت قاسم؟!

[JUSTIFY]السيد الصادق المهدي شخصية جدلية، وهذه ميزة، تُجبر وجهات النظر علي التعدد، وتاليا الحيوية وتنشيط الحوار والتفاعل، أي شخصية ضد السكون والعادية، وتدفع الآخرين للتوقف والإنتباه، والإهتمام بنشاطاته ومساهماته ومواقفه. والتركيز علي جانب واحد من شخصيته او موقف واحد من مواقفه او مرحلة واحدة من تاريخه! يُمثل ظُلم للسيد الصادق المهدي من جهة، ولعطائه وإسهاماته وتاريخه من الجهة المُقابلة. والظلم ليس بالضرورة أن يتم عبر النقد المُنحاز ضده، ولكن أيضا عبر المدح المُتجاوز لشخصه، ومُنزِّه لسلوكه وممارساته عن الأخطاء!! ولكن المؤكد وفي كل الأحوال أن السيد الصادق المهدي، لعب دورا هاما في تاريخنا السياسي المُعاصر، سواء بالسلب او بالإيجاب، حسب وجهة النظر المتناولة لشخصيته!

وأعتقد أن أهم مصادر الجدلية السالفة الذكر، في شخصية السيد الصادق المهدي، ترجع لعامل مهم، ولكنه مُتشعب ومُمتد بطول تجربته! وهو المواءمة بين القديم والجديد، او محاولة الجمع القسري بين التُراث الديني، بنُسخته السياسية البائسة وتجربته الفاشلة مع الحكم تاريخيا! وبين الديمقراطية كقيمة حديثة، أُنتجت وأُنضجت في بيئة مُغايرة وسياق مُختلف. هذه المحاولة التعسُفية وسمت تاريخ السيد الصادق المهدي، السياسي والفكري بالتناقض. وهو تناقض تمتد جذوره لروح السيد الصادق المهدي نفسه.

بسبب نشأته في أُسرة مُحافظة، وتحت ضغط إرث ديني وتاريخي هائل، أي لكونه من سلالة المهدي/المهدية بكل تاريخها المعلوم في هذه البلاد، وزاد عليه بتعمقه الشخصي في التراث الديني ككل، هذا من ناحية! ومن الناحية المقابلة، تلقيه قسطا وافرا من التعليم الحديث، وتعلُم اللُغات الأجنبية، والاحتكاك المُباشر مع المجتمعات الحديثة، أي مُعايشته للحداثة الغربية عن قُرب وإِلتصاق، بمعني أنه أدري بمُنجزاتها وفتوحاتها علي كل الأصعدة.

وكل ذلك اجتمع داخله وشكل عليه ضغط! وبدلاً عن هضمه وإخراجه في مسار واحد ومحدد. نجده ذهب في الإتجاه المُعاكس! أي رغبته في حيازة كل الأشياء وفي وقت واحد! سواء أكانت مجالات فكرية ثقافية أو سياسية زعامية! وبكلام آخر، يحاول السيد الصادق المهدي، أن يعيش حياة عصرية حديثة، بكل تفاصيلها وقوة حضورها ومواكبتها، وسلطاتها المتفوقة والقاهرة والمُتعالية، علي التقاليد والتراث بما فيهما الطائفية والزعامة الدينية!! ولكنه في نفس الوقت محكوم بالتراث الديني من ناحية، و مشدود لتراث المهدية من الناحية الأخري! بمعني أنه يستثمر في هذين الحقلين عاطفيا/دينيا، أي بما يمُدانه من سُلطة الشرعية الدينية والتاريخية، ضد مُنافسيه علي السلطة والحكم.

بمعني أوضح، أنه يسعي للزعامة الشاملة الدينية/ السياسية، ولكن بأسس حديثة، وبهذا يكون إستفاد من كليهما، والأصح وظفهما لغاية واحدة. وهي أن يظل هو الأفضل والأصلح للحكم، وتولي أمر قيادة البلاد، طوال وجوده علي قيد الحياة! بهذا المعني إما أن يكون رئيسا أبديا للبلاد، وبغض النظر عن مردود رئاسته، او أن يظل معارضا للحكم، ومطلوب من قبل الجماهير، بسرعة عودته الي مكانه الطبيعي رئاسة البلاد! بتعبير آخر، أن السيد الصادق المهدي، والمواطنة العادية لا يجتمعان، أو هو الجزء المُكمل لمنصب الرئاسة وبغيره لا قيمة لهذا المنصب، لأن الرئاسة والقيادة تُعرَّفان بالسيد الصادق المهدي، الذي يكسبهما معناهما ووظيفتهما، اي هما شئ واحد!

هذه الحالة من التناقض جعلت السيد الصادق المهدي، يتعامل مع الديمقراطية، ليس كقيمة سياسية ومبدئية، قادرة علي مُعالجة عقدة الحكم المُستعصية تاريخيا.

ولكن كوسيلة حديثة ومرغوبة لدي النُخبة! تُمكنه من الوصول الي السلطة وممارسة الحكم، الذي يشغل عند السيد الصادق المهدي، حيز الحق التاريخي المُطَعَّم بالمجهود الفكري والمواهب القيادية! وأيضا هي وسيلة حكم يلعب فيها الصندوق الإنتخابي، دورا حاسما في تحديد نتائجها! و السيد الصادق المهدي يستند سلفا علي طائفة كبيرة من الأنصار.

وبوصفها طائفة، فهي تستند في دعمها، علي الوعي الديني المُرتبط بالأشخاص، وليس بحوجتها السياسية المطلبية! وبهذا المعني يصبح وجود الطائفة الأنصارية وإستمرارها حتي الآن! حوجة متجددة للسيد الصادق المهدي، يسهل عليه توجيهها حيث يريد! بمعني أن السيد الصادق المهدي، يعمل بشكل أو بآخر علي تكريس وإدامة الطائفية، كمورد سياسي وإنتخابي يسهل الإستثمار فيه وإستغلاله! وبغض النظر عن، أن هذا المسلك يطعن في صدقية، السيد الصادق المهدي الديمقراطية نفسها، بإعتبارها قيمة تعمل في بيئة يشغلها أفراد أحرار، يسعون لتحقيق أهدافهم عبر الحق الإنتخابي، صوت واحد/لكل فرد حر، هذا من جانب! ومن الجانب الآخر، وصول السيد الصادق المهدي لرئاسة حزب الأمة والطائفة الأنصارية، في بيئة مُشبعة بحب الأفراد، وسيطرة ونفوذ السيد الصادق المهدي ماديا ورمزيا، يُجهز علي ما تبقي من مظاهر الديمقراطية! ويحولها إلى مجرد غطاء للشمولية، والأصح مُمارسة الشمولية الناعمة! ولكن محصلتها واحدة، وهي إستدامة بقائه علي رئاسة حزب الأمة، بكل ما يعنيه ذلك البقاء، من إعادة إنتاج الصوت الواحد والفكر الواحد والإدارة الواحدة، أي حزب الأمة (محلك سر)!!

والخلاصة، أن تعامل السيد الصادق المهدي، مع مسألة الديمقراطية، خالطه نوع من الرياء الديمقراطي او الديمقراطية الإنتقائية لو جاز التعبير! والدليل هو وجوده علي رئاسة حزب الأمة، لمدة تزيد عن النصف قرن! وصعود أبنائه وبناته وأصفيائه للمراكز القيادية داخل الحزب! وذلك لأن القيَّم الديمقراطية الحقيقية، ليست مرتبطة بالوصول الشرعي للحكم والقيادة فقط، ولكنها أيضا محكومة بمسألة التداول السلمي للسلطة نفسها، أي ترك الفرصة للآخرين، أي تعمل كآلية تنشيط للتنافس العادل بين الأعضاء، وإعطاء الأمل للآخرين، والسماح لظهور أفكار جديدة وروح جديدة ومبادرات جديدة، حيث يكمن التطور والتقدم والتجاوز. إضافة للقطع مع توفير بيئة الإستبداد! لذلك يُقيَّد حق الترشح بدورتين، في كثير من الديمقراطيات العريقة. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل يُعقل وطوال نصف قرن أن يعجز حزب، كحزب الأمة عن إفراز قادة حقيقين، يقودون الحزب والدولة لبر الأمان؟!

وحتي لو صح ذلك، فهذا لوحده أكبر دليل علي فشل إدارة السيد الصادق المهدي للحزب؟ والسؤال الآخر، ما هي الإنجازات المُحققة والتي تُبرر إستمراره طوال هذه الفترة، وهذا إذا سلمنا جدلا بشرعية إستمراره المطعون فيها؟! ألا يمثل حزب الأمة بهذه الكيفية، ظاهرة الحزب الفرد او الفرد الحزب، في أصدق تجلياتها! وإذا إفترضنا جدلاً أن السيد الصادق المهدي(أطال الله عمره) رحل الي الدار الآخرة، هل يعني ذلك تشميع حزب الأمة بالشمع الأحمر، وتسريح قيادته واعضائه الي أحزاب أخري او الي منازلهم، وكفي الله مُناصريه شر السياسة ووجع الدماغ؟! وكل ذلك مع الوضع في الحسبان، ظروف الدولة السودانية، والبيئة الإنقلابية الإستبدادية المُحيطة، والمُثبطة لعملية إزدهار الأحزاب السودانية عامة! وهي ظروف من المُفترض أن تدفع الأحزاب لمزيد من الديمقراطية، وليس العكس، كما يبدو ظاهريا، وكما درج قادة الأحزاب علي إيهامنا به!

ولكن من الإنصاف أن نُشيِّر، الي أن شخص آخر، لو وجد في في هذه الظروف، التي وجد فيها السيد الصادق المهدي، هُنالك إحتمال كبير لتحوله الي شخصية دينية/سياسية، شديدة البأس والتسلط والإستبداد! كنُسخة مُشابهة لملالي إيران. ولأدخل البلاد في نفق حكم شمولي ديني طائفي مطلق، ودموي خطير، يصعب التخلص منه، إلا بأكلاف باهظة ودمار كامل لبنية الدولة! ولأصبح العالم يعاني بدلاً، من إيران واحدة وخميني واحد! إيران أخري وخميني آخر، يُعرض أفريقيا لخطر(التنَصُر) من الطائفة الأنصارية! وذلك ليس بالمعني الديني الظاهري، ولكن للمطامح السياسية المُتخفية وراءها! وايضا وبغض النظر عن الإتفاق أو الإختلاف مع أداءه الديمقراطي، إلا أنه ظل وفياً لإلتزام الجانب الديمقراطي من الحكم، والإبتعاد عن الإنقلابات، علي الرغم من الإرث الديني والتاريخي السالف الذكر، الذي يمكن أن يبرر تلك الإنقلابات غير الشرعية، علي الأقل لدي مُناصريه! كما أن السيد الصادق المهدي، ومعظم قادة حزبه، تميَّزوا بالأمانة والإبتعاد عن الفساد المالي، كواحد من أكبر مُعيقات التنمية في هذه البلاد المنكوبة والمستباحة.

أي القائد وكبارات حزبه(عينهم مليانة ما زي الجماعة الطيبين!!)، واحتمال مرد ذلك يرجع للتربية الدينية والعائلية الجيدة.

وذلك بغض النظر عن مصادر أملاك أسرة المهدي، والممارسات التي أباحت لها السيطرة علي جزء من موارد البلاد واستغلال الأتباع، كجزء من أحوال مرحلة تاريخية محددة!

وإضافة الي ذلك فالسيد الصادق المهدي، مُتحدث لبق، عفيف الوجه(طلق) واليد واللسان، ووجه مُشرِّف للدولة السودانية أمام الأمم، وفي أي تجمع خارجي، لدرجة أنه يمثل سفارة متنقلة، تحمل ثقافة وحضارة وطبائع الدولة والمجتمع السوداني المُشرقة. الشئ الذي أهله ليس لحضور الندوات الفكرية والسياسية والمشاركة في المؤتمرات الدولية، واحترام كثير من رؤساء ونخب وشعوب العالم الخارجي فقط، وإنما نيل الجوائز الخارجية، المُبرأة من أي مُجاملات او حسابات سياسية. ولكن تظل القيمة الأكثر علو من شمائله المتعددة، هي قدرته العالية علي التسامح والغفران، وهذه من شيَّم العظماء بلا شك. والخلاصة، إن السيد الصادق المهدي شخصية جيدة، ولكنه ضحية طموحاته السياسية، وتوهمه بأحقيته للرئاسة، وكأن الرئاسة ما خلقت إلا له، والعكس صحيح في اعتقاده!!

وبالعودة لنص الدكتور عمر القراي(تكريم السيدين) ونص الأستاذ ثروت قاسم(الصادق المهدي والدكتور عمر القراي)، نجد أن الدكتور القراي في هذا النص وفي بعض نصوصه السابقة، التي تناول فيها شخصية السيد الصادق المهدي، يركز علي الجانب السلبي من شخصية وأداء السيد الصادق المهدي، ويعتبره جزء أساس من حالة التردي العام، التي وصل إليها الواقع السوداني! وهذه النظرة بغير أنها غير واقعية، فهي تنحرف بالمسؤولية الجماعية عن هذا التردي! وتاليا فهي تشوش علي طريقة المُعالجة.

بمعني أن الواقع المتردي هو إنعكاس لحالة التردي العامة، بسبب فشل النُخبة السودانية، في بناء دولة ديمقراطية حقيقية تحترم حقوق الإنسان، وتوفر للمواطنين، الرعاية الاقتصادية والأمنية والاجتماعية…الخ! وإذا ما اتفقنا علي أن الأحزاب الطائفية والمؤسسة العسكرية بطابعها الانقلابي البغيض! يتحملان الجزء الأعظم من هذا التردي! فهذا بدوره لا يعفي الأحزاب التي توصف بأنها حديثة، وبما فيها الحزب الجمهوري(الفكرة الجمهورية/ الحزب الجمهوري، هو حركة إصلاحية اجتماعية، أكثر من كونه حزب سياسي كامل القسمات، والدليل بعد الضربة التي تعرض له بمقتل الشهيد محمود، آل الحزب إلى مجرد نشاطات موسمية، وإجتهادات فردية، تميل للجانب الفكري أكثر من ميلها للجانب السياسي التنظيمي!) عن جزء هام ومؤثر، من مسؤولية التردي! سواء بعجزها عن تقديم نماذج حزبية حديثة، تجذب القاعدة الجماهيرية العريضة، للانخراط فيها أو الالتفاف حولها ودعمها بصفة خاصة، أو المشاركة في العملية السياسة والاهتمام بها بصفة عامة! أي أحزاب تجد فيها تلك القاعدة نفسها وهمومها ومشاغلها، علي الرغم من العوائق الغير منكورة، التي واجهتها تلك الأحزاب خلال عملها وقيامها بواجبها، من ضعف التعليم وصعوبة الحركة، والحرب المعلنة والخفية التي واجهتها تلك الأحزاب، من قبل الأنظمة الشمولية الباطشة! ونموذج مقتل الشهيد محمود يظل خير برهان ودليل.

أو علي الأقل تمليك تلك القاعدة الأدوات، التي تمكنها من إحسان الاختيار أو محاسبة قادة تنظيماتها، أو الكفر الصراح بالأنظمة العسكرية الاستبدادية، وسحب التأييد العاطفي من تحت أرجل دعمها. بتعبير آخر، إن استمرار الأحزاب الطائفية بنفوذها وسيطرتها، هو انعكاس لضعف الأحزاب الحديثة، او تفسير لضعف اتصالها ب/ أو تفهمها لحاجات القاعدة العريضة من الجمهور الطائفي! بمعني أن الطائفية والنخبوية، هما وجهان لعملة واحدة، عنوانها العريض، استغلال الجماهير بدلا عن خدمتها!!

أما الأستاذ ثروت قاسم، في نصه هذا، وفي نصوص كثيرة تتعلق بالسيد الصادق المهدي، فهو يخدم الاتجاه المُعاكس، أي رؤية السيد الصادق المهدي، بعين الرضا أو المحاسن التي لا تُبدي المساوئ! أي يركز علي الجوانب الإيجابية فقط، في شخصية السيد الصادق المهدي وأداءه، بطريقة تقارب التعظيم، وأحيانا يجد التبريرات لسلوك السيد الصادق المهدي، المُنافي للقيم الديمقراطية، أو لاقترابه ومهادنته وملاطفته للأنظمة الشمولية، وعقده الصفقات الثنائية معها داخل الغرف المظلمة، أو من خلف ظهر جماهير حزبه ودون استشارتهم، كجزء من الدور الوصائي الأبوي الذي داوم علي ممارسته! إضافة إلى استلام جوائزها وقبول زيارات ممثليها، وبكل ما يحمله هذا المسلك من دعم لها! وبتعبير آخر، إن الأنظمة العسكرية، تتماهي مع الدولة ومؤسساتها، لدرجة يصعب الفصل بينهما! ودراءً للشبهات يستحسن الابتعاد عن مؤسسات كهذه، ودعوات مسمومة كتلك التي توجه له، سواء كانت في طابع اجتماعي أو تكريمي احتفالي أو سياسي تسويفي عرقوبي!

أي عدم استغلال المساحة الضبابية بين الدولة والنظام الانقلابي، لتبرير الأعمال المُنافية للمُعارضة الجذرية، في التعامل مع هكذا أنظمة، تسئ لمن يقترب منها، أكثر مما تخدم خط التغيير المنشود أو مصلحة الوطن والمواطنين! بمعني أنها تستغل هذا الاقتراب في إضفاء مزيد من الشرعية، علي سلوكها الانقلابي الغير شرعي بالمطلق، والمؤسس علي الباطل، الذي لا يستقيم معه حق أو عدالة أو حكم رشيد. أو تستغل هذا الاقتراب في تغبيش وعي الجماهير، وتشكيكها في المعارضة! وتاليا تؤكد ما ظلت تروج وتكرس له، وهو أنه لا يوجد بديل مطروح أفضل منها، بمعني إما هي أو المعارضة الضعيفة، التي تتسقط مكرمة النُظم الانقلابية وجوائزها ودعواتها الكاذبة للإصلاح، أي معارضة معادلة للخراب وانفراط عقد الدولة وذهاب ريحها! والخلاصة، إن الأستاذ ثروت قاسم، يقدم تبريرات لمعظم ممارسات وأداء السيد الصادق المهدي، المُثيرة للجدل والاستغراب والابتعاد عن الخط المعارض المستقيم، وهي تبريرات قد لا تخطر علي بال السيد الصادق المهدي نفسه، وقد يندهش له شخصيا!!

وهو بهذا المسلك لا يخدم السيد الصادق المهدي، سواء أكانت تبريراته بدافع المحبة او الاقتناع بالسيد الصادق المهدي، بل العكس هو الصحيح! لأن مسلك كهذا يحول السيد الصادق المهدي، إلى شخصية مُتعالية علي الأخطاء، وتملك الحكمة وفصل الخطاب، وتحسن الإختيار في الأمور المستشكلة! وتاليا ما يصدر عنها يصبح هو الصاح، أي يتحول السيد الصادق المهدي، برغباته وسلوكه وإختياراته وآراءه، إلى المرجعية، التي علي ضوءها تقاس الأمور وتصدر الأحكام!! وبالوصول إلى هذه المرحلة، لا معني للحديث لا عن الديمقراطية أو تبادل السلطة أو دولة حديثة، ويصبح الحديث عن الشمولية وتقديس القيادة تحصيل حاصل! وكل هذا لا يخدم لا السيد الصادق المهدي ولا حزبه، وحتي لو خدمهما آجلاً! فإنه لا يخدم لا التجربة السياسية ولا الدولة السودانية، ولا حق الشعوب في الكرامة والتحرر والانعتاق من سيطرة الأفراد والشموليات!

والخلاصة، بما أن الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية، فالمؤكد أن النقد البناء مطلوب، ولكنه أكثر مطلب في ظروف المعارضة، ومواجهة الأنظمة العسكرية الشمولية القابضة، بعكس ما يعتقد البعض، بأفضلية تأجيل النقد والإصلاح إلى ما بعد الخلاص والتغيير! ولكن الأكثر تأكيد، أن يكون النقد بقصد تقوية جبهة المُعارضة، بالتخلص من سلبياتها، لتكون أكثر جاهزية واستعداد وقدرة، علي التخلص من كابوس السُلطات الشمولية العسكرية، وبالأخص النموذج الإنقاذوي الشيطاني، الذي طال واستطال من غير وجه حق!!
وأخيرا، التحية والاحترام للدكتور عمر القراي وللأستاذ ثروت قاسم، ولغيرهم من الذين يسعون بجد وإخلاص، لإحلال دولة الديمقراطية والقانون والنزاهة، محل دولة العسكر والاستبداد والفساد.

ودمتم في رعاية الله.
مكاوي
ت.إ

[/JUSTIFY]