ليس دفاعاً عن مولانا دوسة.. لكن الحق يقال
كان لابد لي أن أحيطكم علماً بمهام وسلطات السيد الوزير بصورة عامة مع التركيز على قضية جبل عامر كمسألة جنائية..
جاءت مهام وزير العدل واختصاصاته في المادة (5) من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 1983 حيث نص البند (2) من هذه المادة (مع مراعاة الأحكام الدستورية ودون مساس بعموم نص البند (1) بالإضافة إلى أي وظائف أخرى يسندها إليه أي قانون تكون لوزير العدل المهام والاختصاصات التالية وهي أن:
-يسعى لبسط وسيادة حكم القانون وتوفير العدالة الناجزة في النظام القانوني
– يصوغ القوانين وسائر التدابير التشريعية في الدولة
– يشرف على سير العدالة الجنائية وإجراءات التحري فيها ويتولى الادعاء أمام المحاكم الجنائية ومعلوم أن تلك المهام والاختصاصات لا يباشرها الوزير بشخصه وإنما من خلال مؤسسته العدلية التي تضم المستشارين والذين يستمدون السلطات والاختصاصات منه، حيث ينشر المستشارون في كافة بقاع السودان ويسعون تحت إشراف وتوجيه الوزير في بسط سيادة حكم القانون وتوفير العدالة الناجزة وإعمالاً لاختصاص صياغة مشروعات القوانين لديه مستشارون بكافة المجالس التشريعية والمحليات لذلك الغرض، وإدارة متخصصة على مستوى رئاسة الوزارة، كما أن إشرافه على سير الدعوى الجنائية وإجراءات التحري يتم وتولي الادعاء يتم بواسطة وكلاء نيابة أكفاء يضاف اليهم مدعي عام جرائم دارفور في ذلك الحيز المهم من وطننا الحبيب في بعض الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان والإرهاب.
وجاءت المادة (6) (2)/ج من قانون تنظيم وزارة العدل مؤكدة للنصوص السابقة، وما ذهبنا إليه بقولها: (يستمد جميع الأشخاص المسندة اليهم حين صدور هذا القانون سلطات مباشرة اجراءات التحري وفق الإجراءات الجنائية لسنة 1991 أو أي قرار آخر في ممارسة تلك السلطات وفقاً على أي قرار لاحق من وزير العدل بتوليها أو لتنظيم ممارستها. والتحري كما عرفه قانون الإجراءات لسنة 1991 في المادة (5) منه (يشمل جميع الإجراءات التي تتخذ للكشف عن الوقائع المتعلقة بالدعوى الجنائية قبل المحاكمة) وهذه السلطة يمارسها وكيل النيابة والذي عرفته ذات المادة (يقصد به المستشار القانوني المكلف بوكالة النيابة وممارسة سلطات وزير العدل في الشؤون الجنائية) وإذا ما أنزلنا كل تلك المفاهيم على قضية جبل عامر نجد أن من يمثل وزير العدل قد قام بواجبه تحت الإشراف المباشر للسيد الوزير بما هو مطلوب ولا زال- أقصد بذلك وكلاء النيابة بشمال دارفور ورئيس النيابة والمدعي العام لجرائم دارفور ومعاونيه بل وكافة الأجهزة العدلية، بل وحكومة الولاية والإدارات الأهلية يجزيهم الله جميعاً خير الجزاء- وحتى نبرز الدور الريادي لوزارة العدل في هذه القضية لابد من إحاطتكم ببعض المعلومات المهمة، ومن ثم نناقش دور وزير العدل ومستشاريه في هذه القضية المهمة.
أولاً: ما هو جبل عامر وما قضيته؟
إن منطقة جبل عامر تقع على بعد 60 كلم غرب مدينة كبكابية، وعلى بعد 50 كلم من مدينة السريف من ناحية الشرق، ويمتد جبل عامر على طول 10 كلم، ظهر بهذا الجبل منجم للذهب وتم اكتشافه والتنقيب الأهلي عن الذهب فيه في النصف الأول من العام 2012م- نشأ نزاع بسيط بين أفراد من أبناء القبائل اندلعت على إثره تلك الأحداث وبذلت حكومة الولاية جهداً مقدراً لا نود الخوض فيه، ولكن وفد الوالي الذي رابط هناك عقب الأحداث مباشرة بكامل لجنة أمنه كان حضوراً، بجانب رئيس النيابة الهادي علي عبد الله عضو لجنة الأمن والذي ساعد كثيراً في تقديم النصح القانوني وبلورة الوقائع لعمل جنائي وبلاغات كما أن اللجنة التي شكلت لحصر الخسائر كان أيضاً وكيل النيابة مولانا يعقوب علي يعقوب مقرراً لها، حيث طافت على كل القرى والفرقان والمحليات المتأثرة وحصرت كافة الخسائر في الأموال والممتلكات، والتي ترأسها القاضي الورع مولانا صلاح الدين علي محمد الحسن نوري، والتي أدت مهامها بجانب آخرين بكفاءة واقتدار لمدة جاوزت الأسبوع كما أن المدعي العام لجرائم دارفور كان حضوراً في ذات الأيام بمسرح الحادث، وحضوراً لملتقى التعايش السلمي وكان لتوجيهاته في الجانب القانوني أثر في السيطرة على الأزمة وتثبيت حقوق كل الأطراف.
كل أولئك المستشارين عملوا بالإشراف المباشر للسيد وزير العدل وحسن توجيهاته ومتابعته اليومية، ولا يخفى على أحد أن البلاغات التي تم قيدها بشرطة كبكابية ضد النفس وضد المال، والبلاغات التي تم قيدها بشرطة السريف كل تلك البلاغات تم فتحها بأقوال الشاكي وبعض الشهود ومعظم المتهمين فيها مجهولون نتيجة الاشتباكات التي حدثت وظروفها، ومعلوم أن فتح الدعوى الجنائية حسب مقتضيات المادة (33) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 (تفتح على علم لدى شرطة الجنايات العامة أو وكيل النيابة بناء على ما يرفع إلى أيهما من بلاغ أو شكوى).. وهذا ما تم بالفعل ولكن ذلك لا يتكامل إلا بأطراف الدعوى من شهود ومتهمين ومستندات وتقارير وغير ذلك، كما نصت المادة (42) من قانون الإجراءات الجنائية، ونسبة لما يسود دارفور من أعراف عدلية محترمة بادر المسؤولون فيها لرأب الصدع وعقد مؤتمر صلح شرفه النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق الأستاذ علي عثمان محمد طه، وكان في معيته السيد وزير العدل مولانا محمد بشارة دوسه، والذي خاطب المؤتمر لأول مرة وقدم مشروع قانون لتنفيذ مقررات الصلح يلزم الأطراف جميعاً بالتنفيذ، وفي عدمه ينفذ بواسطة المحكمة وشدد على ضرورة محاسبة الضالعين في الأحداث وتعويض المتضررين، وقد وجد مشروع القانون الذي أعدته لجنة برئاسة المدعي العام لجرائم دارفور استحساناً من جميع المؤتمرين.
هذا الجهد الذي قام به السيد وزير العدل عبر مستشاريه وبشخصه يوجب الثناء والتقدير وأن من لا يشكر الناس لا يشكر الله ونذكركم بقوله تعالى: «وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) فإن كانت النتيجة ثمة انتقادات للسيد وزير العدل فلا علاقة لها بهذا الملف المهم (جبل عامر) حيث أن ما بذله فيه يستحق الثناء والتقدير ونختم بقوله تعالى:«لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا» سورة النساء الآية (114) والله من وراء القصد وهو الهادي لسواء السبيل.
صحيفة آخر لحظة
رأي: ياسر احمد محمد
ت.إ[/JUSTIFY]